الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(اعطيه الاذن الطرشة)!

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2021 / 11 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يمتد الألم في حياة الانسان الى بداية شعوره بالحياة، فنشعر بالظلم، وكلما نمر عبر الزمن نخزن فيه الذكريات وتصبح ممتلكات، ونكون صور فكرية عن أنفسنا، صور تجسد شخصيتنا، كالمعتقدات والدين والقومية والوطنية والأعراف العامة وغيرها ليصبح من الممتلكات المقدسة لدينا.
يزداد شعورنا بالأذى والالم عندما يجرح أحدهم هذه الصور الفكرية التي نمتلكها، لأنه يمس انويتنا (الأنا) بشيء عظيم. هل ترى ذلك الألم في الواقع؟ الالام تخزن في الذاكرة، فالألم القديم يجنبك خوض تجارب مثيله تنتهي بالتألم مستقبلا، كوسيلة حماية ذاتية لا يمكن تجاوز حفظه في الذاكرة، وهناك الم فقدان الأحبة بالإضافة للآلام التي ذكرناها في المقدمة، فهل يمكن تجنب الألم؟ هل يمكنك ان تعيش عالما بلا الم! هل يمكننا ان نعيش كالحجر بلا الم! الفكر هو الذي يخلق الألم ويحفظه في الذاكرة كمتعلقات ومرافقات، فنحن كبشر نتألم ونشعر بالظلم، فهل تريد الابقاء على ألمك؟؟؟ ان عمليه الفكر(التفكير) هي التي تخلق الألم، فكيف تتجنب الالم مستقبلا؟ ليس بالانسحاب او الجمود او المقاومة.
لو تأملنا خوارزمية الألم في الانسان، ندرك بان الألم ضروري في حياة الانسان لمعالجة الاذى، هناك سعادة في الاحتفاظ والابقاء على الألم، لأنه كما ذكرنا ذلك سابقا وسيلة حماية اجتماعية، مثلها مثل الألم الناجم عن جرح أحد الأعضاء البشرية، ينبهك لفعل شيء لمعالجة الألم الناجم عن الأذى العضوي، بعد ان يستنفذ الحماية الداخلية قدرتها للمعالجة عن طريق الغدد الصماء، كما ان الأذى الناجم عن بعض آلام الظلم الاجتماعي، يعطي القدرة والحيوية لإيذاء الاخرين.. إذا تخلصت من كل الالام فلا يمكن النجاة من الأذى، باي حال من الأحوال، لأنها تمتد الى علاقاتك بالدنيا وما فيها او مع اصدقائك واقربائك، هل تعلم ماذا يعني النجاة من الأذى؟ أي ان يصبح لك عقل غير قابل للأذى!!
ان الأذى يقابله في الجانب الاخر الفرح والسرور، فالإطراء والمديح على سبيل المثال يجلب لك السعادة والفرح النفسي، والالم يجلب لك الأذى النفسي، وكلاهما يتشابهان، أي ان الفكر يحتفظ بهما بنفس الكيفية في الذاكرة ليعيش معك. السؤال الان هل بالإمكان التخلص من الاذى؟ إذا فعلت ذلك فانت تزهر بالفضيلة ومعجن بها! ماذا يعني الأذى؟ ابوك اذاك في الطفولة، اصدقائك اذوك في المدرسة، المعلم حين يقول لك كسلان، ولماذا لست مثل اخاك وتأذيت نفسيا! إذا لم تحصل على وظيفة تتأذى، مفردات وكلمات اجتماعية تؤذيك، التعليم الفاسد الذي يؤذيك، يجعلك كل منغصات الحياة ان تدرك حقيقة بانك تأذيت، وتريد بالمقابل تؤدي الاخرين نتيجة لذلك الألم الذي يجتاحك بسبب الظلم الاجتماعي، من ذلك ينبع الغضب، المقاومة، ويجعل الانسان انطوائيا وينعزل عن محيطه، وكلما انعزل سحب الآم أكثر.
يتكون الأذى النفسي بسبب الصور الفكرية التي يخزنها ذاكرتك عن نفسك وقدراتك، فعلى سبيل المثال انت طبيب اختصاص وعدد مرضاك قليلين او اقل من اقرانك، ستتأذى نفسيا، لان لديك صورة فكرية عن نفسك، الصور الفكرية غير قابلة للمجادلة والاستنتاج، ليس تعصبا بل شكل من اشكال الصور، وفي اللحظة التي تهينني بها اي تقول شيئا معاكس للصور الفكرية التي املكها عن نفسي، فانت تؤذيني. لذا من الافضل ان تبني جدارا حول نفسك وتتظاهر بالمنعة. فالحقيقة طالما ان لدي صور عن نفسي فان هذه الصورة تتأذى وعيا ومن الداخل. السؤال المهم هل بإمكاننا العيش بدون صور فكريه أي ضد خوارزمية التصميم البشري؟
لا يمكننا الغاء خوارزميات تصميم البشر، ولكن هناك أسلوب بسيط وفعال جداً في استيعاب الأذى وتعبيرها دون أي رد فعل، جاء في المثل الشعبي القائل (اعطيه الاذن الطرشة)! فانت تنتبه بعمق للقول النابي وتعبره بان تعطيه الاذن الطرشة، ففي اللحظة التي تقول كلمة تؤذيني، وانا واعي لما تقوله تماما، منتبه لما تقوله في تلك اللحظة، لن تسجل، ان لم يكن هناك انتباه فان تسجيل الاحساس بالأذى او الاطراء تأخذ محلها من الذاكرة الفكرية. فاذا قال أحدهم لك أحمق، فهل تستطيع ان تعطي كل انتباهك في تلك اللحظة؟ إذا تمكنت فلا يصابك اذى، اما إذا استعنت بالذاكرة الفكرية فتتأذى، ففي حالة الانتباه اللحظي تمحى الاذى الماضي في الذاكرة، بسبب الانتباه والتيقظ، هذا التيقظ او الانتباه مثله مثل الشعلة تحرق الام الماضي والحاضر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على