الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يزال الحق ضد العالم كله

كامل عباس

2021 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



جاءتني رسالة على الخاص من صديق ينصحني بقراءة رواية المنتظرة - التي ترجمت الى 22 لغة لكاتبتها الأيرلندية كاتلين ماك غوان وهي مترجمة الى العربية في عام 2008- بعد قراءتي لرواية يوسف زيدان - عزازيل –
فعلا عملت بنصيحة الصديق ووصلت الى الرواية .
تقول الكاتبة في الرواية ص 200 ما يلي :( في أواخر عام 1243, كان الكتار قد عانوا ما يقرب خمسين عاما من اضطهاد جيوش البابا وقد قُتِل سكان مدن بكاملها وجرت أنهار دماء الأبرياء في مدن مثل بيزييه . كانت الكنيسة مصممة على محو ما اعتبرته بدعة بأي ثمن ...)
حقاً من المستغرب ان تتحول الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى الى كل هذا الحقد على كل من يخالفها الرأي, ليتحول الدين المسيحي على يديها في عيون الكثيرين من دين المحبة والرحمة والتسامح الى دين يحرق مخالفيه وهم أحياء بوصفهم هراطقة .
هذا ماد فع بالبعض للتشكيك بوجود المسيح كما أخبرنا ويل ديورانت في ملحمته قصة الحصارة . ترجمة محمد بدران ج 11 ص 203 (هل وُجد المسيح حقا ؟ أم أن قصة حياة مؤسس المسيحية وثمرة أحزان البشرية وخيالها وآمالها , أسطورة من الأساطير شبيهة بخرافات كرشنا , وازوريس و وادونيس ومتراس , لقد كان بولنجيروك والملتفون حوله , وهم جماعة ارتاع لأفكارهم فلنر نفسه ’ يقولون في مجالسهم الخاصة أن المسيح قد لايكون له وجود على الإطلاق , وجهر فلني بهذا الشك نفسه في كتابه خرائب الأمبراطورية الذي نشر في عام 1791 ) .
عزاؤنا في الضفة الأخرى , ضفة التيار الاصلاحي داخل الدين المسيحي مثل هذه الكاتبة وروايتها التي تتحدث عن المسيح كبشري - وليس إلهاً- تزّوج كسائر الناس من مريم المجدلية وعاش واياها ضمن أسرة متحابة أنجبت اطفالا انحدر الكثيرون من نسلها . ولتتحدث عن انحيازه للفقراء وصراعه مع الأغنياء والأقوياء في ذلك العصر بلغة واقعية تتعاطف فيها مع نضاله لأجلهم, ولتنظر الى التاريخ بوصفه تاريخ المنتصرين بالنهاية والذين كانوا دائما يلقنونا إياه بما يتلاءم مع مصالحهم وتصوراتهم للمستقبل ولتقرر في آخر سطر من الرواية ما يلي: ألفا سنة مرّت والصراع لا يزال الحق ضد العالم كله .
الأجمل من ذلك أن يأتي دعم للكاتبة من الكنيسة الكاثوليكية على لسان البابا الحالي الذي دعم هذا الخط الاصلاحي في الدين المسيحي حيث قال مؤخرا في احدى خطبه “إننا من خلال التواضع والبحث الروحي والتأمل والصلاة، اكتسبنا فهما جديدا لبعض العقائد. الكنيسة لم تعد تعتقد في الجحيم حيث يعاني الناس، هذا المذهب يتعارض مع الحب اللّامتناهي للإله. الله ليس قاضيا ولكنه صديق ومحب للإنسانية. الله لا يسعى إلى الإدانة، وإنما فقط إلى الاحتضان. ونحن ننظر إلى الجحيم (جهنم) كتقنية أدبية، كما في قصة آدم وحواء. الجحيم (جهنم) مجرد كناية عن الروح المعزولة، والتي ستتحد في نهاية المطاف، على غرار جميع النفوس، في محبة الله..) كما وعد بإنصاف المرأة في الدين المسيحي كما تريد الكاتبة حيث قال في احد خطبه ما يلي: ”وفقا لفهمنا الجديد سوف نبدأ في ترسيم نساء “كرادلة” وأساقفة وكهنة. وآمل في المستقبل أن تكون لدينا في يوم من الأيام امرأة “بابا”. فلتشرع الأبواب أمام النساء كما هي مفتوحة أمام الرجال .
لكنني أصارح صديقي بالقول : لم تشّدني الرواية ببنائها الدرامي كما شدّتني رواية يوسف زيدان ولقد ضغطت على نفسي كي أتمها كعمل سياسي في لحظة اتجّهت فيها الى الأدب هربا من السياسة .
, لقد وُفق زيدان في روايته أكثر منها وانتقد الدين المسيحي وموقفه من الوثنيين بطريقة أدبية جميلة جدا وعلى لسان راهب متنور وطبيب ينتمي الى الكنيسة وهذه الصورة عن نبع الشيطان ستظل محفورة في ذاكرتي الى الأبد : نبع الشيطان الذي شرب منه رئيس قافلة التجار مستهزئا بما يقوله جيرانه عنه :من يشرب من النبع سيسكنه الشيطان .أسرع الى النبع وشرب حتى ارتوى وبعد ساعات اشتغل الشيطان في جوفه وبدأ ينزف دما , احضروه الى دير على الطريق بين حلب وانطاكية فقام الراهب والطبيب في الدير بمداواته . نصحه قبل البدء بعلاجه انه سيموت خلال ساعات ان لم يتحّمل الدواء اللازم لشفائه , وهكذا فتح فمه بعد ان أوثق يديه وبدأ بإدخال طعام ممزوج بالوسخ والتراب الى معدته حتى امتلأت ومن ثم حلّ وثاقه , بعد دقائق بدأ التاجر يتقيأ الشيطان والدم ليقول للحاضرين : خرج الشيطان من جوفي , ولكن الراهب جمعهم حول القيئ المملوء بالدود ليقول لهم : انظروا الى الشيطان الذي دخل مع الماء الآسن الى أمعائه وبدأ يتكاثر فيها ويمص دمه مما سبب له النزيف .
لا بد لي ان اشكر صديقي على نصيحته لأن كتاب المنتظرة عن سر مريم المجدلية أعادني الى مشروعي القديم عن الاصلاح الديني في الاسلام تيمنا بالاصلاح الديني المسيحي , اصلاح ديني نتعاون فيه جميعا لشرح الدين الاسلامي على حقيقته كدين للعقل كما ورد عند النبي والخلفاء الراشين الأربعة - وليس كدين للأيمان كما أراد الاخوان المسلمين وداعميهم في الداخل والخارج – وبهذا نتقرب من جماهيرنا المسلمة العفوية - التي تظن أن صيحة الاسلام الله أكبر لها تتمة في وجدانهم وهي: ان من طغى وتجبر في الأرض سيلقى حسابه بالنهاية , بهذا نقطع الطريق على الذين يريدون ان يديروا الارهاب بدلا من تجفيف منابعه ويغّذون تطرف القاعدة والنصرة وطالبان وكل الحربجيين الجهاديين الاسلاميين ونخّلص اولئك المؤمنين العفويين الصادقين من بين ارجل المتصارعين على ثروات بلداننا .
لقد فكّرت جديا في موضوع الاصلاح الديني الاسلامي منذ عام 2005 وانتهيت الى كتابة بحث تحت عنوان – الاصلاح الديني وضرورته في البلدان ذات الحضارة العربية الاسلامية- بلغت كلماته ثلاثون الف وأربعمائة كلمة يبدأ بمقدمة وينتهي بخاتمة وبين المقدمة والخاتمة ثمانية فصول هي
1- الدين في التاريخ والمجتمع وليس فوقهما
2- الاصلاح الديني بين العقل والضمير
3- الاصلاح الديني المسيحي تاريخيا
4- الاسلام والثورة
5- الاصلاح الديني الاسلامي تاريخيا
6- الاسلام والاستبداد
7- الاسلام وأصول الحكم
8- الاصلاح الديني والواقع الحالي في البلدان الاسلامية .
حملت بحثي الى وزارة الثقافة وقمت بإجراءات مطلوبة تمرنت عليها عام 2004 حيث قدّمت لهم بحث تحت عنوان – الناصرية نهضة أم سقوط ونلت الموافقة عليه ظننت ان نفس الفريق سيعطيني الموافقة على طباعة عملي الجديد , قدمته في ايار عام 2008 وجاءني الرد في أذار 20009
مع عدم الموافقة .
بماذا تنصحني صديقي ؟
كامل عباس - اللاذقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت