الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح الطرف الثالث

ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)

2021 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في القانون هناك طرفين في الدعوى المقامة، المدعي والمُدَّعًى عليه . وكذلك في العقود . وهناك طرف ثالث اذا وجدت حاجة او مصلحة في دخوله . ولكل طرف من هذه الاطراف حقوق والتزامات ، وعند اخلال اي طرف بالتزاماته فعليه عقوبات او اجراءات معينة منصوص عليها بالقانون او بالعقد .
وفي المجتمع هناك طرف ثالث يصلح بين الطرفين المتنازعين بالخير . 
اما بالسياسة فهناك طرف ثالث يكون غامضا ، ويذكر للدلالة على العمل السئ الذي تقوم به جهة مجهولة الهوية .

وفي العراق شاع اسم الطرف الثالث في انتفاضة تشرين 2019 . لالقاء اللوم عليه في قتل المتظاهرين والناشطين ضد الفساد السياسي والاداري والعمالة للاجنبي . 
وكانت حكومة عادل عبد المهدي سيئة السيط وابواقها المأجورة ، ومن وراءها الميليشيات الولائية تبرر غدرها بابناء الشعب بالقاء التهم على طرف مجهول سمته الطرف الثالث ، للتخلص من المسؤولية القانونية والجنائية في استخدام العنف المفرط لقمع المظاهرات واغتيال الناشطين . 

ثم اصبح الطرف الثالث يستهدف القوى الأمنية تارة ، والمتظاهرين تارة اخرى .

وكلما أُرِيد نكران اي عمل سئ او شنيع ذكر الطرف الثالث فاصبح شماعة جاهزة في كل وقت للتملص من المسؤولية .

وهكذا اصبحت الحكومة ومن وراءها الاحزاب الحاكمة غير  قادرة على الاستغناء عن نظرية الطرف الثالث ، حتى صار جزء من هويتها .

وهذا ماشاهدناه ايضا في ادعاءات تزوير الانتخابات الاخيرة ، فهناك طرف ثالث تسبب في خسارتهم الفادحة بالانتخابات !

وفي محاولة اغتيال السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي باطلاق اربعة صواريخ على داره . تنصلت الميليشيات الولائية من مسؤوليتها عنه، رغم تهديداتها السابقة له ، فتم القاء اللوم والمسؤولية على الطرف الثالث !

وهكذا فعند كل وضع حرج للميليشيات ، يظهر لنا الطرف الثالث لتحميله المسؤولية .
حتى اصبح الطرف الثالث شبحا  يهدد الوضع السياسي والاجتماعي في العراق . فكل المهمات والاعمال القذرة للميليشيات تعزى الى الطرف الثالث . ابتداء" من قتل وخطف المتظاهرين والنشطاء السياسيين ، وليس انتهاء" بالتآمر على رموز الدولة بوضح النهار . 

ان تحميل الطرف الثالث المجهول للمسؤولية مرارا وتكرارا للتخلص من التبعات القانونية يؤكد مدى الانحطاط والتعامل اللااخلاقي واللاانساني من قبل الميليشيات المنفلتة التي تصول وتجول تحت مسميات وطنية او مقدسات دينية . ويظهر مدى هزال الدولة وضعف الامن العام وسلطة القانون .
وممازاد الطين بلة الفساد السياسي والاداري وانتشار الرشوة والمحسوبية والتهديد بالسلاح . اضافة الى فسح المجال للتدخلات الدولية والاقليمية في الشأن العراقي .

كل هذه المعطيات والكوارث سببها الرئيس تعدد مراكز القوى وميليشياتها ، وماينتج عنها من تعدد مصادر القرار ، الذي ادى الى فقدان هيبة الدولة .
ان عدم احتكار الدولة  للقوة المسلحة (على وفق العالم الاجتماعي ماكس فيبر)  ، قد تسبب في التطاول عليها من قبل جهات تحمي نفسها بقوة السلاح ، وتحميل الطرف الثالث للمسؤولية عن كل الاعمال العدائية والمنافية للقانون ولحقوق الانسان .

ان شبح الطرف الثالث سيظل يلاحق مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء ، طالما هنالك ميليشيات وسلاح منفلت خارج اطار الدولة ، مع غياب سيادة القانون والافلات من العقاب .

  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح