الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الأرواح للتجسد.. لماذا؟ | 6

عدنان إبراهيم

2021 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


• ‎ ‎هل تقاسي الأرواح مثلتا الحاجات الجسدية والآلام؟ هم يعرفونها لأنهم كابدوها ‏ولكنهم لا يشعرون بها ماديا لأنهم أرواح
• ‎ ‎هل تشمر الأرواح بالتعب وهل تحتاج إلى الراحة؟ لا يمكن أن يشعروا بالتعب مثلما ‏أنتم تفهمونه؛ ومن ثم فهم لا يحتاجون إلى نفس استراحتكم الجسدية، إذ ليس لهم ‏أعضاء بحاجة لاسترداد قواها، ولكن يجوز القول بأن الروح يستريح بمعنى أنه لا يقوم ‏بنشاط متواصل، وأنه لا يعمل مادياً إذ أن نشاطه كله عقلي واستراحته كلها معنوية. ‏ومعنى ذلك أن هناك لحظات يكف فكره خلالها عن عمل نشيط ولا يتوجه إلى شيء ‏معين وهذا كله استراحة حقيقية له؛ ولو أنها لا تتشابه مع استراحة الجسد. ونوع ‏التعب الذي قد تشعر به الأرواح منناسب مع درجة تأخرهم- إذ أنه يمقدار ما يرتقون ‏يقل احتياجهم للاستراحة.‏
• ‎ ‎عندما يقول روح إنه يتألم ما هو نوع الألم الذي يشمر به؟ اهوال معنوية تؤلم أكثر من ‏الآلام الجسدية
• لماذا إذن اشتكت بعض أرواح بأنها تعاني البرد أو الحر؟ هذا تذكر نا تحملوه أشا الحياة ‏وقد يكون هذا التذكر في احيان أليماً كالمعاناة الحقيقية و أحيان كثيرة نوعاً من المقارنة ‏ليعبروا بها عن حالتهم عندما يتذكرون جسدهم؛ يشعرون شعوراً مماثلاً كما يشعر به ‏أحد عندما يخلع رداءه؛ ويعتقد أنه ما زال يليسه زمناً بعد خلعه
اختيار التجارب
• في الحالة التجوالية وقبل أن يبدا حياة جسدية جديدة هل يدرك الروح الأحداث التي ‏ستطرا عليه وهل يتوقعها؟ يختار هو نفسه نوع التجارب التي يريد أن يقاسيها ويفعل ‏ذلك بموجب حرية اختياره
• إذن ليس الله هو الذي يفرض مشقات الحياة كقصاص للروح؟ ‏لا يحدث شيئاً بتاتا دون ‏إذن الله، إذ إن الله هو الذي أقام جميع السنن التي تتحكم بالكون. ربما تسألون لماذا أقام ‏الله تعالى هذا القانون وليس غيره، عندما أعطى اللّه للروح حرية الخيار جعل مسؤوليته ‏عن أفعاله وعن عواقبها كاملة؛ فلا شيء يقيّد مصيره؛ إذ له الخيار بين طريق الصلاح ‏وطريق الشر، ولكنه إذا سقط يبقى له تعزية وهي إن سقوطه ليس نهاية كل شيء ‏بالنسبة له، وأن الله في رأفته يمنحه الحرية ليعيد ثانية ما أساء إنجازه، وفضللاً عن ذلك ‏يجب التمييز بين ما يأتي من إرادة اللّه وما يأتي من إرادة الإنسان، فمثلاً إذا وجدت ‏نفسك أمام خطر يهدّدك فلست أنت الذي اختلقت ذلك الخطر وإنما الله هو الذي ‏أوجده؛ ولكنك تريد أن تُعرّض نفسك له لأنك رأيت فيه وسيلة للتقدم سمح الله بها.‏
• ما السبب الذي يجعل الروح يرغب يذ أن يولد بين اناس سيّئي السيرة؟ طبعأ لا بد من ‏إرساله إلى بيئة تتيح له تحمل التجربة التي طلبها، ولذلك فلا بد من التجانس مع تلك ‏البيئة. فليتغلب على غريزة قطع الطرق التي تكمن فيه لا بد من أن يعيش بين خلق ‏من هذا النوع
• ‎ ‎إذا لم يكن على الأرض اناس سيئو السيرة؛ إذن فلن يجد الروح البيئة اللازمة لبعض ‏التجارب؟ أهذا سبب لنشتكي منه؟ هذا هو ما يحدث ل العوالم السامية حيث لا يصل ‏الشر إليها لذلك هي مقر لأرواح صالحة فقط فاجتهدوا لتصبح أرضكم مثلها في القريب ‏العاجل
• ‎ ‎التجارب التي يجب على الروح احتمالها ليصل إلى الكمال؛ هل تتضمن اختبار جميع ‏أنواع الغوايات والمرور بجميع الأحوال التي قد تثيرفيه الكبرياء والحسد والبخل والشهوات ‏الجسدية؟ كلا على الإطلاق وأنتم تعلمون ان هناك أناساً يسلكون من البداية طريقاً ‏بيقيهم العديد من التجارب، أما الإنسان الذي يتقاد إلى طريق الضلال فهو يتعرض ‏لجميع أخطار ذلك الطريق. فمثلاً قد يطلب الروح الرخاء وقد يلبى طلبه؛ وحينئذ بحسب ‏نزعاته قد يصيح بخيلاً أو مسرفا أنانيا أو سخيا وربما ينفمس في جميع الملذات الشهوانية، ‏لكن ذلك لا يعتي أنه سيضطر حتماً إلى المرور بجميع هذه التصرفات ليصل إلى ‏الكمال.‏
• ‎ ‎كيف يستطيع الروح الذي ف بدايته يدكون بسيطاً وجاهلاً ودون خبرة؛ أن يختار حياة ‏عن دراية وأن يكون مسوولاً عما يختاره؟ يُعَوَض الله عن عدم خبرته يبرسم الطريق الذي ‏ينبغي عليه أن يسلكه؛ كما أنت تفعل للطفل منذ المهد لكن يدعه يصبح تدريجياً ‏صاحب الأمر ليختار بنفسه بقدر ما تتطور حرية اختياره فيه، وعندئذ غالبا ما يضل ‏الروح وينتهج السبيل السيئ، فلا يصغي إلى نصائح الأرواح الصالحة وذلك هو ما يمكن ‏تسميته بسقوط الإنسان. ‏
• حينما يتمتع الروح بحرية اختياره أيتوقف اختيار الحياة الجسدية دائماً على إرادته دون ‏تاثير آخر أم من الممكن أن يفرضها الله عليه كتكفير عن ماضيه؟ الله حليم ولا يُعجَل ‏بالتكفير ومع ذلك قد يفرض على الروح حياة عندما لا يكون الروح - من جراء تأخره ‏أو عدم نيّته للتقدّم - أهلاً ليفهم ما قد يكون الأفضل له؛ وحينما يرى اللّه أن هذه ‏الحياة قد تساعده على تطهيره وتقدمه، بينما يجد فيها تكفيراً عن ماضيه
• ‎ ‎هل يختار الروح الحياة فوراً بعد الموت؟ كلا لأن عددا كبيرا من الأرواح يعتقد بأبدية ‏المحن وقد قلنا سابقا لك إن هذا الاعتقاد عقاب لهم ‏
• ‎ ‎ما الذي يوجه الروح في اختيار التجارب التي يريد احتمالها؟ يختار الروح التجارب التي ‏قد تكون له تكفيراً عن سيئاته بحسب نوعها‎ ‎والتي تعجّل تقدمه وبناء على ذلك؛ قد ‏تفرض بعض الأرواح على نفسها حياة فقر وعوز لتتحملها بشجاعة، وتود أرواح أخرى ‏اختبار نفسها بإغراء الثروة والقدرة والشوكة؛ التي هي ذات خطر كبير من جراء الإفراط ‏بها عادة؛ وسو استعمالها ومن الأهواء السيئة التي تثيرها الناس، وأخيراً قد تود أرواح ‏أخرى اختبار نفسها بالنضال في بيئة الفساد ‏
• ‎ ‎إذا اختارت بعض الأرواح بيئة الفساد لاختبار نفسها آلا توجد أرواح تختار تلك البيئة ‏بدافع اتجذاب عاطفي لأنها ترغب أن تعيش وسط ملاثم لميولها أو لتتمكن من إطلاق ‏العنان لأهوام مادية؟ توجد تلك الأرواج؛ دون شك؛ ولكن ذلك مقتصر على التي لم ‏تتطور سريرتها بعد، تأتي المحنة من ذات المحنة؛ وتعانيها تلك الأرواح زمناً أطول من المعتاد ‏ولكنهم عاجلاً أو آجلاً يفهمون أن إرضائهم لأهوائهم البهيمية؛ عواقبه محزنة، سوف ‏يتحملونها زمناً طويلاً يلوح لهم أبديا، وقد يدعهم الله يظلون في تلك الحالة إلى أن ‏يفهموا خطأهم؛ ويطلبوا من تلقاء نفسهم أن يعوضوا عنه بتجارب مفيدة.‏
• ‎ ‎ألا يبدو من الطييعي اختيار التجارب الأقل شقاء؟ أجل؛ من وجهة نظركم؛ لا من ‏وجهة نظر الروح فعقب تخلصه من المادة يزول الوهم؛ وتتغير نظرته إلى الأشياء. ‏الإنسان؛ أثنا وجوده على الأرض وعندما يكون تحت تأثير الأفكار الشهوانية لا يرى في ‏تلك التجارب الصعبة سوى الناحية الشاقة منها فيبيدو له من الطبيعي اختيار التجارب ‏التي حسب نظره تستطيع أن تقترن بالملذات المادية، لكنه الحياة الروحية؛ يقارن بين تلك ‏الملذات الزائلة الغليظة وبين السعادة الثابتة التي يستشفها، وبسبب ذلك يدرك كم هو ‏فليل بعض الشقاء المؤقت مقابل تلك السعادة. وبناء عليه قد يختار التجربة الأشد قساوة ‏والحياة الأشد شقاء على أمل أن يصل سريعاً إلى حالة أحسن من التي هو فيها. مثلما ‏يفضل المريض أقبح دواء ليحصل على الشفاء سريعاً فمن يبغي تخليد اسمه بريطه ‏باكتشاف أصقاع جديدة؛ لا يختار الطريق المزْهَّر ولا تردعه الأخطار التي يلاقيها وإنما ‏يواجهها في‏ سبيل المجد الذي ينتظره إذا ظفر وانتصر. إن الأرواح المتحررة من المادة تقدّر ‏الأشياء تقديراً مختلفاً عن تقديرنا لبها، فهي تدرك أن أهمية الهدف تفوق بكثير الملذات ‏الدنيوية العابرة، وترى بعد كل تجسد الخطوات التي خطتها إلى الأمام؛ وتعي مقدار ما ‏ينقصها بعد من التطهير لتيلغ الهدف، ولبذا السبب ترضى إرادياً باحتمال جميع تقلبات ‏الحياة الجسدية طالبة بنفسها التجارب التي قد تعجل وصولها إليه بأسرع وقت، وبناء على ‏ذلك فمن الخطأ التعجب من كرون الروح لا يختار لنفسه الحياة المريحة؛ لأنه يعلم أنه لن ‏يتمتع بتلك الحياة الخالية من المرارة؛ طالما يظل في حالته المطبوعة بالنقائص (الإنسان ولد ‏ناقصاً يسعى للكمال، وكماله هو تحليه بالأسماء والصفات أو الأخلاق الإلهية من الحِلم ‏وكظم الغيظ والعفو والكرم والحب اللامشروط) إنه يستشف تلك الحياة وإذ ذاك يحاول ‏أن يتحسن لأنه يرغب بالوصول إليها، فضلاً عن ذلك ألا نرى كل يوم أمثالاً من هذه ‏الاختيارات؟ تقول جميع الأرواح بأنها خلال حالتها التجوالية تبحث وتدرس وتراقب ‏لتختار نوع حياتها، ونحن عندنا مثال من هذا النوع ‏ في الحياة الجسدية، ألا نسعى أحياناً ‏سنوات عديدة وراء الشغل الذي تختاره بإرادتنا لأننا نظن أن ذلك الشغل هو الأفضل ‏لمستقبلنا؟ وإذا فشلنا بذلك الشغل نعود ونسعى ورا غيره، وكل شغل نختاره هو مرحلة ‏من حياتنا أو جزء منها، ألا نمضي كل يوم من حياتنا في‏ البحث عما سنفعله في‏ الغد؟ ‏وإذن؛ ماذا تعني للروح الحيوات الجسدي المتوالية؛ طالما أنها مراحل أو أجزاء أو أيام من ‏حياته الأرواحية التي هي كما نعلم حياته الحقيقية؛‏ لكون الحياة الجسدية مؤقتة وعابرة. ‏من يكد بلا ملل ولا توقف طيلة حياته ليجمع ما يحتاج لراحته المستقبل أليس ذلك ‏الكد مجهوداً يفرضه على نفسه بقصد مستقبل حسن؟ والجندي الذي يعاني الشقاء ‏لإنجاز مهمة شائكة؛ والرجل الذي يقتحم مخاطر كبيرة سبيل العلم أو سبيل الشراء، ألا ‏تعني هذه الأمثال؛ شدائد تلقائية تقدم لهم مجداً وربحاً إن عادوا منها ظافرين؟ ليست ‏هناك حدود لما يتجرأ عليه الإنسان أو لما يعرّض نفسه إليه في‏ سبيل مصلحته أو مجده، ‏أليست كل المسابقات تجارب اختيارية يخضع لها الإنسان بقصد الارتقاء في المهنة التي ‏يختارها؟ لا يصل أحد إلى أي مركز اجتماعي سام في العلوم أو القنون أو الصناعة؛ إن لم ‏يجتز واحداً بعد الآخر من المراكز السفلى والتي هي تجارب أيضاً. هكذا نرى أن حياة ‏الإنسان هي صورة مطابقة تماماً للحياة الروحية، فنحن نجد فيها على نحو مصغر نفس ‏تقلبات الحياة بأسرها، فإن كنا خلال الحياة الأرضية نختار عادة التجارب القاسية سبيل ‏هدف عال؛ فلماذا تريدون من الروح الذى هو أكثر بصيرة من الجسد في الأشياء ويعتبر ‏الحياة الجسدية كحادث عابر لماذا تريدونه ألا يختار حياة شاقة ومتعبة ولكنها ستوصله ‏إلى سعادة أبدية؟ أما الذين يقولون لو كان للإنسان الحق في اختيار نوع حياته؛ لطلبوا ‏أن يكونوا أمراء أو أغنياء أو أصحاب ثروة طائلة، فهؤلاء كقصيري النظر الذين لا يرون ‏إلا ما يلمسونه؛ أو كأولاد الشوارع الذين إن سئلوا عن الصنعة التي يفضلون أن يشتغلوا ‏فيها، يجيبون صانع القطائف أو حلواني. على نفس النحو حالة المسافر وسط واد ‏عميق وكثيف الضياب؛ وهو لا يرى طول طريقه لا أوله ولا آخره، لكن بعد وصوله إلى ‏قمة الجبل يشمل حينئذ بنظره الطريق الذي اجتازه والطريق الذي ما زال عليه أن يجتازه، ‏فهو يرى هدفه والعقبات التي يجب عليه بعد التغلب عليها، ويستطيع حينئذ أن يُرتّب ‏بصورة أكيدة كيفية الوصول إلى الهدف. إن الروح المتجسد كالمسافر أسفل الجبل وعقب ‏تخلصه من الروابط الأرضية؛ يشرف على كل شي كالمسافر الذي بلغ القمة. إن هدف ‏المسافر هو الاستراحة بعد مشقة الطريق وهدف الروح هو الحصول على السعادة العليا ‏بعد الشدائد والتجارب. ‏

كتاب الأرواح 176 - 187








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي


.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل




.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة


.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر




.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري