الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غايات خفية خلف الصراع الجزائري المغربي

زكي بوشوشة
كاتب

(Zaki Bouchoucha)

2021 / 11 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


الصراع الجزائري المغربي هو صراع ممتد منذ أكثر من نصف قرن ، آي أنه ليس جديدا او طارئا بالنسبة للانظمة الأخرى و خاصة المهتمة بهذه المنطقة و المرتبطة معها ، هذا الصراع عرف تاريخيا محطات تصعيد و مراحل هدوء حسب الوضع و المتطلبات و التأثيرات الخاصة بكل مرحلة ، و ما يهمنا هنا هو استقراء معطيات التصعيد الأخير و المستجدات على مستوى الوسائل و الاهداف او الغايات على حد سواء ، و نركز على ثلاث مشاهد مهمة هي على التوالي : 1_معادلة ما بعد التطبيع ، 2 _الخطاب الرسمي الفرنسي , 3 _الصراع في الافتراضي و الاعلام غير الرسمي .
جاء التطبيع المغربي بعد ضجة كبيرة لسابقه الاماراتي و البحريني ، في سياق يراد له ان يظهر الامر كتغير جذري في واقع المنطقة ، من حيث القوة العسكرية و الاستراتيجية السياسية و الاقتصادية ... إلخ ، رغم أن التطبيع قديم جدا و لم يتأخر الا اعلانه بهذه الطريقة ، كما جاء هذا التطبيع أثناء حكم الاخوان في المغرب ، بعد فترة وجيزة اعلنت الجزائر عن دعم النظام المغربي لجماعتين ارهابيتين داخل الجزائر ، و قام سفير المغرب لدى الامم المتحدة بدعوة لدعم حركة انفصالية في الجزائر ، هذه الاخيرة هي احدى الجماعتين التي وجه النظام الجزائري تهمته للمغرب بسببها ،
خلال هذه الفترة المتأزمة و المتوترة ، كان هناك عدة خرجات للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، خرجات اعلامية يهاجم فيها الجزائر بصورة عبثية و مجانية ظاهريا ، و في اغلب الأحيان كانت ردة الفعل لا تخلو أبدا من الايحاءات و الايحالات إلى اردوغان و إلى الخطاب الاخواني ، كخصم و غريم و ند للفرنسي الصليبي على حد وصف هذا التيار ، و حتى لا نتوه عن احدى النقاط المهمة ، فقد تعودنا على تقديم ماكرون هكذا خدمات لاردوغان عند كل ازمة او قبيل اي تحرك على الأرض ، و نذكر كمثال على ذلك ، خطابات ماكرون حول الكاريكاتور المسيء للنبي محمد (ص) ، و جر العالم الاسلامي للدخول غصبا في سجال بين ماكرون او اردوغان .
من الادوات الجديدة التي عرفها الصراع في هذه المرحلة هي وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها ، و بعض المظاهر المزيفة لصراع فني ، و هذا ما أخرج خطاب الازمة من الدوائر و الغرف الرسمية الضيقة الى ساحات الافتراضي الشعبوية المفتوحة و للمرة الأولى في تاريخ الصراع .
ان اعادة تركيب المشهد بصورة صحيحة يستلزم الانطلاق من النقطة المشتركة الاوضح و الاكثر بروزا إلى السطح بين النظام الفرنسي و التنظيم الاخواني و التي هي إسرائيل او العلاقة مع هذا الكيان ، بالتوازي مع ذلك الظهور الجلي للصراع بينهم في الخطاب الاعلامي ، أي أن هناك تقارب في الواقع و الفعل و تنافر على مستوى الخطاب و الاعلام ، و إذا بحثنا في خلفية هذا التناقض بين واقع العلاقة و شكلها سنلاحظ ما يلي :
ان الجمهورية الفرنسية و العصر الذهبي لهذه الدولة تركز كله على نقد الفكر الظلامي الوسيط و ممارسات الكنيسة و زبدة انتاجه كانت العلمانية الفرنسية التي تجسدت في قانون 1905 ، و انتهت إلى طريق مسدود بعد قرن من الزمن او في اصلاحات 2004 ، انتهت لأنها قضت على موضوعها او خصمها المتمثل في الكنيسة الكاثوليكية و هذا خطأ فادح ، تريد النخب السياسية الفرنسية تداركه من خلال استحضار موضوع و خصم جديد بنفس المقاييس و المواصفات ، لتحافظ على بقاءها الثقافي و تضمن جدوى خطابها و تجد مصداقا له في الواقع .
بالمقابل و بعدما نجحت الاحزاب الاخوانية في استغلال موجات ما يعرف بالربيع العربي ، و وصولها للسلطة في عدة دول ، انتهى بها الامر إلى فشل رهيب و تعري أمام الشعوب ، و سقوط الورقة الوحيدة التي كانوا يراهنون عليها ، و التي هي العذرية السياسية وفق منطق نحن فقط من لم نفشل لاننا لم نحكم من قبل . بعد مرور عقد على احداث الربيع يبدو الوضع في الشرق الاوسط مختلفا ، فالخصومات و الصداقات لم تعد كما كانت أثناء ذروة الأحداث ، و لم يعد للاخوان صراع يقتاتون عليه و مشروع يقاتلون عليه هناك ، فامريكا تريد التفاوض مع الأسد و اردوغان و السيسي نحو التقارب و السعودية تفاوض إيران ...، لذا وجب أن يوجد التنظيم لنفسه مجال حيوي جديد قابل لاعادة هيكلة التنظيم المتآكل او على الأقل الحفاظ على البقاء في مرحلة الركود التي يمر بها و ذلك بالحفاظ أولا على وجوده في آخر المعاقل التي بقيت له .
من هنا يبدو واضحا ذلك التناضر بين الخطابين و بين الغايتين ، تظهر تلك الحاجة المتبادلة عند كل طرف للطرف الآخر كموضوع لوجوده ، فالخطاب الاخواني يحتاج الخطاب الرسمي الفرنسي المتهجم ، و يقدم بدوره خطابا دينيا متطرفا تحتاجه السلطة الفرنسية .
طبعا هكذا سجال يحتاج ميدان و مجال بمعايير خاصة ، حيث يستهدف الخطاب الفرنسي او المحسوب على هذا الخطاب على مشكلة الهوية و العرق من خلال خطاب رسمي بطابع استفزازي في مسار واحد من النخبوي إلى الشعبوي ، و يقابله خطاب شعبوي صاعد متمثل في مرحلة جديدة من مراحل الاسلمة ، فمن اسلمة المعرفة في عصر الصحوة إلى اسلمة الفن و الرياضة و الترفيه .
هكذا يراد سرقة الصراع الجزائري المغربي و من ثمة استغلاله و توجيهه وفق مصالح هذه الاطراف و لاشك ان مناصات التواصل الاجتماعي هي افضل ميدان لهكذا مشروع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت