الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقديم وترجمة بهجة الماضي والأحلام لآن برونتي

محمد سمير عبد السلام

2021 / 12 / 3
الادب والفن


*مقدمة الترجمة:
ا لذات المتكلمة – في خطاب آن برونتي الشعري – إلى تجاوز بنية الحضور باتجاه أخيلة الماضي، وأحلامه البهيجة التي تتصل بالطفولة، واللاوعي، أو باتجاه الإنتاجية الشعرية للحوار مع الأخيلة التي تتجسد ضمن تأملات الذات الأنثوية التي تذكرنا بمدلول التأملات الشاعرة طبقا لتصور باشلار في شاعرية أحلام اليقظة؛ ومن ثم يعكس خطاب آن برونتي نوعا من التفاعل بين القوى الثقافية الكامنة فيما وراء بنية الحضور؛ فنعاين – في قصيدة بهجة الماضي – العلاقة بين أخيلة الماضي الحلمية، وفاعليتها الخفية ضمن بنية الحضور التي تجسد الملل، وفقدان التواصل الإنساني الطبيعي القديم، وتراجع الإحساس بالقيمة الإبداعية للشيء، أو العلامات الطبيعية؛ وتظل فاعلية تأملات الماضي كامنة، وتستعيدها الشاعرة مع البدايات الجديدة، وبزوغ نور الفجر.
أما قصيدة الأحلام فتوحي بتصاعد أخيلة اليقظة، وتجسدها بصورة استعارية حوارية فيما وراء علامة الطفل / الرضيع الذي يجسد الخيال الشعري المناهض لبنية الوحدة؛ وكأن الشاعرة تضعنا أمام قوتين ثقافيتين خفيتين للوحدة؛ الأولى تمثلها الوحدة الممزوجة بالقسوة والفراغ؛ والثانية تمثلها الوحدة الممزوجة بحياة أخيلة اليقظة الأخرى، والثرية في سياق امتلاء الفراغ، وتجاوز بنية الوحدة الأولى في لحظة الحضور، أو محاولة استبدالها بوحدة إبداعية أخرى تقوم على الإنتاجية الوفيرة للأصوات، والعلامات المجازية التي تؤكد حالة التواصل الإبداعي المضاعف، واستنزاف بنية الوحدة الأسبق؛ وتظل حالة الاتصال بالخيال كامنة، وفاعلة – بصورة دائرية – حتى حين تخرج الذات من الاتصال بالأطياف، وتعود لواقعها الأسبق الذي صار قابلا للتفكك، والمساءلة.
هكذا تنتصر آن برونتي – في خطابها – لقيم الأصالة، والاتصال بأخيلة الذاكرة، والأخيلة الحلمية الأسبق التي تذكرنا بفضاءات اللاوعي الواسعة طبقا لفرويد؛ وتعزز الشاعرة كذلك من الاتصال الروحي بالطبيعة في سياق شعري رومنتيكي، يذكرنا بعوالم شيلر، ووردزورث، وكولريدج؛ ومن ثم يؤسس الخطاب لمجموعة من العلامات، والصور التي تؤكد فاعلية البهجة الحلمية القديمة؛ مثل الطرب، والأصالة، والضحك، والابتسام، والعالم الداخلي كممثل للهوية، والاسترخاء، والنشوة الروحية، والمرور السريع للوقت رغم حرارة الصيف، والتواصل البهيج؛ وذلك في مقابل علامات الضجر، وفقدان التواصل، والقيمة التي جاءت في سياق مؤقت، وقابل للاستبدال عبر عودة الفاعلية الخفية للماضي، أو من خلال بزوغ البدايات الجديدة للذات، والعالم في الفجر.
أما علامة الطفل الاستعاري الممثل لحياة حلم اليقظة الشعري فقد جاءت ضمن بنية حوارية سردية أكثر حضورا من الوحدة الممثلة للغربة؛ والتي تكررت أيضا بصورة مؤقتة – تقبل الاستبدال؛ فالشاعرة تحيلنا إلى بحثها المتجدد عن صوت خيالي آخر يملأ الفراغ، ويستنزف بنية الوحدة التي صارت لامركزية في خطاب آن برونتي.
توحي الشاعرة – إذا – للمتلقي بعودتها للذاكرة، والحلم، وحلم اليقظة، والإنتاجية الشعرية الخيالية؛ وأنها تستعيد هويتها، وتعيد تشكيلها وفق تجدد علامات الماضي، أو الماضي السحيق، أو علامات المخيلة الأنثوية التي تتجسد شعريا في بنية الحضور التي لا تهيمن كليا على صوتها الخاص؛ وربما توحي للمتلقي بالبحث عن خصوصية خيالية محتملة في عالمه الخاص؛ تتجاوز الغربة أو الصمت المحتملين؛ أو تؤكد آن برونتي – عبر خطابها – نوعا مغايرا من الحوارية مع الخيال الذي يشبه الطفل البريء، أو بكارة العلامات الطبيعية، أو الكونية التي قد تحيا فيما وراء الفراغ، أو الوحدة القاسية المؤقتة.
ويتصل الشعور بالحنين إلى الماضي؛ واتصاله بالحلم، وبحالة التناغم الطبيعي التي تشبه اللوحة الفنية بالمستقبل أيضا في نصي آن برونتي؛ فالاستعادة هنا لا تمثل الحنين أو العودة المجردة إلى الماضي؛ وإنما تتصل – بشكل أساسي – بمعايشة أخرى مغايرة لبهجة الماضي في المستقبل عبر عمليات معقدة من الإنتاجية الشعرية لمدلول الهوية الذاتية الذي يبدو ديناميا متجددا في الخطاب.
د. مدˀ سمير عبد السلام – مصر
*بهجة الماضي والأحلام:
آن برونتي

*بهجة الماضي:
من المدهش حقا أن نفكر في
زمن، كان الطرب فيه أصيلا؛
وكان الضحك يمنحنا البهجة؛
وابتساماتنا لم تكن مصطنعة؛
ولم نشعر بدموع الحزن إلا
حين نتعاطف مع آلام الآخرين.
كان كلامنا يعكس دواخلنا؛
وتتصل قلوبنا بصدق.
لم نكن نشعل بطول النهار صيفا؛
لما فيه من الملذات الوفيرة،
ولحظات التأمل، والعزلة، والاسترخاء.
أما الآن، صار القلب منهكا ضجرا؛
حيث تجردت الأشياء من قيمتها، وفقدنا اتصالنا القديم.
وقد تعلن روح عن بهجتها الأصلية؛
فتصير الصداقة كنهر متدفق،
وتسير بصمت، وتقاوم الفراغ بهدوء.
وحين يأتي الليل؛ وقت السلام المقدس،
أشعر برعب يشبه لحظات الغربة.
تتوقف أحاسيس البهجة، ويتوقف الكلام.
وتتصاعد نغمات الصمت.
وبالرغم من أنها لم تكن لحظات مملوءة بالآلام والبلايا،
فقد جلبت لنا الصمت المجرد.
وحين يبزغ الفجر المبارك ثانية،
نستيقظ، ونعاود كرة العمل؛
ونمتلئ بنوع آخر من المرح؛
ونرحب بالبدايات الجديدة.
*الأحلام:
حين أسترخي وحيدة على الأريكة،
نادرا ما تهزمني الوحدة؛
فالخيال يملأ عيني الحالمتين
بصور ممتعة، تشكل عالمي الخاص.
وربما أحتفظ بأحلامي بحنو،
فتبدو كرضيع لطيف ومحبوب.
وربما أبتسم وقتها، وأقوم بتهدئته
في أوقات التأمل، والراحة
بحنو أمومي فائق.
فما أجمل أن أشعر بضعفه.
يتوقف هذا على نظرتي إليه؛
فحين أحمله، وأشعر بدفئه، ونظراته البريئة،
أشعر بامتداد الليل، ولا أدرك قدوم النهار.
إذ تتصاعد بقلبي نغمات البهجة، والطرب.
وحين أعايش هذه الحالات الخاصة من الحب،
أشعر أن يدي صارت رقيقة تماما،
وأنني بلغت حالة التناغم.
وأشعر وقتها أن وقت العزلة قد انتهى.
وألمس نهايات السعادة المؤقتة،
وأجد نفسي غريبة مرة أخرى.
وأبحث عن لسان يمكن أن يحدثني
في هذا الفراغ الواسع.
*هوامش/
(1) آن برونتي (1820- 1849) شاعرة، وروائية إنجليزية؛ وهي أخت الأديبتين إيميلي برونتي، وشارلوت برونتي؛ ومن أعمالها كتاب القصائد، ورواية أغنس غراي 1846، ورواية نزيل قصر وايلدفيل 1848.
(2) رابط قصيدة بهجة الماضي بموقع قصائد المجال العام:
http://www.public-domain-poetry.com/anne-bronte/past-days-9527
(3) رابط قصيدة الأحلام بموقع قصائد المجال العام:
http://www.public-domain-poetry.com/anne-bronte/dreams-9504








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع