الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضعف المعارضة البرلمانية تحدي للنظام السياسي المغربي

إبراهيم ابراش

2021 / 11 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بالرغم من النجاح السهل في تشكيل حكومة ائتلافية قوية من الأحزاب الثلاثة الليبرالية والمحافظة الحائزة على اعلى الأصوات وبينها توافق وانسجام سياسي وأيديولوجي وتماهيها مع سياسة القصر ومسنودة بأغلبية مريحة في البرلمان 270 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان وعددها 395 وأغلبية مريحة في الغرفة الثانية –مجلس المستشارين- مقابل حصول أحزاب المعارضة على 124 مقعدا فقط، بالرغم من ذلك فهناك تحدي كبير سيواجه الحكومة و الاستقرار في المغرب بشكل عام، ويتأتى هذا التحدي من وجود معارضة برلمانية هشة ومشتتة وغير منسجمة سياسياً وأيديولوجياً، معارضة خليط من أحزاب يسارية وعلمانية وإسلامية وإدارية وبينها تاريخ طويل من الخصومة والاتهامات المتبادلة.
قد يقول قائل إن الشعب عبَّر عن إرادته واختار من يمثله ويجب احترام هذه الإرادة، وأن حكومة قوية تتوفر على أغلبية مريحة ومعارَضة ضعيفة في البرلمان هو الوضع المريح لضمان استقرار الحكومة و النظام السياسي بشكل عام، وهذا كلام صحيح ولكن ليس في جميع الحالات. الحكومة القوية والنظام السياسي القوي وضمان استقراره يحتاج لمعارضة برلمانية قوية لها القدرة على امتصاص غضب الجماهير وتحريك الشارع في إطار القانون واحترام المؤسسات، معارضة تلمس بأن لديها فرصة للتناوب والتداول على السلطة وليست مجرد ديكور لإضفاء طابع ديمقراطي على النظام السياسي، وقد سبق لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل أن قال ( لو لم يكن هناك معارضة لخلقناها) وذلك ادراكاً منه أن لا ديمقراطية حقيقية بدون معارضة حقيقية مؤهلة لاستلام السلطة في الانتخابات القادمة، فضمان تداول السلطة أهم مرتكزات الديمقراطية،.
فقد أثبتت التجربة السياسية في المغرب وفي تجارب عالمية أخرى أن معارضة برلمانية ضعيفة وحكومة قوية موالية بالمطلق للقصر قد يُفقِد النظام السياسي درجة من التوازن المطلوب ما بين الحكومة و السلطة من جانب والمعارضة من جانب آخر، وهو توازن سعى إليه الملك الراحل الحسن الثاني منذ الثمانينيات حيث تحدث في أكثر من مناسبة عن تصوره لعلاقة بين الحكومة والبرلمان وبين السلطة والمعارضة ككفتي الميزان بحيث لا ترجح كثيراً كفة على أخرى، وكان الملك الحسن الثاني مدركاً لأهمية وجود معارضة برلمانية قوية حتى يقطع الطريق على أية جماعة سياسية لتمارس المعارضة من خارج قبة البرلمان وخارج المؤسسات الرسمية، وخصوصاً في عهده كانت قوى معارضة غير رسمية وغير قانونية تشكل تهديداً للنظام بل وحملت السلاح ضد النظام والدولة .
لا شك أن البيئة السياسية الوطنية والعالمية تبدلت والمغرب في عهد الملك محمد السادس قطع شوطاً كبيراً في مساره الديمقراطي من خلال تنازلات متبادلة ما بين المؤسسة الملكية وقوى المعارضة مصحوباً بنضج ووعي شعبي ووجود شبه إجماع حول المؤسسة الملكية التي تلعب دور الحَكَم والضامن للاستقرار والاستمرارية، وخفوت حدة الاستقطاب الأيديولوجي الذي كان مصدره بداية الثنائية القطبية الدولية ثم لاحقا صعود الإسلام السياسي في موجة ما يسمى الربيع العربي، كما أن التعديلات الدستورية المتعاقبة منحت للمعارضة البرلمانية مهام وصلاحيات مهمة بغض النظر عن قوتها البرلمانية، فدستور 2011 وفي الفصل 60 استعمل لأول مرة مصطلح المعارضة وخولها مجموعة من الصلاحيات تجعلها شريكاً في وظيفة التشريع والمراقبة ورئاسة اللجان الخ ، بالرغم من كل ذلك فإن حديث المعارضة عن وجود تجاوزات وتزوير خلال الانتخابات وتحديات تداعيات الكورونا وأزمة المناخ وانعكاساتها الاقتصادية وزيادة التوتر بين المغرب والجزائر سيضع تحديات كبيرة أمام الحكومة والنظام السياسي ككل ومن هذه التحديات هشاشة المعارضة وعدم تجانسها، فحتى مع الصلاحيات الممنوحة لها دستورياً والحقوق المنصوص عليها قد تكون عاجزة حتى عن القيام بهذه المهام والحقوق بجدارة.
مع إدراكنا لمحورية وأهمية دور المؤسسة الملكية في حفظ التوازنات وتدارك وتصويب ثغرات تنتج عن ديمقراطية صناديق الانتخابات فإن تخوفات من أن يؤدي ضعف المعارضة البرلمانية لظهور معارضة من خارج أحزاب المعارضة البرلمانية وقد تلجأ هذه المعارضة غير الرسمية وغير المقوننة لأساليب فجة خارج إطار القانون، كما سيكون للشارع ولوسائط التواصل الاجتماعي دور أكبر من دور المعارضة البرلمانية في التعبير عن المطالب الشعبية وتفريغ شحنة الغضب الشعبي تجاه أية إجراءات حكومية غير شعبية.
من المفهوم ومما جرت عليه العادة أن يتم الاهتمام بالأحزاب الفائزة بالانتخابات وبالحكومة وتحالفاتها وبرنامجها، ولكن من المهم أيضاً إيلاء اهتمام بحقل المعارضة حتى وإن كانت غالبية اطياف المعارضة المتواجدة الآن في المغرب معارضة للحكومة وبرامجها وليس للنظام السياسي والدولة. كان من الممكن الحفاظ على حالة التوازن لو أن أحد الأحزاب الثلاثة الليبرالية والمحافظة المشارِكة في الائتلاف الحكومي بقي في ساحة المعارضة ليس فقط للحفاظ على التوازن العددي بل أيضا المجتمعي والطبقي.
التحدي لا يقتصر على الحكومة فقط بل أيضا تحدي لأحزاب المعارضة البرلمانية، ولا ندري إن كان ما زال من الممكن توحيد أحزاب المعارضة اليسارية والتقدمية تحت قبة البرلمان وتجديد برامجها وقياداتها، وهل يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يُعيد استهاض وتجديد ظاهرة الإسلاموية السياسية في بلد على رأسه أمير مؤمنين؟ بل يمكن أن نتساءل بشكل عام إن كان من الضروري وجود احزاب إسلامية في دول ومجتمعات إسلامية؟ وربما يحتاج المغرب لتشكيل أحزاب معارضة جديدة ملتزمة بالدستور وثوابت الدولة ومتحررة من إرث الماضي .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية