الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد المالي وأشكاله

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2021 / 11 / 28
الفساد الإداري والمالي


وهو مخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل المالي في الدولة ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة، وتتمثل أشكال الفساد المالي في الكسب غير المشروع والرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتبديد المال العام.

الكسب غير المشروع:

يعبر عن الكسب غير المشروع في بعض دول العالم بعبارة "من أين لك هذا ؟ " فلا شك بأن ثراء الموظف وحصوله على أموال وممتلكات لا يستطيع إثبات مشروعيتها أو كيف حصل عليها يفتح المجال للشك في استغلال وظيفته العامة ولا بدّ من الإشارة إلى أن ملاحقة جريمة الكسب غير المشروع لا تتحقق إلا من خلال الحصول على ما يدعى بإقرار الذمة المالية الذي يعلن من خلاله الموظف العامّ ومَنْ في حكمه ما لديه وما لدى زوجه وأبنائه القصر من أموال منقولة وغير منقولة، بما في ذلك الأسهم، والسندات، والحصص في الشركات، والحسابات في البنوك، والنقود، والحلي، والمعادن، والأحجار الثمينة، ومصادر دخلهم وقيمة هذا الدخل.

الرشوة:

تعني الرشوة الحصول على أموال أو منافع أخرى؛ من أجل تنفيذ عمل مخالف للأصول القانونية ، أو من أجل عدم تنفيذ عمل وفقاً للأصول، ويحتاج حدوث الرشوة في الحدّ الأدنى إلى وجود طرفين هما الراشي- الذي يعطي الرشوة، والمرتشي- الذي يأخذها، وقد يتطلّب الأمر طرفاً ثالثاً الرائش بينهما- الوسيط بينهما ، وتنتشر ظاهرة الرشوة في المجتمعات عامة، إلاّ أن حوادث كشفها ومتابعتها، ومحاسبة المتورطين فيها تظهر وتسجل في الدول المتطورة والمتقدمة، التي تملك نظاماً قانونياً، وسيادة للقانون وأجهزة رقابة فعالة ومستقلة، يمكن من خلالهما الكشف عبر التحقيق، والمحاسبة عبر القضاء.

ويمكن التمييز بين نوعين من الرشوة، وهما: الرشوة المحلّية، والرشوة الدولية. وتعرف الرشوة المحلّية بأنها تلك التي تتم من خلال الدفع للمسؤولين في دولة ما مقابل تقديم خدمة داخل الدولة، فالحكومات تقوم بشراء مواد ومستلزمات من السوق المحلّية بكميات كبيرة، وتطرح، أيضاً، عددًا من المشاريع لتنفذ من قبل القطاع الخاصّ، وذلك عبر مناقصات في حال الشراء، أو مناقصات تنفيذ في حال المشاريع، يتقدم بها القطاع الخاصّ المحلّي، ويحدث الفساد على شكل رشوة، للتأثير على عملية التنافس على مثل هذه المناقصات، إذ تهدف الرشوة إلى ضمان الحصول على العطاء، وفي نهاية المطاف يدفع المواطن ثمن ذلك، من خلال تدني جودة الخدمة أو الزيادة في أسعار المواد والسلع المورّدة، أو الزيادة في القيمة الإجمالية للمشاريع الاقتصادية والخدمية المتوسطة والكبيرة، حيث يقوم القطاع الخاصّ بإضافة قيمة الرشاوى والعمولات إلى التكاليف؛ مما يؤدي إلى تحميل الدولة والجمهور نفقات إضافية تصل أحياناً إلى 25% من قيمة العقود والمشاريع.

أما فيما يتعلق بالرشوة الدولية، فإنها تلك التي تتم في إطار الصفقات التي يدخل فيها أجنبي كطرف على أساس غربي يقول : إذا كنت في روما تصرف كما يتصرف الرومان ، إذ تدفع هذه الرشوة من شركة معينة عادة في الدول الصناعية المتقدمة إلى مسؤول أو مسؤولين في الحكومة في الدولة عادة من الدول النامية لتقوم الدولة بشراء معدات ومستلزمات وتجهيزات تحتاج إليها من هذه الشركة دون غيرها. وتحدث مثل هذه الرشوة في حالات، مثل المناقصات الدولية لتنفيذ مشروعات ضخمة، وامتيازات التنقيب عن البترول والغاز والمعادن، وشراء الطائرات المدنية، وشراء العتاد العسكري الثقيل والخفيف، حيث تدفع الشركات الأجنبية عمولات كبيرة، للحصول على المناقصات الخارجية، والامتيازات في الدول النامية.

والرشوة قد تكون صغيرة جدا وتتنوع أسماؤها في محاولة للتخفيف من وقعها، ولكن ذلك لا يغيّر من جوهرها الفاسد، فقد تكون مقابل خدمة عادية، يقدمها أحد العاملين في القطاع العامّ مقابل التسريع في إنجازها أو قفزها على الدور، وقد تتخذ أحياناً أسماء متعددة غير الرشوة كالبخشيش، والهدية والتقدير، والشكر، وقد تكون مالية أو عيْنيّة.

اختلاس المال العام:

يعرف اختلاس المال العام بأنّه قيام موظف عمومي بالاختلاس عمدًا لصالحه هو، أو لصالح شخص أو كيان آخر، وذلك عن طريق اختلاس ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه، أو تسريبها بشكل آخر. ومن أمثلة اختلاس المال العامّ قضية سرقة الأموال والممتلكات العامّة الواقعة تحت سيطرة الشخص المسؤول الفاسد، عن طريق التزوير في الأوراق الرسمية، والحصول على بعض الممتلكات العامّة، مثل تملُّك أموال تعود للدولة بدون وجه حق، أو توزيع الأموال على مؤسسات وهمية يقوم هذا الشخص بتشكيلها على الورق للحصول على هذه الأموال .

إهدار المال العام:

وهو يقوم الموظف العام بإعفاء بعض الشركات، أو بعض المواطنين، من الضرائب المستحقة عليهم دون وجه حق، كما يندرج في هذا المجال استعمال مقدرات المؤسسة المالية سواء كانت مؤسسات عامة، أم خاصّة، أم أهلية، أو غيرها من مؤسسات المجتمع كسيارات المؤسسة، ومعدّاتها، وأجهزتها لأغراض شخصية، أو لتغطية مصاريف السفر والإقامة خارج البلاد دون وجه حق على حساب المال العامّ، أو استخدامها لأغراض انتخابية خلال الحملات الانتخابية، بمعنى آخر استغلال مقدرات المؤسسة المالية لغير هدف المؤسسة وبرنامجها.

غسيل الأموال:

ظاهرة غسل الأموال أو تبييضها هي العملية التي تتم بموجبها إعادة تدوير الأرباح المتولدة عن العمليات ذات النشاط الإجرامي، والأنشطة غير المشروعة؛ لتمكينها من الدخول بشكل "مشروع" داخل النظام المالي العالمي، بحيث يصبح من الصعب التعرف إلى المصادر الأصلية لهذه الأموال، ومن ثم يمكن إنفاقها واستثمارها في أغراض مشروعة.

وتتبع المنظمات الإجرامية أو القائمون عليها في عملية غسل الأموال أساليب، تتلخّص في محاولة ضخ الأموال غير المشروعة في مؤسسات القطاع المالي الرسمي، أو عن طريق إخفاء الأموال غير المشروعة بخلطها بالأموال المتحصلة من مصادر مشروعة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الانطباع العامّ بخصوص جرائم غسل الأموال ارتبط بجرائم المخدرات، بل إن جهود المكافحة الدولية لغسل الأموال جاءت ضمن جهود مكافحة المخدرات؛ ولهذا نجد أن موضع النص دولياً على قواعد مكافحة غسل الأموال وأحكامها قد جاء ضمن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة المخدرات، ويعود ذلك إلى أن أنشطة المخدرات هي التي أوجدت الوعاء الأكبر للأموال القذرة، بفعل عوائدها العالية. غير أن هذه الحقيقة آخذة في التغيّر، إذ تشير الدراسات إلى أن أنشطة الفساد المالي وتجارة الأسلحة، وانتشار قضايا الفساد إجمالاً في العديد من دول العالم، قد أدّت هي الأخرى إلى خلق ثروات طائلة غير مشروعة، بحاجة إلى الغسل؛ كي يتمكن أصحابها من استغلالها بطرق مشروعة، يعمل غسل الأموال بمنزلة منشط للفساد ولشبكات الجريمة المنظمة، فالفاسدون من المسؤولين بحاجة إلى تبييض ما يحصلون عليه من رشوة، أو اختلاس الأموال العامّة، وشبكات الجريمة المنظمة بحاجة إلى تبييض ثمار جرائمها. وقد استفادت شبكات الجريمة عبر الحدود بشكل خاصّ من توسع السوق المالي وانفتاحه على المستوى العالمي، واستغلت الفوارق بين أنظمة الرقابة المطبقة داخل الدول، واحتمالات نقل الأموال بسرعة وبدون خطر الاكتشاف، كما أظهر التطور الحديث لجرائم التقنية العالية ) جرائم الكمبيوتر والإنترنت( أن عائدات هذه الجرائم من الضخامة بحيث تتطلّب تعاون جهات عدة: خبراء المال والمصارف، وخبراء التقنيّة في حالات غسل الأموال بالطرق الإلكترونية- واقتصاديّي الاستثمار المالي، إلى جانب المجرمين أنفسهم.

وتتطلّب هذه الأنشطة دراية ومعرفة من قبل مرتكبيها، كما تتطلّب عملاً وتعاوناً يتجاوز الحدود؛ مما يجعلها جريمة منظمة عابرة للحدود ذات سمات عالية، تقترفها منظمات إجرامية متخصصة، ويؤدي ذلك كله إلى ضرورة أن تتضافر الجهود لمكافحتها، إذ ليس من السهل مكافحتها دون جهد دولي يتسم بالتعاون والشمولية والفعالية.

المراجع

1. المهنية والنزاهة قطاع الخدمة العامة – مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
2. معالجة تضارب المصالح في القطاع العام– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
3. إدارة المال العام - تفويض صنع القرار – مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
4. تنمية الإدارة المهنية في المؤسسات العامة– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
5. الحصول على المعلومات وحدود الشفافية العامة– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
6. إدارة مخاطر الفساد والاحتيال العقاري في قطاع الدفاع– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة