الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار حول ظاهرة العنف صلب المؤسسة التربوية وضدها.

علي الجلولي

2021 / 11 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


أثارت حادثة الاعتداء العنيف على الأستاذ الصحبي بن سلامة من قبل تلميذه في معهد ابن رشيق بضاحية الزهراء (ولاية بنعروس) يوم الاثنين 8 نوفمبر 2021 جدلا قديما متجددا حول ظاهرة العنف سواء داخل المجتمع أو صلب المؤسسة التربوية ذاتها التي طالما اعتقد البعض خاطئين أنه بمعزل عن هذه الظاهرة الاجتماعية المتصاعدة. وقد اختلفت وجهات النظر وتعددت بما فيها حول مطلب سنّ قانون لتجريم الاعتداءات ضد المؤسسة التربوية ومنتسبيها.
وبعيدا عن التعاطي الانفعالي والمتشنج الذي يسقط فيه حتى جزء من المدرسين تحت وطأة نزعات القطاعوية (corporatisme) التي أصبحت ظاهرة بارزة للعيان عند أغلب القطاعات إن لم نقل كلها بما فيها قطاعات النخبة إن لم تكن هي (أي قطاعات النخبة) الأشد انخراطا فيها بل والأكثر إنتاجا وإعادة إنتاج لها. وهذا في حد ذاته يصلح بل يجب أن يكون موضوع دراسة وتمحيص. بعيدا عن كل هذا وجب مزيد الانكباب على فك شفرات ظاهرة العنف في الوسط المدرسي الذي شهد مع حادثة معهد الزهراء منعرجا في أساليبه وأشكاله ودرجته حتى أن عديد القانونيين يصفون ما حدث بكونه شروعا في القتل وليس مجرد عنف ولا حتى ممارسة لعنف شديد. إن هذه الحادثة يجب أن تكون منطلقا لصفارات إنذار لا بالمعنى الردعي سواء التأديبي أو الأمني أو القضائي، فهذه المعالجات (على ضرورتها) تبقى في تقديرنا قاصرة عن تقديم معالجة جذرية للظاهرة التي تعرف اليوم تمددا أفقيا وعموديا رهيبا. وصفارات الإنذار يجب أن تنطلق من صياغة فهم وتفسير موضوعي وعلمي يكون خطوة أولى نحو بلورة معالجة متكاملة الشروط ومستوفية لكافة أوجه هذه الظاهرة. دُونًا عن ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة رافعين عقيرة الصياح بمناسبة كل اعتداء يحدث في هذه المؤسسة التربوية أو تلك ثم سرعان ما نعود لحياتنا اليومية الرتيبة.
1- العنف ظاهرة اجتماعية.
لا يكاد مجتمع من المجتمعات ماضيا وحاضرا يخلو من مظاهر العنف المختلفة، فالعنف هو ظاهرة اجتماعية تاريخية ولدت في المجتمع الإنساني يوم ولد الصراع بين البشر ويوم تورّط المجتمع مع نفسه في الانقسام إلى طبقات متقابلة. وقد شهدت المجتمعات في تاريخها الطويل أشكالا متعددة من العنف سواء المادي منه أو المعنوي والرمزي. ومرّ كل شكل من الأشكال بسيرورة تغير وتبدل طالت الشكل كما المضمون. ولئن اتجه القانونيون إلى تقسيم العنف إلى "عنف شرعي" تحتكره الدولة ومؤسساتها وآخر "لا شرعي" يمارسه الأفراد والجماعات من خارج المؤسسات القانونية القائمة، فان الدراسات الاجتماعية والنفسية والفلسفية اتجهت أكثر نحو محاولة فهم الظاهرة وسبر أغوارها والكشف عن دلالاتها وسياقاتها عند مختلف الجهات والأطراف المجتمعية وانتهت إلى أن العنف أنواع، فمنه المادي الذي يتمثل في الإيذاء البدني بدرجاته المختلفة، وفيه المعنوي والرمزي والنفسي الذي يتجلّى في ضروب الاهانة والتمييز والحط من الشأن والمس من الاعتبار والكرامة. واعتبرت أغلب المدارس ذات الخلفية الاجتماعية أن العنف " ليس متأصلا في الطبيعة الإنسانية" كما ذهبت إلى ذلك بعض المقاربات الفلسفية والأنتربولوجية، فالإنسان ليس شريرا/عنيفا بطبعه ولا خيرا بطبعه (1)، بل هو (أي الإنسان) في سلوكه وأفعاله كما مزاجه وأفكاره هو نتاج وضعه المادي والاجتماعي والتاريخي. كما انتهت إلى أن الفكرة الرائجة حول كون العنف المادي هو الأكثر قسوة وامتهانا للكرامة هي فكرة غير صحيحة، فكثيرا ما يكون الإيذاء المعنوي والنفسي أشد وطأة وإيذاء، كما أن اعتبار الفعل العنيف هو فقط ما يصدر عن الآخر/البعيد، وأن ما يصدر عن الآخر/القريب ليس عنفا بل هو "تربية وتكوين"، وهذا القريب هو الوالدين والأقارب والمربّي في المؤسسة التعليمية من الحضانة إلى المعهد هي فكرة خاطئة ومتهافتة ومضرّة. إن العنف هو ممارسة إنسانية صرفة باعتبار طرفاها (المعتدي والمعتدى عليه) هما عضوان اجتماعيان لذلك فان أسبابه هي بالضرورة اجتماعية تتعلق بتنظيم التعالق صلب المجتمع. والعنف ليس محتكرا فقط من قبل الدولة بل هو أيضا مُحتكر من قبل العائلة التي تلتجأ إليه لفرض الانضباط والتربية الاجتماعية، وهو مُحتكر أيضا من قبل المؤسسة التربوية كجهاز من أجهزة الدولة وكامتداد اجتماعي/ثقافي للعائلة التي لا ترى مانعا في استعماله من قبل فاعلي المدرسة (المعلم) بل هي تشجعه عليه. وقد عرفت الظاهرة العنفيّة تحولات كبرى كجزء من تحولات المجتمع وتزع الأدوار صلبه. ولئن تتجه اليوم أغلب المدارس التربوية والبيداغوجية إلى رفض العنف المادي الذي انبنت عليه المدرسة القديمة طوال تاريخها الذي ربط بين التعلّم والعقوبة، ولئن نصصت النصوص القانونية والحقوقية المعاصرة على نبذ كل أشكال العنف الممارس ضد الإنسان عموما وضد الطفل(ة) خصوصا، فان الممارسة التربوية ظلت تحتكم بهذا القدر أو ذاك لأشكال العنف المختلفة، بل أن مقاربات سوسيولوجية وأيضا ديدكتيكية اتجهت إلى أن جوهر فعل التمدرس مرتبط بأشكال معقدة وغير مرئية من العنف الرمزي والإيديولوجي و من أبرز من ذهب هذا المذهب الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو (2)، بل أن المدرسة هي فضاء لإعادة إنتاج الأشكال الأكثر فضاعة للعنف من خلال صناعة العقل والتفكير على الشاكلة التي يريدها المجتمع بمنظومة مصالحه وغاياته السائدة. إضافة إلى ذلك فان المدرسة كفضاء اجتماعي تنعكس صلب صفوفها كل مظاهر العنف المتصاعدة في المجتمع وفي الأسرة.



2- العنف في الوسط المدرسي جزء من عنف المجتمع.
يتفق طيف واسع من الدارسين إن لم نقل كلهم أن العنف هو ظاهرة اجتماعية لا يخلو منها مجتمع مهما كانت درجة تقدمه، لكن هذا الإقرار لا يُستتبع دائما بقراءة اجتماعية لمختلف أوجه هذه الظاهرة، بل كثيرا ما يسقط العديد في معالجة أخلاقية للسلوك العنيف، أي بردّ هذا الفعل إلى أسباب تتعلق بأخلاق الفرد وتربيته الذاتية التي تتسم بانعدام الوازع الأخلاقي والديني لذلك يكون الحل في المعالجة الفردية ذات المضمون الردعي التأديبي أو الأمني أو القضائي. إن هكذا قراءة تبقى في تقديرنا قاصرة وعاجزة سواء عن تقديم تشخيص سليم للظواهر العنفيّة بما يترتب عنه تقديم وصفات لا تكتفي بعدم تقليص العنف، بل تساهم في اتساع نطاقه ومزيد انتشاره. ولما كانت المؤسسة التربوية فضاء من فضاءات المجتمع غير منفصلة عنه و لا هي متعالية عنه، بل هي في قلبه ورحمه. فهذه المؤسسة من خلال فاعليها ومكوناتها هي انعكاس حيّ لكل طبقات وفئات المجتمع، الطبقات الاجتماعية والفئات العمرية من مرحلة ما قبل التمدرس إلى مرحلة الجامعة إلى كهولة إطار التدريس والتسيير. ولما كان الأمر كذلك فالمؤسسة التربوية هي نموذج حيّ ومجتمع مصغر يمكن أن يكون فضاء للرصد والتشخيص ومن ثمة استقراء المعالجة مع الوعي مسبقا بكون الفضاء يختص بالفاعلين التربويين متعلمين ومعلمين، أي هو فضاء التمدرس في مختلف مراحله العمرية والمعرفية. لذلك وبعيدا عن كل مقاربة ميكانيكية اتجهت عديد الدراسات إلى أن منسوب العنف صلب المؤسسة التربوية هو انعكاس لمنسوبه في المجتمع، كما أن المدرسة لم تكن في يوم فضاء خال من العنف بل أنها في مستوى معين هي إعادة إنتاج للعنف الرمزي والإيديولوجي الذي تمارسه الدولة والطبقات الاجتماعية النافذة و المسيطرة على المجتمع. إن العنف كما أشرنا إلى ذلك سلفا لم يكن مقتصرا على جانبه المادي بل إن شكله الأكثر وجودا وترسخا في المجتمع هو العنف اللامادي أي الأشكال الأخرى المعنوية والرمزية التي تستهدف الذات الإنسانية في مختلف خصائصها الاجتماعية والثقافية والعرقية والجنسية.
وبالعودة إلى الأرقام التي تهمّ المدرسة التونسية يتأكد أن الظاهرة قديمة وليست وليدة اليوم أو وليدة أوضاع ما بعد الثورة، كما يتأكد أيضا المنحى التصاعدي الذي تأخذه الظاهرة التي نستطيع اليوم الجزم ودون تسرع أنها (أي هذه الظاهرة) استفحلت بل واستوطنت في فضائنا التربوي. ففي السنة الدراسية 04/2005 تم تسجيل 2054 حالة عنف أكثر من نصفها(57.39%) جرت داخل القسم، وفي سنة 07/2008 سجلت 3131 حالة منها 2581 طرفيها تلاميذ، و550 ضد الإطار التربوي. وأشارت دراسة ل "المرصد الوطني للعنف المدرسي" أنه في سنة 2018 بلغت نسبة الاعتداءات ضد الإطار التربوي 83°/° من جملة أحداث العنف المسجلة في الوسط المدرسي الإعدادي والثانوي ، وكان القيمون والقيمون العامون الأكثر استهدافا ب 47°/° مقابل 23°/° على الأساتذة و 19°/° على المديرين والنظار و 11°/° على المعلمين. وقد سجلت جملة الاعتداءات ضد الإطار التربوي سنة 2019 زيادة ب3°/° لتصل إلى 4568 حالة، منها 2266 اعتداءً لفظيًا و2302 اعتداءً ماديًا.
وفي دراسة أنجزها ""المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية" حول استفحال ظاهرة الجريمة والعنف في المجتمع والمدرسة سنة 2017 وقفت الدراسة على نصيب كل مكونات الفضاء المدرسي التونسي من ممارسة العنف سواء اللفظي منه أو المادي، وقد ورد في هذه الدراسة ما يلي:
العنف المادي العنف اللفظي

الطرف

التلميذ
الأستاذ
البقية
التلميذ
الأستاذ
البقية

عدد الحالات
14792
7392
4812
5552
920
815

النسبة
54.8°/°
27.4°/°
17.8°/°
76.2°/°
12.63°/°
11.17°/°

كما وقفت الدراسة على التوزع الجغرافي والاجتماعي لمظاهر العنف وانتبهت إلى تصاعده في الوسط الحضري المديني وفي المدن الكبرى فتصدرت تونس الكبرى نسب هذا التوزّع ب14°/°، تليها سوسة ب11°/° ثم صفاقس ب 10°/°. و بالنسبة للطرف التلمذي المشارك في الظاهرة العنفيّة فان ¾ منهم هم تلاميذ راسبون، و 3/2 منهم من ذوي النتائج الضعيفة. وجبت الإشارة هنا أن سنة 2017 كان ترتيب تونس في مؤشر جودة التعليم الأساسي 86 من أصل 140 بلدا (و84 بالنسبة للتعليم العالي) حسب الترتيب الصادرعن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
3- مظاهر العنف في الوسط المدرسي.
يتجه عديد المختصين والدارسين إلى أن مظاهر العنف في الوسط المدرسي يمكن تصنيفها إلى أربعة: عنف جسدي وتسلط معنوي وعنف جنسي وعنف خارجي أي يكون طرفه المعتدي من خارج المؤسسة. وتتصاعد مختلف هذه الأشكال وتتفاعل ليكون العنف الجسدي مثلا مسبوقا ومتزامنا مع عنف معنوي، وذات الأمر بالنسبة للعنف الجنسي سواء كان في شكل تحرّش أو إيذاء وهو بالطبع يتضمن غالبا مظاهر التسلط المعنوي التي يحتكرها المربي على المتربي. ولئن تتجه بعض الدراسات إلى التركيز على العنف الذي يمارسه المتعلمون أي التلاميذ وذويهم (والعناصر الخارجية) ضد الإطار التربوي، فان هذه المعالجة تبقى في تقديرنا قاصرة وغير موضوعية ومنحازة تحت وطأة النزعة القطاعوية التي تكون ضحيتها في بعض الحالات حتى بعض الفعاليات النقابية والمدنية، وهي أيضا رؤية محتكمة لمنطق تقليدي أبوي عمودي في النظر للشأن التربوي وللمؤسسة التربوية باعتبارها مؤسسة قسر وضبط اجتماعي يحق فيها للإطار التعليمي والإداري ممارسة أشكال من العنف لحسن القيام بالمهمة، وهذه الممارسة للعنف ضرورية وحتمية ولازمة ومرافقة للتمدرس، بل أن العديد لا يرى ضيرا في الإقرار أن تراجع المدرسة عن وظيفتها مرتبط بتراجع سلطتها الأدبية والمادية، وأن سلطتها المعنوية ارتبطت عضويا بسلطتها المادية، و لا يرى البعض حتى من الفاعلين التربوين حرجا في التحسر على مدرسة الماضي حين كان الولي يتصل بالمعلم والمدير والقيم العام ليطلب منهم " أن يحاسبه بجلد ابنه" حتى يفلح في دراسته. ولا ينتبه العديد أن مدرسة "العصا الغليظة" لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مدرسة نموذجية، فالمنقطعون والمقاطعون لها كانوا بالآلاف، ولئن تعتبر ندرة الدراسات حول حال المدرسة التونسية من الستينات إلى الثمانينات حائلا دون التعمق في الموضوع، لكن ارتفاع نسب الانقطاع وضعف نسب التمدرس تعود في جانب ما إلى كمّ العنف الممارس داخل فضاء المدرسة ذاته (الفلقة،....).
لقد أشارت دراسة "المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية" إلى الأطراف المنخرطة في ظاهرتي العنف المادي واللفظي، ولم تقف فقط على نصيب التلاميذ، بل أشارت بوضوح إلى نصيب الأستاذ وكذلك الطرف الإداري (المدير، القيمون،...) وهذا ما يجب الانتباه إليه. فإذا كان نصيب الإطار التربوي من العنف اللفظي يصل إلى 23.80°/° وهي طبعا نسبة مرتفعة جدا من إطار يفترض أنه تربوي، فان نصيب هؤلاء من العنف المادي يقارب نصف الحالات تقريبا إذ يصل إلى 45.2°/° مع الإشارة أن عنف الإطار التربوي من أساتذة وإداريين هو بتمامه وكماله موجه ضد التلاميذ، فيما تعود أشكال العنف المادي واللفظي الذي يمارسه التلاميذ في جزئه الأغلب ضد بعضهم البعض، وجزء أقل موجّه ضد الإطار التربوي. ما يهمنا في استنطاق هذه النسب هو الانتباه إلى أن جميع مكونات "الأسرة التربوية" متورطة في الممارسات العنيفة، وإذا كان عنف التلميذ هو انعكاس لنفسية المراهق (النسب المذكورة أعلاه تهم فضاءات التعليم الإعدادي والثانوي) ولهشاشته الاجتماعية والقيمية...، فان تورط الطرف التربوي بخصائصه العمرية ووظيفته التربوية يجب أن يثير أكثر من سؤال فضلا عن ضرورة تنسيب نظرتنا للظاهرة المدروسة. لقد اتجهت عديد المقاربات الفلسفية والسوسيولوجية والنفسية إلى كون المدرسة هي فضاء لإعادة إنتاج العنف بأشكاله المتعددة، بل وبأفضعها لان المدرسة هي أيضا فضاء التبرير والتقرير وإنتاج أنساق المعرفة التي تصوغ السائد الاجتماعي في قوالب فكرية إيديولوجية تدعي "الحياد والموضوعية" .
إن الاتجاه إلى تحميل التلميذ والأطراف الخارجية (الأولياء...) لوحدهم مسؤولية العنف الذي يستهدف المؤسسة أو تكون هذه الأخيرة فضاء له، في تقديرنا اتجاه خاطئ بل ومتحامل، فالتلميذ مثلا وباعتباره الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية كثيرا ما يكون إما ضحية أشكال العنف المختلفة، أو طرف أساسي فيها، وكثيرا ما لا ينتبه الدارسون أو الفاعلون التربويون إلى ما يعيشه التلميذ من تحفيز لكل ما من شأنه إثارة و تقوية ردود الفعل العنيفة لديه، فعديدة هي الحالات التي تكون فيها الساحة والأروقة والمكاتب والأقسام فضاء للعنف اللفظي والمعنوي و الاهانة على أساس الجنس (التمييز ضدّ الفتيات) أو الأصل الاجتماعي أو الجهوي أو العنصري (ثنائيات الأغنياء/الفقراء - الأحياء الغنية/الأحياء الشعبية - المدينة/الريف - البيض/السود...)، كما يمكن أن تكون فضاء للعنف المادي بدرجاته المتصاعدة بين مختلف أطراف العملية التربوية. وقد أشارت عديد الدراسات والإحصائيات إلى أن جزء أوفر من منسوب العنف المادي واللفظي يكون بين التلاميذ ذاتهم، وبين بقية الأطراف.

4- قصور المعالجات التقليدية للظاهرة.
حين نشير إلى أن التلميذ هو الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية، فان هذا ليس بقصد الاتجاه نحو تبرير عنف التلاميذ تجاه بقية مكونات المنظومة، على العكس من ذلك تماما فالمقصود هو صياغة معالجة سليمة تبدأ بتفسير الظاهرة من خلال الوقوف الموضوعي على كل مظاهرها وتجلياتها، وللخروج من المقاربة التقليدية للموضوع التي لا ترى في التلميذ إلا الطرف الأكثر عنفا وهذا ما تفنده المعطيات الحسية والواقعية. إن المعالجات التي بقيت سجينة هذه الفكرة هي معالجات قاصرة ولا أدل على ذلك ما نعيشه اليوم من انتشار رهيب وتصاعد لكل مظاهر وأشكال العنف صلب المؤسسة التربوية وحولها، هذه المؤسسة التي طالما ادعت أنها نظرا لخصوصياتها فهي أبعد ما تكون عن العنف. لقد بقيت المعالجات التقليدية سجينة النظرة التي ترى التلميذ ذلك الكائن القاصر المجبول على الخطأ والخطيئة لذلك يجب الاتجاه إليه على هذا الأساس بما يشرع للمنظومة التأديبية التي لم تراه إلا مخطئا ومسؤولا كليا على خطأه. إن هذه النظرة وهذه المعالجة فاشلة على طول الخط ولم تساهم إلا في توسيع رقعة العنف، فالتلميذ الذي تهضم حقوقه ويُدان حتى قبل عرضه على مجلس التأديب أو مجلس التربية أو التلميذ الذي نهدده في كل لحظة بالإحالة على هذه المجالس إنما نغذي لديه كل ردود الأفعال العنيفة وأولها هو وضع أو تعميق الحاجز بينه وبين المدرسة وإطارها التربوي. لقد تعود تلميذنا منذ ولوجه باب المؤسسة في الحضانة و روضة الأطفال ثم المدرسة فالإعدادية والمعهد على سماع أن صاحبتها ومديرها ومعلمها وقيمها هي أطراف مرتبطة عضويا بفكرة الردع بمستوييها أي "المعاقبة" فضلا عن "المراقبة" (3)، وهي أدوار لا تنجز فقط داخل المؤسسة التربوية، بل أن الوالدين والأشقاء والأقارب و الأجوار كثيرا ما يهددون الطفل(ة) بالشكوى إلى "سيدي" أو "سيدتي". لذلك فمنذ البداية تتشكل علاقة لا تربوية أو لنقل علاقة تربوية مغشوشة قائمة على العمودية والخوف والترهيب، ليتحوّل المربي في ذهن المتربي إلى "عصا" والمؤسسة إلى "فضاء المراقبة والمعاقبة" بامتياز. إن هكذا علاقة لا يمكن أن تشكل مناخا لعلاقة تربوية سليمة وصحيحة، بل على العكس تماما فهي علاقة تعيد إنتاج العلاقات البطريركية السائدة والمتخلفة والقائمة على القهر والضبط والتحكم. إن المؤسسة التربوية ببابها الحديدي وصريره الموحش وجدرانها العالية المتهالكة وقاعاتها المدلهمة وجليزها المتناثر وسقفها المخضرّ من مياه الأمطار وسبورتها القديمة وغبار طباشيرها و أروقتها الطويلة الباردة وطوابقها المتماثلة، المدرسة بطوابيرها الطويلة ومخابرها المشابهة لمستودعات وورشات الحرف القديمة، المدرسة المتربعة في قلب السوق الأسبوعية والتي تفتح نوافذها على باعة "الخردة" و"الفريب"، والإعدادية أو المعهد المتصدّر لقلب المدينة محاطا بالمقاهي الشعبية وقاعات الألعاب أو في مدخل المدينة أو مخرجها بجانب محطة البنزين وورشات الميكانيك والنجارة وقاعات الرياضة...(4). مؤسسة تغيب عنها أبسط المقومات ويضطر منتسبوها إلى النسخ والطبع والعناية بالحدائق وتزويق القاعات وتجميل الساحات وتبليطها من جيوبهم الخاصة ومن مصروفهم اليومي، مؤسسة لا تستطيع ميزانيتها في عديد الحالات تأمين معاليم الإنارة وماء الحنفيات لتعجز الإدارة عن توفير أقلام الكتابة ونسخ الامتحانات فما بالك بتمويل الأنشطة الثقافية. مؤسسة يضطر مديرها إلى عدم سقي الأشجار ونباتات الحديقة تقشفا لان الميزانية لا تسمح بذلك. مؤسسة تصادر الحرية والإبداع والخلق باسم تنظيمها وتقييدها. إن هذه المؤسسة بفضائها وجغرافيتها وهندستها العمرانية هي عنيفة ومنفّرة و هي لا تصلح أصلا أن تكون فضاء تربويا، ولا أدل على ما نقول من عدد المنقطعين سنويا من مدارسنا والذي يتجاوز ال100ألف سنويا منذ 2011 إلى اليوم (5)، فالأكيد أن عنف المدرسة فضاء وفاعلين هو أحد أسباب اتساع ظاهرة الانقطاع المدرسي المبكر.
يرجع العديد من الدارسين وضع المدرسة التونسية في جانب كبير إلى ضعف ميزانية وزارة التربية وهذا صحيح، فنصيب هذه الوزارة لا يتجاوز في العقد الأخير كمعدل ال5°/° من ميزانية الدولة ولم تتجاوز في العام الجاري 6728 مليون دينار، وهذه الميزانية على شحّها ومحدوديتها يوجه 97°/° منها إلى أجور موظفيها وعمالها فيما تبقى 3°/° لبقية الأبواب بما فيها صيانة البنية الأساسية وبعث المؤسسات الجديدة فضلا عن مصاريف التسيير اليومي للمؤسسة، وهذا الوضع هو وضع غير سويّ ولا يمكن أن يؤسس لوضع تربوي معقول. للإشارة وجب التذكير أن نصيب وزارة التربية والتعليم ظل طيلة عقدين (1958/1978) يتراوح بين 20 و 35 °/° من الميزانية العامة للدولة. إن البلدان التي راهنت على التربية والتعليم، أي على بناء الإنسان، اتجهت إلى توفير كل شروط قيام مؤسسة تربوية ذات دور اجتماعي ثقافي حضاري، الشروط المادية التي تمسّ المؤسسة ومنتسبيها، وأيضا الشروط المعنوية والقانونية اللازمة. وتبقى إعادة النظر في تنظيم العلاقات صلب المؤسسة التربوية بين مختلف منتسبيها والمتدخلين فيها خطوة لا مندوحة عنها في أي مقاربة تروم أن تكون ناجعة وقاطعة مع المقاربات القاصرة والفاشلة.
5- كيف نعالج الظاهرة أو بم نبدأ؟
إن المقاربات التقليدية سواء التي بقيت سجينة نظرة عمودية أبوية لعلاقة المربي بالمتربي، أو التي تعزل بشكل أو بآخر ما يجري صلب المؤسسة التربوية عما يجري في المجتمع، تبقى في تقديرنا معالجات عاجزة سواء عن حسن تمثل الظاهرة العنفيّة في تعقيداتها وتعرجاتها وتداخل الأطراف والأدوار صلبها، سواء عن تقديم معالجات يمكن على الأقل أن تحاصر العنف وتقلص منسوبه.
إن الخطوة الأساسية في مشروع معالجة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي هو الإسراع بفتح نقاشات صريحة ومباشرة يشارك فيها المجتمع المدني ووسائل الإعلام فضلا عن أطراف العملية التربوية، حوار يكون فيه للعلم والمعرفة دور نشيط من خلال الدراسات الاجتماعية والنفسية....، حوار يستهدف صياغة مفهوم جديد للمدرسة فضاء ومؤسسة ووظيفة وأدوارا ومناهجا ومضامين. وهذه المهمة تتداخل فيها أطراف اجتماعية أخرى وعلى رأسها الدولة والعائلة، الدولة بمؤسساتها الثقافية و الاجتماعية والاقتصادية وخياراتها ورؤيتها، والعائلة بما هي خليّة الأساس والبدايات في مشروع بناء الذات/الإنسان. لذلك فالحوار يجب أن يتحول إلى ورشات تفكير حول مستقبل الإنسان في بلادنا.
أما بم نبدأ فان المهمات المباشرة التي من شأنها تقليص الظاهرة أو الحد أكثر ما أمكن من تداعياتها ومخاطرها فإنها تتطلب في تقديرنا توفر جملة من الشروط تستهدف وعي وتفكير الفاعلين التربويين وأولياء التلاميذ، وعي "الأسرة التربوية" بضرورة اقتناعها أن مدرسة المواطنة هي الفضاء الأمثل والأقل كلفة والأقصر طريقا لإعادة صياغة العلاقة صلب المؤسسة، ومدرسة المواطنة هي المدرسة المتشبعة بالمبادئ والقيم الكونية لحقوق الإنسان أي الرافضة لأي تمييز مهما كان وتحت أي ظرف بما فيه التمييز على أساس السن أو الموقع في العملية التربوية، هذه القيم وحدها قادرة على نسج تصور لعلاقة جديدة قائمة على الأفقية لا العمودية والتحكم والأمر والنهي. إن العلاقة الأفقية لا تسلب المربي دوره بل تعززه من خلال تصعيد منسوب الثقة والتعاون مع المتعلمين. إن التقدم في هذا الأمر يفترض إمكانيات مادية خاصة من جهة تقليص عدد التلاميذ في القسم إلى ما تنصّ عليه المعايير الدولية المعتمدة (15 تلميذ في الفصل) فارتفاع العدد يعسّر الاحتكام إلى العلاقة الحوارية. والإجراء المتزامن مع هذا هو تشريك التلاميذ في كل هيئات التسيير بالمؤسسة لا بغاية التعويد على تحمل المسؤولية فحسب، بل و أيضا لصياغة شراكة تعزز ثقة التلميذ بنفسه باعتباره عنصرا أساسيا في المؤسسة مثل بقية العناصر بل باعتباره العنصر الأضعف أو العنصر الذي لا يكون إلا موضوعا للسلطة (والتسلط). إن تمكن التلاميذ من المشاركة الفاعلة والنشيطة في سير المؤسسة وخاصة أنشطتها الثقافية والإبداعية من شأنه أن يخلق مناخا تفاعليا ايجابيا في المؤسسة. إن حرمان مآت الآلاف من التلاميذ من الأنشطة الإبداعية في مختلف الواجهات إنما يهدف لدفع أجزاء مهمة منهم للانخراط في أشكال العنف المختلفة بما فيها الانخراط في عصابات الإجرام مثل الإرهاب و المخدرات والبغاء والسرقة ...المنتشرة حول المدرسة وحتى داخلها، وفي هذا الصدد فان المعالجة الردعية والأمنية يجب أن تتجه أيضا إلى محيط المدرسة الذي أصبح اليوم ملغّما بكل أصناف الإجرام، مع قناعتنا أن المعالجة الأمنية (على ضرورتها) دون معالجة اجتماعية لأسباب الجريمة تبقى أيضا قاصرة وعاجزة.

6- حول قانون تجريم الاعتداء على المؤسسة التربوية.
لقد أثار هذا المطلب الذي رفعته نقابات التعليم جدلا واسعا حتى داخل المكونات التربوية بين مدافع عنه ورافض معتبرا أن القانون الجزائي كاف لمعالجة كل ملفات وقضايا العنف التي تحدث داخل المؤسسة أو حولها، فالمعتدي و المعتدى عليه هما مواطنان يحتكمان إلى قانون موحد للدولة، وهذا القول يحتوي معقولية. كما أن البعض بقصد أو بدونه يرفع مطلب سنّ قانون لتجريم الاعتداء على المربين، هكذا دون غيرهم من مكونات المؤسسة التربوية، وهذا في تقديرنا سقوط في ضرب من القطاعوية التي لا تصمد أمام حجج من نوع أن هذا يفتح الباب أمام مطالب قطاعات أخرى مثل الأطباء والممرضين وأعوان الأمن الذي أثار مطلبهم حول "قانون حماية الأمنيين" جدلا مازال متواصلا إلى اليوم.
نحن نرى أن الزاوية السليمة لطرح الموضوع تتمثل في جانبين متلازمين يشرعان أخلاقيا واجتماعيا لمطلب سنّ قانون، الجانب الأول يهم حُرمة المؤسسة كمرفق عمومي مخصوص يقوم بصناعة الإنسان من خلال التعليم والتربية والتكوين، وان شعبا يحترم نفسه يجب أن يقدّر تقديرا خاصا مؤسسته التربوية التي من دونها ودون تقدير حُرمتها لا موجب للحديث أصلا عن التحضر والتمدن والتقدم، وفي هذا الصدد فان هذا الرأي لا يعني استنقاصا من بقية المؤسسات مثل المشافي والمحاكم ودور الثقافة...، لكن تبقى المدرسة هي الأصل وهي البداية، ونحن نطرح هذا من زاوية داع واقعي يتمثل في حجم الاعتداء المادي والرمزي الذي يمسّ المدرسة كما ذكرنا آنفا انطلاقا من موقعها انتهاء إلى جدرانها وتمويلها ووظائفها، علما وأن بلدانا عديدة نحت نحو سن قانون لحماية المدرسة مثل فرنسا وكندا، ونحن لا نعتقد أن هذه البلدان تعاني إفراطا في الاعتداء على المدارس.
الجانب الآخر للقانون هو ضرورة أن يشمل كل منتسبي المؤسسة التربوية من مربّين ومتربّين، فهذا الاتجاه يعتبر أكثر موضوعية وأكثر ابتعادا عن القطاعوية التي ينحُو نحوها بعض المعلمين والأساتذة والإداريين. إن قانون تجريم الاعتداء على المؤسسة التربوية ومنتسبيها (كل منتسبيها) سواء تعلق الاعتداء بالمكونات فيما بينها أو تعرضها لاعتداء خارجي بمناسبة أداء مهامها التربوية وعلى خلفيتها هو قانون ضروري. ضروري لأنه سيثير انتباه المجتمع برمته إلى أهمية تغيير النظرة للمؤسسة التربوية العمومية من حضانة الأطفال إلى الجامعة. القانون في تقديرنا لا يجب أن يبرز الجوانب الردعية فهي مضمنة في القوانين السارية، بل يجب أن يركز على البعد الحمائي الاعتباري للأطراف التربوية التي تتعرض للتعسف و الاهانة والاعتداء من ذوي النفوذ وأصحاب السلطة وممن لا يجلّون دور المؤسسة، كما يتعرض فيها التلميذ إلى الاعتداء والمسّ من الكرامة من بقية فاعلي المدرسة، ويتعرض المعلم والأستاذ للقدح والعنف على خلفية مهنته في إطار تحولات اجتماعية عميقة تحت سياط الخيارات الليبرالية المتوحشة التي أعلت من شأن الثروة المادية وقزّمت إلى أقصى الحدود الأدوار المعنوية وعلى رأسها الأدوار العلمية والمعرفية.
إن مدرسة المواطنة ومجتمع المعرفة هو الإطار الذي يمكن أن تُبنى فيه منظومة تربوية جديدة قائمة على احترام وتقدير وتثمين دور المؤسسة التربوية ومنسبيها. إن تحسين الوضع المادي للمربين وتمكينهم من قانون أساسي يحفظ مصالحهم ويصون كرامتهم، وصياغة قانون جديد للتربية والتعليم والتكوين ضمن إصلاح جذري للمنظومة التربوية التعليمية والتكوينية يعيد الاعتبار للتعليم العمومي في كافة درجاته ويجرّم خوصصته باعتباره مرفقا وخدمة اجتماعية حيوية وإستراتيجية، ويبني المؤسسة على أسس ديمقراطية تشاركية ويصوغ البرامج على أسس عقلانية تنويرية ويمكّن المدرسة من كل الإمكانيات المادية والقانونية للاضطلاع بمجمل مهماتها التكوينية والثقافية. إن هذه المهمات متداخلة وذات أولوية قصوى في بلادنا وفي مؤسستنا التربوية.

علي الجلولي
تونس- 15 نوفمبر 2021

الهوامش:
(1) اتجه بعض الفلاسفة إلى رد السلوك الإنساني إلى الطبيعة البشرية ذاتها، فاتجه البعض إلى اعتبارها شريرة بطبعها مثل ما ذهب إلى ذلك الفيلسوف الأنقليزي توماس هوبز ( 1558/1679) صاحب نظرية "ذئبوية الإنسان"، فيما اتجه فلاسفة آخرون مثل سبينوزا (1632/1677) و جون جاك روسو (1712/1778) وايمانويل كانط (1724/1804)... إلى اعتبار الطبيعة الإنسانية خيرة بطبعها والإنسان هو كائن ذو ميل غريزي وطبيعي إلى الخير.
(2) بيير بورديو (1930/2002) الذي انشغل بدراسة دور ووظيفة المدرسة وخصص لذلك نصيبا وافرا من أبحاثه ومدونته، مثل كتابه "إعادة الإنتاج – في سبيل نظرية عامة لنسق التعليم" (1964) المخصص لدراسة المجال التربوي كمجال لإعادة إنتاج قيم وأفكار التشكيلات الاجتماعية السائدة وذلك من خلال نظام التعليم والمناهج البيداغوجية الانتقائية للمدارس. وفي كتابه "استنساخ التعليم والمجتمع والثقافة" (1977) وهو كتاب مشترك مع جون كلود باسرون وقفا فيه على دلالة ومضمون الاختلاف بين صياغة المفاهيم وحقيقة التحصيل الأكاديمي للأطفال في المدرسة الفرنسية ، وتم في هذا المؤلف الاشتغال على مفهوم رأس المال الثقافي الذي تتمحور حوله العملية المدرسية برمتها في إطار تقسيم الأدوار بين رأس المال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي كتجليات لسيطرة الرأسمالية على المجتمع.
وفي كتابه "الحس العملي" (1980) يفكك بورديو ما يسميه العنف الرمزي الإيديولوجي الذي تضطلع به المدرسة لإعادة إنتاج الهيمنة الطبقية من خلال مؤسسة المدرسة ووظيفتها وبرامجها، وقد عرف بورديو العنف الرمزي كما يلي: " هو عنف ناعم خفيّ وغير مرئي، وهو خفيّ مجهول من قبل ممارسيه وضحاياه في آن واحد، ويتجلّى هذا العنف في ممارسات قيمية ووجدانية وأخلاقية وثقافية، ويوظف أدواته الرمزية مثل اللغة والصورة والإشارات والدلالات والمعاني، وكثيرا ما يتجلّى هذا العنف في ظلال ممارسة رمزية أخلاقية ضد ضحاياه".
(3) إحالة على المؤلف الهام للفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو (1926/1984) "المراقبة والمعاقبة – ولادة السجن" (1975) الذي وقف على آليات السلطة في بسط سيطرتها على المجتمع من خلال مهمتي المعاقبة والمراقبة باعتبارها الوظائف الأصلية للمؤسسة (بما فيها المدرسة ذاتها) كجهاز للضبط الاجتماعي.
(4) أغلب مؤسساتنا التربوية هي وسط المدينة والأحياء ومتاخمة للأسواق وللمؤسسات، وجزء كبير من المعاهد الثانوية التي تم إنشائها زمن حكم بن علي كانت خارج المدن في مداخلها أو مخارجها وذلك لاعتبارات أمنية لتسهيل السيطرة على هذه المؤسسات حين تقوم بإضرابات أو تحركات احتجاجية.
(5) أعلنت وزارة التربية عن تسجيل انقطاع 101 ألف تلميذ عن الدراسة خلال عام 2018 وأن عدد المنقطعين بلغ 526 ألف تلميذ خلال السنوات الماضية بمعدّل 280 تلميذ يوميًا. ومعدل الانقطاع المدرسي منذ 2011 إلى اليوم هو في حدود 100ألف سنويا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية