الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبع و التطبيع (3)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2021 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



من نافلة القول أن المواجهة بين نظم الحكم في الدول العربية من جهة و بين نظام الحكم في اسرائيل قد حسمت لصالح الثاني ، كونه جزءا ، بل واجهة أو وكيلا ، لمشروع غربي استعماري إحلالي في الفضاء السوري العراقي ، تقف وراءه دول متطورة جدا و متفوقة عسكريا . لا شك في أن الحرب الباردة بين الإتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ، و انعكاساتها في البلدان المستعمَرة ، فرضت السير ببطء في هذا المشروع الغربي إلى حد التوقف أحيانا و الرضوخ لقبول بعض التراجعات أحيانا أخرى . و لكن من المعروف أن المعوقات الإعتراضية راحت تتساقط تدريجيا توازيا مع ظهور علامات الوهن على النظام السوفياتي ، و صولا إلى انهيار مقاومة النظام الرسمي العربي نهائيا والتحاقه عدة و عددا بالمشروع الغربي ، أكاد أقول أيضا إلى انفصاله عن الناس في بلاده ، ارتدادا للزلزال الذي أطاح الإتحاد السوفياتي ، مفسحا المجال الدولي أمام الولايات المتحدة ، بما هي القطب الأوحد ، لترويض البشرية بحسب إدعائها باسم " الحوكمة العالمية " بواسطة " صراع الحضارات " ،" انهاء التاريخ"، " التدخل الإنساني " و " نشر الديمقراطية " إلى غير ذلك من اللوازِم المبتذلة .

و لكن الإشكال في تنفيذ هذا المشروع الإستعماري الغربي ، في فلسطين و البلدان المجاورة على وجه الخصوص ، أنه لا يتساوق مع وجود سكانها أي بقائهم فيها ، متساويين مع المستوطنين و مع أبناء و أحفاد هؤلاء ، في الحقوق و الواجبات ، فلا حرج في القول أن التمييز العنصري هو في صلبه . ينبني عليه أن وجود الأصليين هو بحد ذاته فعل مقاومة ضد هذا المشروع ، لن يتوقف دون التخلي عنه ، أو تصفية هذا الوجود . بكلام آخر ستستمر هذه المقاومة إلى النهاية ، فإما أن تتمكن من هزيمة المشروع الاستعماري كشرط ضروري و لازم ، لنشوء علاقة طبيعية ، اختيارية بين الناس ، دون اعتبار للأصل و المعتقد و الرأي و العرق ، و أما أن تهزم ما يعني زوالها . فهي ليست كنظم الحكم في بلدانها التي تنصلت من مبررات تصديها للمشروع الإستعماري فالتحقت به مقابل توفير حماية لسلطتها ، فهذا المشروع يقتضي بكل بساطة إلغاء جميع مقومات المقاومة كما ألمحنا أعلاه . ينجم عنه أن الأصليين صاروا موضوعيا في خطر وجودي ، حيث يتهددهم نظام الحكم الذي لن يتورّع عن التضحية بهم انقاذا لنفسه . هذا من ناحية ، أما من ناحية ثانية فإن المستعمر يريد ترحيلهم أو أنهاءهم عن طريق العزل السجن تحت نظام الغيتو .

إن هذه كله ليس بالقطع من باب الإجتهاد النظري ، و إنما هو من وجهة نظري بات حقيقة ملموسة نتيجة انتقال سلطة الحكم في معظم الدول العربية إلى جانب الدول الغربية المشاركة بدرجة أو بأخرى في المشروع الإستعماري الإستيطاني الإسرائيلي ، فالمعطيات التي تؤكده عديدة و لكن هذه المقاله تضيق عنها ، لذا سنكتفي بالإشارة إلى بعضها .
ـ خذ إليك مثل السلطة الفلسطينية في رام الله التي " طبّعت " العلاقة فيما بينها و بين السلطة في الدولة الصهيونية . فما هي في إطار مقاربة عقلانية آفاق هذه العلاقة . أو بتعبير أدق ، ما هو على وجه التحديد الدور الذي تضطلع به هذه السلطة ؟ فمن المعروف أنها تتولّج مسؤولية الإدارة المدنية و المحافظة على الأمن في بعض مناطق الضفة ، بتمويل من الدول الغربية الراعية للمشروع الإستعماري ، تحت أشراف السلطات الصهيونية و توازيا مع قيام هذه الأخيرة بمصادرة أراض في الضفة لإنشاء مستعمرات وتوطيناأسرائيليين يهود فيها . كما لو أن المسأة لا تعدو اتفاقية مقاولات.
ـ يمكننا أيضا التفكر في التطبيع بين امارة قطر من جهة و القيادة الصهيونية من جهة ثانية ، الذي تمول الامارة من خلاله السلطة الشقيقة الخصم في قطاع غزة . مقاولة أم مكرمة الخلافة ؟ (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا