الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسطرة العلم وفوضوية الأديان.

اسكندر أمبروز

2021 / 11 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البشر قامو باختراع الكثير من الأديان في عالمنا على مرّ التاريخ منها ما انتهى وانقرض , ومنها لا يزال يفتك في عقول الناس الى اليوم بشكل كبير , وجميع هذه الأديان تختلف بشكل حاد مع بعضها البعض...

فعلى الرغم من اشتراكها بمبدأ تحييد العقل وتحقير العلم التجريبي وتبنيها الكامل للفلسفة الميتافيزيقية الساذجة , إلّا أنها تختلف مع غيرها من الخرافات من ناحية الادعائات الباطلة والكبيرة والمنفصمة عن الواقع , والتي تتعارض بشكل كامل مع العلم.

فكل منها يدعي أمراً يتعارض مع ادعائات الاخرين , ولا يمكن لأحد التأكد من صحّة أي من هذه الادعائات نظراً لأنها ادعائات ميتافيزيقية , أي خيال وفانتازيا لا أكثر , وقصص وخرافات نعلم جيداً أنها ذات مصدر بشري بحت , وفي بعض الحالات نعلم تاريخها وكيفية تطورها وانتقالها من كونها قصص خيالية أو أدبيات شعرية الى نصوص مقدسة في أديان مختلفة.

وهنا تظهر لنا فوضوية الأديان بشكل واضح , فهي تتخبط وتناقض نفسها وتناقض الاديان الاخرى بدوامات من العبث والهلاوس والخرافات والادعائات الباطلة والمنفصمة عن الواقع والعلم وأسس الحياة. ولهذا نحن بحاجة الى أداة قياس , لتضع هذه الخرافات في مكانها الصحيح , وهذه الأداة هي العلم التجريبي , والذي يأتينا بالأدلة الملموسة والمرئية والتي يمكن قياسها وتتبعها وتتبع تأثيرها بشكل واضح لا لبس فيه.

فمثلاً جميع الأديان تأتي بقصة خيالية توضح مصدر البشرية أو من أين جائت الكائنات الحية , فجائت لنا الخرافات الدينية بخرافة الخلق مثل قصد آدم وحواء وزواج المحارم بين أبنائهما !! , الى قصص الخلق البوذية والهندوسية الى قصص الخلق الفرعونية القديمة...الخ. كلها لا تمت للواقع بصلة وكلها تدعي دون تقديم أدنى دليل يمكن أن يثبت صحة الكلام الذي جائت به...

أو ادعائها بوجود كائن خرافي او كائنات خرافية تسمى الآلهة , والتي قامت بعملية الخلق والتي تختلف عن بعضها البعض بشكل كبير , وهذا أيضاً ادعاء باطل لا دليل عليه إطلاقاً...ولكن ولحسن الحظ لدينا اداة القياس المهمة والرائعة ألا وهي العلم , والتي يمكنها أن تضع حداً لكل هذه التكهنات والخرافات , ناسفة اياها وضاربة بادعائاتها عرض الحائط...

فمثلاً جائت نظرية التطور بأدلتها الكبيرة والملموسة والتي يمكن قياسها , للرد على كل هذه التكهنات والأساطير الميتافيزيقية , ناسفة خرافات الخلق وواضعة اياها في أقرب مكب للنفايات السامّة بالإضافة لنسف صحّة الخرافات الدينية ووجود آلهتها. وهذا كان مثالاً بسيطاً على نسف العلم للأديان وكيف سيقضي عليها في المستقبل , فالعلم مبني على الأدلة لا على الادعائات , وهو ثابت على أُسس لا يمكن أن تختلف أو تهتز على عكس الأديان التي تبني ادعائاتها على أسطح عائمة غير ثابتة إطلاقاً.

ولكن المضحك أكثر من هذا هو محاولة بعض المؤمنين بالتمسّح بالعلم , وطبعاً لنا في مهزلة الإزعاجيين وكلامهم اللي من فوق الأساطيح خير مثال ! ولكن ما يضحكني أكثر من تراهات الإزعاجيين كزغلول وغيره من الزغاليل , هو تقبّل بعض المؤمنين للنظريات العلمية رغماً عن إيمانهم بخرافات دينية تناهضها وتعارضها تماماً.

فمثلاً نحن نعلم من خلال النصوص الدينية المسيحية والإسلامية أن الأرض مسطّحة , ولكن العلم يقول عكس هذا , ومع ذلك نرى المؤمنين يقدّسون خرافات تدعي ادعاء الأرض المسطحة إلى جانب إيمانهم بكرويتها بفضل العلم , ومثلاً أيضاً يعلم أي مؤمن كيف تتشكل الرياح والأعاصير وما يحرّك السحب والأمواج في البحر...الخ من معلومات عامّة وبسيطة , ومع هذا يؤمن ذات الشخص أن كل هذه الأمور هي نتاج لملائكة تكرش الغيوم كالقطعان , وقدرات إله يحرّك كل هذه الأشياء ويصنعها !

واستكمالاً للحديث عن نظرية التطور , فهنالك من المؤمنين من يعترف بها وهذا شيء جيّد طبعاً , ولكن لو دقق المؤمن في حاله هذا , ألا وهو تقبّل نظرية التطور الى جانب إيمانه بالخلق سيجد نفسه في ليمبو أو وضع عائم منطقياً ومغلوط , فالمؤمن الذي يعترف بنظرية التطور , يعترف بها من منطلق إعادة تأويل نصوصه الدينية بطريقة أو بأخرى , وأي كان تبريره لتصديق النظرية , كالادعاء بأن الاله هو من حرّكها , أو هو من شكّل الخلية الأولى , أو هو من صنع الطفرات لحدوثها...الخ , هو تبرير ينسف الهه ودينه بشكل تامّ.

فمن المعلوم بالضرورة عن هذه الأديان , أنها تدعي وجود اله كامل , تامّ متمم لا نقيصة في عمله , ولكن نحن نعلم ومن خلال نظرية التطور أن الطفرات الجينية لم تتوقف , وهي مستمرّة الى اليوم , وتطور البشر وجميع الكائنات الحيّة لم ينتهي بعد , فكيف لإله كامل تامّ أن لا يتمم عمله ؟ وكيف لمؤمن أن يؤمن بكمال الهه هذا , ويؤمن أن ذات الإله قام بشيء ولم يكمله كالتطور ؟

وهذه المغالطة التي يقع فيها المؤمن بسبب رقصه وتمسّحه بالعلم لا يمكن حلّها إلّا في حالتين , إمّا تخليه عن العلم وعودته للنصوص الخرافية ورفضه لنظرية التطور وأي علوم أُخرى والعيش في عالمه الخاص , أو رفض الدين جملة وتفصيلاً وتبني الحقيقة والواقع عوضاً عن الخرافات والدجل الديني وفوضويته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص