الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحطاط النقابات وحاجة منتسبيها للمقاومة عبر مساحات أوسع من مساحة الحق النقابي

بشير الحامدي

2021 / 11 / 11
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة


التفكير في حالة الانحطاط المكتملة التي أصبح عليها العمل النقابي داخل الاتحاد العام التونسي للشغل لا يعود فقط إن أردنا التعمق في فهم أسبابها لطبيعة نظامه الداخلي أو لأساليب وطرائق في التسيير متعلقة بقيادات هذه المنظمة فحسب وبالتالي فبتغيير هذا النظام الداخلي وبتغيير طرائق التسيير نحول دون هذا الانحطاط. لا أبدا فالأسباب أعمق كثيرا كثيرا من ذلك. فرأس المال تمكن على مدار القرن المنقضي من " ترويض" أغلب الانتظامات أحزابا وجمعيات ونقابات هذه التي تقول عن نفسها أنها تمثل الجمهور الذي يقاومه وحتى يعمل على الإطاحة به وجعلها تتبنى استراتيجياته وتدور في فلكه وتساعده على إدارة أزمته.
والمثال الأبرز على ذلك هو مثال الانحطاط الذي انتهت إليه نقابات التعليم في بلادنا التي لم يع منتسبوها إلى اليوم أنه آن الأوان لتحريرها أولا من هيمنة المركزية البيروقراطية للمكتب التنفيذي المركزي للاتحاد ومن المركزية البيروقراطية لمكاتبها القطاعية عبر:
الانخراط في تأسيس انتظامات قطاعية تنشط في مساحات أوسع من مساحة الحق النقابي تتصدّى في نفس الوقت للسياسات الفاسدة سواء سياسات الوزارة أو سياسات النقابة عبر توسيع مجال نشاطها ليشمل المؤسسة التعليمية والمتعلمين والمعلمين وتحرير فعل تدخلها من حقل الاقتصادية إلى مساحات أوسع صارت اليوم مجال نزاع بين السلطة وأصحاب الحق وجعل المتعلمين وعائلاتهم وكل العاملين في مؤسسات التعليم شركاء فعليين في هذه الانتظامات وفي رسم سياسات التصدي هذه وتنفيذها.
فهذه الانتظامات هي وحدها اليوم تقدر على الانخراط في المقاومة من أجل تعليم لتحرير الانسان ولصالح الانسان وليس تعليما لإنتاج أفواج المنقطعين والمعطلين وهي وحدها تقدر على المقاومة من أجل بيئة نظيفة أولويتها حاجة السكان لمحيط صحي وليس حاجة الدولة لحل أزماتها على حساب السكان كما يحدث الآن في عقارب وهي وحدها التي بمقدورها وضع حد لحالة العنف التي غزت المؤسسات التعليمية وتقديم معالجات ملموسة يرسمها كل المعنيين أساتذة ومتعلمين وأولياهم معالجات تنفذ للأسباب الحقيقية للظاهرة وتعمل على معالجتها وليس كما تفعل نقابات اليوم التي تدير الظهر لكل ذلك وتعلن الإضراب وتتبني الرؤية القانونية القاصرة القائلة بتجريم الاعتداء على المعلم والأستاذ وكأن القوانين التي نعرف في المجلات القانونية والمحاكم التي تشتغل من أول التاريخ قد وضعت حدا للجريمة أو خفضت حتى من نسبها.
ستبقى الفعل النقابي يدور في حلقة مفرغة وستتحول النقابات إلى هيئات فاقدة لأي قدرة على معارضة سياسات رأس المال ما لم يسع منتسبوها إلى التأسيس لشبكة انتظامات مستقلة مقاومة فالقطاعات ذات العدد الكبير من المنتسبين صارت في حاجة لهيئات مساحة تدخلها أوسع من مساحة الحق النقابي ولقد أثبتت المواجهات التي خاضها الأجراء سواء في بلادنا في السنوات الأخيرة أو في المحيط القريب منا حاجتهم لمثل هذه الهيئات في الدفاع عن حقوقهم وحقوق الأغلبية بصفة عامة في ظل وضع تمكن فيه النظام الرأسمالي من تطويع أغلب التنظيمات النقابية العمالية وألحقها به.
مقاومة سياسات دولة رأس المال واستراتيجيات "التروست" الرأسمالي العالمي صارت تتطلب مثل هذه الهيئات المستقلة الديمقراطية هيئات للانتظام في القطاع وفي الحي وفي المعمل وفي المدرسة وفي الكلية هيئات انتظام متشابكة ومتضامنة أفقيا ينصهر فيها فعل مقاومة الخدام للنظام وسياساته ومؤسساته بفعل مقاومة البطال وبفعل مقاومة ربة البيت وبفعل مقامة الطالب والتلميذ الخ... فالأغلبية لم يعد بمقدورها المقاومة وفرض سيادتها كأغلبية دون هذه الانتظامات فهي إمكانيتها الوحيدة المتبقية للمقاومة وللمشاركة الواسعة في أخذ القرار وفي تنفيذه.
وفقط عبر هذه الانتظامات يصير السياسات الراديكالية ويصير التغيير الاجتماعي الجذري والتأسيس له إمكانية ملموسة وتصير السياسة والممارسة السياسية مشغل الأغلبية وليست حكرا على الأقلية الرأسمالية وبيروقراطياتها الحزبية والجمعياتية والنقابية.

11 نوفمبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ