الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحوُّل الروحاني: الصلاة والدعاء والتأمل

راندا شوقى الحمامصى

2021 / 11 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقرأ في معجم اللغة أن كلمة التأمل تعني حالة من التفكّر العميق المتواصل في جو من الهدوء والسكون والوقار والإجلال. وهو تعريف يوحي إلينا مباشرة بمقدرتنا على أن: نعرف ونفكّر ونتأمّل ونكتسب الفهم والإدراك والوصول إلى الحقيقة. وحيث إن عملية من التأمل كهذه تعدّ جانباً لا غنى عنه في الوجود الإنساني، فإن التأمل والتفكر إذن هو عملية إنسانية. وحتى نقوم بها نحتاج إلى توفير جوٍّ من الصمت والسكون والهدوء، وأن تتجلى في تلك اللحظة قدرتنا على إبعاد أنفسنا عن الإهتمامات اليومية المعتادة، ثم نبدأ في تقييم أنفسنا ومساءلتها والخروج بالإجابات الصادقة.
على هذه الشاكلة مبدئياً تتم الإكتشافات العلمية، وبها توضع الحلول للمسائل المحيِّرة، ويتم التوصل إلى إجابات للتساؤلات، ثم تتحقق رؤية جديدة. فالتأمل في السياق الروحاني هو التفكر بعمق بمواضيع لها ارتباطها في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق الوحدة والقيام على الخدمة وهذا ما يشمل أغلب مناحي الحياة. وفي هذا السياق نسأل أنفسنا كيف يمكن أن نصبح أكثر عدلاً ومحبةً وأكثر استنارةً ومساعدةً للآخرين، وأكثر اتساعاً في وعاء عقولنا ليسع العالم كله. علينا أن نتساءل ما الهدف من الحياة وكيف نحققه. وقد يجنحُ أحدنا إلى اتجاه معاكس محاولاً إيجاد الإجابات لتساؤلات من قبيل: كيف ننجح ونُبْدِع في خداع الآخرين، وكيف نتسلّط عليهم، كيف نقتل ونثأر وننتقم، كيف نخالف القانون ونتهرب من عقوبته. فكلا الوجهين يأتيان من التأمل والتفكر. أما الطريق الثالث الذي يستعمل الإنسان فيه مقدرته في التأمل فهو التفكُّر في كيفية إشباع رغائبنا انسياقاً وراء شهواتنا النفسية. فالتأمل في سياق التحوُّل الروحاني إنما يركّز دوماً على الخيِّر وما هو خلاّق وبنّاء ومعزِّز للحياة وصادق وأمين وعادل وجميل. وعليه، فإن التأمل الروحاني يتطلب الإنضباط ونحتاج فيه إلى العون والمساعدة. فهو لا يأتينا من نفسه تلقائياً، وأعظم عون نتلقّاه للتأمل الروحاني يأتينا من القيام بالصلاة والدعاء والإبتهال.
فبينما التأمل له صلته المباشرة بقدرتنا على المعرفة، فإن الصلاة والدعاء لا غنى عنهما لقدرتنا على المحبة، وفيهما نتصل بذروة هدفنا في المحبة. فالصلاة إنما هي حديث المحبة، والمحبّ فيها يتضرع بكل حرقة لمحبوبه متوسلاً بكل خضوع راجياً محبته وبركاته. ففي السياق الروحاني فإن المحبوب هو الله سبحانه وتعالى – مصدر كل الحقيقة والمحبة والعون. وعليه، فإننا بالصلاة نُشعل أرواحنا بنار المحبة ونفتح عقولنا وقلوبنا، ونجذب إلينا قلوب الآخرين، ونساهم في تأسيس علاقات متبادلة من المحبة والصدق والخدمة.
كثير من الناس لديهم موقف سلبي ويتردّدون في القيام بالصلاة والدعاء، بحجّة أنهم عندما كانوا يدعون بكل صدق وحُرقة طالبين شيئاً محدداً من الله، فغالباً ما يخيب أملهم في تحقيقه. فقد ندعو ونصلّي طلباً للشفاء ثم يموت المريض، ونطلب المال ونبقى في فقرنا، ونسأل النجاح فنفشل. إن موقفنا السلبي الذي كوّناه عن الصلاة والدعاء يرجع إلى عوامل مرّت بنا في مرحلة الطفولة فردياً وجماعياً. فالعلاقة الناضجة مع الله تستدعي الإحساس المرهف في استعمالنا قدراتنا في المعرفة والمحبة والإرادة. فالصلاة في شكلها الكامل يجب أن يقترن القول فيها بالعمل. وعليه، فإن الشفاء لا يتحقق بالدعاء والصلاة فقط، ولن يستفيد المريض المهزوم داخلياً واليائس من أي علاج طبي حتى لو صلّى ودعا. ذلك لأن قوة الإرادة ومحبة الحياة والتوجه المنطقي نحو العلاج هي الأسس الهامة لحصول الفائدة المرجوّة. فالدعاء والتأمل يضعانا في حالة إيجابية تجاه المرض، ثم نبدأ في السعي نحو أفضل علاج متاح. إلا أنه رغم كل ما نؤدّيه من صلاة ودعاء وعناية طبية لازمة نجد الكثير يموتون.
هنا يكتسي الدعاء أهمية أخرى؛ فالتأمل بالخسارة وأسبابها ليس من شأنه أن ينير أفكارنا من جديد حول أجَلِنا فحسب، بل يساعدنا في البحث عن أصناف جديدة من العلاج، ويطوّر معرفتنا الطبية ويعلّمنا كيف نقاوم المرض. أما التفكير بالخسارة والموت فإنه صعب جداً ما لم نجد المؤازرة من القوى المنبعثة من الدعاء والإبتهال بوصل أنفسنا بمصدر العلم والمعرفة ونسأله تعالى المزيد من البصيرة والتبصّر. وبالرجوع إلى الوراء في تفكيرنا نجد في كثير من الأحيان أن دعاءنا قد استُجيب له حقاً.
فلو تركنا جانباً هذه الأمور العملية لوجدنا أن الدعاء له أهمية أكبر بطريقة أخرى. فرغم كل الإعتبارات فإن الإنسان يُعتبر وحيداً. نعم، تجمعنا بالناس روابط الزواج، والعائلة، والصداقة... إلخ. ومع ذلك نبقى لوحدنا في أعماق أفكارنا ومشاعرنا الخاصة. فكم تُقْنا إلى مشاركة الآخرين بها ولم نقدر؛ فإما لعجزنا عن إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن مشاعرنا، أو لم نجد من يستمع إلينا أو أن شجاعتنا خانتنا. إلا أننا قادرون فعلاً على إشراك خالقنا معنا في كل شيء وفي جميع الأوقات. فلو قام كل فرد منا بالصلاة والدعاء بانتظام، وكلنا لنا مثل هذه التجارب، سنجد أنفسنا متّحدين بفضل القوى الروحانية المنبعثة من وعينا، ونشعر بدرجة عميقة من التآخي والترابط. وعندها تكون الصلاة والدعاء قوة فعالة للوحدة والوصول إلى الحقيقة في هذا العالم. فهي التي تؤلّف بين القلوب والعقول وتجمعها. فعندما يدعو الناس من أجل السلام والعدالة والحرية والمساواة، فإن أمواجاً جديدة من الوعي ترتفع في محيط الضمير الإنساني جالبة معها مزيداً من الوحدة والإتحاد والأمان والإطمئنان. بهذه الطريقة يغدو الدعاء عملاً يؤدي خدمة للآخرين ويدفعنا إلى ترجمة أقوالنا إلى أفعال وأفكارنا إلى أعمال.

فعالية الدعاء
قاعدة فعّالة للدعاء غاية فى الإختصار، والتمام، ضرورة زيادة الدعاء والتضرع بإتباع هذه الخطوات الخمس إذا ما اعترضتنا مشكلة من أى نوع نرغب فى إيجاد حل لها، أو نتطلع إلى المساعدة:-
(1)-الخطوة الأولى:
ادع وتضرع لهذا الأمر. استعمل فى ذلك أدعية المظاهر الإلهية (الرسل) . إذ أن لها قوة عظيمة جداً-التزم الصمت والتأمل بضع دقائق.
(2)-الخطوة الثانية:
توصل إلى قرار وتمسك به،فإن هذا القرار يولد دائماً أثناء التأمل وقد يبدو هذا القرار فى بعض الأحيان صعب التنفيذ ولكنه إذا ما تبين أنه جواب للدعاء أو وسيلة لحل المشكلة، عندئذ أقدم على الخطوة التالية مباشرة.
(3)-الخطوة الثالثة:
أعقد العزم على تنفيذ القرار. كثيرون يتعثرون هنا. فالقرار الذى يبرز إلى حيز الوجود قد يبدو غير سليم، وبذلك يصبح كرغبة أو أمنية غير واضحة المعالم وعندما يتولد العزم والتصميم، اشرع على الفور إلى الخطوة التالية.
(4)-الخطوة الرابعة:
آمن وأيقن بأن القوة سوف تنساب فيك، وأن الطريق القويم سوف يظهر، والباب سوف يفتح، وسوف يأتيك الفكر الصائب، والبلاغ الحق، والمصدر الصحيح، أو الكتاب المبين سوف يعطى لك، وثق بأن الشيئ الصحيح سوف يواتيك، وحينما تقوم من صلاتك أتخذ فوراً الخطوة الخامسة.
(5)-الخطوة الخامسة:
عندئذ تصرف كما وأن كل شيئ قد أستجيب لك. ثم اعمل بعزيمة لاتعرف التعب والملل. وفى أثناء عملك هذا، فإنك نفسك تصبح مغناطيساً يجذب تأييدات أكثر إليك حتى تصير مجرى منيعاً يسرى فيك الفيض الإلهى. كثيرون يتضرعون، ولكن لايستمرون إلا إلى النصف الأخير من المرحلة الأولى. وبعض الذين يتضرعون ويصلون إلى قرار ولكن يفشلون فى التمسك به. وقليل منهم لديهم التصميم على المضى قدماً، وثلة قليلة يوقنون أن الشئ يواتيهم. ولكن كم منهم يتذكرون فى أن يتصرف وكأن كل شيئ قد استجيب.(ما أصدق هذه الكلمات- أعظم من الصلاة الروح التى تتفوه بها-والأعظم من الطريقة التى يتفوه بها الروح التى تؤدى بها).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك