الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدمير الشركة ( ميم)

حسن مدبولى

2021 / 11 / 13
الفساد الإداري والمالي


من يحاولون إهالة التراب على شركات قطاع الأعمال، يجعلون مبررهم الأساسى أن تلك الشركات تخسر وتحمل ميزانية الدولة أعباءا كبيرة ، فإن كانت الشركات تحقق أرباحا ولا تحمل الدولة أية أعباء ،قيل أن تلك الأرباح لم يتم تحقيقها من عوائد النشاط الرئيسى للشركة ، أو إنها أرباح تقل عن المعدلات العالمية المحققة ،أو إنها لا تتناسب مع حجم رؤوس الأموال المستثمرة بالشركة العامة ،فإن كان معدل النمو السنوى كبيرا وحقق قفزات عالية متتالية، قيل وما هى قيمة مساهمة ذلك النشاط فى الناتج القومى الإجمالى؟
مع الغمز واللمز فى قدرة الكفاءات التى تقوم على إدارة تلك الشركات،والإشادة بنظرائهم ممن يعملون بالخارج بإعتبارهم الأفضل والأعلى قدرة على القيادة والتطوير،وأن المقارنة مع نتائج الشركات المشابهة فى البلدان المتقدمة يثبت تدنى الآداء فى الداخل ؟

ومع أن قياس الآداء الإدارى والمعدلات الإقتصادية والفنية ومقارنته بالمعدلات العالمية أمر إيجابى طبعا، لكن لكى تكون المقارنات مع الخارج صحيحة وشفافة ومحايدة وحسنة النية، لا بد من الأخذ بالإعتبار الوضع المحلى،والظروف والملابسات والاحداث بل والكوارث التى تعرضت لها المؤسسات الوطنيةالمراد تقييمها والأعباءالتى تحملتها مرغمة ، مثل التكلفة الإجتماعية المتمثلة فى إعالة آلاف الأسر التى تعتمد فى حياتها على تلك الشركات مثلا، أو التقيد ببيع المنتجات بأسعار أقل من الأسعار الحدية ،

ولو أخذنا الشركة (م ) التى تعمل فى نشاط التأمين التجارى كمثال لما نقول ،سنجد أن تلك الشركة قد عانت الأمرين وواجه العاملون بها أهوال ومتغيرات لو واجهتها أى شركة أمريكية أو أوروبية لإنهارت على الفور، فالمتاعب بدأت معها منذ عصر الإنفتاح فى منتصف السبعينيات وبداية الثمانينات عندما تم السماح للشركات الخاصة بالإستثمار فى مجال التأمين بدون ضوابط عددية أو فنية رغم محدودية السوق فى هذا المجال ،وما نتج عن ذلك من مساهمة بعض تلك الشركات الخاصة فى إنهيار الأسعار والقواعد الفنية للإكتتاب دون أى محاسبة ، بل أن المحاسبة إقتصرت على ممارسات وأنشطة تلك الشركة دون وغيرها فى ذلك الوقت؟

ثم إستمر ذلك المناخ المحاصر للشركات العامة حتى مايو 2000 عندما تم تحرير أسعار التغطيات التأمينية بدون أى ضوابط مما اتاح للشركات الخاصة والأجنبية بالمضاربة من جديد على الأسعار بعيدا عن أية قواعد فنية، مما أدى إلى تدنى قيمة أقساط التأمين بدرجة كبيرة وأثر على الشركة الأهم والأكبر فى السوق !!

و مع بداية عام 2008 .م تم إتخاذ قرار قسرى بدمج شركتين للتأمين المباشر وإعادة التأمين فى الشركة المشار إليها ، مع نقل كافة العمالة التى كانت تعمل بهما إلى الشركة (م) و تحميلها بكافة الإلتزامات الناتجة عن عملية الدمج ؟ علما بأن أحد المسئولين عن قطاع التأمين فى ذلك الوقت برر ذلك الدمج بإنه كان حلا( مصيريا) لأن الشركتين اللتين تم دمجهما فى الشركة الكبرى كانتا خاسرتين ، وكانتا أقرب للإفلاس لولا الإدماج ؟
ثم فوجئت الشركة (م) بقرار آخر عام 2010 يسمى بقرار فصل الأنشطة،وهو قرار تم من خلاله تنفيذ إجراء قسرى آخر بموجبه تم نقل نشاط فرع تأمينات الحياة - والذى كان مربحا- إلى شركة أخرى جديدة خارج الشركة ( م) ،مع تحميلها بمحفظة التأمينات العامة لشركة تأمين خاسرة أخرى ذات نتائج كارثية لم تكن قد دخلت فى إجراءات الدمج الأولى ،ومع هذا الدمج الجديد تم نقل موظفي هذه الشركة الخاسرة إلى الشركة المنكوبة ؟
ثم تلا كل ذلك اتخاذ قرار بسحب ملكية العقارات المملوكة للشركة الرابحة والتى تملكتها كنتيجة لإستثماراتها المتنوعة ،وتم نقل هذه العقارات الضخمة الى شركة أخرى جديدة ، رغم أن هذه العقارات جزء لا يتجزأ من ممتلكات وإستثمارات أى شركة تامين فى العالم ،أو بالأحرى هى ملك اصيل لحملة الوثائق اى العملاء ؟
وما كادت الشركة أن تتعافى من كل هذه القرارات الكارثية حتى وقعت أحداث ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من حوادث وسرقات وبعض أحداث الشغب والإضطرابات والعنف السياسى الذى تسبب فى خسائر كبيرة لبعض عملاء الشركة ، مما إنعكس بدوره وأثر بشكل كبير على حجم التعويضات المسددة لهؤلاء العملاء ،
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد ، فقد قام أحد البنوك وبدون سابق إنذار وبدون رادع من أى جهة رسمية ،بالحجز على أرصدة هذه الشركة الكبرى بجميع فروع البنوك العاملة بالسوق المصرى ؟ وبشكل عدائى معلن ومنشور بكافة وسائل الإعلام وذلك عام 2016 ،وذلك بحجة عدم صرف تعويض لرجل الأعمال بطل عمليات تصدير البترول لإسرائيل ؟
ثم تلا ذلك الحجز ، قرار آخر لا مبرر له ، تمثل فى إجراء تعديلات على آلية إصدار وثائق فرع تأمين السيارات الإجبارى بالسوق المصرى ( تأمين رخصة السيارات بالمرور ) حيث تم بموجب هذه التعديلات تجاهل ريادة هذه الشركة العريقة لهذا النوع من التأمين، و إنكار الدور العظيم الذى قامت به لحماية المصريين وتحملها مليارات الجنيهات التى سددتها كتعويضات للمتضررين من حوادث السيارات وقت هروب كافة الشركات الأخرى من الإصدار عندما كان هذا النوع يمثل خسارة مؤكدة للشركات ؟ بينما وفور تحول هذا التأمين إلى الربحية تم قصر إصداره على جهة معينة لاعلاقة لها بالتأمين التجارى بأى حال ؟؟
ثم كانت الكارثة الأخرى عندما تم السماح لشركة خاصة تحمل نفس اسم ولون وشعار الشركة الأم وتعمل فى نفس نشاطها لكى تعمل بالسوق المصرى ؟

ومع كل تلك الأهوال والمؤامرات لم تنهار الشركة التى نعنيها وإستمرت بفضل كفاءة قواعدها التحتية التى إستمدت خبراتها على مر السنين ،
وعلى الرغم من الصمود والنجاح الإسطورى لهذه الشركة ، لم تتوقف الرؤية الأحادية التى لا ترى خيرا فى الشركات الوطنية العامة التابعة للدولة مهما حققت ، فاستمرت ذات الأساليب الغامضة الممنهجة والمستمرة للعبث بإستقرار الشركة ،فجرت محاولات لتعديل لائحة تنظيم العمل بها بطريقة فيها انتقاص من حقوق العاملين،مما اثار غضب الكثيرين منهم فخرجوا يحتجون على التعديلات المقترحة للائحة ، فتم القبض على البعض منهم ولم يفرج عنهم منذ أكثر من عام حتى الآن، دون وجود دور نقابى واضح أو لأعضاء الإدارة المنتخبين فى هذا الموضوع شديد الحساسية ؟
وقد تواكبت تلك الأحداث المتلاحقة مع تعيينات قيادية من خارج الشركة البعض منها قيادات قضت عمرها الوظيفى كله بالخليج الذى لا يتشابه مع ظروف السوق المصرى للتأمين إداريا أو فنيا أوتسويقيا، والبعض الآخر قيادات إستمدت خبراتها من شركات خاسرة تمت تصفيتها لإنهيارها وافلاسها أو قيادات اكتسبت خبراتها من خلال العمل المحدود بفروع محلية لشركات اجنبية متواضعة المستوى ؟ ،
وهو ما أدى وكنتيجة بديهية لكل هذا ، إلى تتناقص الحصة السوقية لهذه الشركة وتراجعها إلى حوالى 17% من الأقساط المباشرة بالسوق المصرى ، بعد أن كانت حصتها قد وصلت الى ما يقارب 60% حتى اعوام قليلة ماضية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة