الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة تناور من جديد وتصعّد ضد قيس سعيد

بشير الحامدي

2021 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيرا تخرج حركة النهضة من صمتها الذي استمر أكثر من أربعة أشهر بعد 25 جويلية لتعلن عن طريق فتحي العيادي الذي قرأ بيانا باسم راشد الغنوشي في اجتماع للجمعية العامة لاتحاد البرلمان الدولي جاء فيه "... لقد وقفت على أبواب برلماننا منذ 25 جويلية دبابات تمنع رئيسه وكل النواب من دخوله... نحن في تونس نواجه جائحة كورونا وجائحة الديكتاتورية... لقد مثلت الإجراءات التي أعلن عنها رئيس جمهوريتنا السيد قيس سعيد يوم 25 جويلية وما تلتها من مراسيم غير دستورية اعتداء على الدستور التونسي بتجاوزه وتعليق أحكامه ومثلت اعتداء على البرلمان التونسي.... أربعة أشهر وتونس تقاوم هذه الديكتاتورية وتنتظر من اتحادنا ومن كل المؤسسات الديمقراطية الدولية دعمها من أجل استعادة الديمقراطية لدعم استقرار تونس واستقرار المنطقة ككل ومن أجل مواجهة تحديات الوباء والفقر والبطالة... نحن ننتظر موقفا واضحا منتصرا لعودة الديمقراطية في تونس نحن ننتظر من اصدقاء تونس أن يضعوا موضوع الديمقراطية في تونس على راس قائمة البنود الطارئة لاتحادنا.
بيان راشد الغنوشي هذا رد عليه السيد قيس سعيد الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 بقصر قرطاج في الاجتماع الذي عقده مع المجلس الأعلى للجيوش بقوله "... يتحدث من يتحدث يتحدث من ألف نعيق الغربان يتحدث هؤلاء بكل حرية متجاوزين القانون ومع ذلك يدعون باطلا وزورا وبهتانا بأن الحريات محدودة بل أكثر من ذلك هناك من يدعو للعصيان ومع ذلك فهو حرا طليق فكيف يتحدثون عن الحد من الحريات مع كل رحابة الصدر ومع صدقنا في عملنا وفي مشروعنا ولكن القانون يجب أن يطبق على الجميع على قدم المسواة فلا عمالة للخارج ستحميهم ولا أواصر نسب ستقيهم ولا مصاهرة ستجديهم نفعا تشترى ذمة البعض أو ما بقي من ذممهم ما بقي من ضمائرهم ‘ن كان لهم أصلا ضمير بالأموال القذرة ويدعون أنهم يعملون لتحقيق مطالب الشعب.... كانوا يعتقدون في وقت من الأوقات أنني منهم ويمكن أن انخرط في مناوراتهم ولكن أخطأوا العنوان فلست منهم وليسوا مني إلا إذا تم الاتفاق على الدولة التونسية ... آن الأوان ليفهموا أن الدولة التونسية ليست لقمة سائغة وأن مؤسساتها ستبقى قائمة مهما فعلوا ومهما دبروا... مرة أخرى سنواصل بنفس العزيمة وبنفس الاستعداد للحفاظ على دولتنا وللحفاظ على شعبنا وعلى مقدرات شعبنا...
كلمة قيس سعيد في اجتماعه بالمجلس الأعلى للجيوش لم يفرد بها حركة النهضة بل كانت موجهة لكل معارضيه على كل المسائل بدءا بإجراءات 22 سبتمبر وصولا لتعينات الولاة التي قام بها قبل أيام والتي عدّها أغلب معارضيه تعينات كان المحدد فيها ولاء هؤلاء لقيس سعيد حيث أن الذين وقع تعيينهم هم من أنصاره الذين نشطوا في حملته الانتخابية ومن النشطين في حملته التفسيرية وهي حقيقة لا يمكن إنكارها. فالسيد قيس سعيد الذي استفرد بالحكم ونسف كل الجسور مع بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل ولم يشرك في أي قرار اتخذه بصورة أو بأخرى الأحزاب التي سانده في 25 جويلية واعتبرت ما قام به حركة تصحيحية لمسار الثورة أصبح واضحا أنه بدل ذلك يعول أساسا على تحصين نفوذه عبر تحصين الدولة بالموالين له في الإدارات المحلية والجهوية إضافة إلى تعويله شبه المطلق على بيروقراطية العسكر والبوليسية من أجل فرض سياسة الأمر الواقع على الجميع. وهو ما جعل الكثير من مؤيديه من الأحزاب والجمعيات تراجع موقفها من 25 جويلية ومن إجراءات 22 سبتمبر وتعلن صراحة معارضتها للتعينات التي يقوم بها وهي مراجعات لم تطل الموقف من الحكومة التي عينها إلا أنه ليس هناك ما يمنع من أن تطالها هي أيضا في قادم الأسابيع نظرا للأزمة العميقة التي تمر بها البلاد على كل المستويات وللعجز الذي ستواجهه هذه الحكومة حين مباشرتها للملف الاقتصادي والاجتماعي والذي لا تملك حلولا له سوى تلك الحلول التي سيعمل البنك الدولي وجملة المانحين على فرضها.
السيد قيس سعيد ليس فقط في مواجهة أزمة سياسية بل في مواجهة أزمة "اقتصادية اجتماعية" شاملة ولا خيار له أمامها غير الرضوخ لإملاءات الدائنين ولمعالجات القوى السياسية الأجنبية للوضع المحلي التونسي وهذا ما تسعى له حركة النهضة وما يفسر تحول موقفها من موقف المسايرة إلى موقف الرفض والمعارضة المعلنة ومرورها من موقف أن ما قام به قيس سعيد يوم 25 جويلية هو حركة تصحيحية وليس انقلابا كما صرح بذلك راشد الغنوشي إلى موقف "نحن في تونس نواجه جائحة كورونا وجائحة الديكتاتورية".
معارضات قيس سعيد ولئن كانت إلى حد اليوم معارضات مشتتة ولا مشروع يوحدها إلا انها ضمنيا كلها تتفق على عدوة ما تسميه بالحياة الديمقراطية للبلاد وبهذا الصدد يمكن أن نتحدث على موقفين يشقان هذه المعارضة.
الموقف الأول تلتقي حوله تقريبا كل الأحزاب من حركة الشعب إلى التيار الديمقراطي إلى أغلب الأحزاب اللبرالية الأخرى من حزب يوسف الشاهد وبيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حزب عبير موسى ويتلخص في ضرورة إعلان خريطة طريق لتحديد المدة الاستثنائية لحكم قيس سعيد يتم فيها إعلان حل البرلمان المجمدة أعماله والدعوة لانتخابات تشريعية تعود بموجبها الحياة الديمقراطية للبلاد.
أما الموقف الثاني فهو لحركة النهضة ولم يعبر عنه إلا منذ أيام عقب بيان راشد الغنوشي للجمعية العامة لاتحاد البرلمان الدولي ولئن كان يتقاطع مع الموقف الأول فيما يخص ضرورة إعلان خارطة طريق للفترة الاستثنائية إلا أنه يختلف عنه في أنه يتمسك بضرورة عودة البرلمان المجمدة أعماله فلا يمكن حسب موقف حركة النهضة تنظيم انتخابات في وضع من الديكتاتورية ويقرن تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بتنظيم انتخابات رئاسية.
لا شك أن موقف حركة النهضة هذا موقف جانب المناورة السياسية فيه كبير. فالحركة وبعد أن أمنت نفسها تقريبا ضد كل إمكانية لحلها كحزب وبعد أن أمنت قيادييها وأنصارها من كل مقاضات قد تعرضهم لأحكام جزائية وهذا بضغط من القوى الأجنبية على قيس سعيد مرت إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة إعلان نفسها "معارضة ديمقراطية" لديكاتورية قيس سعيد ولكن صوتها هذا يعلم الجميع أنه صوت لا صدى في الداخل له و أنه موجه للخارج ومناورة يمكن أن تعيدها للمشهد السياسي فالتنازل عن عودة البرلمان الحالي وعن انتخابات رئاسية سابقة لأوانها وارد مقابل الإعلان فقط عن حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها ترى الحركة اليوم أنها معبرها الوحيد لإسقاط سياسة الأمر الواقع التي يسلكها قيس سعيد مع كل خصومه السياسين. فالنهضة بعد عشر سنوات من الحكم والفشل وبعد أن أمنت بقاء حزبها وبقاء قيادييها دون محاكمة ستقنع بذلك ولن تطلب غير البقاء في المشهد السياسي معارضة سياسية منتوفة الجناحين لحين استكمال شروط عودة جديدة لا شك سيقع التحضير لها بحسب تطورات الأوضاع محليا ودوليا...
إن الأسابيع والأشهر القريبة القادمة كفيلة بتوضيح الرؤى أكثر فهل سيذعن قيس سعيد أخيرا لمطالب معارضيه أم تراه سيواصل في استفراده بالحكم وزرع أنصاره في مفاصل الدولة وهي فرضية غير مستبعده ولكن تشترط أولا وأخيرا موالاة مطلقة له من قبل بيروقراطية العسكر والبوليس وحسما بقوة القمع في معظم الملفات المطروحة وتحيدا الملف الاجتماعي الاقتصادي وهو ما سيجعل دولة قيس سعيد والحلقة المغلقة التي أحاطها به في وضع مواجهة الكل محليا ودوليا وسيسرع أكثر من وتيرة فقدانه شعبيته والكثير الكثير من أنصاره ويجعل منه بالفعل ذلك الديكتاتور الذي وحّد ضده كل معارضيه وأغلبية الشعب التونسي.

01 ديسمبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في