الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤرخ الجزائري: على من تقرأ زابورك يا...؟

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 11 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


رحل مؤخراالمؤرخ الجزائري خليفة بن عمارة، رحل في صمت مخلفا وراءه أسئلة حارقة حول الخلل الذي يطبع وضعنا السياسي في علاقته بالعقول المنتجة للمعرفة، وبمنتوجها المعرفي الذي يطاله النسيان واللامبالاة.يتساءل صديقه وابن بلدته الكاتب بوداود عمير: "لو سألت، من يعرف المؤرخ والروائي الجزائري خليفة بن عمارة؟ربما لا يعرفه أحد، ما عدا بعض المثقفين من سكان مدينته العين الصفراء؛ لذلك عندما يتحدّث الناس بمرارة عن المركز والهامش، عن ظلم الجغرافيا، واللاعدالة في إتاحة الفرص؛ فإنهم يتحدثون عن دراية ومعرفة، وأمثلة واقعية". وخليفة بن عمارة بالمناسبة هو من ذات الجهة التي ينحدر منها رئيس الجمهورية الحالي السيد عبد المجيد تبون.

قبله رحل المؤرخ الجزائري/الفرنسي عمر كارلي، ووضعه في الجزائر لم يكن أفضل من الراحل خليفة بن عمارة، وإذا كان هذا الأخير ضحية بعده عن المركز حيث عاش في الجنوب بمدينته عين الصفراء عاكفا على البحث والتقصي فيتاريخ منطقة الجنوب الغربي الجزائري التي ألّف حولها مجموعةً من الدراسات التاريخية؛ من بينها "السيرة البوبكرية" (2002)، و"لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري منذ الأصول الأولى إلى غاية الفتوحات الإسلامية" (2002)، و"إيزابيل إيبرهارت والجزائر" (2008)، و"لمحة حول التنوّع الثقافي والبيولوجي لمنطقة عين الصفراء" (2008). لم تحظ أعماله بالانتشار وبقيت طي الصمت واللامبالاة بسبب سياسة التمركز التي انتهجتها الدولة/القارة منذ أن استقلت وبقي استقلالها مصادرا فيالعاصمة التي احتكرت كل شيء، وحرمت الجهات من الحد الأدنى من الأوتونوميا. وإذا كان خليفة بن عمارة ضحية التدبير السياسي المركزي والممركز، فإن عمر كارلي كان ضحية هجرته إلى فرنسا بعد أن اضطر في بداية العشرية السوداء إلى مغادرة الجزائر مرغما واستقر بفرنسا حيث عكف على إنجاز اطروحته المكونة من خمس مجلدات تحت عنوان "التنشئة الاجتماعية السياسية والتثاقف حول الحداثة: حالة الوطنية الجزائرية من نجم شمال افريقيا إلى حزب جبهة التحرير الوطني , 1926 -1954"، وقد جمع فيها حوصلة المئات من الحوارات مع مناضلين من حزب الشعب الجزائري وجبهة التحرير الوطني، معتمدا على التحقيق الميداني والتنقل بين مختلف مناطق الوطن والتركيز على مفهوم "أماكن التنشئة الاجتماعية" في بلورة الوعي السياسي على غرار العائلة والحي والمقهى الشعبي والنوادي الرياضية وأفواج الكشافة.

ليس هذين المؤرخين سوى عينة، وما ينطبق عليهما ينسحب على أغلب المثقفين ولاسيما على أولئك الذين خانهم الحظ أو خانهم وسطهم الاجتماعي فضحوا بالمناصب وبما يملكون من جهد، ونذروا أنفسهم للبحث والتفكير والكتابة في غياب أدنى اهتمام لا على المستوى المحلي ولا الوطني. فالدولة التي لم تتأسس على "عقل" يتغذى من كل منتوج معرفي محلي أو عالمي فهذا يعني أنها "دولة بلهاء"، فالدولة الناجحة والذكية هي التي توفر الإمكانات المادية والمعنوية للعقول المنتجة، وإلا ذهب مجهود هذه العقول لمن يستحقه من البلدان التي تحترم نفسها.

يبدو الوضع مختلا حتى لدى فئة من المثقفين الذين يتحينون الفرص ليجهزوا على زملائهم، كلما نبغ أحدهم استنفروا كل ما لديهم من "وطنية" بهدف تبخيسه أو شيطنته والحط من قدره، مثلما حدث مؤخرا مع الأستاذ عبد المالك مرتاض الذي فاز بجائزة العويس والأستاذ الزاوي أمين الذي فاز بوسام الاستحقاق.

إن حقوق الشعوب والأفراد لا تكتمل إلا بتفعيل المفاهيم والمرجعيات الكونية المؤسسة للدولة، وبالحقوق المحلية للجهات في تدبيرها الذاتي لشؤونها بعيدا عن وصاية العاصمة كما هو حال عدد لا يحصى من البلدان حتى تلك التي تتوفر على مساحة صغيرة. فالجزائر تتربع على مساحة من المستحيل أن تدير مجالها الترابي سياسة ضيقة لا تفكر أبعد من أنفها. لكن أين نخب هذه الجهات؟ هنا يكمن الخلل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير