الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الأرواح للتجسد .. لماذا ؟

عدنان إبراهيم

2021 / 11 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مدينة ليون بفرنسا سنة 1804 م ولد ليون دنيزار هيبُوليت ريفاي المعروف بآلان كاردك، من ‏عائلة تخصصت في المحاماة. منذ حداثته انجذب للعلوم والفلسفة، درس المرحلتين الأولية والثانوية ‏في فرنسا، وأتمٌ باقي دراساته في سويسرا إلى جانب الاستاذ الشهير بستلوزي حتى أصبح ‏مساعده البصير والمخلص، ثم حصل على شهادة الأستذة وشهادة دكتور في الطب، وبعد مضي ‏سنوات قليلة استقرٌ في باريس حيث فتح معهداً للتعليم، وألف كتباً عديدة في النحو واللغة نالت ‏الاهتمام والثنا من الناقدين والدوائر الثقافية. في سنة 1858 أنشأ جريدة باسم "المجلة ‏الأرواحية" ما زالت تنشر حتى اليوم وهي أهم ‏الصحف الأرواحية في فرنسا.‏

بداية معرفة آلان كاردك بعالم الأرواح
في سنة 1854 م سمع ريفاي لأول مرة عن الموائد الدوارة وحين دعاه بعض أصدقائه لحضور ‏الجلسات كي يشهد الظواهر بنفسه؛ لم يتردد؛ بل إنه حضر تلك الموائد وشرع حينئذ يهتم بالأمر ‏بشغف. ‏
على أنه تسلم في‏ يوم من الأيام إبلاغاً من روح يحميه يخبره بأئه عرفه ‏ في حياة سابقة في الغاليا ‏القديمة (اسم فرنسا أيام الرومان) وأنه كان يدعى ألن كاردك في ذلك الزمان العتيق ووعده أنه ‏سيساعده في عمل مهم جداً كُلِّفَ به. هكذا التقط ريفاي المعلومات أثنا الجلسات وجمعها في ‏كتاب سماه‎ ‎‏(كتاب الأرواح)؛ وقّعه باسم ألن كاردك. خاض المعارضون هجوماً ضد الأرواحية ‏من جميع الجبهات، ولم يفلت من محرقة المحاكم الدينية في ‏ميدان عام.‏
كانت المهمة شاقة للغاية إذ برغم كل التهم والافتراءات التي تعرّض لها والحملات المديدة التي ‏وُجّهت ضده والسخرية به، واصل العمل ماضياً في الطريق إلى الأمام؛ واتصل يجميع الأرواحيين ‏في العالم بأسره؛ وجمع كل الإشارات الصادرة عن الأرواح ثم نشر بالتتابع "كتاب الوسطاء" ‏و"الإنجيل وفقا للأرواحية" و"سِفْر التكوين" و"السماء والجحيم"؛ والتي أصبحت الكتب ‏الأساسية التي تشرح الأرواحية، ويجمعها ويلخصها كتاب الأرواح.‏
أصيب بمرض خطير في القلب بعد أن أضناه التعب الشديد من المجهود الجُبّار الذي بذله؛ توفي ‏يوم 31 مارس عام 1869 عن 65 سنة.‏

ظهر كتاب الأرواح في أواسط القرن الماضي حينما كان التقدم البشري يجتاز مرحلة حاسمة؛ ‏مرحلة النضج العقلي والروحي، وهاجمته الثقافة الإلحادية آنذاك بسبب تعرضه لعالم الغيب، ثم ‏انتصر الكتاب في النهاية وانتشرت الحركة الأرواحية في جميع أنحاء العالم.‏
وكانت تعرف في العالم العربي في القرن الماضي بـ (الروحية الحديثة) وكان العامة يطلقون عليها ‏‏(تحضير الأرواح) وتنصرف أذهانهم – جهلاً بها – إلى عالم الجن والشياطين يشكل حصري، ولا ‏زالت الثقافة الشعبية حتى الآن تحصر الأرواح التي تتواصل مع البشر في الأرواح الناقصة فقط. ‏ولعل إحياء ونشر تعاليم هذا الكتاب تساهم في ارتقاء الوعي البشري، ونشر السلام على ‏الأرض.

مسألة العودة للتجسد
تعتبر مسألة العودة للتجسد أحد أعمدة الكتاب وأفكاره الرئيسية، بل تعتبر النقطة الأكثر أهمية ‏وقطب الرحى الذي يدور حوله الكتاب كله. وسبب عودة الروح للتجسد هو تطور الروح من ‏خلال تنمية معرفته بنفسه واكتشاف قدرات وصفات جديدة لا يمكنه معرفتها إلا من خلال ‏التجارب والتحديات التي يواجهها، وتعود الأرواح كذلك لإصلاح ما أفسدته في تجسد سابق، ‏وليذوق ما فعله بالآخرين لكي يعرف ويدرك ما ذاقوه فيكف عن الظلم بعد أن عرف طعمه. ‏وحينما يحصل قارئ الكتاب على تلك المعلومات لا شك أن سلوكه يتغير بالكلية وتتحسن ‏أخلاقه كثيراً، وتقل أطماعه وشهواته ورغباته، لأن فلسفة الحياة تتغير لديه وتتحول من مجرد ‏السعي على الرزق والمكاسب المادية إلى محاولة الخدمة وتقديم المساعدة للإنسانية قدر المستطاع ‏قبل الرحيل للعالم الآخر.‏
ويقول الكتاب أن الإنسان كائن ثنائي الطبيعة، هو جسد وروح، ومن ثم فهو غيب وشهادة، ‏وليس من الصواب تجاهل نصف حقيقته، وهي الحقيقة الغيبية، بزعم عجز العلم التجريبي عن ‏فهمها، مع أن العلم قد قطع مراحل كبيرة في فهم هذا الجانب من الإنسان، (ويكفي الإطلاع ‏على أبحاث جامعة فرجينيا حول تناسخ الأرواح، أو قرا
‏ كتب د. مايكل نيوتن حول استكشاف الحيوات السابقة، لا سيما كتاب رحلة الأرواح ‏Journey of souls‏ أو كتاب الذاكرة الأزلية ‏‎ Memories of soul‏ وسوف تخرج ‏بنتيجة مفادها أن عالم الأرواح موجود بيننا، ونحن نعيشه بالفعل، وغاية ما هنالك أن الجسد ‏حجاب بيننا وبينه، وأن المادة تحول بيننا وبين الإتصال به، ولكن كثير من الناس استطاعوا ‏التواصل مع أرواحهم بعد أن تحرروا من سحب المادية التي كانت تحجب عنهم رؤية ما ورائها. ‏وستخرج أيضاً بنتيجة أخرى وهي أنه بإمكاننا التواصل مع الأرواح التي فارقت هذا العالم ‏المادي، والإستفادة منها بمعلومات قيمة حول نصفنا الذي نجهله، وهو طبيعتنا الروحية). ‏فالبشرية مازالت في طور الطفولة، ولا زالت تتعرف على نفسها وتستكشف حقيقتها وتتتلمسها، ‏إذ يقول العلما أننا لو افترضنا أن عمر هذا الكون 24 ساعة، فإن ساعة خلق الإنسان بالصورة ‏التي هو عليها حالياً تكون 11:45 مسا، أي أننا جئنا في مرحلة متأخرة جداً في آخر 15 ‏دقيقة في هذا اليوم الكوني. ‏

العودة للتجسد عند المسيحيين
ولذلك فمن الطبيعي تماماً أن نكون – إزا المعارف الروحية – في طور الطفولة والسذاجة ‏المعرفية، ويكون من الطبيعي أيضاً أن الرسل في العهد القديم كانوا يجسدون المعاني الروحية في ‏قوالب ورموز مادية، كما ورد على سبيل المثال حول أشراط الساعة، كعودة المسيح مثلاً، فلا ‏زال كل من المسلمين والمسيحيين يؤمنون بأنه سيعود بجسده الذي كان منذ ألفي سنة، وأنه لا ‏زال حياً حتى الآن بنفس هذا الجسد وأن عمره ألفي سنة، بالضبط كما يعتقد الشيعة في الإمام ‏المهدي (الإمام الإثنى عشر السيد محمد بن الحسن العسكري) بينما العودة لا تعدو عودة الحقيقة ‏الروحية في جسد يولد من جديد، وأن عودة الحقيقة الروحية ليست حكراً على المسيح ولا على ‏المهدي، ولكنها سنة من سنن الله تعالى في خلقه، تسمى (العودة للتجسد) أو (تناسخ ‏الأجساد) وليس تناسخ الأرواح. لأن مصطلح تناسخ الأرواح سي السمعة في التراث الإسلامي ‏إذ هو مقترن في الأذهان بإنكار الجنة والنار، بينما لا علاقة بين هذا وذاك من قريب ولا بعيد، ‏فالعودة للتجسد – لحكمة ربانية عليا هي تطور الروح أو أداء رسالة معينة لمساعدة الناس – ‏حق، وكذلك الجنة والنار حق، وأما مسألة الخلود فيهما فهذه مسألة أخرى لا علاقة لها بما نحن ‏فيه. فالعودة للتجسد سنة من سنن الله تعالى تسري على الكل، وليس المسيح وحده.‏

العودة للتجسد عند المسلمين
يعتقد الشيعة الإمامية عودة الأرواح للتجسد ويسمونها عقيدة (الرجعة) ولكنهم يحصرون هدف ‏الرجعة في القصاص لأهل البيت عليهم السلام من أعدائهم الذين ظلموهم وعذبوهم وسلبوهم ‏الخلافة الراشدة واستبدلوه بالملك العضوض، ويعتقدون أنه لا يعود إلا من محّض الخير ومحّض ‏الشر. واستدلوا بقوله تعالى (في أي صورة ما شا ركبك) وقوله (ولو شئنا بدلنا أمثالكم تبديلا) ‏وقوله (على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون) وقوله (ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا) ‏وضمير (فيها) يرجع إلى الأرض، أي أن العودة للأرض حقيقة بنص القرآن، ولكن هذه ‏النصوص عامة ولم يحصرها القرآن في أهل البيت وأعدائهم كما يعتقد الشيعة.‏

وتعتقد بعض طوائف المسلمين عودة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في تجسدات جديدة، ولكن في ثوب ‏الولاية لا النبوة، ويقولون أنه ألمح بهذا عن نفسه، وأخبر عن عودته في جسد جديد في قوله ‏‏(حسين مني وأنا من حسين) وقوله لفاطمة يا (أم أبيها)، وأنه سيظهر في رجل صالح من أهل ‏بيته في كل عصر، ويكون هذا الرجل هو (الإمام) لهذا العصر، واتدلوا بقول النبي ص: (بعث الله ‏لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها أمر دينها، ويفسرون بهذا قوله تعالى: (يوم ندعو كل ‏أناس بإمامهم) ويقولون لو لم يك في كل عصر إمام واحد لأهل هذا العصر لكان القرآن غير ‏صحيح، ولذلك سماه القرآن رحمة (للعالمين) وليس لفئة محددة من الناس في زمن محدد. ومن ثم ‏كان حقاً أن لا تغيب شمسه عن أمته، حتى لا يحرم الناس من أنوار الرسالة.‏

بداية الإتصال مع عالم الأرواح
أول تواصل مع الأرواح جات بواسطة الموائد الدوّارة أي الموائد التي تدور ثم ترتفع في الهواء دون ‏تدخل الإنسان (1)، وكذلك بواسطة اللوحة والسبلة ثم تطور الأمر إلى حروف الهجاء ‏(اكتشف ‏المشاهدون أن تلك الأشياء الجامدة لم تكن تدفعها قوة آلية عمياء؛ بل كان فيها أثر ‏لسبب ذكي ‏كان هذا الاكتشاف بمثابة باب فُتِح ورفع الستار عن كثير ‏من ‏أسرار الحياة وراح الناس يتسالون ‏هل تلك الحركات ذات أصل ذكي؟ وإذا كانت هناك قوة ‏ذكية فما هي؟ وما هو كنهها ‏ومصدرها؟ وكانت تلك السلة تتحرك على الورقة بواسطة نفس القوة الخفية التي تحرك الموائد ‏ولكن بدلاً من ‏الحركة السابقة المنتظمة؛ بدا القلم يكتب حروفاً ثم كلمات ثم سطوراً فَخُطباً ‏كاملة عديدة ‏الصفحات متناولاً أعلى مسائل الفلسفة وآمور الأدب والخلّق والعلوم النظرية ‏والعلوم النفسية الخ ‏وكانت الكتابة سريعة ككتاية اليد.، وأحياناً كان الوسيط يأخذ القلم بيده ‏ويكتب، ويده مندفعة بقوة خارجة عن إرادته وبسرعة فائقة، ‏وكان هناك أمر غريب يؤكد الظاهرة ‏وهو تغيير الخط تغييراً كاملاً طبقاً للروح المخاطب الذي ‏يحفظ خطه الأصلي. تتعلق النقطة ‏الثانية بطبيعة الأجوبة ذاتها، خصوصاً ‏حينما تكون الأسئلة مجردة صعية الفهم، أو خارجة عن ‏دراية الوسيط وعن مقدرته ‏العقلية أحياناً، وفوق ذلك فهو - عادة - ليس على علم بما يكتب، ‏وكثيراً ما لا يسمع الأسئلة ولا يفهم ‏فحواها لكونها أحياناً منطوقة بلغة أجنبية يجهلها، أو تكون ‏مجرد فكرة تدور في خُلد أحد الحاضرين، ‏ويأتي الجواب بتلك اللغة الأجنبية)‏
ولم يطل الوقت حتى بدأت الإشارات تتحول إلى عبارات ناطقة بواسطة وسطاء يتجسد فيهم ‏الروح المتكلم (وتُعرف هذه العملية الآن في الغرب باسم ‏channeling‏).‏ أشهر نجومها من الوسطاء حالياً: ابراهام هيكس، وداريل أنكا المعروف بـ(بشار)، ونيل دونالد ‏والش.

‏خلاصة تعاليم الأرواح (2)
هذه الكائنات المذكورة التي تتخاطب معنا وصفت نفسها هي بذاتها، كما قلنا سابقاً؛ بأنها ‏‏أرواح، وقالت إن البعض منها على الأقل كانوا قد عاشوا سابقاً على الأرض، وأنهم يكوّنون ‏‏العالم الروحي كما نحن نكوّن العالم الجسدي طيلة حياتنا على الأرض.‏
وسنقدم فيما يلي تلخيصاً للنقاط الهامة من تعاليمهم؛ التي أفضوا بها إلينا لكي نجيب بسهولة ‏‏عن بعض اعتراضات؛ المشككين:‏
‎•‎ الله أزلي ولا يتغير، وهو لا مادي ووحيد وقادر على كل شي؛ وسامي العدالة والطيبة ‏إلى ‏أعلى درجة. ‏
‎•‎ خلق الكون الذي يشمل كل الكائنات المتمتعة بالحياة والمجردة من الحياة الكائنات ‏‏المادية واللامادية
‎•‎ تكوّن الكائنات المادية العالم المنظور أي الجسدي، أما الكائنات اللامادية فهي تكوّن ‏‏العالم اللامنظور أي العالم الروحي، الذي يعني عالم الأرواح (هو لا منظور بالنسبة للعالم ‏الجسدي، وأما بالنسبة له فهو منظور وناظر، ونظره حاد ومطلق عن حدود المكان). ‏
‎•‎ العالم الروحي هو العالم الأصلي والخالد، ووجوده سابق لكل الأشياء وباق بعد ‏كل ‏الأشياء
‎•‎ العالم الجسدي ثانوي الأهمية، لا فرق لو كف عن الوجود أو لم يوجد البتة، دون أن يؤتر ‏‏ذلك على جوهر العالم الروحي
‎•‎ تكتسي الأرواح مؤقتاً بكساء مادي وفاني، وانحلال هذا الكساء بالموت يعيد إليها حريتها
‎•‎ اختار الله الجنس البشري من بين مختلف أجناس الكائنات الجسدية، لتتجسد فيه الأرواح ‏‏التي بلغت درجة ما من الارتقاء ؛ مما يجعلها متفوّقة أخلاقياً وعقلياً على الكائنات ‏الأخرى
‎•‎ نفس الإنسان هي روح متجسدة؛ ولا يعدو الجسد أن يكون غلافاً لها
‎•‎ في الإنسان ثلاثة عناصر: ‏
الأول: هو الجسد، أي الكائن المادي، نظير جسد الحيوانات، ويحييه المبدأ الحيوي.
الثاني: الذي هو النفس، أي الكائن اللامادي، أو الروح المتجسدة في الجسد ‏
والثالث: هو الصلة التي تريط الروح إلى الجسد والتي هي العنصر المتوسط بين المادة والروح
هكذا يكون للإنسان طبيعتان: بجسده يشارك طبيعة الحيوانات وغرائزها، وبروحه يشارك طبيعة ‏‏الأرواح.‏
‎•‎ الصلة، أو غلاف الروح، الذي يصل الجسد بالروح: هو عبارة عن غلاف نصف ‏‏مادي، وبالموت ينحل الغلاف الغليظ أي الجسد، فيحتفظ الروح بالغلاف الثاني، أي ‏الذي ‏يكوّن له جسماً أثيرياً لا نراه في حالته العادية، ولو أنه في بعض الحالات ‏الخصوصية؛ يستطيع ‏الروح أن يكون مرثياً وحتى أن يلمس؛ كما يحدث في ظاهرة ظهور ‏الأشباح.‏
‎•‎ الروح إذن؛ ليس كائناً مجرداً ومبهماً وغير محدد، لا يدرك إلا في تخيل الإنسان؛ بل هو ‏‏كائن حقيقي محدد ومتعين يمكن في أحوال خاصة التحقق من وجوده بواسطة حواس ‏النظر ‏والسمع واللمس.‏
‎•‎ للأرواح درجات مختلفة وليسوا متساويين في القدرة ولا الذكاء أو في المعرفة أو في ‏‏الأخلاق:‏
فأرواح الدرجة الأولى هم الأرواح السامية الذين يمتازون عن الآخرين بالكمال وباتساع معارفهم ‏‏ومجاورتهم لله وسموٌ مشاعرهم وحبهم للخير هؤلاء هم الملائكة أي الأرواح الطاهرة. ‏
أما الدرجات الأخرى، فهي تبتعد أكثر فأكثر عن هذا الكمال ‏
وأما الدرجات السفلى فهي تحمل أغلب شهواتنا البشرية كالحقد والحسد والغيرة والكبرياء الخ، ‏‏وتُسَرُّ بالشر، وداخل هذه الدرجات أيضاً أرواح ليست كثيرة الخير ولا كثيرة الشر؛ بل هي ‏مزعجة ‏ومضايقة ودساسة أكثر مما تميل إلى الشر؛ وأهم طابع فيها هو ميلها إلى الخبث وعدم ‏المسؤولية ‏وهؤلا هم الأرواح الطائشة (التي يسميها القدماء بالعفاريت). ‏
‎•‎ لا تبقى الأرواح على الدوام في نفس الدرجة؛ بل يرتقي جميعها مجتازاً درجات التدرج ‏‏الأرواحي على اختلافها، أما ارتقاؤهم فيتم بواسطة التجسد (أي التأنس) الذي يُفرض ‏على ‏البعض منهم كتكفير وعلى البعض الآخر كرسالة. ‏
إن الحياة في المادة تجربة يتحتم ‏عليهم احتمالها مرات عديدة إلى أن يصلوا إلى الكمال المطلق ‏فالحياة في المادة تعمل ‏يمثابة مصفاة للتنقية يخرج الروح منها مطهرا إلى حد ما.‏
‎•‎ بعد هجرها الجسد تعود النفس - أي الروح المتجسدة - إلى عالم الأرواح من حيث ‏‏أتت عندما ابتدات وجوداً جديداً في المادة، وتبقى في عالم الأرواح برهة طويلة أو قصيرة نسبياً ‏‏وتكون خلالها في حالة روح جوالة.‏
‎•‎ نظراً إلى أن على الروح أن تتجسد مرات عديدة؛ فهذا يعني أنا جميعاً عشنا حيوات ‏‏عديدة؛ وسنعيش حيوات أخرى في درجات مختلفة من التقدم؛ إما على هذه الأرض أو ‏في عوائم ‏أخرى.‏
‎•‎ يحصل تجسد الأرواح دائماً في‏ الجنس البشري فمن الخطأ الظنّ بأن النفس أي الروح ‏‏المتجسدة قد تتجسد في جسد حيوان.‏
‎•‎ الحيوات الجسدية المختلفة التي يعيشها الروح في الجسد هي دائماً تقدّمية ولا يمكن ابداً ‏‏أن تكون تراجعية لكن سرعة التقدم متناسية مع اجتهادنا للوصول إلى الكمال.‏
‎•‎ صفات النفس هي صفات الروح المتجسد فينا فالإنسان الصالح هو تجسد روح صالحة ‏‏والإنسان الشرير هو تجسد روح نجسة.‏
‎•‎ الروح قبل أن يتجسد كان له فرديته وبعد انفصاله عن الجسد يحتفظ بتلك الفردية. ‏
‎•‎ حينما يعود إلى عالم الأرواح يلتقي الروح بجميع الذين عرفهم على الأرض، وتبسط أمام ‏‏ذاكرته كافة حيواته السابقة فيبصر كل الخير وكل الشر الذي فعله (القرآن يسمي هذا بقرا‏
‏ الكتاب: (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)‏
‎•‎ تسيطر المادة على الروح المتجسد، لكن الإنسان الذي يتحرر من تلك السيطرة بواسطة ‏‏الاجتهاد للصعود بروحه والعمل لتتقيتها يتقرّب من الأرواح الصالحة، ويصبح فيما بعد ‏واحداً ‏منها. أما الإنسان الذي يدع نفسه يسقط تحت سيطرة الأهوا الدنيثة ويمعن ‏إشباع شهواته البذيئة ‏يقترب من الأرواح النجسة، وتسود فيه طبيعته الحيوانية.‏
‎•‎ الأرواح المتجسدة تسكن عوالم الكون على اختلافها .‏
‎•‎ الأرواح اللا متجسدة أو المتجولة لا تمكث في مكان معين ومحدود؛ بل هي موجودة في ‏‏كل مكان في الفضاء وإلى جانبنا، فهي ترانا وتختلط بنا على الدوام، وهي تشكل شعبأ ‏لا يرى ‏يتحرك حولنا.‏
‎•‎ تؤثر الأرواح تأثيراً مستديماً على الحياة الخلقية وحتى على الحياة المادية، ونؤثر على المادة ‏‏وعلى الأفكار، إذ أنها إحدى قوى الطبيعة والمسبب الفعال لظواهر عديدة كانت ‏أسبابها إلى ‏هذا الحين مجهولة أو مفسرة تفسيرا سيئاً، وأمكن إيضاحها بنحو معقول في ‏الأرواحية فقط
‎•‎ علاقات الأرواح مع الناس مستديمة فالآرواح الصالحة تحاول قيادتنا إلى الخير وتقوينا ‏‏تجارب الحياة؛ وتعيننا على احتمالها بشجاعة وتجلد، أما الأرواح الشريرة فتُغوينا بالشر، ‏وتتلذذ ‏بمشاهدة سقوطنا وتماثلنا بحالتها التعسة.‏
‎•‎ مخابرات الأرواح مع اليشر قد تكون خفية أو علنية. تحدث المخابرات الخفية بواسطة ‏‏تاثير الأرواح علينا، وهو يدفعنا نحو الخير أو الشر دون أن ندري به، وعلينا التمييز بين ‏الإيحا ‏الصالح والإيحا السيئ الآتي إلينا (يقول النبي محمد صلّى الله عليه وسلم: "في القلب لمتان لمة من الملك إيعاد بالخير وتصديق ‏بالحق، ولمة من العدوّ إيعاد بالشر وتكذيب بالحق ونهي عن ‏الخير") أما المخابرات العلنية فهي تحدث بواسطة ‏الكتابة ‏أو الكلام أو انكشافات مادية أخرى أغلبها عن طريق الوسطاء الذين يمثلون ‏أداة للأرواح.‏
‎•‎ تحضر الأرواح تلقائياً أو بالاستدعاء. من الممكن استدعاء أي روح من الأرواح لا فرق ‏‏فيما إذا كانت سابقاً روح أحقر الناس أو أشهرها؛ ومهما كان البلد الذي عاش فيه أو ‏إذا كان ‏من أقاربنا أو أصدقائنا أو أعدائنا، ونطلب منها أن تخاطبنا بالكتابة أو بالصوت، ‏وأن تقدّم لنا ‏إرشاداتها ومعلومات عن حالتها بعد موتها وعن آرائها نحونا، ويمكن أيضأ ‏أن تبيح لنا بما يسمح ‏لها إباحته.‏
‎•‎ ما يجذب الأرواح إلى مستحضريهم هو انجذاب الأرواح نحو صفات مستحضريهم الأدبية ‏‏فالأرواح السامية تسر بالاجتماعات الجادة؛ حيث تجد نزعة الخير بين المجتمعين والرغبة ‏الصادقة ‏لدى مستحضريها بأن يتعلموا ويحسنوا أنفسهم. غير أنه من اجتماعات كهذه ‏تنفر الأرواح ‏الواطئة الدرجة؛ التي هي بالعكس تجد الاقتراب سهلاً والحرية كاملة للعمل ‏بين الأشخاص ‏الطائشين أو المجتمعين لمجرد الرغبة في النظر؛ وفي أي مكان تتواجد ‏النزعات الشريرة. فمن العبث ‏أن ننتظر من تلك الأرواح إرشادات أو معلومات نافعة؛ إذ ‏أن كل ما تأتي به هو سفاسف ‏وأكاذيب والاعيب سخيفة وخداع، وكثيراً ما تلقّب ‏نفسها بأسما محترمة لتشجع سامعيها على ‏الضلال.‏
‎•‎ التمييز بين الأرواح الصالحة والشريرة سهل جداً، فالأرواح الرفيعة تتكلم دائماً كلاماً ‏وقوراً ‏جليلاً مليئأ بأسمى المبادئ التهذيبية وخالياً من الأهوا الدنيئة وتتجلى في إرشاداتهم ‏أعلى درجات ‏المعرفة والتوجيه الدائم إلى صالحنا وإلى خير الإنسانية. أما مخاطبات ‏الأرواح المتدنية فهي على ‏عكس ذلك؛ إذ تمتلئ بالتناقض وتفاهة المعنى وحتى الخشونة؛‏ ‏فلو حدث أن رغبت أحياناً بأشيا ‏نافعة وحقيقية فإنها في أغلب الأحيان لا تنطق إلا ‏بالأكاذيب والأمور غير المعقولة؛ وذلك إما ‏عن سو نية أو عن جهل، وهي تستهزئ ‏من تصديق الحاضرين السريع لها وتتسلى بأسئلتهم؛ ‏وتتملق زهوهم وتخدع رغباتهم بوعود ‏مزيفة، وباختصار لا تحدث المخاطبات الجادة المفيدة - ‏بتمام معنى هذه الكلمة - إلا ‏الاجتماعات الجادة الرصينة الثي يكون أعضاؤها متحدين اتحاداً ‏تامأ وبتفكير واحد ‏موجه إلى الخير.‏
‎•‎ يتلخص التعليم التهذيبي للأرواح العليا في القاعدة القائلة: نفعل ‏للآخرين كما نريد أن ‏يفعل الآخرون لنا، أحب لأخيك ما تحب لنفسك. أي بعبارة أخرى لتفعل الخير ولنبتعد عن ‏‏الشر؛ وهذا مبدأ شامل لسلوك الإنسان ينطبق على أصغر الأمور وأكبرها.‏
‎•‎ تعلمنا الأرواح أن الأنانية والكيرياء والانهماك بالملذات الجسدية الشهوانية، هي أهواء ‏‏تقربنا من الطبيعة الحيوانية وتربطنا بالمادة، وأن على الإنسان في هذه الحياة أن يتحرر من ‏سيطرة ‏المادة؛ ويصون نفسه متجنباً الميل إلى التوافه الدنيوية ويحافظ على المحبة للقريب، ‏حتى يقترب من ‏الطبيعة الروحية، ويتوجب على كل منا أن يكون نافعاً في حياته بحسب ‏المقدرات والوسائل التي ‏أعطاه الله إياها لتجربته. وأن واجبات الأقوياء وذوي السطوة هي ‏مساعدة الضعفاء وحمايتهم، ‏لأن من يسي استعمال قوته ونفوذه لاضطهاد نظيره من ‏البشر؛ يخالف ناموس اللّه. وهي تعلمنا ‏أخيراً أنه لا يمكن إخفاء أي شي عن عالم ‏الأرواح، حيث ينكشف خبث المرائي ويرفع الستار ‏عن إثمه، وأن من القصاص الذي ‏يتحتم علينا احتماله معاينتنا المستديمة للذين أسأنا إليهم، وأن ‏هناك أنواعاً من المحن عند ‏الدرجات السفلى والعليا من الأرواح؛ ما لا نظير لها على الأرض.‏
‎•‎ لكنها تعلمنا أيضا أنه ليس هناك أخطاء لا تغفر ولا تمحى بالتكفير عنها.‏
‎•‎ لذلك فقد أعطيت للإنسان الوسيلة لإمعان التفكير بواسطة تعدد التجسدات الجسدية؛ ‏‏لكي يتقدم طبقاً لإرادته وجهوده طريق الارتقاء نحو الكمال، الذي هو هدفه الأكبر.‏
هذا هو ملخّص تعاليم الأرواح كما أتت بها الأرواح السامية.‏ (3)
_____________________________________________
(1) فيلم كاردك https://iegy.best‏/مشاهدة-فيلم-‏kardec-2019‎‏-مترجم-5/‏
(2) أنظر كتاب الأرواح ص 25 - 30
(3) التخاطر مع روح ألان كاردك عن طريق وسيط روحاني فرنسي سنة 2020‏
https://www.youtube.com/watch?v=Otrz7MHeGNw&ab_‎channel=%D8%AA%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D9%84%‎D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A9
الترجمة العربية
https://www.youtube.com/watch?v=Otrz7MHeGNw








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل