الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عُقدٌ عصية ( الجزء الاول )
انور الموسوي
مهندس كاتب وصحفي
(Anwar H.noori)
2021 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إني أرى، ولربما يرى المختصون بالشأن " السيكولوجي" لطبيعة الجماهير نفس هذا الأمر.
ان إنبعاثات القيادة تأتي من مزاج الجماهير.
المزاج المتعارف عليه عند الجماعات المطلعة، والخلفية الفكرية التي تتبناها تلك الجماهير في رسم خارطة مستقبلها.
الخلفية الفكرية تنقسم الى:-
1- خلفية فكرية خارج النسق المألوف " التجديد "
2- خلفية فكرية ضمن النسق المتعارف " التشدد"
وبناءً على هذا المرتكز جازَ لي اعطاء تقسيم لا على نحو الحصر لكنه ضمن الواقع اكيدًا.
وهو :-
اولاً - الجماهير التي تتطلع لمستقبلٍ مغاير لعاداتها وطرائق العيش القديمة، وهي بذلك تكون رافضة ومعارضة للشكل القديم والأسلوب المتعارف الذي عاشت عليه منذ سنين، ان هؤلاء يشكلون على مر التأريخ بوصلة التجدد والعبور، العبور من حقبة تأريخية معينة، الى مستقبل أخر يختلف تماماً او ضمنًا عما عاشته الشعوب.
يرينا التأريخ معطيات حقيقية عن هولاء في اغلب مجتمعات العالم، كحركة التصحيح الفرنسية و الغاندية، وحركة "مارتن لوثر كينغ" وحركة التجديد " المصرية، التونسية، الجزائرية، المغربية، والعراقية إبان المشروطة والمستبدة…. الخ من الشعوب.
لم تولد تلك الافكار والحركات من مزاجٍ آني بل هي تراكمات فكرية وانطباعات سيئة و بائسة عن واقع المجتمع المغلق والحكومات الراديكالية التي كانت تحكم آنذاك.
لم يكن الأمر محاولةً للتأثر النفسي أو مفارقة شخصية أدت إلى ظهور تلك الحركات التي تروج إلى أحداث كل هذه التغييرات في بنية المجتمع ونظامه " السلوكي، والسياسي، والاجتماعي " اذ طه حسين في حينها لم يتأثر مزاجيًا بحركة التجديد الفكري، بقدر ما حقق مقارنة معتدلة بين الماضي والحاضر بكل معطياته السلبية والإيجابية المحيطة بالمجتمع.
كل المنظرين الفكريين والدعاة إلى حركة التصحيح وفلاسفة القرون السابقة، واصحاب التجديد الأممي لم لم يكونوا دُعاة تقليد فحسب، ان الخطأ الفادح الذي يرتكز عليه المتشددين من جهة الاسلام السياسي أنهم يرون ان حركات التجديد ماهي الى تقليد للغرب والأوربيين ويروجون إلى هذا المفهوم في أدبياتهم الفكرية، وهذا مخرجٌ آمن لهم على اية حال لإقناع جماهيرهم فحسب، لكنه لا يرتق الى مستوى العمل بتاتًا،اذ هو فكرٌ مغلوط ناقص يهدف إلى إيهام المجتمعات وإدخالها في أنفاق التضليل والخديعة والازدواجية بين " الفكرة والتطبيق " فتجدهم اي جماعات الإسلام السياسي وخاصةً المتشددين منهم، دائمًا ما يقعون في بئر الفرضية المُتبناة وبين تطبيقها،غير قادرين على تطبيق ما يدعونه ضمن عولمة المجتمع المتسعة، وتطور الشعوب وأفكارها ورغبات الناس وتطلعاتهم وأشياء الحياة ومتعلقاتها،اذ هم في صِدامٍ دائم بين الحياة واتساعها وتطورها وبين تنظيرهم الواسع شكلًا الضيق مضمونًا.
فيقعون في ازدواجية عظيمة سببت لهم ارباك ازلي بين مايدعون اليه وبين ما يمارسونه في الحياة من رغبات!.
لكن دعاة التغيير والتجديد لا يستندون على فرضيات غيبية أو وقائع استلهام تأريخي عيني، بمعنى :-
أنهم لا يستلهمون من تجربة المانيا بعد هتلر كل الاعتبارات السلوكية، بل يضعون أسباب اسس النجاح وما هي أدواتها، ووفقًا لاي نظرية فلسفية جرت الأمور، السقف الفوقي الذي يمتاز به دُعاة التجديد سقفاً واسعًا ومرنًا جدًا يُتيحُ الرفضَ والقبول وممارسة النقد الذاتي والنقد الموضوعي بحرية تامة دون خوفٍ من خروجٍ من ملة أو اتهام بدخولِ ملةٍ اخرى تدعوا للتكفير ومن ثم الإقصاء والقتل ربما!. وهذا ما حصل مع هابرماس في مغايراته الفكرية والنظرية، دون ان يسبب له هذا إلى مشاكل " جسدية "!.
اما حقبة العصور السابقة في اوربا فقد احرقت وقتلت واعدمت بإسم المقدس والكنسية.
بعد اجهاض حركة التشدد الديني في اوربا ادى الى ولادة الثورة الصناعية والثورة الفكرية والنظام والإنتاج والتوسع والحريات والقانون والجيوش النظامية القوية والتسلح بالتكنلوجيا والعلم… الخ
وبهذا هم خلصوا من اشكالية التشدد وبنوا أدبياتهم على فكرة التسامح والحريات ضمن برامج فلسفية عميقة، فصارت حركاتهم اكثر عمقًا وقبولاً في تغيير الواقع والنجاح في العبور من حقبة غابرة آلى حقبة مغايرة.
هذا السلوك هو المبرر الذي جعل مفكري وقادة هذا الاتجاه يتبنون مختلف النظريات المتوافقة مع أدبياتهم، اذ ليس هناك مانع من اعتناق فكراً سياسيًا يساري يستطيع تحقيق غاياتهم فصارت ( الشيوعية، والليبرالية…) وتمخضت عنها مفاهيم المدنية والعلمانية ذات الآفاق الواسعة.
وهذا الفكر جعل مرونة عدم الاستنساخ لاي فكرة او شخص هي معياراً للتعديل والمحاكمة، اذ لا يوجد تأليه وتقديس في اعتبارات الدولة، ولا للأشخاص التأريخيين
ولا في تقديس نظرياتهم، اذا لا عصمة امام التجارب الأممية لحركة الشعوب وما حركة التأريخ سوى احدى إرهاصات الدراسة والنقد والتقييم، هذه المفارقة تختلف جذريًا عن ادبيات حسن البنا وسيد قطب وغالبية المكتبة الدينية بكل مشاربها، فجميع أطراف الإسلام السياسي ينطلقون من فرضية القداسة المانعة للنقد، فهم غير قادرين بحالٍ الخروج من تلك المنظومة المغلقة، وبذلك بقوا ويبقون خارج الحياة مهما حاولوا من اجراء تعديلات ضمنية في أدبياتهم، وبقت حركة التجديد على طول مسار التأريخ هي الحركة الاكثر نضالًا والأكثر قبولاً من كل شيء يقع ضمن الفرضيات الغيبية، لكونها ببساطة تمثل حاجة وتطلعات ورغبات وحياة المجتمعات المتعطشة إلى إحداث قفزة في واقعها، متأملة ولو تأملًا ان يحصل لديها ماعند الآخرين من الدول المتقدمة كـ اسيا اليابان، او دول العالم الثالث كحدٍ أدنى مثل ماليزيا على سبيل المثال.
وبذلك تكون اعتبارات ثورة تشرين في العراق هي أحدى تلك الارهاصات الحتمية ضمن مسار التجديد التي تولدت ضمن حركة التأريخ المستمرة في قلب الواقع وإحداث سلسلة من المتغيرات التي ستؤدي بعد جيلٍ او أجيال إلى إحداث التجديد السياسي، وما الانتخابات المبكرة التي جرت ونتائجها من فوزٍ وخسارةٍ للبعض ما هي إلا إحدى هذه السلسلة التفاعلية المحتومة.
وما ستشهده الأيام والسنين القادمة من حركات سياسية واحتجاجية وغيرها ما هي إلا ذلك الدور ضمن حركة معلومة، الذي نرصده عن كثب ونحلل تطوراته مبدين عدم استغرابنا من كل هذا لآنه مسارٌ حتمي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أعظم ليالى السنة.. فضل ليلة القدر مع الدكتور خالد عمران أمين
.. فلسطينيون ينتظرون على الحواجز الإسرائيلية للسماح لهم بالمرور
.. إجراءات أمنية مشددة في محيط البلدة القديمة وعند أبواب المسجد
.. مسلسل الحشاشين الحلقة 18.. سوزان نجم الدين تأمر بقتل إحدى حو
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال