الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نابليون بونابارت القذر.

اسكندر أمبروز

2021 / 11 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحد الفاصل بين العصور الوسطى والعصور الحديثة كما يدعي الكثير من المؤرخين هو اكتشاف العالم الجديد أي قارة أميريكا بشقيها الشمالي والجنوبي , ولكن في رأيي المتواضع العصور الوسطى لم تنتهي الا بنجاح الثورة الفرنسية , واسقاط حكم الدين واستبداد الحاكم والحكم الديني...

فبعد أن تم سحق الملكية وقتل الكهّان ورجال الدين في فرنسا , بدأ العالم يتأهب ليأخذ قفزة نوعية نحو الحداثة الفكرية , فالأفكار كحرية العقيدة والمواطنة والدولة المدنية والغاء الاستعباد والغاء الملكية والطبقية والعدالة والمساواة أمام القانون لجميع المواطنين...الخ. كلها كانت أفكار نابعة من وعي الشعب الفرنسي الذي كافح من أجلها والذي نزف الدم للوصول اليها.

ففي رأيي العصور الوسطى لم تنتهي الا بالتطبيق العملي لفلسفات وأفكار عصر الأنوار الذي شهدته أوربا قبل الثورة المباركة تلك...ولكن وبعد نجاح الثورة الفرنسية ظهر نوع من الفوضى , والذي أدى الى ظهور شخصية يعتبرها البعض أحد أهم الشخصيات في التاريخ ألا وهي شخصية نابليون بونابارت.

والذي ومع الأسف يعتبر عظيماً ورائعاً وموضوعاً الى جانب عظماء البشرية من قادة وفلاسفة وعلماء وغيرهم. ولكن هذا الرجل كان أبعد ما يكون عن العظمة , فهو وبعد الثورة الفرنسية , استغل انحلال المؤسسات الحكومية والفوضى التي حلّت بالبلاد للتربع على عرش السلطة , جاعلاً نفسه دكتاتوراً والحاكم بأمره كما فعل هتلر تماماً...ونعم في رأيي نابليون يقارن بهتلر , إن لم يكن بنفس الفظاعة والعقلية الحقيرة , وحتى تتضح الصورة اليكم بعض أوجه التشابه بين هذين المجرمين...

- عشق لا يصدق للسلطة , مرفق بجنون العظمة وحب الذات والنرجسية.
- تعظيم الأفكار الخبيثة والأيديولوجيات الباطلة , كاختراع هتلر للنازية , وإعجاب نابليون بالاسلام من ناحية سيطرته على الناس وإعطائه القوة المطلقة للحاكم. وهذا ما يتضح من خلال مقولات مختلفة له مادحاً فيها الاسلام
وتحكمه بعقول الناس , جاعلاً اياهم راضخين للحاكم وأوامره.
- كلاهما وصل الى السلطة عن طريق انقلاب , وتزوير للأصوات وقمع المعارضين وترهيبهم وإخراس أصواتهم.
- استخدام الحروب وازهاق الارواح , لصناعة اسطورة شخصية.
- تحقير المرأة وتحجيم دورها في المجتمع , المشابه لمنظور الدين تجاهها , والذي يتفوق فيه نابليون على هتلر.
- كلاهما اعاد بلاده أشواطاً الى الوراء , من خلال التخريب الذي حل بها اقتصادياً وسياسياً وبشرياً بسبب الحروب التي شنوها على الاخرين.
- قتل الاسرى.
- انهاء حرية التعبير بعد أن حصل عليها الشعب الفرنسي بعد الثورة , والألماني بعد الحرب العالمية الأولى , ووضع الجرائد والطباعة تحت اشراف السلطات.
- انشاء وحدات أمن (استخبارات) خاصة بهما شخصياً.
- العنصرية الشديدة تجاه المختلفين عرقياً , وتعظيم العرق الأبيض , واستحقار السود وغيرهم من الناس.
- استعباد الناس , كما فعل هتلر بمعسكرات الاعتقال واجباره الاسرى على القيام بالاعمال الشاقة , والذي يقابله اعادة نابليون الاستعباد الى المستعمرات الفرنسية بعد أن تم القضاء عليه سابقاً بفضل وعي الشعب الفرنسي وثورته الطاهرة.

كلها أمور لا يمكن وصفها الا بالحيوانية والنرجسية والدكتاتورية , ومن خلال هذه المقارنة البسيطة يمكننا ملاحظة الشبه الكبير الى حد التطابق بين هتلر السفاح ونابليون , والذي أتمنى أن يكون درساً لكل من يظن أن هذا الرجل كان عظيماً أو جيّداً أو قام بالأمور الحميدة.

وقد يرد البعض بالقول أنه اكتتب دستوراً راقياً يحترم حرية العقيدة واساسيات مبادئ الثورة الفرنسية , وهذا غير صحيح , فإيمانويل جوزيف سييس الكاتب السياسي هو من كتب الدستور عام 1799 , والذي عدّل عليه نابليون فيما بعد ليتماشى مع حكمه الدكتاتوري وجنون العظمة الذي كان مصاباً به.
--------------------------------------------------------------------------

قيم الثورة الفرنسية لاتزال الى اليوم تؤثر على البشرية وتنتج مجتمعات ناجحة وراقية , وهي التي رسّخت القيم الانسانية والعلمانية والتي طبّقت فلسفات عصر التنوير والتي كانت أول حادثة على مستوى دولي أدت الى تحرير المجتمعات من رجس الأديان وتحكمها في رقاب الناس , وهي التي أدت الى استمرار العلم وانفجار المعرفة في أوربا وانتقالها الى باقي العالم.

وأما نابليون هذا , ليس سوى مجرم حرب , متسلّط , ودكتاتور , استغل الثورة الفرنسية وركب ركبها ومن ثم أجهض أهم مبادئها وأعاد سلطة الدين وتقديسه ونصّب نفسه الحاكم بأمره , محيطاً نفسه بهالة من القدسية كما كان يفعل الملوك والسلاطين من قبله مستخدمين أداتهم المفضلة ألا وهي الدين.

فهو كان من أهم المؤيدين للحكم الديني , والذي لاحظ تخديره للشعوب وأهمية استخدامه كدكتاتور وكحاكم مستبد , والذي لا يمكن وصفه إلا بالمعادي للعلمانية والانسانية
والعدالة والمساواة , والثورة الفرنسية وقيمها.

--------------------------------------------------------------------------

بعض المصادر لمن يريد مطالعة المزيد عن هذا الشخص :
- Napoleon A Life. by Andrew Roberts
- Napoleon the man behind the myth by Adam Zamoyski
- Moscow 1812: Napoleon s Fatal March by Adam Zamoyski








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد