الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نحتاج إلى أفكار ماركس لمحاربة الأزمة البيئية لكوكبنا

حازم كويي

2021 / 11 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ترجمة وإعداد:حازم كويي


"لقد فسر الفلاسفة العالم بطرق شتى،غير أن المهم تغييره ". هذه الجملة للفيلسوف الألماني والثوري كارل ماركس مشهورة عالمياً والتي يجري الاستشهاد بها دائماً.
يعتقد المؤرخ والخبيرالاقتصادي توماس كوتشينسكي*، أن ماكتبه ماركس، وأفكاره حول نقد الاقتصاد السياسي في وقت مبكر من القرن التاسع عشر،كونها لا تشرح الظواهر الحالية فقط، مثل العولمة أو تفاقم عدم المساواة بدرجة شديدة، ولكنها تُظهر أيضاً مدى إستغلال الناس، الطبيعة والبيئة كضرورة رأسمالية.
ويشرح كوتشينسكي علاقة أطروحات ماركس بالأزمة البيئية الحالية والتدمير المستمر للطبيعة،حيث أُستقبل كارل ماركس في وسائل الاعلام وفي المعارض والمؤتمرات، وبحضور أكبر بمناسبة الذكرى 200لميلاده،ومن المؤكد أن المناسبات السنوية قبل كل شئ لم تكن فقط،هي التي لعبت دوراً في الاستقبال العالي غير المعتاد لماركس.
الاسباب الاخرى لإرتباط تفكير ماركس الجديد ستكون من ناحية مشكلة عدم المساواة،التي أصبحت أكثر حدة من أي وقت مضى،قبل 50 عاماً كان راتب الموظف العادي الى راتب الرئيس التنفيذي بنسبة 1:20،اليوم أصبح بنسبة 1:100 .
من ناحية أخرى،لاحظ الرأسماليون منذ 20 عاماً، أن ماركس قد توقع تطورات اقتصادية معينة مثل العولمة في البيان الشيوعي، يصف فيها كيف تبني البرجوازية العالم على صورتها الخاصة، وبأسعارها الرخيصة كمدفعية، ستهدم حتى الجدران الصينية. من حيث المبدأ، تحقق ذلك في عام 1989، سقط الجدار(جدار برلين) وخسر الاقتصاد الاشتراكي عرق جبينه.ولهذا تظهر حالياً أهمية طروحات ماركس وتحليلاته.
ويرى كوتشينسكي، أننا بحاجة إلى ماركس حتى نتمكن من تحليل الأزمة البيئية الحالية بطريقة ذات مغزى. فالتعرف على الأسباب الأعمق للتدهور البيئي العالمي المستمر سيكون مستحيلاً بدون نظريته الاقتصادية مثل تطوير أستراتيجيات فعالة اقتصادياً ضد التدهور البيئي. يقال دائماً أن علم البيئة لا يلعب دوراً عند ماركس، لكن هذا ليس صحيحاً. كان تركيزه على تحليل رأس المال والعمل المأجور. وحتى لو لعبت الطبيعة دوراً ثانوياً، كان واضحاً له،كون الطبيعة بالتأكيد مشكلة لماركس، بمصطلحات مختلفة والتي لم يستعملها على نطاق واسع.
بالنسبة له، كانت الطبيعة مفهوماً فلسفياً. وما نعنيه بالطبيعة اليوم يُسميه الأرض. وهذا هو السبب في أنه كتب في وقت ما، في رأس المال، أن الاقتصاد الرأسمالي ُيدمر مصادر كل الثروة - العمال والأرض.
هنا يقوم على فكرة من القرن التاسع عشر، والتي مفادها أن الأفراد في تبادل مع بيئتهم. وفقاً لهذا المنطق، يُنتج البشر ويستهلكون السلع والغذاء ويستخدمون الموارد الطبيعية في هذه العملية، والتي ينبغي عليهم بعد ذلك إعادة إنتاجها.
خذ الغابات المطيرة في البرازيل، على سبيل المثال والتي نستمر في قطعها، بالمعنى الماركسي الكلاسيكي لا يتم احتسابه اقتصادياً. حتى أن ماركس كتب صراحةً في الفصل الأول من كتاب رأس المال، أن الخشب الذي ينمو في البرية لا قيمة له، ومع ذلك الشجرة متواجدة في جميع أنحاء العالم.
إذا كان هناك نقص في الإمدادات وكان لا بد من إعادة تشجير الغابات المطيرة، فإن هذا يُكلف العمل الذي يجب دفع ثمنه. وبما أن وقت العمل يحدد قيمة سلعة ما، فإن حساب التكلفة المنطقية يجب أن يتضمن مقدار وقت العمل الذي يستغرقه إعادة تشجير الغابة أو إعادة إنتاج الموارد الطبيعية الأخرى.
وتفسير ذلك بالنسبة لماركس للوضع الحالي،فإن وقت العمل الذي يجب أن يوضع في إنتاج سلعة ما، يحدد قيمتها.العامل الحاسم هو أنه ليس العمل الموضوعي هو الذي يخلق القيمة،إنما العمل الضروري.اليوم لم يعد بإمكاننا أخذ الخشب الذي ينمو في البرية كأمر مُسلم به كما كان قبل 150 سنة، الموارد الطبيعية أصبحت شحيحة،لذلك علينا أن نعلق عليها قيمة أقتصادية وسيكون وفقاً لماركس،هو وقت العمل الذي نحتاجهُ لإستعادة الموارد الطبيعية، فالشجرة التي نستهلك خشبها، علينا أن نحسب كم يكلف العمل لزراعة مثل هذه الشجرة مرة أخرى. ثم أضف هذا إلى قيمة البضاعة.
ويعتقد كوتشينسكي، أنه إذا أضطر ماركس إلى إعادة كتابة رأس المال اليوم مرة أخرى، فسوف يولي مزيداً من الاهتمام للجوانب البيئية.
ولم يتغاضى ماركس عن الآثار المدمرة للأقتصاد الرأسمالي والتكنولوجيا كما يتصوره البعض،كونه غيرصحيح،فقد أدرك الإمكانات المُدمرة لرأس المال وعواقبه على الناس والطبيعة، في الفصل المتعلق، عن النضال حول طول يوم العمل، حلل من أن حقوق العمل في النظام الرأسمالي تقوم على ما هو مناسب للمنطق الرأسمالي، سواءاً ماتت الناس أو تدمرت، فالبيئة غير مهمة ولا صلة لها بها. هناك حاجة لعملية الإنتاج، بهذا وصف ماركس القوة المُدمرة لرأس المال - للإنسان والطبيعة.
بصرف النظر عن المقاطع العديدة المثيرة للاهتمام في عمله، وجد كوتشينسكي دائماً الشيء الأكثر روعة في ماركس، كيف أنه تحرك في مجال التوتر بين العلم والسياسة. كان اقتصادياً وثورياً بشخصيته، مُعتقداً، أن أنشطته السياسية حفزت عمله العلمي - حتى لو اشتكى مراراًوتكراراً، من أن السياسة كانت تسرق وقته من أجل عمله.
كوتشينسكي قام بدمج تغييرات ماركس للنسخة الفرنسية الى النسخة الألمانية ، لأنه أدخل تحسينات مهمة هناك. فمن ناحية، زادت وضوحاً من خلال هيكلية أكثر منطقية. من ناحية أخرى، تم إدخال مصطلحات مهمة جديدة، مثل التمييز بين التركيز - هناك المزيد والمزيد من رأس المال - والمركزية - هناك عدد أقل وأقل من الرأسماليين. كلاهما يؤدي إلى أحد أسباب أهمية ماركس الحالية، الزيادة في عدم المساواة العالمية. لأنه إذا تمركزت الثروة الأكبر في أيدي عدد أقل وأقل، فإن هذا يزيد من عدم المساواة بين أولئك الذين يمتلكون والذين يعملون.


* توماس كوتشينسكي،كان أستاذاً للاقتصاد في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة، تعامل بشكل مكثف خلال العشرين عاماً الماضية مع الجزءالأول لرأس المال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال