الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية إيران الإسلامية والاتحاد السوفيتي ؟!

محمد رياض حمزة

2021 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قال رئيس لجنة التخطيط في البرلمان الإيراني، "حميد رضا حاجي بابائي" محذرا " أن نحو 40 مليون مواطن إيراني بحاجة الى مساعدات معيشية فورية وعاجلة نظرا لسوء الأوضاع الاقتصادية". وقال بابائي: "لا يمكن إنكار عدم الرضا الشعبي الناجم عن الظروف الصعبة التي تخيم على البلاد"، مشيرا إلى خصائص الاقتصاد الكلي للبلاد. وأضاف: "يجب زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد من الإنتاج، وإجمالي إنتاجية العامل، والناتج المحلي الإجمالي وتحديد تكاليف الاستهلاك، ويجب أن تنخفض الواردات ويجب أن تزيد الصادرات، ويجب الحد من التضخم والبطالة"، مشددا على أهمية "إصلاح الهيكل الاقتصادي للبلاد".المصدر: (" موقع مشرق" نقلا عن وكالة رويترز في 24 تشرين الاول 2021)
ــــــــ حديث "حاجي باباني" وصف دقيق من خبير اقتصادي لمعاناة الشعب الايراني جرّاء السياسات التي دأبت عليها القيادة الايرانية الدينية التي غلّبت ترسيخ النظام قسرا وبأصرارعلى تحدّي الغرب . وركزت في الانفاق العام على التسليح " دفاعا عن النظام" وتوسيع النفوذ الذي أخذ منحى طائفيا وأهملت معيشة عامة الشعب الايراني ...... بذلك يمكن تشبيه الوضع السياسي والاقتصادي القائم في جمهورية إيران الإسلامية بالوضع الذي كان عليه الاتحاد السوفييتي ( 1922 ــ 1991)
ــــــــ منذ نجاح ثورة أكتوبر الإشتراكية عام 1917 في روسيا ، وتأسيس إتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية عام 1922، ومن ثم تأسيس منظومة دول اوروبا الإشتراكية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 . واجه الاتحاد السوفيتي استهدافا عدوانيا سياسيا واقتصاديا وإعلاميا من قبل الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ومعظم دور أوروبا الغربية . ذلك الصراع ، غير المتكافئ ، عُرف بسنوات "الحرب الباردة" التي دفعت الزعامات السوفيتية بقيادة روسيا الى العمل الدؤوب والرد على الغرب دفاعا عن النفس بتطوير ترسانة من الاسلحة التي ضاهت وربما فاقت التسلح الغربي . كذلك توجه القادة السوفيت بدعم حركات التحرر الوطنية حول العالم للتخلص من الاستعمار الاوروبي. ومساندة شعوب عدد من دول العالم لتبني النظام الاشتراكي . ولعل الأبرز في ذلك السجال المحموم بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي كان في مجال تطوير الاسلحة النووية والسباق لغزو الفضاء . ركز القادة السوفيت بالانفاق على التسلّح ودعم حركات التحرر في العالم على حساب مقومات معيشة شعوب الاتحاد السوفيتي وتحديدا الشعب الروسي . فضلا عن التطبيق القسري للاشتراكية الاقتصادية التي حجّمت الحريات الفردية. نجح القادة السوفيت في إيجاد عالم متوازن في الصراع العقائدي بين النظم الرأسمالية المتطورة علميا واقتصاديا والنظام الاشتراكي الوليد . سنوات النصف الثاني من القرن العشرين شهدت تخبط القادة السوفيت في تطبيق الفلسفة الاشتراكية . صُودرت معظم الحريات الشخصية والملكية الفردية بشكل مطلق. ولم تخلُ تلك السنوات من ممارسات الاساءة لحقوق الانسان في الشعوب التي قبلت الاشتراكية كنظام إلّا ان حكوماتها اساءت لشعوبها بإنتهاج سياسات قسرية دكتاتورية . تلك الممارسات تسببت بإنهياروتفكك دول الاتحاد السوفيتي ومنظومة دول أوروبا الاشتراكية تباعا مع بدء عقد التسعينات من القرن الماضي.
ــــــــ الحال في إيران يشبه الاتحاد السوفيتي. منذ قيام ثورة الامام الخميني على نظام الحكم الشاهنشاهي عام 1979 ، وقيام جمهورية إيران الاسلامية . في ذلك العام استولت مجاميع من الطلبة على السفارة الأمريكية في طهران واتخذوا من فيها من الدبلوماسيين وغيرهم رهائن. تلك الحادثة أدت إلى استهداف غربي عدواني شامل لإيران بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ومعظم الدول الأوروبية. تمثل بالحصار وبعقوبات تصاعدت تواليا بالتوازي مع سياسة التحدي الايراني . وبنشوب الحرب العراقية الايرانية (1980ــــ 1988) وما ترتب عليها من نتائج قاسية دامية على الشعبين العراقي والايراني ، تكون الجمهورية الاسلامية قد واجهت ظروفا صعبة على الصعد كافة ، سياسية واقتصادية واجتماعية. إذ أن التحوّل من مجتمع دكتاتورية الشاه المنفتح على الغرب إلى نظام حكم اسلامي بعقيدة اصولية شيعية لم يكن يسيرا. ذلك التحوّل ضاعف أعباء القيادة الاسلامية في جهودها لتغيير نمط الحياة في المجتمع الايراني.
ــــــ القيادة الايرانية الاسلامية لم يثنها ، ذلك الواقع الصعب الذي يعانى منه الشعب الايراني ، عن مواصلة تحدي الغرب بالتمسك بمبادئ ووصايا الامام الخميني بمناهضة " الاستكبار الغربي" وتحرير القدس وتصدير الثورة الاسلامية . أدركت القيادة الايرانية أن لا خيار أمامها إلّا بإمتلاك اسباب القوة في مواجهة الغرب بتطوير السلاح بأنواعه كافة بعد اليأس من امكانية استيراده من مصادره التقليدية. وكان من بين توجهاتها تطوير استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية ، وبما أمكن أن يكون تطوير السلاح بالامكانيات الذاتية دفاعا عن النفس أثر ويلات حرب السنوات الثمان مع عراق ــ صدّام ، ولمواجهة تدابير الغرب العدائية التي تمثلت بالعقوبات الاقتصادية شبه الشاملة. وكان ولا يزال تهديد أمن أيران مصدره كل من الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل اللتان ما استثنيتا خيار الحرب.
ــــــــ واصلت القيادة الايرانية إنتهاج سياسة المواجهة والتحدي بالتسلّح وتطوير البنى الاساسية للطاقة النووية والصواريخ البالستية والتمسك بتقوية دولة الاسلام السياسي ( الشيعي) وبتصدير الثورة الاسلامية. وكان من نتائجها إسناد إيران لحزب الله في لبنان تسليحا وتمويلا. ونصرة سورية ــ الاسد في الحرب التي فُرضت عليها . وتدخلها بقوة في العراق إبّان غزو تنظيم " داعش" وتأسيسها فصائل موالية مازات تنشط رغم هزيمة داعش . ودعم حركة أنصار الله في اليمن ( الحوثيون من الشيعة الزيدية). فضلا عن توجه الاعلام الايراني لنصرة الحركات التشيّع على نطاق واسع في الشرق الاوسط.
ــــــ سياسة التحدي والمواجهة التي تنتهجها القيادة الايرانية تفاقم الموقف الغربي المعادي لإيران. ومن الخطأ التعويل على موقف اوروبي محايد أو موضوعية وحياد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ملف الحوار للعودة إلى الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي الذي تم الإعلان عنه في 14 تموز/ يوليو 2015 ويشمل الاتفاق تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران بشكل تدريجي. غير أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق بشكل أحادي الجانب وفرض عقوبات إضافية قاسية على إيران. وحدة الموقف الغربي من موضوع الأنشطة النووية الايرانية السلمية جاءت في"البيان المشترك الذي أصدره قادة الولايات المتحدة الامريكية ( جو بايدن) وبريطانيا ( بوريس جونسون) وفرنسا ( إيمانويل ماكرون ) والمانيا ( أنجيلا ميركل) في 30 تشرين الاول 2021 على هامش قمة مجموعة العشرين في روما. مؤكدين أنْ لا يمكن العودة للاتفاق النووي إلّا في حال تغيير طهران نهجها." ( RT ) الروسية)
ـــــــــ ما كان سبب إنهيار الاتحاد السوفيتي حربا خارجية وإنما التصدع الاقتصادي وتدني معيشة الشعوب السوفيتية وتحديدا الشعب الروسي ، بالمقارنة مع رفاهية عيش شعوب الراسماليات الغربية . القوة العسكرية الجبّارة للإتحاد السوفيتي ما تمكنت من وقف تسارع إنهياره . فلتكن التجربة السوفيتية عبرة لقادة الجمهورية الايرانية الاسلامية أن يولوا أهتمامهم الاكبر للشعب الايراني الذي طالت معاناته من سوء الأوضاع الاقتصادية . وأن يراجعوا سياستهم الخارجية التي توهن دخل البلاد القومي بإنفاق مهدور. وأن يكفّ بعض القادة عن التصريحات الجوفاء غير المجدية .إن من الحكمة مراجعة وتقييم مجمل السياسات الايرنية خلال العقود الاربعة الماضية صونا للمبادئ والاهداف.
" ... يؤتي الحكمة من يشاء ، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" قران مجيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش