الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر العربي من سلطة القبيلة الى سلطة الدولة عبر التاريخ .

حسن ابراهيمي

2021 / 12 / 3
الادب والفن


ينبني السؤال المطروح ضمن هذه المقالة على تتبع سيرورة الشعر العربي ، من خلال علاقته بواقع مادي أفرزه ، بل أفرز شرط وجوده .
عبر محطات تاريخية ، بل قل إن شئت الدقة عبر منعطفات ، عرف فيها الشعر العربي تطورا مس شكله ، كما مس مضمونه .
ولعل أول تطور نقصده ها هنا هو التطور الذي حصل في بنية القبيلة في العصر الجاهلي ، هذا الاخير كان نتاجا لتطور العلاقات السائدة في بنية القبيلة ، إذ بسبب ذلك تشكل وعي عند الانسان العربي كان جوهره التدخل من اجل الحفاظ على البقاء ، وما تطلبه ذلك من استدعاء لمقومات الطبيعة للحضور في تشكيل هذا الوعي ، والتعبير عنه ابداعيا بالشعر.
لهذا جاء هذا الاخير تعبيرا عن هموم المجتمع القبلي ، ومعاناته ، حيث كان الشاعر في العصر الجاهلي لسان القبيلة ، حاضرا في المعارك التي خاضتها ضد القبائل الأخرى في اطار صراع مرير من أجل الكلأ ، بل من أجل الوجود احيانا ، وعموما ضمن هذا الاطار تعددت أغراض هذا الشعر ، واختلفت باختلاف الشعراء ، ولعل اهمها كان المدح ، الهجاء ، الرثاء ، والغزل .
بمعنى ما أنه على الرغم من اختلاف الأغراض ، الا ان ما يجمع هؤلاء الشعراء هو انهم ينهلون من منظومة قيم المجتمع القبلي ليعبروا عن أحاسيس جياشة نحو قبيلتهم وفقا لما جادت به قرائحهم ، وقرض قصائد كان الهدف من البعض منها الدفاع عن القبيلة بشكل مباشر ، او غير مباشر.
ومن جهة أخرى لابد من الاشارة إلى ما لهذا الشعر من تأثير في الحفاظ على قيم القبيلة ، ونشرها في المجتمع القبلي ، في اطار ما لعبه الشعر العربي الجاهلي من دور في تربية التنشئة ، بحضوره في الاسواق ، وانشاده في حلقات ، وبالتالي كانت هذه الحلقات عبارة عن صلة وصل بين الشاعر ، ومحيطه القبلي ، حيث كانت هذه الحلقات تنشر الوعي بالشعر ، والقيم القبلية التي تضمنها .
من هذا المنطلق أود فتح قوس للإشارة الى فكرة مفادها أن ما وصلنا هو نمط واحد ، ويتعلق الامر بنمط القصيد وفقا لما جاء في بعض محاضرات الاستاد محمد الدناي الملقاة على طلبة الادب العربي إبان الثمانينات من هذا القرن ، ايضا ما جاء عند طه حسين في كتابه في الشعر الجاهلي ، يمعنى ما أنه لا يستبعد أن يعرف تاريخ الشعر العربي الجاهلي أنماطا أخرى لم تدون لاسباب تاريخية ، كما انه لا يستبعد أن يعرف تاريخ الثقافة العربية سردا عبر عليه القران بأساطير الاولين .
ومن جانب آخر لابد من الاشارة إلى تطور الشعر العربي الجاهلي من حيث تطور هندسته ، ومن هنا نفتح مجالا للتساؤل حول هندسته الأولى ، وكيف اكتسبها ، ومن ثم علاقة القبيلة في شبه الجزيرة العربية مع الشعوب الاخرى من منطلق تدخل العلاقات التجارية في توجيه منظومة القيم في شبه الجزيرة العربية ؟ وبالتالي نطرح سؤالا مفاده كيف تطور الشعر العربي الجاهلي من حيث شكله في اطار علاقته بشعوب مجاورة كانت التجارة قد لعبت دورا مهما في ربط علاقات معها ؟ بمعنى ما هل نكتفي بقبول كون هذه الهندسة عربية قحة ؟
سوف لن أقدم جوابا على هذا السؤال ، على اعتبار أن هدفي ليس تقديم الجواب ، بقدر ما انه يستهدف مساءلة أوليات الشعر العربي الجاهلي ، وما أحدثها من تأثير على سيرورته التاريخية ، بل ما أحدثه من تأثير عرفه الشعر في العصر الاسلامي ، الاموي ، وما لحق ذلك من عصور كان للشعر فيها اهم دور في طرح سؤال الثقافة العربية .
سوف لن أ شير إلى خصائص هذا التطور على أساس أن كتب النقد القديم تعج بها .
ان ما يعنيني هنا لماذا ظل الشعر العربي يحتفظ بنفس الهندسة التي أسسها الشعر العربي الجاهلي في عصور مضت ؟
بمعنى ما لماذا كان التجديد مرفوضا في الشعر العربي لعصور جاءت بعض العصر الجاهلي ؟
إذ على الرغم من انتقال المجتمع العربي من نظام القبيلة الى نظام الدولة المركزية ، وما أفرزه ذلك من مؤسسات جديدة ، على الرغم من ذلك ظل هذا المجتمع لا يقبل التجديد إلا في حدود طفيفة ، بل حوربت في العديد من الأحيان .
اعتقد أن السبب في ذلك هو كون منظومة قيم البداوة ، استمرت في هذا المجتمع ، ولهذا ظل يحارب التجديد ليس في الشعر فقط ، ولكن ايضا في مختلف حقول المعرفة المعروفة آنذاك .
لقد ظلت سلطة القبيلة حاضرة في الشعر العربي عبر تطوره التاريخي ، إذ على الرغم من المتغيرات التي عرفها المجتمع العربي ، مع ذلك كانت سلطة القبيلة ، وقيمها حاضرة في الشعر العربي بمختلف اغراضه ، حيث لم يستطع الشاعر العربي تجاوزها ، إذ على الرغم من إنجاب التاريخ العربي لشعراء كبار من امثال المتنبي ، وغيره ، على الرغم من ذلك حافظ هذا التاريخ على نفس العلاقات السائدة ، وعلى أنماط الفكر ، والمعرفة ، في المجتمع بما في ذلك الابداع في شقيه أقصد النثر ، والشعر من خلال قصائد احتفظ بها هذا التاريخ نفسه .
على أن تجديد سؤال الشعر العربي سوف يظهر على يد كل من نازك الملائكة ، وبدر شاكر السياب ، وغيرهما بالعراق ، على أساس تطور حصل في وعي هؤلاء من خلال تطور حصل في بنية المجتمع العربي ، وثقافته ، وما نجم عن ذلك من مخاض أفرز ما يسمى بالشعر الحر .
لقد حصل هذا التطور بفعل تفاقم علاقات الاستغلال بالمجتمعات العربية ، وما نجم عن ذلك من تردي الاوضاع الاقتصادية ، الاجتماعية ، والثقافية للفئات الأكثر هشاشة داخل هذه المجتمعات ، وبما أن الشاعر العربي ليس بمعزل عنها حاول جاهد ا التعبير عنها ، لذلك ظهرت قصائد للعديد من الشعراء تصور هذا الواقع .
أيضا ساهم في ذلك فعل الترجمة ، التثاقف .
وإرسال بعثات الى الخارج من اجل الدراسة ، كل هذه العوامل كان لها دور انضاف الى إلى ما سبق ذكره كشرط اساسي افرز تطورا على مستوى طرح السؤال ، وبالتالي تقديم الاجابة لسؤال مرحلة تطلبت التجديد .
معنى هذا ان العامل الداخلي ، وهنا اركز على معاناة المجتمع العربي من حيث اوضاعه الاقتصادية والاجتماعية ، ايضا الثقافية ، وتراجع ، بل تدني مستوى عيشه قياسا الى حياة الرفاه التي تعيشها الشعوب الاوربية ، كل ذلك ساهم في تجديد السؤال ، وطرحه ، ومن ثم جاءت الاجابة نصوصا ابداعية تعبر عن هموم الشعوب العربية .
ولقد كان لحضور القضية الفلسطينية وزن كبير عند بعض الشعراء ، بل لعل تجرع مرارة حربي 1948 ، و1967 كل ذلك كان له تأثير، ووقع في نفوس العديد من الشعراء في كل الدول العربية ، حيث ظهرت قصائد تعبر بحق عن وعي جديد نحو هذه القضية .
إن هذا التطور انعكس على كل انماط الفكر ، وعرفت مختلف حقول المعرفة تجديدا تمظهر في مختلف العلوم الانسانية .
على ان الشعر ليس بعيدا عن هذا التطور الذي ما زال ساريا ، بظهور ما يسمى بشعر النثر ، الها يكو بفعل الترجمة عن اللغة اليابانية ، وشعر الومضة ، ودون شك فالتاريخ العربي سوف يفرز أنماطا أخرى وفقا لتطور التاريخ العربي ، ومتطلباته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة