الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجسر المغاربي ومياه التغيير

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 11 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


احتفل العالم بأربعة عشر يوما أمميا هذا الشهر، ضد إفلات أعداء الصحافة من العقاب، وحماية البيئة من الحروب والأنشطة العسكرية، وتكريس ثقافة التسامح بين الشعوب، وجعل العلوم في خدمة السلام والتنمية. وحتى التوعية بخطورة تسونامي مر يومها العالمي، فضلا عن يوم الطفل وآخر للتضامن مع مرضى السكري وضحايا حوادث المرور. وهناك من فكر حتى في يوم عالمي للمرحاض حتى يتذكّر سفهاء الناس أن المدينة المريحة لا تكتمل إلا إذا كان لأهلها وعي علمي وأخلاقي بأهمية المرحاض وتوفير الماء وشبكات الصرف الصحي.

في الأسبوع القادم، ستنطلق حملة القضاء على العنف ضد المرأة وإحياء ذكرى ضحايا الحرب الكيمياوية، وسيحيي أنصار فلسطين "اليوم الأممي للتضامن مع الشعب الفلسطيني". وإذ نُذكّر بهذه الأيام الأممية كل مرة، فلأن الذكرى تنفع المؤمنين بها وبقيمتها الإنسانية والجمالية، وحتى تصبح هذه الأيام من صميم الثقافة المغاربية في مقرراتنا المدرسية وبرامجنا الإعلامية وحياتنا اليومية.

منذ يومين مر علينا اليوم العالمي للتصنيع في أفريقيا، لم يحظ هذا اليوم في فضائنا المغاربي بما يليق به من الاهتمام كأغلب الأيام العالمية. غير أن اليوم العالمي للفلسفة كان محظوظا، هذا العام، في السوشل ميديا والأوساط الأكاديمية والمنابر الإعلامية. وازدان الفضاء الأزرق بمئات المدونات والتغريدات والمنشورات حول الفلسفة، مدحا وثناء واحتفاء بأهميتها.

وكما أصبح لنوفمبر أيامه العالمية في المحفل الأممي، فله، أيضا، مكانة مرموقة في ذاكرة الشعوب وفي شعرهم أيضا، غير أن نفوذه في الجزائر لم يسمح لأي شهر بمزاحمته حتى وإن كان يوليوز شهر الاستقلال.

وقد كان مفدي زكريا شاعر القومية الجزائرية، بلا منازع، منح لنوفمبر مقاما جليلا في أشعاره، ولاسيما في الإلياذة: (نوفمبر جل جلالك فينا *** ألست الذي بث فينا اليقينا)، وهو يقين لم ينل منه أكتوبر 1988، ولا يناير 2011، باستثناء فبراير 2019، الذي تمت دسْترتُه، وأصبح يوما قوميا تخليدا للحراك الشعبي المجيد. فهل يفلح الثاني والعشرين فبراير أن يكون بنفس بهاء نوفمبر وأبهته الثورية؟ وهل سيكون منعطفا في اتجاه جزائر الحرية والتنمية والمساواة؟ هل سيكون نقْلةً نوعية أم مجرد تكرار؟

لا علينا، على الصعيد المغاربي، تدفقت مياه كثيرة تحت جسر 2011، الجسر المغاربي الذي تعرّض إلى المزيد من التشقق الشهور الأخيرة، وبالرغم من أنه يبدو آيلا للسقوط، إلا أنه مازال صالحا للتواصل ولو بشكل بطيء وشديد الحذر.

أربعة أسابيع تفصلنا عن العام الجديد، الوضع المغاربي بالغ الهشاشة في نظر أغلب المحللين، لكنه لدى بعض منهم ينطوي على شروط قوية للإقلاع، فالطريق إلى رئاسيات ليبيا يبدو مشجعا، بعد أن دخلت شخصيات إشكالية بارزة ومثيرة للجدل مضمار السباق. منحنى الثقة في مستقبل ليبي واعد في تصاعد مضطرد، وهذا التحول سيصب في مصلحة تونس التي دخلت بطريقة غير تقليدية في سلسلة إصلاحات منذ أربعة أشهر. وحتى إذا وُصف ريجيم قيس سعيد بالاستبداد (despotisme) فهذا لا يقلل من حظوظ تونس في التغير الإيجابي من حيث أن قيس سعيد يشتغل في إطار توافقي مع عدد من الأحزاب والتنظيمات الكوربوراتية. فالاستبداد من صميم الممارسة السياسية على عكس الطغيان (Tyrannie). وما دام هناك توافق، إذن هناك سياسة، أما إذا غاب هذا الشرط خرج الوضع من السياسة إلى الطغيان؛ ولهذا نجد في التاريخ من يوصف بـ"المستبد المستنير".

ثمة ما يؤشر على أن الوضع الليبي-التونسي يسير في اتجاه الانفراج السياسي والأمني، وكتحصيل حاصل سينعكس ذلك إيجابا على الوضع الجزائري الذي يكون قد استكمل مؤسساته المنتخبة بعد الانتخابات المحلية التي ستجرى يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري، كما سينعطف الوضع الجزائري-المغربي في اتجاه مباغت قبيل القمة العربية شهر مارس وفي سياقها. قد لا تروق هذه القراءة لعدد من المحللين والمهتمين بالشأن المغاربي، ومن حق هؤلاء أن يروا ما يتناغم مع قناعاتهم، وتبقى مجرد قراءة متفائلة، لكنها قراءة لا تخلو من واقعية لا تدركها العين المجردة. ولأن نوفمبر/تشرين هو أفضل الشهور لرياح التغيير والمواعيد المبهجة، أردد مع نزار قباني:جاء تشرين يا حبيبة عمري *** أحْسنُ الوقت، للهوى، تشرينُ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال