الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حريق ...في طريق الوحدة.

عبد الغني سهاد

2021 / 12 / 2
الادب والفن


حريق ....في عمارة الوحدة...
●●●●●●●●
في طريق الوحدة توجد عمارة الوحدة.. يسكنها اناس مختلفون..في كل شيء..في الطباع والعرق وفي الاحساس مع الاندفاعات البشرية ..ابوابها من حديد ومنزوعة الاقفال..وحراسها من خنوثيات غافلة البال..لا هم لهم و لسكانهاسوى التفاخر والتهكم والقيل والقال..عمارة الوحدة لهذه الاسباب يعدونها جد راقية في طريق الوحدة ..!!..لم تكن عامرة عن اخرها..فلا تزال بعض شققها شاغرة..الا ان الساكنة القاطنة بها كافية لاحداث الحركة و الضجة والحياة في مصعدها ودرجها وفي طبقاتها ..كأنها مصب نهر كبير فيه تصب كل الشعب والمسيلات المتنوعة ..بعض السكان قادمون من المداشير والمدن الصغيرة المحيطة بها والبلدات المجاورة الاخرى..وقرويون يطمحون في الاستقرار في الحضيرة لمزاولة مهن خفيفة في النسيج المدني الهادر بعيدا عن صفاء الحقول وهبوب الريح وسقوط الامطار..وبسمة الطبيعة العذراء..متبرمون من الجهد والكد البطيء والمثمر.. شغلهم الشاغل في نزع حقهم من النعم الجديدة والرفاهية والازدهار الوهمي الذي تغرقهم به علامات الاشهار وشاشات التلفاز والاجهزة الهاتفية الذكية ..منهم..مهاجرون سود من بلدان جنوب الصحراء...من طبعهم الرخاوة والتختل والتيه بخطوات مرفهة يحلمون بغد غني وسهل عن طريق التسول في المنعطفات..وملتقيات الطرق الكبرى القريبة من عمارة الوحدة..ومنهم كذلك اولئك الفارين من الخراب العربي..الذي داهم بعض الدول الديكتاتورية العربية الهشة من سوريا وليبيا ..واليمن وو غيرها ..!!..ومنهم طلبة وطالبات فاتنات يبحثن عن متعة الجسد والتيه والعزلة عن مجتمع منهك ومحصور ..بعضهم يقول انهم ليسو سوى .ارهابيين .هاربين من الاحياء الجامعة المتخمة بالصراعات السياسية والفكرية والدينية التافهة ...على كل حال تنغل عمارة الوحدة في شارع الوحدة بالكلامالفارغ والثرثرة والحوارلت المتقطعة و الساخنة القصيرة عن الامال والاحلام والخيبات في مسالك العيش لساكينيها...والبعض يعتقد انها عمارة تسكنها الطبقات الوسطى ..شرائح احتماعية لاهي قريبة من القاع الاجتماعي الموغل في القهر والحرمان ..ولاهي حققت امانيها في المال والجاه والسيادة في المجتمع..ولذلك من الطبيعي ان سكانها لا يجتمعون على كلمة واحدة توحد مواقفهم من الحريق..ذلك الحريق الذي شب في شقة في العمارة ..!..وترك جدران العمارة سوداء..
فمن الرصيف المقابل للعمارة صاح تاجر الحلزون الملتحي الذي لا يكف عن الاستغفار ..ولو للحظة واحدة ..قفز من أمام عربته .يصيح..حريق...حريق...اينكم يا حراس العمارة ..ويداه تهتزان تشيران الى النيران المتسربة من الشرفة في الطابق الثاني..و السنة اللهب طويلة وممتزجة بالادخنة السوداء..تراقص الرياح الى الاعلى ..الى الاعلى ..الى الشرفة العلوية المجاورة...قال احدهم لاخر ...طول اللهيب يصل الى ثلاثة امتار...او اربعة ..قال اخر..خمسة امطار واكثر ..وصاحت بجانبهم امرأة..خرجت لتوها من باب العمارة تجر اطفالها ترتدي بدلة النوم تضع على وجهها قناعا من الحنا السوداء ..صاحت ...انقذونا...انقدونا...ماء...ماء..،!..كادت تلك المراءة ان تسقط ارضا من شدة ما كانت تختنق..ولا احد من المتجمهرين اسفل العمارة اثارت انتباهه.او سمع صراخها ..كان الجميع مشغول بلقط الاشرطة والصور بهواتفهم الذكية..لطول اللهيب ..!!..قلة منهم اتصلت بالفعل بهاتف الوقاية المدنية..ورجال المطافئء.لكن كانت الخطوط مشغولة..بمتابعة اشواط مبارة المنتخب الوطني..ضد منتخبا وطنيا اخر...!....من الرصيف المقابل وصلت النجدة شباب غريب عن العمارة ..تطوعوا حاملين وسائل الاطفاء..اطفئوا الانارة ..ومدوا الخراطيم..!..
لا احد من سكان العمارة ..عمارة الوحدة كان على معرفة بهؤلاء الابطال ...!..كانوا ابطال حقا في الخفاء.اغتسلوا ثم .حملوا عدتهم وغادروا ..المكان ..بعد ان اطفئوا النيران..!..عندها وعندها فقط استفاق سكان العمارة من غفوتهم و حققوا في الصور و الاشرطة في وجوه هؤلاء الغرباء..الذين اخمدوا نار.عمارة الوحدة .بوسائلهم البسيطة...ثرثروا..وتقولوا ..واجمعوا..على انهم مجرد ارهابيين ..ارسلهم...بائع البربوش,,,( الحلزون.)..!!!
ع.س......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ