الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة واحدة تضمّ القوميتين : العربية واليهودية

أنيس يحيى

2006 / 8 / 27
القضية الفلسطينية


لعل صوت حاييم وايزمان الذي كان أول رئيس لدولة اسرائيل ، كان ضعيفاً ، إلا أنه كان خارجاً من القلب دون شك عندما قال : " إن العالم سيحكم على دولة اسرائيل بما ستفعله مع العرب ." .
لم يخجل وايزمان تسلّم الرئاسة في دولة اسرائيل بالرغم من أن رجلاً أكثر انسانية وعلماً من وايزمان كان قد رفضها .
عام 1948 طلبت المنظمة الصهيونية من كبير علماء القرن العشرين ، ألفرد أينشتين ، وهو يهودي ، أن يكون أول رئيس لدولة اسرائيل . رفض الرجل وأجاب : " أرفض أن أكون رئيس دولة قامت على قواعد غير انسانية " . غير أن وايزمان خشي على الدولة الجديدة المزيد من الانحراف في استخدام العنف مع أصحاب الأرض الحقيقيين ، فاستلم رئاسة الدولة وقال عبارته الآنفة .
ماذا تفعل اسرائيل مع العرب منذ نشأتها حتى اليوم ؟؟
إفراط في إظهار القوة ، وكأنها مصممة على اصطياد العصافير بالمدافع . أحاول أن أتفهّم المقاصد الكامنة وراء ذلك التصميم ؛ فعقدة القلّة تتحكّم دائماً باصحابها ، خاصة عندما تؤكد الكثرة عدائيتها ، ولا تتردد في إظهارها في كل مناسبة .
كان على اسرائيل تفهّم هذه العدائية بعدما أنزله الاسرائيليون الأوائل من المآسي والبشاعات في الشعب الفلسطيني ؛ قتل وتهجير ومصادرة الممتلكات ... حتى بات الكثيرون من أحرار العالم يميلون إلى الاعتقاد أن الارهاب هو نهج الاسرائيليين في الحرب والسلم . أو على الأقل اتهام الاسرائيليين في الاخفاق في ابتكار الحلول التي من شأنها التكفير عن خطايا الأمس .
قد لا يكون من الانصاف تحميل اليهود وحدهم تبعات الذي جرى مع الفلسطينيين . وبعودة خاطفة إلى الوراء يتبين لنا أن فكرة قيام دولة لليهود في فلسطين ، ليست يهودية بالمنشأ . بل كانت نتاج الفكر الاستعماري الذي وصل إلى أوجه في القرن التاسع عشر . كانت بريطانيا من أوائل الساعين إلى تجسيد تلك الفكرة ، وقد عملت من أجلها منذ عام 1841 ، ليس إرضاءاً لليهود على الاطلاق ، لا بل على العكس .. كرهاً بهم ، ومحاولة منها لاقامة قوة خاضعة لها على الجهة الشرقية من مدخل البحر الأحمر الشمالي بعد أن نجحت فرنسا آنذاك بالتحكّّم في الجهة الغربية عبر ولاء محمد علي باشا وذريته لها ، وهددت بالتالي الوصول إلى الهند عبر أقصر الطرق . لقد لاقت خطة بريطانيا في حينه معارضة شديدة من الكثيرين من اليهود ، فاتهم بعضهم ساسة بريطانيا بالاسامية . بالنهاية ، ودون عرض ما كابده اليهود في الغرب من إضطهادات ، كان أهمها عام 1882 عند اغتيال قيصر روسيا واتهام اليهود بتنفيذ العملية ، فأعقب ذلك سلسلة مذابح أدّت بالناجين من اليهود بالهرب غرباً ، عندها أخذت الصهيونية تعمل على ايجاد وطن آمن لليهود في العالم .
لا يعفي القول " أن اسرائيل آخر ثمرات الاستعمار " الاسرائيليين من ادارة العلاقة مع الفلسطينيين بالشكل الأمثل .
لا يعفي القول " ان قيام اسرائيل كان خطأً من أخطاء التاريخ الذي إن استرجعناه نجده مليئاً بالأخطاء " الاسرائيليين من إظهار حرصهم الصادق على إقامة سلام قائم على العدل واحترام الحقوق الفلسطينية الكاملة .. ليس بوسع الحاضر إعادة إصلاح الماضي ، بل بوسعه حسن التكييف مع نتائجه .
لا يعفي القول " إن اسرائيل مهددة بوجودها " الاسرائيليين من تقديم علاقاتها بالفلسطينيين على باقي علاقاتها الدولية .
لا يعفي القول " أن اسرائيل تحارب الارهاب " الاسرائيليين من الاقرار بأن الارهاب في حقيقته نتاج فشل اسرائيل في اجتراح حلول تضمن أمن اليهود ومستقبلهم ، وتضمن بالتالي كرامة الفلسطينيين .. كل الفلسطينيين في أرضهم .
لا يعفي القول " إن العالم جرّب حلولاً كثيرة وفشل " الاسرائيليين من تبنّي الحل الذي لا بديل عنه ، وهو إقامة دولة واحدة تضمّ القوميتين العربية واليهودية ، يُعطى فيها اليهود ما يحتاجونه من ضمانة دستورية لطمأنة القلّة وسط الأكثرية . وهذا ما نادى به أينشتين يوماً . فأسماء مثل حيفا ويافا والقدس ستبقى وشماً في الذاكرة الفلسطينية ، وكذلك في ذاكرة اليهود ، ولا يمكن بالتالي إستبعاد أي من الفريقين من العيش على كامل التراب الفلسطيني .
في النهاية .. لقد تعرّض اليهود عبر تاريخهم إلى السبي مرتين .. هل ما يرتسم هو ملامح السبي الثالث ؟؟*
• - " السبي الثالث " عنوان رواية نشرت حديثاً للكاتب .. تتناول فصول الصراع العربي الاسرائيلي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة