الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصير المحزن للسيد احمد عبده ماهر

رفعت عوض الله

2021 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في سنة 1925 ظهر كتاب صغير ، ولكنه كان بمثابة ثورة "الاسلام واصول الحكم " للشيخ الازهري المستنير علي عبد الرازق . فيه يذهب المؤلف إلى ان الخلافة ليست من الاسلام ، ولم ينص عليها القرآن الكريم ، انما هي نظام توافق عليه المسلمون بعد وفاة الرسول الكريم . وان الاسلام دين ، ودين فقط ، وليس دين ودنيا .
ثارت ثائرة الازهر وشيوخه الاجلاء ، ورموا الرجل بكل نقيصة ، واجتمعوا فجردوه من شهادة العالمية ، واقالوه من وظيفته ، فقد كان قاضيا شرعيا .
وفي سنة 1926 اصدر طه حسين كتابه المثير للتفكير والشك "في الشعر الجاهلي " فيه طبق المؤلف منهج الشك الديكارتي علي ما يسمي بالشعر الجاهلي ، اي الشعر الذي خرج من قريحة الشعراء في الفترة التي سبقت ظهور الاسلام .
وانتهي طه حسين إلى ان هذا الشعر ليس جاهليا . انه نتاج شعراء مسلمين في عهد الخلافة العباسية . كانت هناك اسانيد عقلية حدت بالكاتب ليقول ما قاله .
لا يعنينا صحة او خطأ ماذهب إليه طه حسين ، فالمهم والجديد هو المنهج الذي بمقتضاه وضع جزءا من التراث تحت مجهر الفحص العقلي ، والشك ، ورفض التسليم لما انتهي اليه السابقون علينا .
كالعادة قامت الدنيا ولم تقعد ، واٌتهم طه حسين بالكفر ، والاساءة للدين . سير الازهر مظاهرات ضد الرجل وعيروه بكف بصره ، وقٌدم بلاغ ضده الي النيابة العامة . ولولا استنارة وثقافة وكيل النيابة الاستاذ محمد نور لألقي بطه حسين في غياهب السجون .
قي ثمانينات القرن الماضي علي ما اظن ، ظهر كتاب "مقدمة في فقه اللغة العربية " لمؤلفه المفكر والناقد واستاذ الادب الانجليزي لويس عوض . فأٌتهم الرجل بانه نصراني غربي الميل ، ويبغي التأثير الهدام للعربية والاسلام .
بعد ذلك بقليل ظهر المفكر العلماني فرج فوده ، والذي دعا لاسلام متصالح مع العقل ومع العصر ، مناديا بالعلمانية الموقرة والمحترمة للدين . وكان الرد المنتظر تكفير له ، ورميه بالمروق والافتئات علي الاسلام ، والافتاء باهدار دمه . وهو ما حدث في 8 يونيو 1992.
وظهرايضا سيد القمني باطروحاته الجديدة الاصيلة ، والتي تزلزل الفهم الماضوي القديم المظلم ، فضاقوا به ، والصقوا به التهمة الجاهزة "العداء للاسلام " بهدف النيل منه ، والحط من شأنه .
وايضا ظهر المفكر نصر حامد ابوزيد الذي وضع منهجا جديدا في فهم وتأويل النص المقدس ، فتعرض الرجل لحرب شرسة ، وحكمت محكمة ظالمة بالتفريق بينه وبين زوجته باعتبار انه لم يعد مسلما .
وحٌكم علي اسلام البحيري بالسجن ، رغم انه حاول ان يبرئ الاسلام مما علق به من ما نسبه له كاتبو السيرة النبوية ، والفقهاء القدامي من امور ومفاهيم لا يقبلها العقل ، ولا الاخلاق .
وها هي الدائرة تدور علي احمد عبده ماهر ، ويٌطبق عليه قانون ازدراء الاديان تطبيق جائر ظالم ، وكانه مرتد ، او كافر .
كل اولئك المفكرين لم يكفروا بالاسلام . ظلوا ومعهم الاخير احمد عبده ماهر مسلمين غيورين علي الدين ، ووظفوا عقولهم الحرة لتقديم اسلام يقبله العقل ومتصالح مع العصر وقيم الحرية والحداثة .
تقديم احمد عبده ماهر للمحاكمة بتهمة ازدراء الاسلام ، والحكم عليه حكما جائرا بالسجن خمس سنوات امر مستنكر فهو لم يزدر الدين . هو يجل الدين ويدعو لتخليصه من النقائص التي لصقت به علي مدي التاريخ ، واعتماد ما جاء بالتراث الماضوي المظلم ، والذي لايصلح لعصرنا .
اظن ان هناك علاقة وطيدة بين نظام الحكم لدينا الذي يعتمد الفردية ، والرأي الواحد ، ولا يقبل التعددية والتنوع . وينظر نظرة سلبية للديمقراطية والليبرالية ، ولا يبالي بالحرية الفردية وحقوق الانسان ، ورفض التجديد في فهم الدين . والنتيجة المحزنة وضع اولئك المفكرين النبلاء الشجعان تحت طائلة القانون المعيب "ازدراء الاديان " لاسكاتهم ، ويبقي الحال علي ماهو عليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل هناك اي معنى لمقولة ازدراء الاديان؟؟؟؟
سهيل منصور السائح ( 2021 / 11 / 25 - 04:52 )
فاذا كان الدين حقا من عند الله فهو لاشك مطابق للعقل والمنطق وغير قابل للنقذ ولا يخالف العلوم الطبيعية بكل اشكالها كما انه جاء لتسيير الشئون الدنيوية بما يخدم الانسان اولا والكرة الارضية ومن عليها وليس لبناء الجوامع والمساجد للصلاة و تكراراها بدون اي فعل ايجابي. ان ما ورثناه من كتاب وحديث نقلا عن افراد لم يعايشوه غير قابل للتصديق ولا بد ان يخضع للنقذ لان الله لا يخطا واذا وجد خطا فيه فان نسبته الى الله كذبة كبرى. هل اخطا احمد عبده ماهر في فضح احاديث لا تمت للعقل والمنطق بل ويكذبها العلم الحديث؟؟. كلا!!.لو قارنا ما قام به الخليفة عثمان من حرق المصاحف واعادة كتابته تجنبا للفتنة التي كادت تقع بين المسلمين والنفذ الذي قام به المفكر احمد عبده ماهر فاي الفعلين يستحق ان تطبق عليه مقولة (ازدراء الاديان)؟؟؟.فلماذا ما قام به الخليفة عثمان امر ممدوح لدى المسلمين واعمال من قاموا به من مفكرين لتبرئة الله ورسوله مما نسب اليهما والذي يخالف العقل والمنطق امر يستحق صاحبه الموت او السجن والتنكيل؟؟.اهي القوة وفنون السياسة ام الدين المزيف الذي اتخذه المجرمون وسيلة لتغليف افعالهم الاجرامية باسم الله؟؟.

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد