الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في امريكا واوربا العودة الى الادوار الاجتماعية للدولة

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2021 / 11 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


عودة الدور الاجتماعي للدولة في المجتمع الرأسمالي الغربي متجاوزا منظورات النيوليبرالية التي اتسع ظهورها مع الحقبة الريجانية والتاتشرية بل وكان البنك والصندوق الدوليين يحددان روشتة الاصلاح الاقتصادي لدول العالم الثالث وفق ذلك المنظور النيوليبرالي وهو ما اظهر ازمات متعددة ومعقدة افضت في كثير من الاحيان الى احتجاجات شعبية واسعة بل وشكل رفضها هدفا وعلنا لثورات شعبية في اكثر من بلد ..هذه العودة للدولة بادوارها الاجتماعية التي تقترب من رؤية اليسار للمسألة الاقتصادية نجم عن ما اظهرته الجائحة كورونا من فضيحة كبيرة في الدول الراسمالية التي لم تكن مستعدة لهكذا ازمة بكل تداعياتها وانكشفت مؤسساتها الصحية التي لم تكن في مستوى الازمة وانتشارها السريع ناهيك ان الاغلاق الذي كان من وسائل تخفيف انتشار كوفيد19 نجم عنه مزيد من البطالة تطلبت بدورها دعما ماليا من الدولة ..اضافة الى خسائر اقتصادية ومالية ضربت شركات الطيران والسياحة والمشاريع الصغيرة التي تطلبت انقاذا سريعا من الانهيار الشامل ..ونحن اليوم ندخل العام الثالث ولاتزال مخاوف كثيرة من استمرار كورونا بالتمدد والانتشار ..
هنا عبرت الحكومات الغربية خاصة امريكا عن زيادة التمويل الداعم للقضايا الصحية والتعليمة والضمان الاجتماعي ودعم المشاريع الصغيرة والشركات والمصارف انقاذا لها من الافلاس والانهيار التام ..في هذا السياق ومع متغيرات العولمة السريعة في مجاللات التجارة والتطور التكنولوجي والاتصالات وزيادة حدة المنافسة الاقتصادية بين امريكا والصين وروسيا بل وحتى مع الاتحاد الاوربي وبعض الدول الاخرى الصاعدة اقتصاديا كل هذا تطلب نهج اقتصادي جديد يعمل على أنسنة العولمة وخلق توازن بين الصناعة والبيئة وتجلى التعبير عن هذا في قمة المناخ الراهنة وفي قمة روما للدول الصناعية الكبيرة ..في هذا السياق يكون الاتجاه نحو اعادة النظر في ادوار الدولة لتحظى الابعاد الاجتماعية باهمية كبيرة وهو ما يشكل تجاوز لفكرة الدولة الحارسة التي كانت قاعدة الاقتصاد الليبرالي الكلاسيكي وتجاوز للنيوليبرالية واليمين السياسي الى الدولة المتدخلة اجتماعية بل والتي يطالب المجتمع منها ان تستثمر كثيرا في المجال الاجتماعي وفق تعبيرات عالم الاجتماع البريطاني انتوني جيدنز ..
ومعنى ذلك انه مع العولمة ومتغيراتها السريعة في فتح الاسواق والحدود وتزايد الترابط بين مختلف الدول والمجتمعات ليس مطلوبا هنا الغاء الدولة او تقليص ادوارها بل تجديد هذه الادوار وتطويرها واعتماد شراكة فاعلة بين الدولة والقطاع الخاص"البرجوازية-الطبقات الرأسمالية" والمجتمع المدني خاصة في مجال البيئة وحمايتها من التلوث وتخفيض انبعاث الكربون ناهيك عن تعزيز الاستقرار المجتمعي ..هذا الامر كتبت عنه دراسة مطولة في العام 2012 بعنوان نهج اقتصادي جديد لدول الربيع العربي ونشرت ملخصا عنه كمقال في القدس اللندنية وهو تكثيف للمعني الذي ادونه في هذا المقال مع تطوير الفكرة التي هي محل اهتمام عدد كبير من علماء الاجتماع والاقتصادي في امريكا واوربا ..
في هذا السياق نشرت عدة مجلات اوربية استطلاعات واسعة مع عدد من المفكرين فيها حول التعامل المجتمعي والحكومي تجاه جائحة كورونا وعبر هؤلاء عن نقدهم الشديد لضعف حكوماتها تجاه معالجة الازمة الصحية وانكشاف الضعف الكبير فيها واشاروا الى ضرورة اعادة الاعتبار للدولة ودورها الاجتماعي ..اما نحن في البلدان العربية فحضور الدول ذات اهمية كبيرة ذاتيا وموضوعيا لاسباب تتعلق ببناء الهوية الوطنية وفق تعبيراتها الحداثية بتجاوز الانتماءات الجهوية التي تعتبر محددات للتشظي المجتمعي والهوياتي في المجتمع الواحد ناهيك عن مشاكلنا في المجتمع العربي التعليمية والصحية التي لاتستطيع ان تقوم بها الا الدول ضمن مواردها من الثروة الوطنية ووفقا لضعف ادوار القطاع الخاص وهرولته نحو الربح اولا دونما ادوار اجتماعية .اضافة الى ان تحديات العولمة الاقتصادية تتطلب وجود قطاع صناعي كبير تتولى الدولة تأسيسه وباعتماد الشراكة مع القطاعات الخاصة والاهلية ومع الخارج ايضا ...
لكن المؤكد ان ازمات الربيع العربي التي تحولت الى خريف تستدعي حضور الدولة الحديثة لتجاوز مظاهر العنف والفوضى واللانظام في عديد من الدول العربية التي انزلق الصراع فيها الى المرجعيات الطائفية والجهوية القاتلة للوطن وهويته الحديثة .ونحن هنا اما تحد في اعادة البناء للدولة الحديثة وفق نظم ديمقراطية وادوار اجتماعية داعمة للغالبية من الشعب وهذا لاينفي مرورها بالليبرالية الاقتصادية وفق منظور متجدد حيث يكون الاقتصاد وتكون الصناعة والراسمالية في تناغم مع متطلبات المجتمع تعليميا وصحيا وبيئيا وهو امر له اهميته على المستوى العالمي بتعديل النهج العولمي ومحدداته الرأسمالية ليتوافق مع المجتمع والانسان ولا يكون ضده او يشكل عدوانا عليه من خلال سلعنة الانسان ووضعه ضمن مسار مادي استهلاكي دونما مساراته الاخرى بابعادها الانسانوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف