الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة جديدة لوعد بلفور

هاني عبيد

2021 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


من الضروري تحليل الحدث التاريخي في اطاره الزمني لمعرفة القوى الفاعلة في تشكيله وبيان الجهات المستفيدة من تبنيه حتى تصبح لدينا معطيات يمكن أن نبني عليها تنبؤاتنا للاحداث المستقبلية. من الاحداث التي لم تنل حقها في الدراسة والتحليل كان وعد بلفور، حيث أصبح هذا الحدث يطل علينا سنوياً في تاريخ اصداره فنشجب من اصدره وإنه لا يملك الحق في اصداره، وتطور الأمر لاحقاً لمطالبة بريطانيا بالأعتذار للشعب الفلسطيني عن الظلم الذي تسبب فيه، وكأن الأعتذار يعيد أوطاناً.
ولدراسة هذا الحدث لا بد أن نضعه في اطاره الزمني. فوعد بلفور وليد العصر الذي ظهر فيه، فقد صدر والحرب العالمية الأولى مستعرة حيث ممالك تصارع من أجل وجودها ودول تتحفز لترث هذه الممالك، وفي ظل هذه المُعطيات برزت الحركة الصهيونية كلاعب يقتنص الفرص لتحقيق ما كانت تصبو إليه.
وضعت الصهيونية منذ مؤتمر بازل هدفاً اعتبرته مقدساً وهو ايجاد وطن قومي لليهود حيث استطاعت أن تحول اليهودية من دين لطائفة مشتتة إلى عقيدة صهيونية لا بد أن تتبلور في دولة بملامح قومية على الأرض في فلسطين. لم تكن تطمح الحركة الصهيونية بتحقيق هذا الهدف دفعة واحدة وفي فترة زمنية قصيرة لمعرفتها بالظروف الجيوسياسية في نهاية القرن التاسع عشر، بل تبنت أهدافاً صغيرة وخطوات مدروسة تؤدي في النهاية إلى الهدف الرئيسي.
لعبت الصهيونية على وتر حساس عند الجاليات اليهودية وهو ارتباط الطقوس والتقاليد الدينية بالحنين إلى أورشليم والتي لم تكن تعني إليهم أكثر من رمز ديني غير مرتبط بمنطقة جغرافية أو حيز مكاني، واستطاعت أن تحول هذا الرمز الديني في الوعي الجمعي لليهود إلى بُعدٍ جغرافي هو فلسطين – الأرض والمكان – التي تنتظر الجماعات اليهودية. وهذا الهدف لن يتحقق الا بتهجير اليهود إلى فلسطين وجعلهم يرتبطون بالأرض لتثبيتهم وخلق واقع ديموغرافي جديد في فلسطين.
كانت الصهيونية تُدرك الصعوبات التي تعترض طريقها، فرغم النفوذ الذي تتمتع به الجاليات اليهودية الاّ أن هدفها لن يتحقق الاّ بتبني دولة لهذا الهدف، ولا بد أن تكون دولة قوية ذات نفوذ عالمي.
ولما كانت فلسطين إحدى ولايات الشام العثمانية فقد اتجهت أنظار الحركة الصهيونية بداية إلى تركيا لانتزاع موافقة بهجرة اليهود إلى فلسطين ولكنها جوبهت برفض من السلطان عبدالحميد، وبذلك فشلت هذه المحاولة. (جرت في هذه الفترة محاولات استيطان يهودية محدودة في فلسطين كان عرابها منتيفوري).
كانت الحرب العالمية الأولى هي الحدث الذي تلقفته الصهيونية واستطاعت استغلاله بطريقة ذكية. فهذه الحرب ستضع نهاية للأمبراطورية العثمانية - الرجل المريض - الذي ينتظر شهادة الوفاة، وهذه الشهادة ستصدرها القوى المنتصرة في الحرب.
لقد استطاعت الحركة الصهيونية من استغلال الأوضاع العسكرية والمناورات السياسية خلال الحرب العالمية الأولى لتُجيّر الأحداث لصالحها نحو تحقيق الهدف الذي تم صياغته في مؤتمر بازل بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وكان صدور وعد بلفور هو الوثيقة التي كانت الحركة الصهيونية تطمح في الحصول عليها. جاء وعد بلفور تتويجاً لأحداث ساهمت في إصداره وتبنيه.
أولاً: كانت الحركة الصهيونية على علم باتفاقية سايكس بيكو بين بريطانيا وفرنسا وبمشاركة روسيا (التي انسحبت منها ونشرت وثائقها بعد الثورة البلشفية) لتحديد مناطق نفوذ الدولتين في غرب آسيا بعد انتهاء الحرب، وقد وقعت الاتفاقية في 6 كانون ثاني 1916م. أي أن الحركة الصهيونية كانت تعرف مسبقاً بوقوع فلسطين تحت النفوذ البريطاني بعد انتهاء الحرب ولذلك لا بد من استغلال ظروف الحرب للحصول على وعد من بريطانيا لأنشاء وطن قومي في فلسطين.
ثانياً: كانت الحركة الصهيونية على علم بالأوضاع الخطيرة للحلفاء في أوروبة كما ذكر اللورد ادوارد كافنديش الذي شارك كعسكري في الحرب، فالخسائر كبيرة على الجبهة الروسية، وكان الحلفاء يطمحون – وخاصة بريطانيا – إلى تحقيق أمرين: وهما، انسحاب الروس من الحرب واعلان الولايات المتحدة الحرب على دول المحور.
من أجل هذين الهدفين فقد وثّقت بريطانيا علاقتها بالحركة الصهيونية وتبنت مطالبها حتى تُساعد الحركة الصهيونية في تحقيق الأهداف البريطانية من خلال علاقتها بالجاليات اليهودية في روسيا والولايات المتحدة. بالنسبة للجبهة الروسية التي كانت تعاني من خسائر كبيرة وانهيار دفاعاتها فقد استغلت الصهيونية احد أهم الشعارات التي رفعتها الحركة الثورية في روسيا وهو شعار السلام والخروج من الحرب سيمّا وان اليهود كانوا يحتلون مراكز قيادية في الحزب البلشفي.
ونظراً لما تتمتع به الجالية اليهودية من نفوذ مالي وسياسي في الولايات المتحدة فقد كانت بريطانيا تطمح في أن تؤثر الجالية اليهودية في السياسة الأمريكية بإعلان الحرب على دول المحور وهذا ما نجحت فيه.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة بدأت السياسة البريطانية كعادتها اللعب على كل الحبال الممكنة. وبعيداً عن العلاقات والوعود البريطانية للحركة الصهيونية لتحقيق الأهداف المذكورة سابقاً، فقد اتجهت أنظار بريطانيا إلى الممتلكات العثمانية في الشرق، ومن أجل ذلك اتصلت بالشريف حسين ودعمته لأعلان الثورة.
كانت بريطانيا تدرك المصالح المتضاربة لهذين الطرفين العرب والصهيونية، ونتيجة لما كانت تعانيه بريطانيا من متاعب الحرب فإنها كانت على استعداد لمنح الطرفين (العرب والصهيونية) ما يريدانه من وعود تلتزم بتحقيقها. ولذلك عمدت إلى طمأنة الشريف حسين بإنشاء مملكة عربية تمتد من شواطئ الخليج العربية وحتى شواطئ البحر المتوسط كما وردت هذه الوعود في رسائل حسين-مكماهون. أما الجانب الصهيوني فكان لا بد من طمأنته حول مساعدة بريطانيا في تحقيق حلم الصهيونية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وذلك بإصدار التزام تم التعبير عنه بوعد بلفور الذي صدر في 2 تشرين الثاني عام 1917م مقابل أن يستخدم اليهود نفوذهم في أمريكا لدخولها الحرب.
لم يكن للعرب في ذلك الزمان خبرة في السياسة الدولية والاعيبها ولجؤ الدول إلى الدسائس والكذب لتمرير السياسات التي تحقق مصالحها، وكانت النتيجة هو الوثوق بالوعود وتقدير الصداقة والتي تفرضها الاخلاق البدوية وقيم الصحراء البريئة، فتنصلت بريطانيا من وعدها ومارست السياسة في ابشع صورها وكانت النتيجة نفي الشريف حسين بدل أن يصبح ملكاً على العرب كما وعدوه. كانت بريطانيا تعرف مُسبقاً أنها ملتزمة أمام فرنسا باتفاقية سايكس بيكو التي ابرمتها سراً مع فرنسا (كانت روسيا جزءاً من الاتفاقية ولكنها انسحبت منها بعد الثورة ونشرت نصوصها) في 6 كانون ثاني 1916م لتقسيم إرث الأمبراطورية العثمانية لأراضي بلاد الشام والعراق.
كانت بريطانيا تدرك أن وعد بلفور لا قيمة قانونية له في العرف الدولي لانه عبارة عن رسالة من وزير خارجية دولة إلى منظمة ليس لها صفة دولة وبالتالي لا يترتب على بريطانيا أية مسؤليات قانونية لتنفيذه، حيث أن الالتزامات والمواثيق تُبرم بين دول لها صفة قانونية. ولكن الحركة الصهيونية التي ادركت هذا الأمر مبكراً اخذت تبحث عن وسيلة تُلزم بريطانيا بهذا الوعد، ولهذا بدأت العمل على الساحة الدولية لربط بريطانيا بتحالفات دولية بحيث تكون مجبرة على تنفيذه.
ساعدت الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة الامريكية على قيام امريكا باعلان الحرب على دول المحور في 6 نيسان 1917م، وفي نفس هذا الشهر زار بلفور الولايات المتحدة لحث اليهود الامريكان على استمرار تقديم دعمهم لبريطانيا في الحرب ومساعدتها في فلسطين. لقي بلفور استقبالاً حاراً في البيت الأبيض والذي كان وراءه لويس برانديس Loius Brandies عضو المحكمة العليا ومكان ثقة الرئيس الأمريكي ويلسون والذي كان في نفس الوقت احد زعماء المنظمة الصهيونية في امريكا Zionist Organization of America ZOA. لقد أبدى بلفور أمام برانديس اعجابه باليهود الذين عانوا في تاريخهم من قبل البابليين والرومان ولاسامية الأروربيين ولذلك فهو مهتم بتصحيح هذه الأخطاء التي عانوا منها، حيث ذكر "إن قلقي ببساطة أن اجد بعض الوسائل التي من خلالها وضع نهاية للواقع المخيف لنسبة كبيرة من العرق اليهودي". وخلال حملته الانتخابية قال "إذا كان ضروري ايجاد وطن للشعب اليهودي فمن العبث البحث عن مكان غير فلسطين"، وقبل أن يُغادر أمريكا أعلن بلفور "أنني صهيوني"، وقدم لليهود ما كانوا يحلمون به.
عندما تقابل بلفور وبرانديس كانت المعلومات قد ارسلت إلى برانديس من المنظمة الصهيونية في لندن بأنهم قد تباحثوا مع الحكومة البريطانية في اعلان التزام بما يفكر فيه اليهود ولذلك فإن برانديس تجاوب ايجابياً مع هذه المعلومات وأخبر بلفور بدعم المنظمة الصهيونية في امريكا وفرع المنظمة الصهيونية في بريطانيا لسيطرة بريطانيا على فلسطين بغطاء قانوني. ولا بد أن نذكر في هذا المقام أن الأمور لم تكن سهلة امام المنظمة الصهيونية لأن قسماً كبيراً من اليهود الامريكان كان من اصول المانية وبالتالي كان هناك نوع من التعاطف مع المانية. كما كان شك لدى بعض الصهيونيين أن الألمان ربما كانوا على استعداد لدعم أهداف الحركة الصهيونية بشكل سري بحيث لا يؤثر هذا الدعم على علاقات التحالف مع الدولة العثمانية وعلى المصالح الألمانية في الأمبراطورية العثمانية، ولقطع الطريق على هذه المحاولات كان من مصلحة الحركة الصهيونية الاستعجال في إعلان أمريكا الحرب على دول المحور.
وعندما قابل بلفور الرئيس الأمريكي ويلسون لم يتطرق إلى الوضع في فلسطين حسب وثائق الخارجية الأمريكية، ولكن برانديس وعندما اطلع على مسودة أعلان بلفور تحدث مع الرئيس حول هذا الموضوع في 4 ايار وثانية في 6 ايار حيث التمس منه دعم بريطانيا في إصدار وعد لليهود وتأييد سيطرتها على فلسطين، كان تأيبد الرئيس بشكل متكتم وقد فهم برانديس ذلك وأبلغ الحركة الصهيونية وبلفور بأن الرئيس مستعد لدعم هذين المطلبين.
كان الرئيس ويلسون مسيحي أصولي من العقيدة المشيخية والتي تؤمن بأن فلسطين هي الوطن الذي يجب أن يجتمع فيه اليهود لتحقيق نبؤة القدوم الثاني للمسيح. ولكن الأوليات بين ويلسون والحركة الصهيونية كانت مختلفة، فبينما كان إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين أولوية للحركة الصهيونية، فإن هذا الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلى الرئيس ويلسون. فكرئيس للولايات المتحدة الأمريكية كان على نيلسون أن يعالج أموراً تتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية والتي تُمثل بالنسبة إلية أولويات. ففي الجبهة الداخلية كان عليه أن يُعالج القانون الفيدرالي لاقراض المزارعين وقانون عمل الأطفال واقرار ثماني ساعات عمل للعمال. أما في مجال السياسة الخارجية فبالاضافة إلى علاقات أمريكا المتوترة مع المكسيك واليابان كانت هناك الحرب في أوروبة وكيفية تحقيق النصر. لقد أدركت الحركة الصهيونية هذه الأمور ولذلك ركزت كل جهودها على بريطانيا لاصدار الوعد الذي كانت تحلم به.
كان وعد بلفور، كما ذكرنا، هو حدث نتيجة للعصر الذي ظهر فيه وهو عصر الحرب العالمية الأولى وتقسيم ممالك الدولة العثمانية. كان العالم الغربي ينظر إلى فلسطين بأنها جزء من العالم المسيحي-اليهودي الغربي وقد احتلت من قبل الاتراك حيث حولوها إلى قفار يابسة وإن احتلال بريطانيا لها هو التحرير الثاني لها (الأول كان عندما قامت حملات الفرنجة لتحرير القدس من المسلمين)، وقد ركزت الحركة الصهيونية على واقع أن أراضي فلسطين أصبحت صحراء تحت الحكم العثماني وسكانها الترك المسلمين قليلين وهي تنتظر اليهود ليحولوها ثانية إلى الأرض التي تدر لبناً وعسلاً.
كانت مثل هذه الأفكار هي السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث ساهمت المقالات التي ظهرت في كبريات الصحف الأمريكية في تلك الفترة بتشكيل الرأي العام الأمريكي لدعم مزاعم الصهيونية في فلسطين وقد بيّن ذلك بوضوح لورانس دافيدسون في كتابه "فلسطين الأمريكية: الفهم الشعبي والرسمي من وعد بلفور وحتى الدولة الاسرائيلية".
رغم جهود الحركة الصهيونية واتصالاتها العديدة في اوروبة وأمريكه للحصول على هذا الوعد من بريطانيا الاّ أن مرحلة التحضير له وحتى بعد صدورة لم تكن سهلة وواجه هذا الوعد معارضة حتى من قبل اليهود انفسهم. كانت المعارضة تتمثل في الحركة البروتستانتية والتي لها ارساليات ونشاطات في سوريا الكبرى ومن ضمنها فلسطين وكذلك من بعض المنظمات اليهودية.
جاءت المعارضة الأولى لوعد بلفور من اليهود في بريطانيا. فقد اصدرت اللجنة الخارجية المشتركة لمنظمتين يهوديتين في بريطانيا وهما: لجنة النواب اليهود الانجليز والمنظمة اليهودية الانجليزية بياناً جاء فيه "إن آفاق البرنامج الصهيوني الذي يهدف لاستثمار المستوطنين اليهود في فلسطين وتمتعهم بحقوق خاصة تفوق الآخرين، سيكون مصيبة وكارثة لكل الشعب اليهودي الذي يؤمن بضرورة سيادة مبدأ الحقوق المتساوية لكل الطوائف. إن هذا الاقتراح ككل غير مقبول بسبب احتمال أن يظل اليهود لفترة طويلة أقلية بين شعب فلسطين مما يورطهم في عداء مع جيرانهم واصحاب الديانات الأخرى". كذلك، ابدت بعض المنظمات اليهودية وقادة يهود معارضتهم لانشاء وطن قومي حيث يؤثر ذلك على وضع اليهود في الدول التي يعيشون فيها وعلى الحقوق المدنية التي يتمتعون بها حيث ولائهم للدولة التي يعيشون فيه يصبح أمراً مشكوكاً فيه. ونتيجة لهذه الآراء فقد ذكرت صحيفة لندن تايمز في 8 حزيران 1917م أن السير ديفيد الكساندر رئيس لجنة النواب اليهود وأعضاء آخرين قد قدموا استقالاتهم من المنظمة (والتي يتمتع بعضويتها ايضاً روتشيلد الذي وجه بلفور إلية الرسالة لاحقاً) لأن العضوية فيها تحتم الرفض العميق لمثل هذه الآراء. كذلك، أبدى معارضة لوعد بلفور اللورد ادوين مونتاغو العضو اليهودي في الحكومة البريطانية.
أما الارساليات التبشيرية الامريكية فقد جاءت معارضتها بطريقة غير مباشرة وذلك عن طريق معارضتها اعلان الحرب على دول المحور ومن ضمنهم تركيا حيث لهذه الارساليات مصالح ضخمة في منطقة الشرق الادنى التابعة للدولة العثمانية واعلان الحرب يعرض هذه المصالح للخطر والمصادرة. ولمحاولة تفادي هذا الأمر تم اقتراح باستثناء تركيا من اعلان الحرب.
ورغم هذه المعارضات فقد استطاعت الحركة الصهيونية التمهيد لاصدار وعد بلفور وبذلك حصلت على وثيقة تعتبر ضرورية ولكنها غير كافية للشروع في انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، حيث أن نقاط الرئيس الامريكي ويلسون الاربعة عشر نقطة تحتوي على نقطة هامة تتعلق بحق تقرير المصير للشعوب. وقد ادركت الحركة الصهيونية مبكراً هذا الأمر وبدأت التحضير للالتفاف عليه. وتمثلت هذه المحاولات في اطلاق زعم أن شعوب المنطقة العربية غير مؤهلة الآن لحكم نفسها وتقرير مصيرها، ولذلك لا بد من فترة زمنية لتأهيلها لهذا الأمر. وهنا تفتقت الذهنية الاستعمارية وتلاقت مع احلام الصهيونية باختراع مفهوم الانتداب لمثل هذه الشعوب، وبالتالي ضمنت الصهيونية تفويض بريطانيا بالانتداب على فلسطين وهكذا بدأت مسيرة الصهيونية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
نستنتج مما سبق أن صدور وعد بلفور كان انسجاماً مع المصالح البريطانية اثناء الحرب، ولو كان للعرب حضوراً دولياً وعلاقات لاستطاعوا أن يلغوا الوعد بعد انتهاء الحرب عن طريق تعريض المصالح البريطانية في الشرق إلى الخطر. أما الدول الأوروبية فقد تغاضت عما يمكن أن يسببه هذا الوعد لسكان فلسطين لأن الهجرة تخلصهم من مشكلة اليهود في أوروبة ووصف اللاسامية الذي ارتبط بهم، ولاحقاً، فقد كانت السياسة الأوروبية تتمحور حول دعم اليهود في أي مكان لانشاء دولة لهم بشرط أن تكون خارج أوروبة. وهكذا دفع الفلسطينيون الثمن وحلت أوروبة مشاكلها على حسابهم وحافظت بريطانيا على مصالحها ولو إلى حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب