الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي جانب من أجدادك قد انحدر من القرود

محمد زكريا توفيق

2021 / 11 / 26
الطب , والعلوم


استمر داروين يعمل في منزله الريفي خارج مدينة لندن في هدوء. واستمر في جمع البيانات والأدلة لتدعيم نظريته التي وضع خطوطها العريضة عام 1844م. لكن ما قام بنشره حتى الآن لا يشير إلى نظرية التطور من قريب أو بعيد.

في عام 1846م، قام بنشر دراسته عن جيولوجية أمريكا الجنوبية. الثماني سنوات التالية قام بتكريسها لدراسة البرنقيل (حيوانات تنتمي لمجموعة الجمبري والسرطانات البحرية).

شاهد داروين ابنته آن، أقرب أبنائه إلى قلبه، وهي تنازع مرض الانفلونزا، ثم وفاتها بين يديه عم 1851م عن عمر لم يتجاوز العشر سنوات، مما أفقده الثقة في الدين والملائكة. بعد وفاة ابنته، لم يستطع مناقشة إيمانه المزعزع مع زوجته إيما.

مع الخوف والتعب والحزن بسبب وفاة ابنته، كان داروين مسحورا بالبرنقيل. لقد تبين له أنها المجموعة المثالية من الحيوانات التي تبين كيف حدث التطور.

كان في مقدور داروين أن يرى كيف تطورت أنوع البرنقيل التي جمعها من سواحل شيلي، والتي تشمل نوعي الذكر والأنثى، من الأنواع الشائعة الخنثاء التي لها جنس واحد، عن طريق التحول إلى أنواع وسيطة أخرى. وكان داروين مندهشا لكثرة عدد أنواع البرانقيل التي تختلف في تركيبة أجسامها.

هنا تحقق داروين أنه أمام معين لا ينضب من الحيوانات الخام التي تعمل فيها قوانين الاختيار الطبيعي. في البداية، كان يعتقد أن الاختيار الطبيعي يعمل في أوقات معينة، مثل بداية ظهور المد أو الجزر، أو عند غرقها تحت سطح الماء. لكن كثرة أنواع البرنقيل، جعلته يعتقد أن قوى الاختيار الطبيعي تعمل طول الوقت للتحول من نوع إلى آخر.

هذه الأفكار لم تر النور في كتابات داروين عن البرنقيل التي بلغت الألف مدون، والتي بسببها، اكتسب داروين المديح والجوائز والاحترام الذي يسعى إليه كواحد من أفضل علماء التاريخ الطبيعي.

في عام 1854م، كان مستعدا للخروج من عزلته، ومعاودة التفكير في نظريته، نظرية الاختيار الطبيعي التي تفسر كيف يحدث التطور بين الكائنات.

في مايو عام 1856م، شرع داروين في كتابة كتاب آخر، اختار له في البداية عنوان "الاختيار الطبيعي". في شهر أكتوبر من نفس العام، كان قد أتم فصلين من الكتاب عن تنوع الكائنات. في بداية السنة التالية، أتم فصل آخر عن التغيرات الطبيعية. وفي شهر مارس، أتم الفصل الخاص بالصراع لأجل البقاء. في منتصف عام 1857م، كان منهكا يشعر بأحد نوبات المرض، فتوقف عن إكمال كتابه.

في 18 يونية عام 1858م، تلقى داروين رسالة بريدية مفزعة من شاب يدرس التاريخ الطبيعي اسمه "ألفريد رسل والاس"، كان يعمل لسنين عديدة في جزر الأرخبيل بملاي الأندونيسية.

كان والاس يطلب رأي داروين في بحثه الذي قام بتلخيصه في رسالته لداروين. قال فيه أنه يرى أن الاختيار الطبيعي يلعب دورا أساسيا في تغيير شكل المخلوقات الحية.

صعق داروين عندما قرأ الخطاب، وكتب في الحال رسالة إلى العالم الجيولوجي المشهور "ليل" يخبره فيها بأنه محبط. قائلا: "لقد توصل والاس إلى ما قد توصلت إليه طوال عمري، ويستخدم نفس التعبيرات التي أستخدمها كعناوين لدراستي"

كان داروين في حيرة من أمره. هل يقوم بنشر دراسته عن التطور أم لا. وكان يقول: "أنا أفضل أن أقوم بحرق كتابي عن التطور، على أن يعتقد أحد، والاس أو غيره، أنني قد تصرفت بطريقة غير أخلاقية. لكن كلا من "ليل" و "هوكر"، كانا من رأيهما أن يقوم داروين بنشر نظريته بالرغم من خطاب والاس. غير أن داروين رفض الانفراد بنسبة الفضل إلى نفسه، وقرر إشراك والاس معه. هذا أمر يدل على نبل أخلاق داروين.

في أول يوليو عام 1858م، قام داروين ووالاس بنشر مقال علمي مشترك في جريدة علمية عن تنوع الكائنات ومواءمتها للبيئة عن طريق الاختيار الطبيعي.

يخبرنا التاريخ أن رواد الحضارة والعلوم، كانوا أبطالا منبوذين ومكروهين في وقتهم. لكن كان يأتي معهم ثلاث حقائق:

- قوة الإقناع، كانت تستقطب بعض الأصدقاء المهمين.
- تنوع الأفكار العلمية، تجعل عدد المؤيدين للفكر الجديد لا يستهان به.
- النظريات الجديدة، تقابل بالترحاب. لأن الثورات العلمية، عادة، يسبقها فترة طويلة من التعارض والشك في النظريات القديمة.

لذلك، عندما ظهر كتاب أصل الأنواع الذي يشرح فيه داروين نظريته في النشوء والارتقاء، قوبل بالحماس والرضا من علماء مهمين في بريطانيا العظمى. توماس هكسلي، لام نفسه لأنه لم يكتشف بنفسه النظرية. والاس، كما رأينا، سبق هكسلي وفكر فيها. هوكر الذي كان يؤمن بعمق بنظرية الخلق الذكي وثبوت الخلق، تحول فورا إلى نظرية التطور بعد قراءته لكتاب أصل الأنواع.

بعد سنوات قليلة، كانت نسبة المؤيدين لنظرية التطور لداروين في تزايد مستمر. بالرغم من أن أسباب التطور كما عرضها داروين كان يشوبها قليل من الشك.

بالطبع كانت هناك معارضة شديد لنظرية التطور لداروين. بعض المعارضة كانت أقل مصداقية من الأخرى لأسباب مختلفة. لذلك لم تستطع التوحد في معارضة قوية. مثل حال أحزاب المعارضة في بلادنا اليوم. الجهلة بالأمور البيولوجية لم يستطيعوا نقدها بطريقة علمية.

في شتاء عام 1860م، عندما كانت إنجلترا تقبع تحت وابل من العواصف الثلجية، جلس آلاف الناس بجوار الدفايات، يحتسون الشاي بالنعناع أو القرنفل، ويقرأون كتاب أصل الأنواع لداروين. 1250 نسخة من أول طبعة، نفذت من الأسواق في يوم واحد. في شهر يناير من نفس العام، طبعت 3000 نسخة أخرى.

أرسل هكسلي، عالم الفسيولوجيا والجيولوجيا، وأشد أعوان داروين والمدافعين عن نظريته، كلمات إطراء إلى داروين، ومعها تحذير بأنه هناك بوادر لعاصفة تلوح في الأفق، ومعركة قادمة لا محالة. "إنني أشحذ أظافري وأسناني استعدادا لهذه المعركة."

كتبت الصحف مقالات مختصرة عن كتاب أصل الأنواع. لكن الدوريات العلمية البريطانية كانت قد قدمت نقدا لاذعا قاسيا. بعضها كان مؤيدا، لكن غالبيتها كانت معارضة.

هكسلي، وعلماء آخرون، قاموا بتأييد داروين في كل ما كتبه. بينما غالبية الدوريات والمجلات العلمية، رأت في الكتاب تجديف وكفر، والعياذ بالله. جاء في النشرة الدورية ربع السنوية، أن نظرية داروين تتعارض مع علاقة الخالق بمخلوقاته، ولا تستقيم مع كمال قدرته، جل شأنه.

النشرة الدورية التي أغضبت داروين أكثر من غيرها، هي نشرة إيدينبرا عام 1860م. فالنقد الذي جاء بها لم يكن موقعا. لكن كان من السهل استنتاج أنه أسلوب “ريتشارد أوين" عالم البيولوجيا، الذي كان يكن عداء شديدا لداروين.

فقد وصف أوين كتاب داروين، "أصل الأنواع"، بأنه مسبة للعلوم. وكان يحتج بأن داروين ورفاقه، يتسمون بالمادية العمياء. فهم يدعون أن الاختيار الطبيعي هو الطريق الوحيد الممكن للخلق. بينما هناك طرق أخرى للخلق لا تتعارض مع الكتاب المقدس.

ومع ذلك، فعل داروين ما لم يستطعه أوين. فبينما كان يحاول أوين التوليف بين الاكتشافات الحديثة في علم البيولوجيا والكتاب المقدس، نجده قد انتهي إلى مفاهيم غامضة. مثل ما يسمى بالنموذج الأصلي واستمرارية الخلق. أما داروين، فقد أمكنه بسهولة تفسير التشابه بين الأنواع، بنظريته التي تعمل في كل زمان وكل مكان، بدون تعارض.

كتب أوين نقده بدافع الغضب من داروين وهكسلي. فقد كان هكسلي يزدري أوين في محاضراته، التي كان يلقيها على الملأ، وينتقده بمرارة. وكان يبغضه لسببين:
السبب الأول، لانتماء أوين لطبقة العلماء الأرستقراطيين. بينما هكسلي، عالم من أصل متواضع ينتمي لعامة الشعب.
السبب الآخر، هو أن هكسلي كان يرى أوين، ممثلا للعلم الرديء. ولقد نعت هكسلي نظرية أوين، "النموذج الأصلي"، بأنها مجرد كلام فارغ وليست نظرية علمية.

كان أوين غاضبا من معارضيه، إلى الدرجة التي جعلته يقول في أحد محاضراته للعامة، موجها كلامه إلى هكسلي وكان حاضرا، " أي واحد لا يستطيع أن يرى تسلسل الحفريات المسجلة عبر الزمن على أنها عمل إلهي، لا بد أن يكون معاقا عقليا." يعني أهبل.

الحرب الضروس بين هكسلي وأوين بدأت تهدأ بعض الشيء، قبيل نشر كتاب أصل الأنواع لداروين. وكان أوين يحاول في تلك الفترة، إثبات أن أصل الإنسان يختلف عن باقي الحيوانات.

لقد سبق أوين أن قام عام 1850م بتشريح قرود إنسان الغابة، وقرود الشمبانزي، والغوريلا لدراسة هياكلها العظمية. وبذل جهدا كبيرا للبحث عن شيء يميز الإنسان عن هذه الحيوانات. وكان يقول: "إذا لم نكن سوى نوع آخر من القرود، فماذا تبقى لنا من كرامة وكبرياء؟"

الذي يجعل الإنسان يتميز تميزا كبيرا عن باقي الحيوانات، هو قدرتنا العقلية. وقدرتنا على الكلام والاستنتاج. لذلك فحص أوين مخ القرود للبحث عن هذا الفرق. وفي عام 1857م، ادعى أوين أنه وجد ضالته. فنصفي كرة المخ في الإنسان، يمتدان كثيرا إلى الخلف مكونان فصا ثالثا. أسماه أوين القرين.

هذا القرين، وهو خاص بالإنسان فقط، كفيل بأن يضع الإنسان في مكان خاص به. إذن، مخ الإنسان يختلف عن مخ الشمبانزي. ومخ الشمبانزي يختلف عن مخ حيوان منقار البطة (البلاتيبوس). (وهو حيوان له منقار بطة، والحيوان الوحيد الذي يبيض ولا يلد.)

اشتبه هكسلي في أن أوين قد خدع بدراسة أمخاخ حيوانات لم تحفظ جيدا. وبنى تصنيفه على خطأ جسيم. فكتب هكسلي ما يلي:
"في الواقع، مخ الإنسان لا يختلف كثيرا عن مخ الغوريلا. ومخ الغوريلا لا يختلف كثيرا عن مخ قرد البابون. ولست أنا الذي يحاول النيل من كرامة الإنسان وجعلها رهنا بوجود شبه بين الإنسان والقرود. لكنني أحاول وأبذل ما في وسعي كي أمحو غرور الإنسان هذا."

نقد أوين العنيف لنظرية أصل الأنواع لداروين، رفعت درجة حرارة التوتر بين أوين وهكسلي أكثر من قبل. وبعد شهور قليلة، انفجرت عداوتهما عام 1860م. وعندما عقدت رابطة تقدم العلوم البريطانية اجتماعها السنوي في اكسفورد، الذي حضره آلاف المدعوين، ألقى أوين، رئيس الرابطة، كلمته. شارحا مرة أخرى كيف يختلف مخ الإنسان عن مخ القرد.

لكن هكسلي جلس متربصا له. وعند نهاية كلمته، وقف هكسلي معلنا أنه لتوه قد وصله خطاب من عالم تشريح أسكتلندي مشهور، قام بتشريح مخ قرود الشمبانزي، فوجد أن مخ الشمبانزي يشبه إلى حد كبير مخ الإنسان، بما في ذلك الفص الثالث المسمى البطين.

لم يجد أوين بدا من الدفاع عن نفسه، وسط هذا الحشد الغفير من العلماء. ويبدو أن هكسلي قد اختار أفضل مكان لإحراج ومهاجمة وإلحاق الخزي بغريمه أوين.

بعد كسب معركة مخ الإنسان، عزم هكسلي على مغادرة اكسفورد اليوم التالي. لكن تشامبرز، مؤلف كتاب الآثار، نصحه بالانتظار للدفاع عن داروين. لأنه قد نما إلى علمه أن الأسقف صامويل ويلبرفورس، سيهاجم داروين في المؤتمر.

الأسقف له وزن ديني كبير. ولسنوات عديدة، يقف ضد فكرة التطور بصفة عامة. لقد سبق له عام 1844م، أن هاجم كتاب الآثار الذي تعرض لمناقشة التطور. واتهمه بأنه مجرد تخمينات غبية.

لذلك كان من المتوقع الا تختلف وجهة نظره في كتاب داروين عن ذلك. وكان أوين يحل في ضيافة الأسقف أثناء وجوده في اكسفورد. وبالتالي كان يوحي إليه بالمعلومات التي سوف تساعده على شجب أفكار داروين، عندما يقوم الأسقف بإلقاء كلمته.

افتتح أوين المؤتمر في اليوم التالي. وأمام حشد غفير من العلماء، يملأ القاعة الكبيرة، قال أوين: "دعونا نهب أنفسنا على الدوام جادين لقضية البحث العلمي. واثقين من أن الممارسة تشحذ الذهن، وتجعلنا أكثر كفاءة. فكلما كنا أكثر قدرة، كلما كنا أكثر ملاءمة للتقرب إلى الله."

ألقى متحدث آخر محاضرة عن تطور الثقافة الأوربية في ضوء أفكار داروين. وكانت فاترة وطويلة ومملة وذات أسباب واهية. بالرغم من ذلك لم يغادر الحاضرون القاعة، لأنهم كانوا في انتظار سماع الأسقف.

وقف الأسقف ويلبرفورس، وكان قد نشر نقدا لكتاب داروين في أحد الدوريات. فأعاد بعض ما كتبه في نقده أمام الحاضرين. ولم يذكر أن الإنجيل يجب أن يكون آلية للحكم على العلوم.

لكنه قال في الماضي في كتاباته أن: "الأخطاء العلمية التي جاءت في نظرية داروين، ليست أخطاء بسيطة، وخصوصا عندما تحدى قدرة الرب على الخلق. لقد أخطأ داروين، وكتابه بني على افتراضات شاطحة بدون أية دلائل واضحة. حجته مبنية على فكرة الاختيار الطبيعي، التي لم يكتشف أحد دليلا على صحتها."

وبدلا من تكرار الأسقف لما قاله في كتاباته السابقة، كرر أمام الحاضرين بعض أفكار أوين التي تقول بأن: "كل المخلوقات هي تعبير بالمادة عن أفكار أبدية، وجدت في عقل الخالق. هذا النظام التام وعلاقاته الكاملة، التي تعمل بين مخلوقاته، وجدت أولا عند أعظم عقل. عقل رب الجميع."

عندما أنهى الأسقف خطابه، نظر إلى هكسلي وقال ساخرا: “أي جانب من أجدادك قد انحدر من القرود." لكن هكسلي هب واقفا متحديا الأسقف ومجيبا على سؤاله قائلا:

"لم يقل الأسقف شيئا جديدا، فيما عدا سؤاله عن أجدادي. وإذا سألني شخص ما عما إذا كنت أفضل أن يكون جدي من سلالة بائسة من القرود، أو يكون جدي رجل موهوب بالفطرة ويمتلك الكثير من الأموال والنفوذ، إلا أنه يستخدم هذه الملكات وهذا النفوذ، لإقحام التهكم والسخرية في مناقشات علمية جادة. أقول للسائل أنني أفضل بدون أي تردد أن يكون جدي من القرود."

ضجت القاعة بالضحك المتواصل، إلا أن وقف رجل بشعر شايب وأنف روماني وسط الحاضرين ينتفض غضبا. هو الكابتن فيتزروي ربان السفينة بيجل التي كان عليها داروين أثناء دراسته للتطور.

لم تكن العلاقة بين داروين وفيتزروي على ما يرام خلال السنوات الماضية. فالكابتن كان يعتقد أن كتاب داروين عن رحلة السفينة بيجل، يفخم الذات ويخلو من الإشارة إلى جهود الكابتن وبحارته، في مساعدة داروين أثناء رحلته.

بالرغم من أن فيتزروي كانت له دراية متواضعة بعلوم جيولوجية قديمة، إلا أنه عاد وتفرغ لدراسة الإنجيل. في كتابه الخاص برحلة السفينة بيجل، حاول فيتزروي أن يفسر كل ما رآه وجمعه هو وداروين، في ضوء حدوث فيضان نوح. لكنه قد فزع عندما وجد أن داروين يتجه إلى الإلحاد، ليس بإنكاره حدوث الفيضان فقط، وإنما بإنكاره عمل الرب أيضا.

جاء الكابتن إلى اكسفورد لإلقاء محاضرته عن العواصف. وعندما انتهي هكسلي من الرد على الأسقف، وقف الكابتن فيتزروي ليقول، كيف أنه كان فزعا عندما وجد أن داروين يتبنى أفكارا تتعارض مع الإنجيل. ثم أعلن أن قراءة كتاب أصل الأنواع سببت له ألم حاد. ثم رفع فيتزروي كلتا يديه فوق رأسه حاملا الإنجيل، سائلا الحضور الإيمان بالرب وليس بالإنسان. هنا عج المكان بالصراخ طالبين منه الجلوس.



جاء الآن دور جوزيف هوكر عالم البيولوجيا وأحد مؤيدي داروين، لإلقاء محاضرته. صعد هوكر إلى المنصة، وقام بمهاجمة الأسقف ويلبرفورس. واتهمه بأحد أمرين: إما أنه لم يقرأ كتاب أصل الأنواع لداروين، أو أنه جاهل تماما بمبادئ علم البيولوجيا. وفي النهاية، انتهي المؤتمر لصالح داروين. وأصبح هو سيد الموقف.

لم يحضر داروين مؤتمر اكسفورد. وكان قد بلغ الخمسين من عمره، ويعيش في شبه عزلة. بينما كان هكسلي وهوكر يقومان بالدفاع عنه في اكسفورد، كان هو في ريتشموند يعالج من مرضه المزمن. هناك كان يقرأ رسائل الأصدقاء التي تصف له ما دار في المؤتمر. وكان يقول: " إنني أفضل أن أموت على أن أرد على هجوم الأسقف على كتابي في محفل مثل هذا."

أصبح مؤتمر اكسفورد بسرعة مؤتمرا أسطوريا. اعتقد الأسقف أنه ربح المناظرة. بينما اعتقد كل من هكسلي وهوكر، أنهما قد أصابا الأسقف في مقتل. بقدوم عام 1870م، كان معظم العلماء الجادين في بريطانيا يقرون بحدوث التطور بين الكائنات. إلا أنهم كانوا يختلفون في كيفية حدوث هذا التطور.

ملحوظة: من كتابي بعنوان "قصة نظرية التطور لداروين"، يمكن تنزيل الكتاب من هذا الموقع بالمجان:
https://archive.org/details/zakariael_att_201703/mode/2up
باقي كتبي يمكن تنزيلها من هذا الموقع:
https://archive.org/details/@zakariael








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عاش صديقنا الرائع الاستاذ زكريا-لقد لخصت لنامعركة
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 11 / 26 - 03:24 )
الانتصار الكبرى بين العقل التقليدي المشوب بالخرافات والعقل الجديد-العلمي الذي كان فاتحة الانتصار النهائي وبداية حضارة العلم-وبصراحة ونتيجة للانشغال بامور الحياة والسياسة لم اكن ادرك ان هذه المعارك كانت بالامس القريب انها كانت لاتبعد الا 75سنه عن تاريخ ميلادي عام 1935 ولكنها للاسف الشديد لازالت تلك المعارك ونتائجها عن واقعنا في شرقنا الاحمق-استاذ زكريا تصور اجتماعا كاجتماع اكسفورد الان في عام 2021 اي في القرن ال21 في القاهره او بغداد بحضورنا وحضور شيخ الازهر او السفيه خامنئي ويتجراء احدنا في الدفاع عن نظرية التطور وتسفيه خرافة الخلق فماذا سيكون مصيره-لماذا بعد تجاوز الغرب لماءسي القرون الوسطى وسفاهات الفكر الديني اصبح غفورا رحيما مع التطور العلمي في حين لايزال شديد العقلب عندنا الى حد القتل والسحل مع صيحات -كفره كفره زناديق=مع الشكر الجزيل استاذ زكريا على هذه المقاله وعلى كل ماتنشره-تحياتي


2 - إلى العزيز الدكتور صادق الكحلاوي
محمد زكريا توفيق ( 2021 / 11 / 26 - 09:07 )
تعليقاتك تنير صفحتي يا دكتور صادق، فشكرا لمرورك الكريم. متعك الله بالصحة وطول العمر. داروين جمع المعلومات اللازمة له في رحلته لمدة خمس سنوات، وكتب نظريته في 20 سنة، وظل يراجع نظريته لمدة 20 سنة أخرى. يعني نظرية التطور، أخذت عمره كله تقريبا. ونجد في بلادنا من يكذبها ويلعن جدود داروين، وهو لم يقرأ كتابه ولا يعرف شيئا عن علم الأحياء. وقد كانت لشيخ الأزهر سلسلة محاضرات تليفزيونية يهاجم فيها نظرية التطور لداروين من منطلق ديني بحت. يا دكتور صادق، نحن لا ندرس نظرية التطور في مدارسنا وشعوبنا لا تعرف عنها شيئا. وهي أساس الزراعة وصناعة الأدوية الحديثة في الغرب الآن. فهل نعلم حجم الكارثة التي يقودنا رجال الدين إليها.


3 - اليست المسالة ابسط من هذا
ايدن حسين ( 2021 / 11 / 27 - 05:56 )
تحية للاستاذ زكريا
اذا نظرنا الى الحيوانات فانها تحمل في احشائها القلب و البنكرياس و الكبد و الرئتين و العيون و الاذان الخ
و اذا قارنا الانسان بالحيوان سنرى نفس البنكرياس و القلب و الرئتين و العيون الخ
حتى النباتات متكونة من خلايا تماما كالانسان المتكون من خلايا
و هذا دليل اكيد على ان اصل الحياة هو واحد
و ليس كما تدعي الديانات الابراهيمية ان ادم مخلوق بشكل مختلف و منفوخ فيه الروح
فهل وجود فص صغير في مخ الانسان و عدم وجوده في الحيوانات تضر بنظرية التطور
هناك حشرات و اسماك قادرة على توليد الضوء داخل اجسامها و الانسان غير قادر على ذلك
و هناك حيوانات و حشرات قادرة على صنع السم داخل اجسامها
و هناك اسماك قادرة على توليد صعقة كهربائية
و اخرى قادرة على التحسس بالاشارات الكهربائة الضعيفة جدا التي تولدها فرائسها
حتى الخفاش .. فانه قادر على توليد اصوات فوق صوتية و استلامها مرة اخرى لتثبيت اماكن غذائها
و الصقور ترى من بعيد جدا
ما لا افهمه .. لماذا كل هذا الاهتمام بالهياكل العظمية و الجماجم القديمة في حين ان الامر اوضح من نور الشمس
اصل الانسان و الحيوان بل حتى النبات هو واحد
و احترامي
..

اخر الافلام

.. حلقة Researcher بتخبركن عن تطوير اجهزة استشعار لاكتشاف السرط


.. مشروع قانون بريطاني يسعى لخلق جيل خال من التدخين




.. خدمة جديدة من غوغل للعثور على الهاتف وإن كان مغلقاً


.. طفل فلسطيني يجمع قطرات المياه من خزان متنقل في غزة ليرتوي




.. الثاني عربياً والأول سورياً.. وفاة رائد الفضاء محمد فارس