الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امريكا و السودان هل تنجح سياسة الترغيب و الترهيب ؟؟؟

عبير سويكت

2021 / 11 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


عبير المجمر(سويكت)

امريكا و السودان.


مواصلةً لسلسلة القراءة التحليلية لإحداث ما بعد 25 أكتوبر فى السودان.

الجزء الثالث

زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركية للسودان اليوم الثلاثاء الموافق 16نوفمبر 2021، كانت قد إثارت إهتمام الجميع داخليًا وخارجياً، حيث ترقب البعض ماذا ستكون خيارات امريكا تجاه السودان او بالتحديد البرهان و موقفه الذى وصفته امريكا بالانقلابى ؟.

و جاء رد رئيس المجلس السيادى السودانى البرهان على هذه الزيارة مؤكدًا على الآتى:
التأكيد على عدم معارضته لعودة د.حمدوك رئيسا للوزراء لحكومة كفاءات مدنية مستقلة، حرصه و تمسكه على الحوار الشامل مع جميع القوى السودانية، تمسكه بالوثيقة الدستورية و إتفاقية جوبا للسلام، و التزامه و حرصه على انجاح الانتقال الديمقراطي، الالتزام بالوصول لانتخابات حرة نزيهة فى 2023، مكررًا عدم رغبة المكون العسكرى فى الاستمرار فى السلطة ما بعد الانتقالية، التأكيد على انفتاحهم على الحوار "بدون شروط"، و الالتزام بتأمين الفترة الانتقالية و عدم انزلاق البلاد فى الفوضى، مشيرًا الى تدخلات خارجية و قوى سياسية اثرت سلبًا على الانتقال، مشددا كذلك على أهمية الإسراع فى اختيار رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة المدنية الجديدة.

و كانت امريكا قد إتُهمت مرارًا و تكرارًا بتحيزها لرئيس الوزراء السودانى دكتور عبدالله حمدوك، و انها كانت تحاول توفير الحماية له و لمشروعه على حساب آمال و مطالب فئات سودانية عدة، كما انها لم تتردد فى أستخدام كروت ضغط على رئيس المجلس الانتقالي و القائد الاعلى للقوات المسلحة الجنرال البرهان بالترقيب و الترهيب، فالمبعوث الامريكى الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان تلى زيارته بساعات إعلان برهان حل الحكومة الانتقالية و الاجراءات التابعة لها، حيث صنف البعض ذلك بردة فعل رافضة للتدخل .
و بالرغم من ان امريكا حاولت إستخدام كروت مختلفة مع البرهان منها :
- تعليق مساعدة 700 مليون دولار.
-البيان الرباعي المشترك للولايات المتحدة والسعودية والإمارات وبريطانيا .
-حديث غير مؤكد عن مشروع قانون لفرض عقوبات على اشخاص نافذين فى الشق العسكرى …إلخ .

لكن فى ذات السياق يرى البعض أن امريكا الى جانب تاريخها المرتبط بالرق مع افريقيا، و الممارسات العنصرية، إتُصفت كذلك بالتعدى على السيادة الأفريقية بقصد او من غير قصد، بينما لم تحزو حزو دول اخرى مثل فرنسا فى أجراء مراجعات لتعاملاتها مع القارة السمراء، وتقييم تجربتها و سياساتها المستخدمة، و العمل على فتح صفحة جديدة، فقد أتسمت سياسات امريكا مع القارة الأفريقية احيانا بالتدخل السافر بالتلويح بعصا التهديد متمثلة أحيانا فى : محكمة الجنايات الدولية التى تتهرب منها هى شخصيًا ، فرض عقوبات، حظر اقتصادى،إيقاف الدعومات و المنح و المعونة، إيقاف التعاون التجاري و الإقتصادى و الاستثماري…إلخ.

و السودان كان على رأس الدولة التي عانت من مختلف أشكال الضغط الامريكى حيث وضع السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب، فرضت عليه حظر، و عقوبات اقتصادية، حرم من كل أشكال المنح و الدعم للدول النامية و الفقيرة ، و الاستثمارات إلخ.

امريكا التى تقول أنها الأولى و الأكثر حماسًا لدعم الانتقال المدنى فى السودان ، الا أنها ألزمت الحكومة الانتقالية التى تمخضت عن ثورة شباب مُهرت بدماء الشهداء و الجرحى و المصابين ، و فى ظل وضع اقتصادي و معيشي مأساوي يعيشه المواطن السودانى العاجز عن إيجاد قوت يومه، ألزمت امريكا السودان بدفع مبلغ 335 مليون دولار كتعويضات لعائلات ضحايا الهجمات على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998 التى إتهم بها تنظيم "القاعدة" آنذاك و لم تثبت المحاكم الأمريكية تورط السودان فى ذلك.
و لكن بطريقة غير مباشرة تمكنت إمريكا من إلزام السودان بالاقرار بجريمة ارهاب هو لم يرتكبها، و لكن دفع تعويضاتها و هذا يعنى اقرار بالفعل، إضافةً لالزام السودان بحمل وزر عقوبات كان من المفترض ان تسقط عن عاتقه باسقاطه للنظام المتهم بتلك الجرائم، و عليه لا يستقيم ان يورث السودان تركة النظام البائد.
و من المعلوم ان الشعب السودانى دخل فى ازمة اقتصادية كبيرة من آجل توفير مبلغ 335 مليون دولار لأمريكا، حيث اتهمت الحكومة السودانية باستنزاف رصيد العملة الاجنبية لدى الخزينة العامة السودانية ، بالإضافة لشراءها الدولار من السوق السوداء مما ادى ارتفاع اسعار الدولار الاميركي فى السودان انذاك مقابل الجنيه السودانى، و ارتفاع التضخم.

كما شاع عن إمريكا تكثيف جهودها آنذاك، و ممارسة ضغوط على الخرطوم لتطبيع العلاقات مع اسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثاني من نوفمبر حتى تكتمل عملية شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، و ربط إعفاء ديون السودان الخارجية (65) مليار دولار بهذه الأسباب مجتمعة.

و بالرغم من رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، و اعفاء بعض الديون و جدولت الجزء الأخر ، و مؤتمر المانحين و اصدقاء السودان، و مؤتمر باريس الإقتصادى لدعم السودان و اعفاء الديون الخارجية "نادى باريس " و غيرها، او بالأحرى جدولتها ، مع العديد من المنح و الدعومات من دول أوربية، و خليجية، و الإتحاد الاوربى، و الدعم الأفريقي ، إلا أن الوضع الاقتصادي فى السودان فى ظل حكومة مدنية و برئاسة خبير إقتصادي دولى د. عبدالله حمدوك لم تتمكن من الخروج من الأزمة الاقتصادية السونامية ، بالرغم من التحرر من الديون التى قيل انها كانت تكبّل حركة ميزان المدفوعات.
و بالرغم من حديث لجنة تفكيك التمكين و محاربة الفساد عن استردادها لاراضي، و عقارات، و أموال طائلة، إلا ان ذلك لم ينعكس على معاش المواطن السودانى البسيط، الذى لا يزال يعانى الويلات من وضع اقتصادى متأزم انعكس على وضعه المعيشي المأساوي، و إنعدام أساسيات الحياة من المأكل "قفة الملاح"، و انعدام الادوية المنقذة للحياة مع أرتفاع اسعار الدواء بصورة خيالية، و رفع الدعم عن الأساسيات تنفيذًا لروشتة إمريكا و مؤسساتها القابضة، و عودة صفوف البنزين، و الخبز، مع إرتفاع خيالي فى الأسعار، و تدهور كارثى لسعر الجنيه السودانى مقابل الدولار.

بالرغم من رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لم يشهد السودان تدفق أستثمارات أجنبية تساعد على إنعاش الاقتصاد السودانى و بالتحديد من امريكا ، كما ان التركيز كان فقط على تنفيذ الروشته الدولية دون بذل ادنى مجهود لتحريك عجلة الإنتاج والصناعة ، زيادة الصادرات ومن ثم زيادة حصيلة النقد الأجنبى من الصادرات، .

فى ذات الصدد الدعومات و المنح الخارجية لا علم للشعب السودانى فيما صرفت!!!، فى الوقت الذى طالب فيه السودانيين بعدم اعطاء أموال مباشرة للحكومة، و يفضل ان تكون فى شكل دعم غير مباشر "ماليًا"، عن طريق إنشاء مشاريع و أستثمارات أجنبية فى السودان توفر فرص عمل للشباب، و تقلل من العطاله و البطالة بينهم و هم الشريحة المفجرة للثورة، و من اجل ان ترفع من قدراتهم، و تحرك مهاراتهم، و بالتالى تقلل من نسبة الفقر ، و تدر على السودان برصيد النقد الأجنبي و سد ثغرة الميزان التجاري، و لكن حدث العكس نسبةً لسوء ادراة أفراد الحكومة المدنية المعزولة.

و يبقى السؤال قائما : ماذا استفاد السودان من التحسين الشكلي لعلاقته مع امريكا، و رفعه من قائمة الدول الراعية للارهاب؟ و جدولت الديون و اعفاء بعضها؟، و تنفيذه لروشتة صندوق النقد الدولى ؟ماذا جنى السودان من ذلك؟مع سوء إدارة أفراد الحكومة المعزولة ، و ماذا سوف يخسر السودان بخسارة رضا امريكا عنه، مع استمرار الفشل الادراى فى السودان؟.

علمًا بان السودان و فى ظل الحظر الاقتصادى و الضغوطات الأمريكية تمكن من المضى قدما ، و اتجه لمعسكرات اخرى مثل (روسيا، الصين)، و تبادل تجارى ناجح مع دول الخليج و غيرها من الدول الاخرى.
و أين السودان الآن بعد دفع ملايين الدولارات كتعويضات لامريكا و تنفيذ روشتاتها السياسية و الادراية و الاقتصادية؟.

و هل المدنية و الديمقراطية فى السودان ترتبط بقوى سياسية بعينها؟ او اشخاص بالتحديد ؟.

و هل تربط امريكا علاقتها بالسودان باشخاص بعينهم ؟ ام توسيع قاعدة المشاركة بقيام حكومة كفاءات "مدنية "مستقلة غير حزبية ، و انتقال سياسى سلسل يفضى الى انتخابات نزيهة ديموقراطية، و يحفظ السلم و السلام الدوليين، و إستقرار المنطقة و آمنها ؟.

و أين امريكا الآن مما يحدث فى أثيوبيا الشقيقة ؟ أيهما فى أمس الحاجة للتدخل السريع : السودان ام أثيوبيا ؟.

نواصل للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق