الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حواء وآدم

فوز حمزة

2021 / 11 / 30
الادب والفن


بتثاقل .. فتحت حواء عينيها الجميلتين .. السماء العالية الصافية .. أول شيء لفت نظرها .. فلم تكن قد شاهدت من قبل هذا المنظر والذي أثار استغرابها أكثر وجود شيء مدور ذهبي يتوسط كبد السماء يشع ضياءً وحرارةً ..
تغريد بلابل واقفة على أغصان شجرة تفاح بدد وحشتها .. خرير جدول ماء بالقرب منها أيقظ شيئًا فشيئًا ذاكرتها .. فجأة .. لمحته .. هاهو آدم الذي كان سببًا في غوايتها وطردها من جنتها بعد أن أغراها بأكل التفاحة .. ملقى على الأرض كأنه جذع شجرة يابس.. بالرغم من ذلك .. رؤيته أسعدتها وبعثت الطمأنينة داخلها .. جلست قربه .. دموعها الحارة بعثت الدفء في جسدهِ البارد وأيقظتْ الروح النائمة داخله ..
- كيف جئنا إلى هنا ؟! ماهذا المكان ؟!
تلك كانت أولى كلمات آدم التي لفظها .. لم ينتظر جوابًا بل استدركَ بعد أن تذكر ماحل بهم ..
- أنتِ سبب كل ذلك .. أنتِ من أغويتني بأكل التفاحة بعد أن منعنا ربّنا منها .. لولاكِ لكنت أنعم بالعيش في جنتي .. لن أغفر لكِ فعلتكِ .. أنتِ سبب متاعبي وألامي .. ماذا أفعل لأُكفّر عن ذنبي ؟؟
رحماكَ ربّي .. أنْ لم تفعل سأكون من الخاسرين ..
اتسعتْ عينا حواء بينما الغضب أخذ يشع منهما فأجابته :
- حبيبي .. اسمعني .. لو كان الله يبغي بقاءنا في جنته لما أعلمنا بمكان الشجرة .. لم يفعل ذلك إلا ليجد سببًا وجيهًا لطردنا .. لغاية هو يريدها لا نعلم سببها .. عليكَ بتقبل الأمر والتعايش معه.
صمت آدم وهو ينظر إلى حواء .. غاويته .. في قرارة نفسه يعرف أن في كلامها بعض الحق أن لم يكن الحق كله .. لو لم ينهاهما ربهما عن الشجرة لما عرفا سرها ..
وهي تطلب منه النهوض .. قطع عليه صوت حواء أفكاره وجعلته يتلفت حوله عله يجد شيئًا في هذا المكان الذي يشبه جنته .. كان المكان جميلًا .. الأشجار تملأ المكان .. اختلطت زقزقة العصافير مع هديل الحمام وذلك النهر الصافي الرقراق .. يذكره بنهر في جنته السابقة .. شعور بالحزن والألم اجتاحه واحتواه وهو لم يسبق أن جرب هذا الشعور ..
سالت دموع الندم صافية غزيرة حتى سقت الأرض التي يقف عليها فانبثقت في الحال زهور بيضاء ملأ عبيرها المكان ولِأنها كانت قريبة منه عرفت ما يجول بخاطره .. مدتْ يديها الناعمتين لتمسح دموعه ثم أحاطته بذراعيها لتطبع أول قبلة أرضية على فمه .. شعر بساكن يتحرك لم يعهده من قبل.. جعله يغرق في بحار النشوة حتى غاب في أعماق اللذة ..
مد يده ليخرج تلك اللؤلؤة النائمة في حضن أمها ليدرك أن لليلِ شفافية وللعتمة نور .. حينها همست له :
- حبيبي .. دعْ عنك كل شيء .. لا تفكر بما فات .. ليس لديك سِوانا .. أنا وهذه الأرض جنتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني


.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم




.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي