الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العتائق ونشأة الحياة

منير المجيد
(Monir Almajid)

2021 / 11 / 19
التربية والتعليم والبحث العلمي


تعود نشأة الحياة الأولى على الأرض إلى ٣,٧ مليار سنة. لا يعرف العلماء، حتّى هذه اللحظة، سبب وكيفية نشأتها، لكنهم يعرفون أنها كانت مجهرية وتتكون من خلية واحدة تعيش تحت سطح الماء.
استغرق الأمر نحو مليار سنة لتزدهر الحياة تحت المائية هذه وتتطوّر في إتجاهين متغايرين، الأول صار بكتيريا، بينما الثاني صار ما يُدعى بالعتائق (archaea).
لديّ فكرة عن البكتيريا، أمّا العتائق! فهذه مُبهمة في عالمي. العتائق أو البدئيّات هي ميكروبات بدائيات النوى ذاتية الإنتماء، وهي تتصدر النظام الذي يستعمله علماء الأحياء لوضع كل أشكال الحياة على الأرض.
تعيش العتائق في الأماكن قليلة الأوكسيجين أو حتى الخالية منه. نشأتها تعود إلى فترة مبكّرة جداً من تاريخ الأرض، حيث لم يكن يحتوي الغلاف الجوي، تقريباً، على الأوكسيجين. وتعيش في بيئات ضارية مثل البحيرات الكبريتية أو أعماق الأرض أو في أماكن في قاع المحيطات في نطاق المياه المغليّة بالحمم البركانية.

بعد ذلك، أي منذ حوالي ٢,٧ مليار سنة، حدث أمر غيّر كل ما على الأرض، إذ اندمجت عتائق وبكتيريا معاً، لتكون بداية تطور كائنات متعددة الخلايا.
هذه كانت النظرية السائدة الناقصة بين العلماء، إلى أن جاءت نتائج جديدة منذ فترة قصيرة تُشير إلى ثبات وصحة النظرية.
وهذا ما صرّح به عدد من العلماء البريطانيين إثر اكتشافهم أن العتائق لها نفس آلية التخلص من النفايات في الخلايا بنفس الطريقة التي تقوم بها خلايانا، مما يعني أن خلايانا ورثت شيئاً من العتائق.
هؤلاء، يبدو أن الكورونا لم تمنعهم من إتمام بحوثهم.

يقول العلماء أن بعض العتائق التي تعيش في مياه الينابيع الحارّة لها آلية داخل خليتها تسمى بالپروتيزم (proteasom). هذه الآلية تُساعد على تمزيق وتكسير البروتينات التي لا تحتاجها الخلايا، وتُحوّلها إلى الأحماض الآمينية.
ليس هذا فحسب، بل أن الپروتيزوم يتحكّم في توقيت إنقسام الخلية. فحينما قاموا بمنعه فأنهم تمكّنوا من إيقاف الخلايا القديمة من الإنقسام تماماً.
لهذا، عندما تحتاج خلايانا إلى الإنقسام، فإنه من المهم أن تقوم بذلك في الوقت المُناسب. يجب أن يكون قد تمّ نسخ كامل الحمض النووي قبل بدء عمل الخلايا الجديدة، وإلّا قد تكون العاقبة إصابتنا بالسرطان.
من هنا تأتي أهمية الپروتيزوم، والشكر بالنتيجة يجب أن يُوجّه إلى العتائق.

وكي أُعقدّ الموضوع أكثر، فيجب أن أُضيف أن الپروتيزيوم ليس الوحيد الذي يُشير إلى أن الكائنات متعددة الخلايا تتكون من إندماج البكتيريا والعتائق، لأننا ورثنا من البكتيريا الميتوكوندريون (Mitochondrion).
والميتوكوندريون هو عبارة عن خلية داخل الخلية لها حمضها النووي الخاص بها، وهي المكّون الوحيد في الخلايا، إلى جانب الكروموسومات التي فيها الجينوم. هي قوّة خلايانا عبر سحب الأوكسيجين خلال الرئتين ومن ثمة سحب السكريات التي تسحبها أمعاؤنا من الطعام، وتنتج طاقة ATP التي تحتاجها خلايانا لتعمل. ويُعتقد أنّها انزلقت ذات مرّة في الخلية القديمة لتستمرّ في أداء وظيفتها.

بالرغم من أن الخلايا (حقيقية النواة) التي تُشكّل أساس جميع الكائنات متعددة الخلايا، قد ظهرت حقّاً من ٢,٧ مليار سنة، إلّا أنّها لم تتطوّر إلى كائنات مُتعدّدة الخلايا إلّا في وقت لاحق بكثير. وُيعتقد أن السبب يعود إلى أن حجم الطاقة الكيميائية التي تحتاجها الحياة لم تكن كبيرة بما يكفي لإزدهار ونمو الكائنات مُتعددة الخلايا. وهذا التطور (الطاقة الكافية) ظهر لأول مرة في المحيطات في الوقت الذي يٌدعى يالإنفجار الكامبري (Cambrian explosion) قبل حوالي ٥٥٠ مليون سنة، حين ظهرت أسلاف الحيوانات والنباتات في نطاق السجلات الأحفورية على البر.
لا يعرف العلماء سبب الإنفجار الكامبري بدقّة، لكنهم متأكّدون من تزايد نسبة الأوكسيجين في الغلاف الجوي وتشكيل طبقة الأوزون عندذاك. وهذان أمران يُتيحان للكائنات مُتعددة الخلايا من العيش على الأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم