الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتأسلمين 34- خرافة الوحدة الإسلامية

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2021 / 11 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتغنى ( المتأسلمون ) دوما بالوحدة الإسلامية وان عهد فتوة الإسلام لن يعود الا اذا اتحد المسلمون مرة ثانية ليعيدوا (مجدهم ) الغابر ولكن في نفس الوقت نراهم وفي كتبهم اول من يدعوا ويشجع على التفرقة بين المسلمين فهم يقسمون المسلمين الى اثنا وسبعون فرقة كلها في النار عدا فرقة واحدة ويسمونها الفرقة الناجية ويغلفونها باسم (اهل السنة والجماعة ) فبحسب اقوالهم هم يخرجون الشيعة بكافة طوائفهم من الإسلام وكذلك الخوارج وخصوصا الاباضية وكذلك الاحمدية من دائرة الإسلام . ولكن في نفس الوقت يحاولون إخفاء حقيقة من هم (أهل السُّنَّة والجماعة ) ويدعون بانهم هم أكثرية المسلمين وانهم الفرقة المعادلة للفرقة الثانية من المسلمين والذين يطلق عليهم (الشيعة ) ويدعون انهم الذين يمثلون اهل السنة لذلك سوف نتناول البحث في هذا الموضوع للبحث في هذا الموضوع لنتبين ومن خلال كتب من يسمون انفسهم ( اهل السنة والجماعة ) لبحث موضوع من هم أولئك تلك الفرقة وحقيقة حجمها ومتى ظهرت وهل هي حقا ممثل لاهل السنة ؟
ان اول ذكر لمصطلح ( اهل السنة ) , وليس (اهل السنة والجماعة ) ، ورد في مقدمة كتاب مسلم ابن الحجاج تحقيق (نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة) ، منشورات دار طيبة ، سنة النشر: 1427 - 2006 ، باب في أن الإسناد من الدين ، صفحة 8 " حدثنا حسن بن الربيع حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد وحدثنا فضيل عن هشام وحدثنا مخلد بن حسين عن هشام عَنِ محمد ابن سيرين، قَالَ : " لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ ، قَالُوا : سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ ". وكان المصطلح يطلق على أهل العلم وكانوا يسمونهم القراء . في القرن الثاني الهجري انقسم الفقهاء الى فرقتين هم فرقة ( اهل الراي ) في العراق وزعيمهم (أبو حنيفة النعمان ابن ثابت الكوفي ) و فرقة ( اهل الحديث ) في الحجاز وزعيمهم (مالك ابن انس ) . والخلافات بين المدرستين وصلت الى درجة الطعن في بعضهم البعض فقد روى الخطيب في كتابه (تاريخ مدينة السلام (تاريخ بغداد) وذيله والمستفاد ) الجزء 15 الصفحة 527 " عن أبي بكر بن أبي داود أنه قال لأصحابه : ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، والأوزاعي وأصحابه ، والحسن بن صالح وأصحابه ، وسفيان الثوري وأصحابه ، وأحمد بن حنبل وأصحابه ؟ فقالوا : يا أبا بكر ، لا تكون مسألة أصح من هذه. فقال : هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة". كذلك انقسم أهل الحديث الى فرقتين احدهما بقيت على اتباعها لمالك ابن انس وفرقة اتبعت الشافعي وبلغ الخلاف بينهما ان قام اتباع مالك بقتل الشافعي حيث ورد في كتاب (حواشي تحفة المنهاج بشرح المنهاج) تاليف (ابن حجر الهيتمي؛ أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس - عبد الحميد الشرواني - ابن قاسم العبادي) ، منشورات المكتبة التجارية الكبرى، سنة النشر: 1357 هـ - 1938 ، والهيثمي هو أحد تلامذة الشافعي بأن الشافعى مات من اثر الضرب فيقول "وَسَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ شَدِيدَةٌ فَمَرِضَ بِهَا أَيَّامًا ، ثُمَّ مَاتَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمِعْت أَشْهَبَ يَدْعُو عَلَى الشَّافِعِيِّ بِالْمَوْتِ فَكَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ وَإِلَّا ذَهَبَ عِلْمُ مَالِكٍ " وذكر في نفس الصفحة "وزَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ قِيلَ الضَّارِبُ لَهُ أَشْهَبُ حِينَ تَنَاظَرَ مَعَ الشَّافِعِيِّ فَأَفْحَمَهُ الشَّافِعِيُّ فَضَرَبَهُ قِيلَ بِكَلْيُونٍ وَقِيلَ بِمِفْتَاحٍ فِي جَبْهَتِهِ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّارِبَ لَهُ فَتَيَانِ الْمَغْرِبِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْ جُمْلَةِ كَرَامَاتِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْفَى ذِكْرَ فَتَيَانِ وَكَلَامَهُ فِي الْعِلْمِ حَتَّى عِنْدَ أَهْلِ مَذْهَبِهِ ". وفي النصف الأول من القرن الثالث الهجري ، ظهر (أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري) اظهر بعض أفكاره التي تخالف مدرسة اهل الحديث. وتبعه بعض العلماء عرفوا باسم ( الكلابية ) وكذلك باسم ( الصفاتية ) ومنهم الحارث بن أسد المحاسبي الصوفي ، و أبو العباس القلانسي، وكانت جماعتهم نشطة ببلاد خراسان ، لنشر فكرها و الدعوة إليه ، زمن الإمام الفقيه أبي بكر بن خزيمة حسب مايروي ابن أبي العز الحنفي في كتابه (شرح العقيدة الطحاوية) الطبعة التاسعة ، بيروت ، منشورات المكتب الإسلامي . كان احمد ابن حنبل من أشد الناس إنكارا على ابن كلاب و أتباعه ، فلما سمع بهم ذمهم و نفّر الناس منهم ، و أمر بهجر الحارث بن أسد المحاسبي و حذّر منه .
انقسم المذهب الحنفي ، خلال القرنين الخامس و السادس الهجريين ، الى أربعة مذاهب أصولية متنازعة فيما بينها ، هي : الحنفية المعتزلية، و الحنفية الكرّامية ، و الحنفية السلفية ،و الحنفية الأشعرية
1. الحنفية المعتزلية وكان لها أتباع كثيرون – في القرنين:5-6ه- انتشروا ببلاد خراسان و خُوارزم ،و العراق . ذكرهم الذهبي في السير الجزء 21 الصفحة 43 وفي تذكرة الحفاظ، الجزء الرابع الصفحة 1326 . و ابن العربي في كتاب : العواصم ، الجزء الثاني ، الصفحة 287 . و غيرهم. و من أعلامها أبو القاسم بن برهان العكبري ،و علي بن الحسن الصندلي النيسابوري ،وعبد السلام بن محمد القزويني ،و محمود بن جرير الضبي الأصفهاني، وناصر بن أبي المكارم الخوارزمي،.و هذه الجماعة كانت معتزلة الأصول تنفي كل صفات الله تعالى .
2. الحنفية الكرّامية وتنتسب إلى عبد الله بن كلاب السجستاني.و كان لها أتباع كثيرون في بلاد خُراسان و العراق ، خلال القرنين الخامس و السادس الهجريين.
3. الحنفية السلفية و قد مثّلها في القرن الرابع الهجري الفقيه أبو جعفر الطحاوي المصري صاحب العقيدة الطحاوية المشهورة ، التي شرح فيها مذهب السلف وفق منهاج أبي حنيفة النعمان . لكنها ضعُفت و قلّ أتباعها في القرنين الخامس و السادس الهجريين ، بعدما التحقت الغالبية من الحنفية بالمعتزلة و الكراّمية و أشهر رجالها الذين مثلوها خلال هذين القرنين ثلاثة علماء ، أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي المكي ، و أبو عبد الله بن يحيى الزبيدي البغدادي ،و المفسر أبو اليمن تاج الدين الكندي الدمشقي.
4. الحنفية الاشعرية هم الذين اتبعوا مدرسة ابي الحسن الاشعري مع التزامهم بالاسس التي وضعها ابي حنيفة النعمان.
اما بالنسبة للمذهب الشافعي فقد انقسم الى أربعة تيارات أصولية رئيسية تمثّلت في أربع طوائف متميزة ، هي: الشافعية الأشعرية ، و الشافعية السلفية ،و الشافية المعتزلية ، و الشافعية المجسمة ،
1. الشافعية الاشعرية وظهرت في القرن الخامس الهجري و ما بعده ، كما يذكر ابن الجوزي في كتاب (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) ، الجزء السادس ، الصفحة 333 . و السبكي في كتاب ( طبقات الشافعية) ، الجزء الثالث ، الصفحة 376 .حيث تحوّل معظم الشافعية إلى الأشعرية بشكل جماعي . وابرز رجالها أبو بكر الباقلاني، و أبو بكر بن فورك ، و عبد الكريم القشيري ،و أبو إسحاق الشيرازي ، و الوزير السلجوقي نظام الملك ، و أبو حامد الغزالي،و أبو القاسم بن عساكر، و صلاح الدين الأيوبي
2. الشافعية السلفية من علمائها في القرن الرابع الهجري أبو بكر بن خزيمة النيسابوري و أبو بكر الإسماعيلي الجرجاني و أبو سليمان الخطابي البستي و أبو حامد الاسفراييني .
3. الشافعية المعتزلية ومثّلها أبي الحسين علي بن سعيد الأصطخري والقاضي عبد الجبار الهمذاني وعلي بن الحسين الربعي البغدادي .
4. الشافعية المشبّهة وأتباعها من الشافعية الأكراد الذين غلب عليهم التشبيه ، كما يذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى ، الجزء الثالث الصفحة 183-184
اما المذهب الحنبلي انقسم الى خمسة فرق و هي : حنابلة متأثرون بالأشعرية ، و حنابلة متأثرون بالاعتزال، و حنابلة متأثرون بالفلسفة اليونانية، و حنابلة متأثرون بالمجسمة ، و حنابلة سلفيون على مذهب أهل الحديث .
بالنسبة للمذهب الظاهري فمؤسسه داود بن علي الظاهري البغدادي، كان يأخذ بظاهر النصوص في الفقه ،و ينكر القياس فقد انقسم اتباعه ، فمنهم من سلك طريق المعتزلة و الفلاسفة ،و منهم من سلك طريق المشبهة ، و منهم من تمسك بمنهج إمام المذهب .
كان لتلك الخلافات والانقسامات تاثير كبير على المذاهب المختلفة فقد ذهبت الحنفية و المالكية و الشافعية إلى مذهب الأشعرية و الماتريدية أما الحنابلة فقد ذهبوا باتجاه أهل الحديث
تجاذب أهل الحديث و الأشاعرة الانتماء إلى أهل السنة و الجماعة ، و ادعى كل طرف إنه هو الذي على مذهبهم حقيقة ، و إن الطرف الآخر انحرف عنه ،و لا يُمثّله تمثيلا صحيحا . فبخصوص أهل الحديث فقد عبّروا عن ذلك صراحة ، فقال أبو القاسم اللالكائي "إن القرآن كلام الله حقيقة ، ليس بحكاية و لا عبارة عنه ، و من أنكر ذلك فهو كافر ضال مُضل مُبتدع ، مُخالف لمذهب أهل السنة و الجماعة". فهو هنا قرر مذهب السلف في كلام الله تعالى ، و عرّض بالأشاعرة و طعن فيهم دون تسميتهم ،و عدّهم من المخالفين لمذهب أهل السنة و الجماعة .و الثاني هو الحافظ أبو نصر السجزي، قرر إن أهل السنة هم أهل الحديث الذين على نهج السلف، و أخرج المتكلمين من الطائفة السنية ، و عدّهم مُبتدعة ، كعبد الله بن كلاب، و أبي الحسن الأشعري، و أبي العباس القلانسي ،و الجبائي المعتزلي. و معنى كلامه إن الكلابية و الأشعرية و المعتزلة ، كلهم مبتدعة ليسوا من أهل السنة
و أما الأشاعرة فهم أيضا قالوا إنهم هم الذين يمثلون مذهب أهل السنة و الجماعة ، و إن غيرهم انحرف عنه ، فالصوفي عبد الكريم بن هوازن القشيري جعل الأشاعرة هم أهل السنة ،و مذهب إمامهم هو مذهب أصحاب الحديث ، تكلّم على طريقتهم في الرد على المخالفين . و ثانيهم الفقيه أبو إسحاق الشيرازي الشافعي ذم الحنابلة و جعل الأشاعرة من أهل السنة ، و عدّ أبا الحسن الأشعري إمام أهل السنة .كذلك أبو حامد الغزالي قرر مذهب الأشاعرة في الصفات و كلام الله تعالى، و قال إنه هو مذهب أهل السنة. والقاضي أبو بكر بن العربي جعل الأشاعرة هم أهل السنة ،و ألحق الحنابلة و أهل الحديث بالمشبهة . وتاج الدين السبكي سمى الحنابلة مبتدعة ،و جعل الأشاعرة هم أهل السنة .
كذلك شهد القرن الثاني الهجري ظهور فرقة تعلقوا بظواهر نصوص متشابهة وبالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم، وبالمقابل ظهرت فرقة المعتزلة الذين بالغوا في التنزيه فأنكروا صفات ثابتة، وظهرت فرقة اتباع احمد ابن حنبل وهم وان قالوا بمنهج قريب من مذهب مالك ابن انس الا انهم قالوا في النصوص المتشابهة الا انهم اندفعوا في الاعتماد على الاحاديث بحيث اعتبروها قاضية على القران بحيث يروي الدارمي في سننه، باب السنة قاضية على كتاب الله باب السنة قاضية على كتاب الله، 1/117 وابن عبد البر في: جامع بيان العلم 2/191 ورواه ابن شاهين في شرح مذاهب أهل السنة رقم 49 ص 104 والهروي في ذم الكلام رقم 211 وابن بطة في الإبانة الكبرى، باب ذكر ما جاءت به السنة من طاعة رسول الله، رقم 88 – 89 والحازمي في الاعتبار، ص 53 والخطيب في الكفاية، ص 14 وأورده السيوطي في مفتاح الجنة، ص 73، وابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 59 عن يحيى بن كثير قوله: "السُنَّة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب قاضٍ على السنة". أو كما قال البربهاري في كتاب شرح السنة، ص 33 :"إن القرآن إلى السُنَّة أحوج من السُنَّة إلى القرآن".أو كما قال محمد بن الحسين الآجري أبو بكر الذي أنكر عرض الأحاديث على القرآن، وحذر منه أشد التحذير. ووضع بابا خاصا في كتابه "الشريعة": تحقيق عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي ، منشورات دار الوطن سنة النشر 1418 هجرية 1997 ميلادية هو (باب في التحذير من طوائف تعارض سنن النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل وشدة الإنكار عليهم) . الآجري، الشريعة، ص 51 واعتبر من يقول به "خارجا عن ملة الإسلام، وداخلا في ملة الملحدين ". وهذا التقديس لم يقتصر على الاحاديث التي نسبت الى الرسول بل وتحولت الى اقوال وافعال الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان حيث يروي السيوطي، عبد الرحمن، تاريخ الخلفاء، عمر بن عبد العزيز، ص 201 ان (عمر بن عبد العزيز) " ألا إن ما سنَّ رسول اللّه (ص) وصاحباه فهو دين نأخذ به وننتهي إليه، وما سنَّ سواهما فإنا نرجئه".وذكر عبد الله الدميجي في كتاب ( الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة)، ص 125 – 126 ان ابن رجب الحنبلي "سُنَّة الخلفاء الراشدين متَّبَعة كاتباع السنة".
كان الخلاف بين المعتزلة واهل الحديث دمويا فبعد ان اصبح القاضي ( أحمد بن أبي دؤاد ) فقيه المعتزلة مقربا من المأمون العباسي اخذ الناس بما عرف تاريخيا باسم (محنة خلق القرآن) سنة (212) هجرية، واخذ المأمون يُقتل من لا يقبل بالقول بخلق القران .أستمرت هذه المحنة على مدى عقدين (212 - 232)، فتسببت بقتل العديد من مدرسة ( اهل الحديث ) . واستمرت المحنة حتى تولى المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد .الذي تولى الحكم بعد أخيه الواثق من العام 232هـ حتى العام 247هـ. وأمر الشيوخ المحدثين بالتحديث وإظهار السنة للحد من سلطة ابن ابي دؤاد الذي كان مقربا من أخيه الواثق . وأعلى من شأن الحنابلة ورفع قدرهم في أعين الناس، فأقبلوا على تعلم العلم وفقاً للمذهب الحنبلي، حتى أصبح الحنابلة أغلبية بأرض العراق، وكان رأس الحنابلة بالعراق الإمام أبا بكر محمد بن الحافظ أبي داود السجستاني . وعندما حاول محمد ابن جرير الطبري التدريس وفق مذهبه الخاص المختلف عن مذهب احمد ابن حنبل ثارت ثائرة الحنابلة وشوشوا عليه في مجالسه، ونفروا الطلبة منه، وأقاموه بالقوة من حلقة الدرس، ومنعوه من الجلوس للتدريس، وحاربوه ومنعوه من الخروج من بيته ورموه بالحجارة، ولما نقل الطبري دروسه إلى بيته، حاصروا بيته ومنعوا طلاب العلم من الدخول عليه، وظل حبيساً في بيته يعاني الاضطهاد الشديد، وكان قد جاوز الخامسة والثمانين وأنهكته السنون، حتى توفي في شوال سنة 309 هـ، وظل الحنابلة على حصارهم لبيت الطبري حتى بعد أن بلغهم خبر وفاته، مما دفع أصحاب الطبري لأن يدفنوه في صحن داره برحبة يعقوب ببغداد.
في القرن الخامس الهجري اصبح الصراع بين الاشعرية والحنابلة علنيا ودمويا يذكر كل من ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ ، بيروت ، دار صادر، 1965ج 8 ص: 16، 104 ، 228 .و ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى، ج 6 ص: 54 انه عندما احتج الأشاعرة على كتاب ( إبطال التأويلات لأخبار الصفات ) للقاضي أبي يعلى الفراء الحنبلي الذي كتبه ردا على كتاب (أبو بكر بن فورك الأصبهاني الأشعري) في تأويل صفات الله تعالى فاتهمه الأشاعرة بتجسيم الله تعالى و تشبيهه بمخلوقاته ، و كان ذلك سنة 429هجرية.
ثم تجدد النزاع في سنة 432هجرية وقد ايد الخليفة العباسي القائم بامر الله موقف الحنابلة.
فتفجرت الازمة مرة ثانية في بغداد سنة 447هجرية ، عندما اعترض الحنابلة على الشافعية الأشاعرة قراءتهم لدعاء القنوت في صلاة الصبح ، و ترجيعهم للأذان، و جهرهم بالبسملة في الصلاة ، فانقسمت العامة بين مؤيد و مخالف لهم ، ثم انحازت كل طائفة إلى الطرف الذي مالت إليه ، و لم تفلح مساعي ديوان الخليفة في التوفيق بين الفريقين و بقي الخلاف قائما ، ويذكر ابن الجوزي: المنتظم ، ج 8 ص: 163 .و ابن الأثير : الكامل ، ج 8 ص: 73 . و ابن كثير : البداية و النهاية ، بيروت ، مكتبة المعارف ، د ت ، ج 12 ص: 66 .و أبو الفداء : المختصر في أخبار البشر ، بيروت ، دار الكتاب اللبناني، د ت ، ج4 ص: 77 ان الحنابلة توجهوا إلى أحد مساجد الشافعية ، و نهوا إمامه عن الجهر بالبسملة ، فأخرج مصحفا و قال لهم : (( أزيلوها من المصحف حتى لا أتلوها )) ، ثم تطور النزاع إلى الاقتتال ، فتقوى جانب الحنابلة و تقهقر جانب الشافعية الأشاعرة ، حتى أُلزموا البيوت ،و لم يقدروا على حضور صلاة الجمعة و لا الجماعات ، خوفا من الحنابلة. وبقي الاشاعرة على هذه الحال حتى تُوفي الخليفة القادر بالله سنة 467هجرية ، وكان الوزير السلجوقي نظام الملك قد تولى الوزارة في الدولة السلجوقية ، و كان هو أشعري المذهب ، تغيّر حالهم و تمكّنوا من التعبير عن مذهبهم علانية.
كان الخليفة العباسي القادر بالله قد كتب العقيدة المعروفة (بالعقيدة القادرية)، وأمر أن يرسل بها إلى أنحاء الدولة العباسية وأطراف الأمة الإسلامية.وكانت هذه العقيدة قد كتبها أبو أحمد الكرجي المعروف بالقصاب المتوفي سنة (360هـ)، كما ذكر ذلك ابن تيمية في مواضع من كتبه ، مما يعني أنه قد كتبها للقادر بالله قبل توليه الخلافة، إذ أنه تولى الخلافة سنة (381هـ)، ثم أظهرها في خلافته وأرسل بها في الآفاق.
قال الوزير ابن جهير: "هكذا فعلنا أيام القادر، قرئ في المساجد والجوامع" .
وممن عمل بهذا الأمر من نشر العقيدة ودعوة الناس إليها محمود بن سبكتكين احد ملوك الدولة الغزنوية ، وكان يحكم أكثر المشرق الإسلامي إلى الهند، فقد أمر بالسنة واتباعها، وأمر بلعن أهل البدع بأصنافهم على المنابر. قال ابن تيمية: "اعتمد محمود بن سبكتكين نحو هذا – من فعل القادر من نشر السنة وقمع البدعة – في مملكته، وزاد عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحلولية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضا الأشعرية" ا هـ.وقال أيضاً: "ولهذا اهتم كثير من الملوك والعلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كل طائفة رأوا فيها بدعة، فلعنوا الكلابية والأشعرية كما كان في مملكة الأمير محمود بن سبكتكين" ا هـ.
وقال الذهبي: "وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولعنوا على المنابر" ا هـ. ثم لما كان في خلافة القائم بالله ابن القادر، رفع بعض الأشاعرة رؤوسهم وظهر كتاب ابن فورك (تأويل مشكل الحديث) حيث ملأه بالتأويلات لأخبار الصفات، فقام القاضي أبو يعلى بالحق ونصر السنة وألف كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) رداً على تأويلات ابن فورك وحصلت فتنة، عندها أمر الخليفة القائم بأمر الله أن يقرا (الاعتقاد القادري)، ويأخذ توقيعات العلماء على الإقرار بما فيه وأنه المعتقد الصحيح، وكان ذلك في سنة "433هـ".قال ابن كثير في أحداث سنة 433هـ: "وفيها قرئ "الاعتقاد القادري" الذي جمعه الخليفة القادر، وأخذت خطوط العلماء والزهاد عليه بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، وكان أول من كتب عليه الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي بتمامه في منتظمه، وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف" .
وكان ممن وقع عليه القاضي أبو يعلى كما سبق نقل كلام ابنه في الطبقات.
ثم لما كان في سنة 460هـ أعيدت قراءة "الاعتقاد القادري" وأمر بأن يقرأ في الجوامع والمساجد.
قال ابن الجوزي: "وقرأت بخط أبي علي بن البنا قال: اجتمع الأصحاب وجماعة الفقهاء، وأعيان أصحاب الحديث... وسألوا إخراج "الاعتقاد القادري" وقراءته، فأجيبوا وقرئ هناك بمحضر من الجمع... وكان أبو مسلم الليثي البخاري المحدث معه كتاب (التوحيد) لابن خزيمة فقرأه على الجماعة... ونهض ابن فورك قائماً فلعن المبتدعة وقال: لا اعتقاد لنا إلا ما اشتمل عليه هذا الاعتقاد، فشكرته الجماعة على ذلك... وقال الوزير ابن جهير:... ونحن نكتب لكم نسخة لتقرأ في المجالس، فقال: هكذا فعلنا في أيام القادر، قرئ في المساجد والجوامع، وقال: هكذا تفعلون فليس أعتقد غير هذا، وانصرفوا شاكرين" ا هـ
وقد قال ابن المبرد في تأكيد ما ذكرناه: "أنا أذكر لك كلاماً تعلم كيفيتهم: كان الأشعري وأتباعه في زمنه لا يظهر منهم أحد بين الناس، ولا يقدر أحدهم على إظهار كلمة واحدة مما هم عليه، ثم لما ذهب هو وأصحابه، ولا نسب أحداً منهم، فلعله قد تاب حقيقة، بل نسأل الله له ولأتباعه المسامحة، وجاء أصحاب أصحابه، وكان ذلك في زمن شيخ الإسلام الأنصاري كان الواحد والاثنان والثلاثة منهم إذا أرادوا أن يتكلموا بشيء من مذهبهم وما هم عليه اختفوا بذلك بحيث لا يراهم أحد بالكلية، فقد ذكر ذلك شيخ الإسلام الأنصاري وغيره، وهو إمام مقبول عند سائر الطوائف، ثم لما كان بعد ذلك بمدة في زمن الخطيب البغدادي وغيره ظهروا بذلك بعض الظهور، فقويت الشوكة عليهم ولعنوا على المنابر، ونفي جماعة منهم ، ثم بعد ذلك أبرزوه، وقويت شوكتهم، وكانوا يقومون به ويقعون، تارة لهم وتارة عليهم، ثم في زمن ابن عساكر وغيره ظهروا وبرزوا أكثر من ذلك، وصاروا تارة يظهرون ويترجحون، وتارة يظهر عليهم، ثم في زمن الشيخ تقي الدين ابن تيمية ترجح أمرهم وظهروا غاية الظهور، ولكن كان يقاومهم هو وأصحابه إلا أن الظفر في الظاهر مع أولئك، ثم بعد ذلك عم الخطب والبلوى بذلك فصار ما هم عليه هو الظاهر وصريح السنة، وما عليه السلف هو الخفي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" .
اما في مصر والشام فقد انتشر المذهب الاشعري بتشجيع من صلاح الدين يوسف بن أيوب الذي استولى على السلطنة في مصر وضم اليه الشام ، يقول المقريزي في خططه "فانتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبدالملك بن عيسى بن درباس الماراني على هذا المذهب، قد نشئا عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك. وعندما تولى صلاح الدين الأيوبي حكم مصر سنة 567هجرية ، أراد شيخه الفقيه الصوفي نجم الدين الخبوشاني الشافعي الأشعري نبش قبر المقريء أبي عبد الله بن الكيزاني الشافعي المدفون بقرب ضريح الإمام الشافعي بمدينة مصر ، و قال عن ابن الكيزاني : هذا رجل حشوي لا يكون بجانب الشافعي. و في رواية أخرى إنه قال عنه : لا يكون زنديق بجانب صديق ، ثم نبش قبره و أخذ رفاته و دفنها في موضع آخر ، فثار عليه الحنابلة و أهل الحديث و تألبوا عليه، و جرت بينهما حملات حربية انتهت بانتصاره عليهم ، كما روى الذهبي في السيّر ، ج 20، ص: 454 ، و ج 21 ص: 205.
بالنسبة لبلاد شمال افريقيا فقد توجه أبي عبدالله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزالي مذهب الأشعري، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة ، ثم مات فخلفه بعد موته عبدالمؤمن بن علي الميسي، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب واستباحوا دماء من خالف عقيدة ابن تومرت. و قد وصف ابن القيم الجوزية في كتابه (المنار المنيف) ،ط2 ، الرياض، دار العاصمة، 1998 ، ص: 153 ابن تومرت و أفعاله بأنه : (( رجل كذاب ظالم متغلب بالباطل ، قتل النفوس و أباح حريم المسلمين ، و سبى ذراريهم ، و أخذ أموالهم ، و كان شرا على الملة من الحجاج بن يوسف بكثير ، و استباح قتل مخالفيه من العلماء ، و سمى أصحابه موحدين ، و هم جهمية نُفاة لصفات الله تعالى).
تبادل أهل الحديث و الأشاعرة الذم و الاتهامات و التشنيعات ، تعبيرا عن النزاع العقيدي الحاد القائم بينهما –خلال القرنين :5-6 الهجريين- و قد قدح كل منهما في الآخر بألفاظ شنيعة . فالأشاعرة وصفوا أهل الحديث بالتشبيه و التجسيم ، بمعنى إنهم جسّموا الله تعالى و شبّهوه بمخلوقاته . و في فتنة ابن القشيري اتهم علماء الأشاعرة –في رسالتهم لنظام الملك- الحنابلة بالتشبيه و التجسيم دون تمييز ، و جعلوهم كلهم في سلة واحدة كما ذكر ابن عساكر: تبيين كذب المفتري، ص: 311 و ما بعدها . كما ان الأشاعرة أطلقوا على الحنابلة و أهل الحديث ، اسم الحشوية ، بمعنى إنه لا فهم لهم و لا معرفة ، و يحشون الكلام حشوا كالعوام كما ذكر ذلك الناصري :: الإستقصاء، ج 1ص: 196، 197 . و أبا بكر بن العربي قال في الحنابلة و أهل الحديث كلاما غليظا ، و وصفهم بأوصاف شنيعة ، فجعلهم ممن كاد للإسلام ، و لا فهم لهم ، و ليس لهم قلوب يعقلون بها ،و لا آذان يسمعون بها ، فهم كالأنعام بل هم أضل . و عدّهم من الغافلين الجاهلين في موقفهم من الصفات ،و شبههم باليهود ،و قال أنه لا يُقال عنهم : بنوا قصرا و هدّموا مصرا ، بل يُقال : هدموا الكعبة ،و استوطنوا البيعة أي كنيسة اليهود كما ورد في كتاب . العواصم من القواصم ، ج2 ص: 282، 288، 303 .

و أما الحنابلة و أهل الحديث ، فهم أيضا ذموا الأشاعرة بمختلف ألفاظ الذم و التشنيع و القدح ،و شبّه الفقيه الموفق بن قدامة المقدسي الأشاعرة بالزنادقة – في موقفهم من كلام الله – بقوله: (( و لا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ، و لا يتجاسرون على إظهارها ، إلا الزنادقة و الأشعرية ، رغم إنهم هم ولاة الأمر و أرباب الدولة ، و مع ذلك لا يُظهرون مقالتهم لعامة الناس )). ابن قدامة : مناظرة في القرآن ، ص: 58 .
و أما الذين كفّروا الأشاعرة صراحة فمنهم الحافظ أبو نصر السجزي (ت 444ه) ، فقرر إن من قال بمقالة أبي الحسن الأشعري في القرآن الكريم ، فهو كافر بإجماع الفقهاء كما ورد في الكتاب المعروف باسم (رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت) . و منهم أيضا ابن حزم الظاهري ، فإنه كفّر من يقول بمقالة الأشعري في كلام الله تعالى ، و جعلها من أعظم الكفر ، و هي مقالة مخالفة للقرآن و تكذيب لله تعالى ، ابن حزم ، الفصل ، ج 3 ص: 4 ، 5 ، ج4 ص: 159.
أما الباحثون المعاصرون فهم أيضا تباينت مواقفهم من هذه المسألة ، فألحق محمد زاهد الكوثري الحنابلة بالحشوية ، و جعل الأشاعرة من أهل السنة. و ذكر مصطفى الشكعة إن (( لقب أهل السنة أُطلق أول ما أُطلق على جماعة الأشاعرة ، ثم اتسعت دائرته لتشمل أصحاب أبي حنيفة و مالك و الشافعي و احمد . و قسّم محمود صبحي السنيين إلى سلف و هم أهل الحديث ، و إلى خلف و منهم الأشاعرة ، و ذكر إن الأشعرية كانت أشد الفرق إصرارا على الانتساب إلى السنة ، لتطمئن الناس على إن مذهبها ليس مُستحدثا. و فرّق علي أبو ريان بين السلف و الأشاعرة ،و قال إنه يمكن التقريب بينهما لو كان للأشعري كتاب الإبانة ،و قسم من المقالات ، أما و قد تمسك أتباعه بنسبة مؤلفاته إليه ، فلا بد من شجب كل محاولة للربط بين الجماعتين. و أدخل سفر الحوالي الأشاعرة في مفهوم أهل السنة إذا اُستخدم مقابلا للشيعة ،و أخرجهم منه إذا ضُيّق معناه ،و جعلهم من أهل القبلة فقط . و يرى ناصر عبد الكريم العقل ، إن مصطلح أهل السنة و الجماعة لا يصدق إلا على أصحاب الحديث ، لأنهم هم الذين كانوا على نهج رسول الله . وكذلك استمر هذا الهجوم من قبل اهل الحديث على الاشاعرة فنرى مثلا الشيخ الالباني اكبر علماء الجرح والتعديل لدى السلفية يهاجم محمد متولي الشعراوي الذي يسميه الاشاعرة بلقب ( امام الدعاة ) فيقول الالباني " الشعراوي هذا من علماء الأزهر و علماء الأزهر علماء يعني بيتقنوا اللغة العربية و بيتقنوا التفسير و الفقه التقليدي و و و الى آخره لكنهم بعيدين عن السنة كل البعد" كذلك يقول عن الشعراوي " فهو منحرف عن العقيدة و كثيرا ما بيتأول الآيات بتأويل لتناسب مفاهيم العصر الحاضر" . كذلك يقول الشيخ عبد المحسن العباد عن الشعراوي " لا ليس من أهل السنة و الجماعة هو من أهل التأويل " .
وكان اخر ما صدر عن الاشاعرة اتجاه السلفية هو ماورد في مؤتمر (غروزني ) العاصمة الشيشانية الذي عقد سنة 2016 تحت عنوان: "من هم أهل السنة والجماعة؟ بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادًا وفقهًا وسلوكًا، وأثر الانحراف عنه على الواقع"، والذي حدد من هم (اهل السنة والجماعة ) بالقول " أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية، ومنهم أهل الحديث المفوضة في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكية على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى " وبذلك اخرجوا السلفية من من نطاق تعريفهم لاهل السنة والجماعة فقد قال الأردني محمد إدريس "أن مسمى أهل السنة والجماعة عند الأشاعرة يطلق على الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، مؤكدا ضرورة التمييز بين أهل الحديث التي تعني جماهير علماء الحديث، وبين تلك الطائفة المنتسبة إلى مذهب الإمام أحمد، والتي تبنت مقولات شاذة وغريبة، تعرضت بسببها لنقد شديد من كبار علماء الحنابلة كابن عادل الحنبلي، وابن الجوزي وغيرهما. وتابع إدريس: "إن المقرر عند الأشاعرة النظر إلى ما يطلق عليه السلفيون عقيدة أهل الحديث، على أنه مذهب مجموعة انتمت في وقت مبكر إلى مذهب الإمام أحمد، لكنهم تبنوا مقولات الحشوية والكرامية ، فابن تيمية سار على طريق الكرامية، والسلفيون المعاصرون تابعوا ابن تيمية، وتبنوا أصوله ومقولاته تبنيا تاما". وأضاف إدريس: "لذلك فإن الأشاعرة لا يدخلون ابن تيمية، ومن سار على طريقته ومنهجه في أهل السنة والجماعة، لأنهم وافقوا طريقة أتباع عبد الله بن كرّام في تجسيم الله وتشبيهه بخلقه". وجوابا عن سؤال: بماذا يُخرج الأشاعرة السلفية من أهل السنة والجماعة؟ أجاب إدريس: "بجملة من الأصول والفروع، يأتي في مقدمة تلك الأصول رفض ابن تيمية المجاز في القرآن، ما يعني وجوب الأخذ بالحقيقة والظاهر، كما عكس ابن تيمية المحكم والمتشابه في آيات القرآن، فهو يرى أن آيات اليد والعين والاستواء وما إلى ذلك من المحكم، وليس الأمر كذلك كما يراه الأشاعرة". . كذلك ذكر الباحث الأردني، حسام الدين الحنطي، أن مؤتمر الشيشان "قرر حقيقة قررها علماؤنا المتقدمون، كأمثال العز بن عبد السلام، والإمام ابن السبكي، وغيرهما، وهي أن مصطلح أهل السنة والجماعة خاص بالأشعرية والماتريدية". وتساءل الحنطي عبر صفحته على الـ"فيسبوك": "ثم من الذي يشق الصف؟ أليسوا هم التيمية والوهابية الذين ما فتئوا عن تضليل الأشاعرة والماتريدية، وربما يفتي بعضهم باستباحة دمائهم، ومن رجع إلى أدبياتهم يجد هذا الأمر واضحا جليا".
كذلك الخلاف بين الماتريدية والأشعرية عميقًا جدًا وبينهما اختلافات كثيرة في أصول الدين لا في فروع الأحكام. كيف لا وقد تبرم السبكي من تكفير جماعة من الحنفية الماتريدية للشافعية وفتواهم بعدم جواز الصلاة خلفهم لأنهم أقروا قول القائل أنا مؤمن إن شاء الله وأن الشافعية يكفرون بذلك [فتاوى السبكي 1/63 . يقول الشيخ محمد أبو زهرة: (( لقد كان كثيرون يعتقدون أن الخلاف بين الأشاعرة والماتريدية ليس كبيرًا، ولكن وعند الدراسة العميقة لآراء الماتريدي وآراء الأشعري في آخر ما انتهى إليه نجد ثمة فرق في التفكير.
مما تقدم نرى ان اهل مدرسة من يسمون انفسهم ( اهل السنة والجماعة ) لم يستقروا على تحديد من هم المقصودون بهذا المصطلح وكم يبلغ عددهم وأين يتواجدون وماهي مصادرهم واصولهم بل هم يكفرون بعضهم بعضا ويخرجون بعضهم بعضا من الملة والدين بالإضافة الى تكفيرهم لكل من لا يتفق معهم في ماهبوا اليه من اراء نسبوها للرسول ولمن خلف من بعده . ان هذا الاختلاف يبين حجم الخرافة التي يتغنون بها والمسماة ( الوحدة الإسلامية ) لانهم لم يتفقوا على منهم المسلمون هل هم اهل الراي ام اهل الحديث ؟ هل هم المعتزلة ام الحنبلية ؟ هل هم الاشاعرة ام السلفية ؟ هل يدخل ضمنهم الماتريدية ؟ هل من ضمنهم الاحمدية ؟ هل من ضمنهم المعتزلة ؟ هل من ضمنهم الحنفية ؟ كل هذه الأسئلة تبقى بدون جواب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة


.. #shorts - 49- Baqarah




.. #shorts - 50-Baqarah


.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا




.. #shorts -21- Baqarah