الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس «هاپي اندينغ»

منير المجيد
(Monir Almajid)

2021 / 11 / 7
كتابات ساخرة


عبارة Happy Ending (نهاية سعيدة) كنّا نعرفها من سينما هوليوود، لكنها تدّل على أمر آخر، لم أكن أعرف عنه شيئاً قبل عام ٢٠٠٢.
حينها كنتُ أسكن في كوبنهاغن، وفي (تقريباً) مركز المدينة، وعلى مسافة قريبة كنتُ أمرّ دوماً إلى جانب «عيادة المسّاج للمعالجة بالزيوت والأعشاب الطبيعية».
رائحة هذه الزيوت والأعشاب النفّاذة كانت تأخذ بعقلي في الواقع.

في ليلة قضيتها مع بعض الأصدقاء، وأثناء عودتي، فاجأتني أضواء العيادة في ذلك الوقت من الليل، ففتحتُ الباب. شعرتُ أن المسّاج تلك الليلة هو ما أحتاجه، وسيجعلني، بالتأكيد، أنام كالرضيع.
في البهو إستقبلتني سيدّة دانماركية، وناولتني كتيّباً مصّوراً وقائمة الأسعار. اخترتُ مدّة ساعة وكان يجب أن أدفع مُقدّماً.
قادتني إلى غرفة أضواؤها خافتة، والرائحة التي كنتُ أتشمّمها من الشارع باتت قويّة أكثر وأشعرتني بالإرتخاء.
سرعان ما جاءت فتاة آسيوية الملامح، نحيلة ضئيلة قصيرة القامة وكأنها تلميذة ترتاد مدرسة إبتدائية، وقدّمت لي منشفة وأرتني زاوية تخفيها ستارة لتغيير ثيابي. وهكذا فعلت. حينما عدّت كنتُ قد لففتُ وسطي بالمنشفة، وهي كانت قد حضّرت زيوتها وأشعلت بخوراً ملأ مجال الغرفة بسرعة.
طلبتْ مني الإستلقاء على بطني وبدأت بتدليكي بنعومة، ثمّ ازدادت الوتيرة، ولم أفكّر حينذاك، مبدياً عدم فهمي، إلّا بقوّة هذه الفتاة وشطارتها. كانت خبيرة إلى حد مُذهل خلال تلك الساعة التي قلبتني وعجنتني وأشعرتني بالروعة.

وحينما أعلنت نهاية الساعة أردتُ أن أذهب لأرتدي ثيابي، فقالت «هل تريد هاپي إندينغ؟». فقلتُ «نعم؟». «هاپي إندينغ». كرّرت. قلتُ «نعم سمعتك، لكن ماذا تعنين؟». حينها عَرِفتْ أنني رجل ساذج وغبي ولا علاقة لي بتعابير العصور الحديثة.
شرحتْ لي، والإبتسامة المليئة بالسخرية لم تغبْ عن وجهها، إن كنتُ أريدها أن تستمنيني. نعم، هكذا. وقالت أيضاً أن الإستعارة هذه شائعة ويعرفها الكلّ. قلت «ليس الكلّ». ثم أضفتُ بما معناه: إذا أردت هذا فعلاً فإن يداي مازالتا سليمتين.
شكرتها على خدماتها «الهاپي»، دون «إندينغ»، ومضيتُ نحو بيتي مُصمّماً أنني لن أفعل ذلك أبداً مرّة اخرى.

كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، حين ضغطتُ على زرّ المصعد في مدخل العمارة، فسمعت وقع أقدام وصوت باب المصعد يُفتح ثم يُغلق وأخيراً يرتجّ قادماً إليّ.
وحين فُتح الباب خرجتْ سيّدة منه وقالت لي على عجل «مساء الخير»، ومضت وكأنها على موعد هام.
في المصعد هاجمتني رائحة غازات فطيعة تنتجها الأمعاء البشرية أنستني كل تلك الزيوت والأعشاب العطرية. وضعتُ كمّ سترتي على أنفي وحبستُ تنفسي حتى أصل إلى الطابق الرابع.
حين وصلتُ أخيراً سارعت بالخروج وكدتُ أصطدم بجاري الذي كان ينتظر المصعد. «مساء الخير» قلت له.
وقفت هناك كالمعتوه، دون أن أتفّوه بشيء. كيف سيصدّقني، بحقّ الآلهة، إن قلت له أن هذه الرائحة ليست منّي؟
كان ينظر إليّ نظرة ملؤها الملامة، ويده كانت ترتفع إلى إنفه، في الوقت الذي كان باب المصعد يغلق مثل شاشات التلفزيون أيّام زمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج