الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تصلح الفرعونية بديلاً عن الديموقراطية؟

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2021 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يثير هوس المصريين المتزايد يوم بعد يوم بآثارهم وتاريخهم الفرعونى ، كثير من الشك والتساؤل عمن يفعل بهم ذلك ، أهو النظام الحاكم يريد إلهائهم عن إستحقاقات الحاضر والمستقبل ، أم هو الوعى الجمعى المصرى نفسه ، وقد وصل إلى حال من الإعياء والتخبط؟
الإجابة هى كلاهما فى الواقع ، الحاكم والمحكوم، كلاهما يخادع نفسه ويخادع الآخر ، ويهرب من إستحقاقات الحاضر والمستقبل إلى خرافات الماضى، لماذا لايضعا أمامهما تجربة عصر أسرة محمد على مثلاً ويعتبرانها أيضاً تاريخاً مجيداً ، وقد كانت هكذا فعلاً ، وقد عرفت شيئاً من الحكم الدستورى والديموقراطية وكثير من التسامح ، لإنها ببساطة كانت تجربة حقيقية قريبة مازلت فى نطاق العصر الحديث وليست من العصور القديمة ، كما أنها يمكن أن تكون ملهمة فعلاً فإستحقاتها مازلت هى إستحقاقات اليوم المبتورة ، لذا فهى إقطاعية إستعمارية فاسدة لايجب النظر إليها ، بينما الفراعنة قد عرفوا الحداثة قبل العصور الحديثة ، وإكتشفوا الكواكب والنجوم قبل وكالة ناسا ، فى خيال جامح بعيداً عن الواقع ، فالواقع إن الحاكم الإله مازال حاكماً ، والظلم الإجتماعى مازال قائماً ، والهوس بالموت ولطم الخدود والسحر والتعاويذ مازلت ثقافة عامة ، ميراث الفراعنة الحقيقى.
يجد النظام الحاكم فى تلك الثقافة البعيدة ، الغامضة المبهرة للعالم ، أحد أكبر أدوات التغييب السياسى التى يمارسها على عقول المصريين المرهقة ، ويجد الشق المسيحى من المجتمع المصرى فيها وسيلة لتصفية الحسابات مع العربى المسلم الغازى ، ويجد الشق المسلم من المجتمع فيها وسيلة للهرب من عجزه عن مواجهة إستقاقات الحاضر بالهرب إالى ماضى خرافى غابر، فهل من المعقول أن يعجز شعب من مائة مليون عن إنتاج حزب مدنى سياسى حقيقى واحد ؟ وهكذا إجتمع الأطراف الثلاثة ، الحاكم ، والمحكوم المسيحى والمحكوم المسلم على هدف واحد ، الهرب من إستحقاق التحول اليمموقراطى الذى يضغط على ضمير مصر وروحها منذ رحيل جمال عبدالناصر سنة 1970م.
الحضارة الفرعونية حضارة قديمة عتيقة عفى عليها الزمن كما عفى على كل الحضارات القديمة ، وهى إن إستحقت التقدير فإن هذا التقدير ينحصر فى إطار وأفكار العصور القديمة ، فليس هناك شئ يربطها بالعصور الحديثة ، وكما لاترتبط العصور الوسيطة بالعصور الحديثة ، فالحالة الفرعونية بحاكمها الإله ، وإنجيلها ، كتاب الموتى ، أو الخروج إلى النهار ، وسحرها وتعاويذها وطواطمها وقرابينها هى أكثر بعداً وغموضاً من العصور الوسيطة ، يمكنها أن تكون مبهرة فى زخارفها ورسومها وإبداعاتها اليدوية ، لكنها تظل ساذجة سخيفة فى أفكارها وتصوراتها عن الإنسان وحياته ، ومالحضارة إلإ أفكار فى النهاية ، فما أبعد المسافة بينها وبين حضارة الديموقراطية وحقوق الإنسان والعقد الإجتماعى؟
إن شغل النظام المصرى لعقول المصريين بخرافات من كل نوع لإلهائم عن التفكير السياسى حيلة مكشوفة أمام العالم ، لكن لايجب أن يقع المصريين بأنفسهم فى هذا الفخ الواضح ، فإذا أرادوا إستلهام الماضى ، فليعودوا إلى عصر أسرة محمد على القريب ويفتحوا كتابه ويقرأونه من جديد ، ليروا كيف صعدت مصر بالحكم الدستورى التدريجى ، وكيف تعثرت فى الطريق ، وكيف سقطت بالحكم الديكتاتورى فى النهاية ، وليكملوا الطريق ، ويتركوا الفراعنة للمتاحف !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نقطه وتحليل
على سالم ( 2021 / 12 / 2 - 17:45 )
لاشك ان هذا المقال الهام مع قصره الى انه يحتوى على ابجديات الحضاره العصريه , يبدو ان معظم تقييم المقال جاء فى الجزئ السلبى للساده القراء , المصريين لهم وجه نظر غريبه وجامده فى حاله الفراعنه وتشبثهم بالشكليات والامجاد , انهم يقدسوا الماضى العتيق , الاهرامات وابو الهول والاثار المصريه ليست الحقيقه المطلقه ولانعلم كم كانت ديكتاتوريه وفساد الفراعنه فى هذا الوقت الصعب


2 - الرد على الأستاذ على سالم تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2021 / 12 / 2 - 18:21 )
شكراً على ملاحظة التفاعل السلبى مع المقال ، شئ محزن فعلاً ، إختراق هذا المقدس الفرعونى أصعب من إختراق المقدس المسيحى الإسلامى عند المصريين ، العصور القديمة لن تقدم لنا شيئ ا والفراعنة ليسوا إستثناء ، نحن أبناء العصر الحديث ، سنواصل الطريق ،شكراً على مروركم الكريم أستاذ على


3 - الفرعونية بين التطرف في كراهيتها والتطرف في حبها
أحمس و اياح ( 2021 / 12 / 4 - 08:07 )
https://salah48freedom.blogspot.com/2021/12/blog-post_6.html


4 - الرد على الأستاذ أحمس وأياح تعليق رقم
عبدالجواد سيد ( 2021 / 12 / 4 - 14:07 )
اللينك الذى أرسلته لايفتح ، ياريت تعيد إرسال المضمون فى رسالة عادية نستفيد من تعليقكم وشكراً على مروركم الكريم


5 - أستاذ عبد الجواد ت 4
أحمس و اياح ( 2021 / 12 / 4 - 17:03 )
اللينك صحيح , يمكن تكرار المحاولة
يتضمن مقال بعنوان : الفرعونية - بين التطرف في كراهيتها والتطرف في حبها
تحية وتقدير


6 - الرد على الأستاذى أحمس تعليق رقم 5
عبدالجواد سيد ( 2021 / 12 / 4 - 18:21 )
الواقع أننا لم نكره الفرعونية إلا بعد أن أصبحت تاريخاً من التطرف نحو الماضى يفرض نفسه على االمشهد السياسى الحاضر ، قبل ذلك كنا ننظر إليها بإعجاب فى حدود عصورها القديمة ، كل التحية والتقدير

اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية