الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية هي الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية

خليل اندراوس

2021 / 11 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




الماركسية هي الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الانسانية في القرن التاسع عشر: الفلسفة الألمانية، والاقتصاد السياسي الانجليزي، والاشتراكية الطوباوية الفرنسية هذه مصادر الماركسية الثلاثة، الفلسفة الماركسية هي المادية.

الخطوة الأولى في هذا الاتجاه كانت في أوائل سنة 1846 في تكوين لجنة المراسلات الشيوعية في بروكسل. في 22 حزيران عام 1846 في رسالة لجنة بروكسل إلى لجنة المراسلات الشيوعية في لندن (اتحاد العادلين كان قد طرح اقتراح الدعوة إلى مؤتمر شيوعي). وما بين 2-9 حزيران عام 1847 أقيمت عصبة الشيوعيين. وهذا هو المؤتمر الاول لهذه العصبة.


لقد كان الشعار السابق لاتحاد العادلين هو "كل الناس اخوة" فأبدل بشعار جديد لماركس "يا عمال العالم، اتحدوا" بتاريخ 29 تشرين الثاني وحتى 8 كانون الأول انعقد في لندن المؤتمر الثاني لعصبة الشيوعيين. وقد لعب ماركس وانجلز دورا حاسما في أعماله. وبعد مناقشات تفصيلية استمرت عدة أيام حظيت آراؤهما بموافقة كاملة. وكـُلفا بوضع برنامج العصبة والبرنامج أصبح "بيان الحزب الشيوعي".


في الفصل الأول لبيان الحزب الشيوعي "البرجوازيون والبروليتاريون" يعطي ماركس وانجلز الاثبات على حتمية الثورة الشيوعية. وهذا الاثبات ينتج من الفهم المادي للتاريخ "لأن تاريخ كل المجتمعات القائمة حتى يومنا هذا، كان تاريخ صراع الطبقات". ويختتم هذا الفصل باستنتاج هو أن فناء البرجوازية وانتصار البروليتاريا كليهما أمران حتميان.


أما الفصل الثاني "للبيان الشيوعي" فهو "البروليتاريون والشيوعيون". فيحظى باهتمام كبير من وجهة نظر نظرية المجتمع الشيوعي. الجزء الأساسي من هذا الفصل مكرس لتفنيد اتهام الشيوعيين الزاعم بأنهم يريدون القضاء على: (1) الملكية. (2) العائلة. (3) القومية والوطن. (4) الدين والأخلاق.
وفيما يتعلق بمسألة الملكية تناول المؤلفان ماركس وانجلز ثلاث مسائل أخرى: الشخصية – وواقع العمل، التعليم. وفي نهاية الفصل الثاني من البيان الشيوعي يبحثان ثلاث قضايا: الثورة البروليتارية والاجراءات الانتقالية، والصفات العامة للمجتمع الشيوعي يقول ماركس وانجلز في هذا الفصل: "الخطوة الأولى في ثورة العمال هي، كما رأينا، تحول البروليتاريا إلى طبقة سائدة، والظفر بالديمقراطية".
"وستستخدم البروليتاريا سيادتها السياسية لأجل انتزاع الرأسمال من البرجوازية شيئا فشيئا، ومركزة جميع أدوات الانتاج في أيدي الدولة، أي في أيدي البروليتاريا المنظمة في طبقة حاكمة، (ملاحظة: لأنه في المرحلة الانتقالية يستمر وجود الطبقات) وزيادة كمية القوى المنتجة وانمائها بأسرع ما يمكن". وستختلف هذه التدابير طبعا، بين هذه الدولة أو تلك، ولكن هناك تدابير عامة تقريبا خاصة في أكثر البلاد تقدما ورقيا من هذه التدابير الهادفة إلى تغيير علاقات الانتاج الرأسمالية، نذكر: 1) نزع الملكية العقارية وتخصيص الريع العقاري لتغطية نفقات الدولة. 2) فرض ضرائب متصاعدة. 3) تركيز التسليف كله في أيدي الدولة بواسطة مصرف وطني رأسماله الدولة. 4) تركيز جميع وسائل النقل بأيدي الدولة. 5) زيادة المصانع التابعة للدولة وأدوات الانتاج واصلاح الأراضي البور وتحسين الأراضي المزروعة حسب منهاج عام.6) جعل العمل إجباريا للجميع. 7) الجمع بين العمل الزراعي والصناعي. 8) جعل التربية عامة ومجانية لجميع الأولاد. ومنع تشغيل الاحداث في المصانع كما يجري اليوم، والتوفيق بين التربية وبين الانتاج المادي الخ...


ومع زوال الفوارق الطبقية التي تزول خلال التطور الشامل للمجتمع يصبح كل الانتاج متمركزا في أيدي جمعية واسعة تشمل الأمة بأسرها ومما يؤدي في نهاية الأمر إلى فقدان السلطة العامة صبغتها السياسية، إذ أن السلطة السياسية بالمعنى الصحيح هي السلطة المنظمة لطبقة من أجل اضطهاد طبقة أخرى. وهكذا على أنقاض المجتمع الرأسمالي القديم بطبقاته وتناقضاته الطبقية يبرز مجتمع جديد تكون فيه حرية التطور والتقدم لكل عضو فيه شرطا لحرية التطور والتقدم لجميع الأعضاء (انظر ماركس انجلز بيان الحزب الشيوعي" ص 69-70).
في هذا الفصل من البيان الشيوعي طـُرح بكل دقة مهمة الثورة البروليتارية ودكتاتورية البروليتاريا: (1) تحويل الملكية الخاصة لوسائل الانتاج إلى ملكية عامة. (2) الاسراع أكثر ما يمكن في زيادة مجمل القوى المنتجة.


وهكذا منذ صدور "البيان الشيوعي" تساهم النظرية المتطورة فيه، في عملية التطور الموضوعي لتاريخ الانسانية جمعاء. وما يجري الآن من تطورات وأحداث في أمريكا الجنوبية يُشير إلى أن قيادات هذه الدول وخاصة في فنزويلا تستفيد من هذه الارشادات والطروحات العامة التي تطرحها الماركسية ونجاح الانتفاضات العمالية المختلفة في بلدان أوروبا المختلفة، تستند بالأساس على الافكار التقدمية الثورية لماركس وانجلز.

ووجهات نظر ماركس وانجلز المادية معروفة بأكثر ما يكون من الوضوح والتفاصيل في مؤلفي إنجلز "لودفيغ فورباح" و "دحض دوهرينغ"، اللذين هما، على غرار "البيان الشيوعي" من عداد الكتب التي يجب أن تكون دائما بين يدي كل عامل ومثقف ثوري دمقراطي علماني.

وكما رأينا فماركس لم يتوقف عند مادية القرن الثامن عشر، بل دفع الفلسفة خطوة إلى الأمام، فأغناها بمكتسبات مذهب هيغل، الذي قاد بدوره إلى مادية فورباخ".
"ولكن أهم هذه المكتسبات، الديالكتيك، أي نظرية التطور الجدلي بأكمل مظاهرها وأشدها عمقا، وأكثرها بعدا عن أحادية الجانب. نظرية نسبية المعارف الانسانية التي تعكس المادة في تطورها الدائم". كما قال لينين. وأحدث الاكتشافات في العلوم الطبيعية في تلك الفترة وبعد ذلك – من اكتشاف التحلية إلى نظرية داروين إلى اكتشاف تحول الطاقة، واكتشاف الالكترونات وتحول العناصر، بعد ذلك النظرية النسبية، قد أثبتت بشكل واضح ورائع وموضوعي صحة مادية ماركس الديالكتيكية ورغم أنف كل مذاهب الفلاسفة البرجوازيين القديمة منها والحديثة، مع رداتهم الجديدة نحو المثالية القديمة المهترئة حتى ولو سميت أسماء مختلفة، مثل فلسفة نهاية التاريخ، أو الفلسفة التفكيكية، أو ما بعد الحداثة وما إلى ذلك.



ووسع ماركس نطاق فلسفته المادية وطورها من معرفة الطبيعة إلى معرفة المجتمع البشري. وأكبر انتصارات ماركس الفلسفية كانت مادية ماركس التاريخية، حيث تعتبر هذه النظرية أكبر انتصار أحرزه الفكر العلمي. فبدل البلبلة، والمثالية والاعتباط والفوضوية التي كانت سائدة حتى ذلك الحين في النظرات إلى التاريخ والسياسة والمجتمع، حلت محلهم نظرية علمية روعة في التناسق والتجانس والانسجام، ووضع ماركس كيف ينبثق ويتطور، من شكل معين من التنظيم الاجتماعي، ومن جراء نمو القوى المنتجة وخاصة وسائل الانتاج، بشكل آخر، أرقى كيف تولد الرأسمالية من الاقطاعية.


وبما أن معرفة الانسان تعكس الطبيعة القائمة والموجودة بصورة مستقلة عنه، أي المادة في طريق تطورها الدائم، كذلك تعكس معرفة الانسان الاجتماعية (أي مختلف الآراء والمذاهب الفلسفية والدينية والسياسية إلخ) نظام المجتمع الاقتصادي. إن المؤسسات السياسية تقوم كبناء فوقي على أساس البناء الاقتصادي للمجتمع.
ففي عصرنا، كل الأشكال السياسية للدول الأوروبية وأمريكا تقوم بدور أدوات لتعزيز سيطرة الطبقة الحاكمة البرجوازية الرأسمالية على البروليتاريا وعامة الشعب. فالدولة الرأسمالية وسيلة لتعزيز سيطرة طبقة رأس المال.



منذ البداية آمن ماركس بأنه من الضروري لتحديد مجرى التاريخ استبعاد عناصره اللاعقلانية. ورفض ماركس أية قوة مطلقة للروح لتغيير العالم وربط تطور الفكر بتطور الواقع العيني (ظهر هذا في رسالة ماركس لنيل شهادة الدكتوراة بالفلسفة والتي كان عنوانها "الاختلاف بين الفلسفة الطبيعية عند ديمقريطس والفلسفة الطبيعية عند أبيقور". عام 1841).


ولقد ازداد موقف ماركس وضوحا من خلال كفاح طويل وصلب قذف به، في اتصال مباشر بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي – أن الوقائع أقوى من الافكار، وأنها لا تتغير لمجرد أن الافكار تريد لها أن تتغير، وكان عليه أن يقلب المذهب الهيغلي وأن يكيّف الفكرة مع الواقع لا الواقع مع الفكرة، وبهذه النقطة انفصل ماركس عن برونو باور والهيغليين الشبان الليبراليين. وبدلا من هذا مضى ماركس بكشف مبادئ العمل مع الواقع نفسه، وذلك بتأسيس علاقة أوثق واعتماد متبادل أعمق بين الأفكار والواقع، من خلال مشاركته النضال اليومي الجماهيري الشعبي مع البروليتاريا الصاعدة في تلك الفترة.

وعندما تم إغلاق صحيفة "راينيش زايتونج" وتم إحكام الرقابة على عمله الصحفي، وعندما أباحت الرجعية المنتصرة عام 1848، وقمعت الحرية كلها اتضح لماركس أن النقد الفلسفي والسياسي في حد ذاته عاجز عن تغيير المنظمات القائمة وأن الدولة ليس لها الطبيعة العقلانية والأخلاقية التي عزاها هيغل اليها. فالمشكلة الأساس ظهرت انها ليست دينية أو أخلاقية أو سياسية بل هي اجتماعية بطبيعتها ولا يمكن حلها على مجرد المستوى القانوني التشريعي، بل هي مرتبطة أساسا بصراعات المنفعة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة.

قبل ماركس قام هيغل برد القانون إلى المنطقة وبدل أن ينمي هيغل فلسفة القانون من الواقع السياسي والاجتماعي جعلها تنبثق من الفكرة المطلقة والأخلاقيات التي تحدو تنظيم الأسرة والمجتمع والدولة. لقد نزعت خيرة الادمغة البشرية إلى فهم تاريخ تطور المجتمع الانساني. وانشأت مذاهب فلسفية ونظريات اقتصادية، ورسمت صور النظام الاجتماعي المثالي الذي انعكس فيه إيمان الشعب بانتصار العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية، ولكن كما سبق وذكرنا في المقالات السابقة، تخلف العلاقات الاجتماعية ونقص المعارف العلمية أضفيا على هذه النظريات طابعا طوباويا.
وفي حوالي منتصف القرن التاسع عشر اختمرت الممهدات اللازمة لنشوء النظرة الفلسفية الشيوعية العلمية.
فقد أظهر تطور الرأسمالية بوضوح ما للاقتصاد من دور حاسم في الحياة الاجتماعية. ومع الرأسمالية نشأت الطبقة العاملة – حفارة قبر النظام الرأسمالي الاستغلالي.
وهكذا تهيأت التربة للنظرية المادية الديالكتيكية – الفلسفة الماركسية وبل أصبحت ضرورتها ماسة وملحة، من خلال تطور النظريات الفلسفية والسياسية. ففي ذلك الحين كان الفكر الاجتماعي الطليعي، إعرابا عن مطالب الممارسة، قد طرح تلك المسائل التي كان يجب على التعاليم الماركسية أن تجيب عليها. وأصبحت الفلسفة الكلاسيكية الالمانية، والاقتصاد السياسي الانكليزي، والاشتراكية الطوباوية الفرنسية هي الينابيع النظرية التي نشأت منها الماركسية.
كان هيغل وفورباخ الممثلين البارزين للفلسفة الكلاسيكية الالمانية. وكان فضل هيغل كما ذكر أنه وضع نظرية التطور الجدلي التي غلفها بغلاف مثالي.
أما فورباخ فبالعكس أثبت أن الطبيعة يمكن تفسيرها بذاتها، دون اللجوء الى تصورات صوفية ولا علمية عن الفكرة المطلقة. ولكن فورباخ لم يفهم ما لنظرية هيغل عن التطور من أهمية هائلة ولم يستطع أن يطبقها على الطبيعة والتاريخ. وكانت، كما ذكرنا سابقا، نظريتا هيغل المثالية الجدلية وفورباخ المادية تضمان أفكارا أصبحت بمثابة نقطة انطلاق لإنشاء الفلسفة الماركسية.
وفي ميدان الاقتصاد السياسي كان الاقتصاديان البريطانيان سميث وريكاردو سلفيين للماركسية. فبإثباتهما أن الكدح هو ينبوع الثروات التي يصنعها الانسان هيئا التربة لإنشاء الاقتصاد السياسي الماركسي العلمي.
وأما الاشتراكيون الطوباويون الكبار أمثال سان سيمون وفورييه وأووين، فقد انتقدوا النظام الرأسمالي انتقادا لا هوادة فيه ووضعوا خططا وتصورات لمجتمع مثالي خالص من الاستغلال. ولكن نظرياتهم لم تبين الطرق العلمية المؤدية إلى هذا الهدف.
وكان الاشتراكيون الطوباويون يرون في سذاجة أن الطريق المؤدي إلى النظام المثالي، هو تنوير المجتمع وإثارة الحوافز الاخلاقية عند المستغِلين.
ومع ذلك فقد يسرت نظرياتهم أمر إنشاء نظرية الاشتراكية العلمية.


لم يكن ماركس وإنجلز مجرد متابعين لمن سبقهم من النظريين، وإنما كيفًا، انطلاقا من مواقع النقد تراث الماضي الفكري، وإنشاء نظرية تعبر عمليا عن المصالح الجذرية لأكثر الطبقات طليعية وثورية – البروليتاريا.
وسلحا الطبقة العاملة بسلاح علمي جدلي فكري لتحويل العالم.
أهم الاجزاء المكوّنة للماركسية هو الفلسفة أي العلم الأشمل والأعم لقوانين تطور الطبيعة والمجتمع والمعرفة.

ولكن معرفة القوانين العامة وحدها لا تكفي لفهم أسباب حلول هذا النظام الاجتماعي محل ذاك. فبين جميع العلاقات الاجتماعية تشغل العلاقات الاقتصادية، أو الانتاجية، المرتبة الاولى. وبدون فهم طبيعة هذه العلاقات لا يمكن الجواب على هذا السؤال: كيف الوصول إلى الاشتراكية والشيوعية ولهذا أصبح الاقتصاد السياسي – أي علم تطور العلاقات الانتاجية، جزءا آخر من اهم الاجزاء المكوّنة للماركسية.


والجزء الثالث من أهم الاجزاء المكونة للماركسية هو نظرية الشيوعية العلمية التي تكشف، بالاستناد إلى الفلسفة الماركسية والاقتصاد السياسي الماركسي، عن قوانين نشوء وتطور المجتمع الشيوعي. ولكن الفكر الماركسي لم ينحصر في تطور الفلسفة والاقتصاد السياسي ونظرية الشيوعية العلمية (المكونات الاساسية الثلاثة للماركسية)، بل لقد حقق الفكر الماركسي ثورة في جميع مجالات المعرفة عن المجتمع: في علم التاريخ، وفي علم الأخلاق، وفي علم الجمال، وفي علم اللغة، وفي الحقوق .... الخ. وإذا أردنا الحق فإن كل هذه وغيرها من فروع المعرفة لم تصبح ذات طابع علمي حقًا وصدقًا الا عندما تسلحت بطريقة البحث الماركسية، أي بالأسلوب الماركسي في دراسة هذه أو تلك من ظواهر الطبيعة والمجتمع.

وهكذا فإن الماركسية هي نظام منسجم من النظريات العلمية عن القوانين العامة لتطور الطبيعة والمجتمع. فالماركسية هي نظام نظريات ومذاهب ماركس.

ان ما تتصف به نظرات ماركس من منطق رائع وانسجام تام إنما يعترف به لـَهُ حتى خصومه، وتلك النظرات تؤلف بمجموعها المادية المعاصرة، المادية الديالكتيكية، والاشتراكية العلمية، المعاصرة، بوصفها نظرية الحركة العمالية وبرنامجها في جميع بلدان العالم. وعندما يدرس المرء الفلسفة الماركسية أو الاقتصاد السياسي الماركسي، وعندما يستوعب نظرية الشيوعية العلمية، يترتب عليه دائما أن يؤشر أن هذا نظام واحد: إن جميع الأجزاء المكوّنة للماركسية متصل بعضها ببعض اتصالا لا ينفصم. فليس بين المؤلفات العديدة لمؤسسي الماركسية مؤلفات يمكن تسميتها بالاقتصادية "الصرفة" أو الفلسفية "البحتة". وإنما كانت الفلسفة طريقة في يدهم لتحليل العلاقات الاجتماعية من جميع النواحي، ثم على هذا الاساس كانت تستخلص الاستنتاجات السياسية. كما أن الدراسة العميقة للاقتصاد والسياسة كانت، بدورها، تقدم مادة جديدة غزيرة للتعميمات الفلسفية



لقد نزع مفكرو الماضي إلى إنشاء نظريات ناجزة عليها أن تعطي، حسب نية مؤسسيها، جوابا نهائيا على جميع الاسئلة، ولكن هل بوسع نظرية ما، أيـّا كانت، أن تتنبأ مسبقا بكل ما يطرأ في الحياة! فالواقع المحيط بنا يتطور باستمرار، والمعرفة البشرية تغتني بلا انقطاع. وإذا لم تأخذ النظرية الوقائع الجديدة بعين الاعتبار، وتحولت إلى مجموعة من العقائد الجامدة، فإنها تنفصل عن الحياة وتصبح عديمة الفائدة، بل ضارة أيضا، لأنها تتوقف عن اعطاء صورة صحيحة للواقع. ولهذا يجب على النظرية دائما أن تستند إلى الممارسة. وصدق غوته إذ قال: جافة هي النظرية يا صديقي وشجرة الحياة في اخضرار دائم.

نعم، إن جميع المحاولات لإنشاء نظريات شاملة ناجزة كان محكوما عليها، مسبقا، بالإخفاق. فقد كانت السنون تمر فتموت هذه النظريات مع الحقبة الزمنية التي ولدتها وتذهب مع الطبقة التي كانت تعبر عن مصالحها. وما كانت تبقى في كنز الفكر الاجتماعي الا الأفكار التي تعكس الواقع أعمق الانعكاس، إذ كانت تقتبسها النظريات الجديدة التي تعبر عن مطالب الحياة. أما النظرية الماركسية فتختلف، بطبيعتها، عن النظريات السابقة لها. فـ "الماركسية ليست عقيدة جامدة، بل إرشادا للعمل". كما كان يحب لينين أن يعيد ويكرر القول. ومبادئ النظرية الماركسية تغتني دائما بالتطور الاجتماعي الجاري وبمنجزات العلم الجديدة. فالماركسية نظرية خلاقة ومتطورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس للعلوم وريث
منير كريم ( 2021 / 11 / 13 - 10:10 )
تحية للكاتب المحترم
ليس للعلوم وريث وكلامك هذا يدل ان الماركسية نهاية العلوم او خاتمة المعرفة
الماركسية اخذت من المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية كل مفاهيمها الاقتصادية كالقيمة وفائض القيمة وميل معدل الربح للهبوط وغيرها ولم تات بجديد في هذا الشان وفي الفلسفة استعارت الديالكيك والمادية القديمة من الفلسفة الالمانية وهكذا
لقد تجاوزت العلوم والفلسفة والمعارف الحديثة الماركسية
شكرا لك


2 - ماركسية خليل اندراوس
نبيل عودة ( 2021 / 11 / 13 - 22:00 )
مع احترامي لجهودك الا انك دوغماتي في فهمك للماركسية التي هي محرد نظرية تحتاج الى تطوير وتغيير للكقير من احكامها ، الاقتصادية والفلسفية ايضا ، وهذا ليس نفيا لقيمتها، لكنها ليست آخر
العلوم ولا آخر النظريات السياسية والاقتصادية
اتابعك لكنك لا تحاور لذا لا قيمة لنصوص تنشر دون ان ينبري كاتبها للمشاركة في الحوار
الماركسية في فكرها الاقتصادي لم تتجاوز ما كان سائدا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. المادية التاريخية لماركس لم تثبت صختها بما يخص الصراع الطبقي. حتى ثورة اكتوبر لم تكن ثورة بروليتارية، بل ثورة فلاحين عادوا من الخرب العالمية الاولى جائعين مضروبين وعدم ليني بالأرض فنضموا للثورة. اصلا لم تكن روسي دولة صناعية .
ولم نشهد الصراع الطبقي في القرن العشرين ولا الواحد والعشرين. التطور قلب واقع المجتمع دالراسمالي، من سلطة واقتصاد كما كان في فترة ماركس الى سلطة واقتصاد
. ومجتمع مدني منذ النصف الثاني للقرن العشرين والمجتمع المدني ليس الطبقة العاملة فقط، الطبقة العاملة اصبحت طبقة تكنقراطية وهندسية وادارية وهي عمدة الرقي الحضاري في المجتمع وباتت التوزيعة للثروة اكثر عدالة

اخر الافلام

.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح


.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز