الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حلب ودير الزور الى الأهواز فإصفهان

امير حويزي

2021 / 11 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



لم تجف دماء ضحايا انتفاضة العطش الاخيرة في الاهواز ولم تتلاشَ أصداء آهات وصراخات المعتقلين في الزنزانات المظلمة من خلف القضبان بعد، حتى تعالت صيحات العطاشى في انتفاضة عطش اخرى في قاع نهر عطشان اخر. فقد انتفض المزارعون والاهالي في مدينة اصفهان، ثالث اكبر المدن الايرانية، احتجاجا على شح المياه وجفاف نهر "زايندَرود" في ثاني اكبر احتجاج تشهده البلاد هذا العام بعد انتفاضة الاهواز في يوليو/تموز الماضي.

ومثلما تفجرت انتفاضة العطش في الاهواز بسبب شح المياه نتيجة نقل مياه الانهار الى المناطق والمحافظات الاخرى على خلفية سياسة التمييز والتهجير والتهميش ضد المواطنين العرب في الاقليم، فقد جاءت احتجاجات اصفهان وكذلك الاقوام البختيارية في المحافظات المجاورة نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة للنظام ومشاريع نقل مياه المحافظة الى مناطق اخرى مثل محافظة يزد المجاورة، بالاضافة الى سوء الادارة والفساد. يجدر الاشارة هنا الى ان عمليات نقل المياه من الاهواز الى المحافظات الاخرى داخل العمق الايراني طوال العقود الماضية كان لها عواقب كارثية على عرب الاهواز، ولم تعُد في ذات الوقت بالنفع على المواطن العادي في تلك المناطق إذ انها استُغلت في مشاريع صناعية كبرى كصناعة الفولاذ لصالح اصحاب الامتيازات والفئات المتنفذة المرتبطة بالطبقة الحاكمة واجهزة السلطة.

بالرغم من ان الاحتجاجات اتّسمت بالطابع السلمي لكنها وحسبما افادت التقارير جوبهت بالعنف من قبل قوات الامن والبسيج التي بادرت بمهاجمة المحتجين بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط وأحرقت خيامهم التي نصبوها على قاع النهر الجاف، ما اسفر عن اصابة العديد منهم بجروح خطيرة ومقتل احدهم حسب تقارير غير مؤكدة. كما تم اعتقال عدد كبير منهم. وتفید المعلومات باستخدام قوات الامن نوع جديد من الرصاص المعدني الذي يترك آثار خطيرة مزمنة لدى المصابين.

من اللافت ان الاحتجاجات في السنوات الاخيرة بالرغم من انها تطرح مطالب اقتصادية وترفع شعارات اقتصادية لكنها بسبب تعنّت النظام ورفضه تلبية مطالب المحتجين العادلة وتعامله الامني معها سرعان ما تأخذ طابعا سياسيا تُرفع فيها شعارات سياسية. وهذا ما كان مشهودا خلال الاحتجاجات في اصفهان. فقد رفع المحتجون شعارات استهدفت رأس النظام واخرى نددت بتدخله في دول المنطقة وإنفاقه الاموال على حلفائه في البلدان العربية كسوريا بدل الاهتمام بشؤون ايران الداخلية وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين. ومن بين هذه الشعارات كان شعار "إتركوا سوريا لاهلها وفكروا بحالنا".

ان تورط نظام الجمهورية الاسلامية منذ عام 2012 في سوريا دفاعا عن نظام الأسد وضد مصالح الشعب السوري والثورة السورية كلّف ومايزال يكلف الميزانية الايرانية والبلاد مليارات الدولارات. فحسب تقديرات الامم المتحدة وكما كشفت جيسي شاهين المتحدثة باسم المبعوث الدولي إلى سوريا سابقا ستيفان دي مستورا، فان متوسط إنفاق إيران في سوريا يعادل 6 مليارات دولار سنويا. وهذا يعني أن إيران ساعدت النظام السوري بما يعادل نصف ميزانية دعم الأسعار في داخل البلاد سنويا. وعلى سبيل المقارنة إذا كانت إيران أنفقت هذا الرقم بشكل منتظم خلال الستة أعوام الاولى من الحرب السورية هذا يعني أنها دفعت 36 مليار دولار أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الميزانية الدفاعية السنوية لإيران.

ان نظام الجمهورية الاسلامية يرى ان بقاءه مرتبط بتمدده في المنطقة وبسط نفوذه في البلدان العربية من خلال دعمه المالي واللوجستي والعسكري لحلفائه من الميليشيات والجماعات الشيعية الموالية له والحفاظ على ما يعرف بالهلال الشيعي الذي يمتد من العراق الى سوريا ولبنان وصولا الى سواحل المتوسط.

وهذا ما أكده مهدي طائب، رئيس مقر "عمّار" الاستراتيجي للحروب الناعمة قبل سنوات حين قال، إنه "على إيران أن تستمر في تقديم الدعم للمقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن حتى لو كان ذلك على حساب قوت الشعب الإيراني". ووصف طائب سوريا بالمحافظة الإيرانية رقم 35، مؤكدا أن أهمية سوريا بالنسبة لإيران أكبر من أهمية إقليم "الأهواز"، موضحا "لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران، ولكن لو خسرنا محافظة خوزستان سنستعيدها ما دمنا نحتفظ بسوريا".

وتسيطر القوات الإيرانية على عدة قواعد عسكرية في سوريا، وشاركت قوات فيلق القدس التي كان يديرها قاسم سليماني في معارك على الأراضي السورية، مثل معارك ريف حلب الجنوبي عام 2017.

وتحتفظ ايران بنفوذ واسع في جميع مناطق سوريا تقريبا خاصة في دمشق ومحيطها وكذلك في منطقة دير الزور وذلك عبر تواجد مختلط لها هناك من قوات فيلق القدس ومليشيات شيعية عراقية مثل "ابو الفضل العباس" وجماعة "الفاطميون" المتشكلة من مرتزقة افغان.

ان تدخل نظام الجمهورية الاسلامية في البلدان العربية تسبّب باستياء شديد بين الاوساط الشعبية وأثار موجة من الغضب والاحتجاجات ضد التواجد الايراني وحلفائه في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن. ورُفعت شعارات تردد صداها في اكثر من عاصمة عربية كبغداد وبيروت قابلتها شعارات مماثلة للمحتجين في ايران كما حدث في طهران والمدن الاخرى في الفترات السابقة وخلال الايام الاخيرة في اصفهان. ومن هذه الشعارات التي رُفعت في العراق كان "ايران برا برا، بغداد حرة حرة" و "بيروت حرة حرة ايران طلعي برا". اما في ايران فاصبح شعار "لا غزة لا لبنان روحي فداء لايران" من الشعارات الشعبية الرائجة في البلاد.

تزامنا مع احتجاجات اصفهان ضد شح المياه وتردي الاوضاع المعيشية وإهدار الاموال أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي إن الجماعة أنفقت أكثر من عشرة ملايين دولار إجمالا على وقود مجاني ومدعوم مصدره إيران للّبنانيين منذ سبتمبر/ أيلول الماضي. وفقا للتقارير فان حزب الله يمتلك اموالا تقدر بمليار دولار سنويا يؤمَّن 700 مليون دولار منها من ايران والباقي عن طريق المعاملات المرتبطة بغسل الاموال وتبرعات مؤيديه وكذلك عبر تجارة البضائع وحبوب الكبتاغون (المخدرات) عبر المرافىء اللبنانية التي يسيطر عليها الحزب.

ان الشعوب الايرانية والشعوب العربية هي الخاسر الاكبر جراء تدخلات نظام الجمهورية الاسلامية في شؤون المنطقة واهدارها لثروات البلاد في الخارج والتي تسببت خلال العقود الماضية بإذكاء النزاعات والصراعات العرقية والمذهبية وازدياد الاحتقان الطائفي داخل مجتمعاتها. كما كانت (التدخلات) في المقابل إحدى العوامل الرئيسية التي ساهمت في تدهور الاوضاع المعيشية وازدياد الفقر واهمال البنية التحتية وتراجع التنمية الاقتصادية والمشاريع الصديقة للبيئة في مجال الزراعة وإدارة مصادر المياه في ايران والتي أدّت الى مزيد من الجفاف وشح المياه اللذين كانا السبب وراء الاحتجاجات وانتفاضات العطش في البلاد.

في ظل هذه المعطيات لن يكون هناك مخرج من الازمات الاقتصادية والسياسية والبيئية المتتالية التي تعصف بالبلاد طالما يواصل النظام ممارسة القمع والاضطهاد والعنف والتمييز ضد الشعوب الايرانية والمواطنين في كل انحاء ايران وخاصة الشرائح الكادحة من العمال والمزارعين وسائر الفئات المحرومة في المجتمع. ان الحل الوحيد يكمن في إقامة نظام تعدّدي ديمقراطي وعادل يشارك فيه جميع المواطنين يكون اهتمامه الاول والاخير مصلحة المجتمع الايراني وكافة الشعوب الايرانية وليس مصالح الجماعات والاحزاب والمليشيات الطائفية الموالية للجمهورية الاسلامية في المنطقة.

مجموعة من نشطاء عرب الاهواز التقدميين (عاتق)
28 نوفمبر 2021 /الموافق 7 آذر 1400








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.