الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتهت العملية الإنتخابية في العراق ... ماذا بعد ؟

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2021 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تناولنا بمقالنا المنشور في الحوار المتمدن بالعدد 6964 بتاريخ 20/7/2021 , بعنوان "هل ستغير نتائج الإنتخابات العراقية القادمة.. واقع العراق المرير؟" , ما إذا ستجرى الإنتخابات بنزاهة وموضوعية في ظروف العراق الراهنة وتقاطع مصالح بعض دول الجوار والدول الكبرى فيه , وما إذا ستفضي نتائجها إلى تحقيق نتائج ملموسة لمصلحة الشعب العراقي . نقتطف هنا بعض ما ورد في المقال المذكور : " فهل يا ترى ستجرى الإنتخابات القادمة التي يعول البعض كثيرا على نتائجها , بشيئ من النزاهة والموضوعية ؟ وهل ستفضي نتائجها إلى تغييرات ملموسة في المشهد السياسي؟ وهل يجني منها الشعب خيرا ولو بالقدر اليسير , بمعنى أن تتحسن ظروف الناس المعيشية ويعم الأمن والآمان وتتوفر خدمات الحياة الأساسية ؟ كلها أسئلة مشروعة وبسيطة وحقوق إنسانية أساسية من حقوق الإنسان التي أقرتها قوانين الأرض ومبادئ السماء".
وتوقعنا في المقال المذكور أن شيئا من ذلك لن يحدث : " للأسف لا نتوقع شيئا من ذلك سيحدث إطلاقا في ظل الوضع الراهن القائم حاليا في العراق , إذ يتوقع أن تفضي نتائج هذه الإنتخابات إلى عودة الأحزاب والكتل السياسية نفسها , المتحكمة بالمشهد السياسي منذ غزو العراق وإحتلاله عام 2003 وحتى يومنا هذا , ربما لن يكون بعضها برموزه الحالية , حيث ستختفي وجوه ويأفل نجمها ,وتبرز أخرى ويلمع بريقها , ضمن الحزب الواحد , وقد تصعد أحزاب وكتل في سلم هرم السلطة ,على حساب أحزاب أخرى تهوى إلى أسفل الهرم . ولعل الأحزاب الكردية هي الإستثناء الوحيد من هذه التقلبات , إذ يتوقع أن تحافظ هذه الأحزاب على مواقعها في مناطق نفوذها التقليدية دون تغيير يذكر. وأن غدا لناظره قريب والله أعلم ".
والآن وقد إنتهت العملية السياسية وأعلنت نتائجها النهائية التي إقترنت بمصادقة الهيئة القضائية المختصة , على الرغم من صخب بعض القوى السياسية التي منيت بخسارة فادحة ومحاولاتها اليائسة للتشكيك بهذه النتائج , التي أجمع جميع المراقبين المحليين والدوليين على نزاهتها وحسن تنظيمها , بما في ذلك مجلس الأمن الدولي في سابقة فريدة من نوعها , إذ لم يعرف عن مجلس الأمن تدخله بشؤون الدول الداخلية بعامة وفي شؤونها الإنتخابية بخاصة, وهو أمر مثيرللدهشة والشك والريبة.
اعلنت المفوضية العليا المستقة للإنتخابات أن نسبة المشاركين بهذه الإنخابات (44%) من إجمالي من يحق لهم بالمشاركة , ووفقاً للنتائج، فقد حل "التيار الصدري" في المرتبة الأولى، بواقع( 73 ) مقعداً برلمانياً من أصل( 329) مقابل (44) مقعدا في الدورة السابقة ، أعقبه تحالف "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي (37) مقعداً، وحل تحالف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ثالثاً، بواقع ( 34 ) مقعداً مقابل (24) مقعدا في الدورة السابقة ، كما حلّ في المرتبة الرابعة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في إقليم كردستان العراق بزعامة مسعود البارزاني، بواقع( 32 ) مقعداً, و"تحالف كردستان"، الذي يضم "الاتحاد الوطني الكردستاني" وقوى كردية أخرى بواقع( 17 ) مقعداً، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري (17) مقعدا مقابل (48) مقعدا في الدورة السابقة , ، وتحالف "عزم بزعامة خميس الخنجر ( 14 ) مقعدا وحركة "امتداد" المدنية ( 9 ) مقاعدً، وحراك "الجيل الجديد" ( 9) مقاعد , و"إشراقة كانون" ( 6 ) مقاعد, وتحالف "تصميم"( 5 ) مقاعد , وتحالف "قوى الدولة الوطنية" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ويضمّ أيضا "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، ( 4 ) مقاعد. وكان لتيار الحكمة ( 19 ) نائبا في البرلمان السابق، وائتلاف العبادي ( 42 ) نائبا, وتحالف "العقد الوطني" ( 4 ) مقاعد، وتحالف حركة "حسم للإصلاح" ( 3 ) مقاعد، وحركة "بابليون" ( 4 ) مقاعد، وتحالف "جماهيرنا هويتنا" ( 3 ) مقاعد، وجبهة "التركمان للعراق" الموحد مقعد واحد ، وبلغ عدد الأحزاب الفائزة بمقعد واحد( 16) حزبا، في حين بلغ عدد مقاعد الأفراد الفائزين في الانتخابات( 43 ) فردا ؛ تنقسم بين( 38) رجلا و(5 ) نساء. ويتوقع بشكل واسع أن يتوجه الصدر لتشكيل تحالف أغلبية داخل البرلمان عبر التحالف مع كتلة "تقدم" والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وبقراءة أولية بسيطة لهذه النتائج يتضح جليا الآتي :
1. عدم مشاركة غالبية من يحق لهم المشاركة بهذه الإنتخابات , إذ لم تتجاوز المشاركة نسبة (44%) ممن يحق لهم المشاركة.
2. لم تغير النتائج الإنتخابية واقع المشهد السياسي العراقي المنبثق عن غزو العراق وإحتلاله عام 2003 , القائم على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية , إذ ما زالت القوى السياسية الفاعلة في المشهد منذ الغزو , سيدة الموقف وإن تغيرت بعض موازين القوى فيما بينها ضمن نظام المحاصصة نفسه دون أي تغير ذو أهمية.
3. لم تفض المظاهرات الصاخبة التي شهدتها بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق , في إطار ما عرف بالحراك الشعبي أو إنتفاضة تشرين ,لأكثر من عام ,وما رافقها من أعمال عنف وسفك دماء وضحايا , إلى أية تغيرات سياسية جوهرية في الواقع السياسي العراقي , يمكن أن ينجم عنه إنفراج سياسي عراقي حقيقي لمصلحة الشعب العراقي, خلافا لتوقعات البعض الذي كان يبني عليها آمالا كبيرة لبناء عراق أكثر أمنا وإزدهارا وعدلا وإستقرارا.
4. أكدت الإنتخابات ( لمن لديه شك لسبب أو لآخر) زيف إدعاء القوى السياسية التي تسيدت المشهد السياسي منذ العام 2003 وحتى يومنا هذا , إيمانها بالنظام السياسي الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة , وإذا بها تكشف عن حقيقتها دون حياء أو مواراة فور إعلان خسارتها المدوية بهذه الإنتخابات التي أفقدتها صوابها وكشفت عن تخبطها , مما دفعها إلى التمرد وإشهار أسلحتها بوجه خصومها , ذلك أنها كانت تتخذ من الديمقراطية سلما لها دون سواها لإحتكار السلطة السياسية , مصدرا للثراء الفاحش ونهب المال العام وشراء الذمم وتكميم الأفواه بالسلاح أن لزم الأمر ذلك .
5. أصدر مجلس الأمن الدولي في سابقة غريبة من نوعها , بيانا بتاييد صحة ونزاهة الإنتخابات وشفافيتها , مما أثار حفيظة القوى السياسية الخاسرة.
6. عدم تدخل المرجعية الدينية العليا في النجف بالشؤون الإنتخابية , ولا في الجدل الدائر حول نتائجها , على الرغم من محاولة البعض زجها بذلك.
7. الحديث عن تشكيل حكومة غالبية وطنية , ليس حديثا جديدا إذ سبق أن طرحه نوري المالكي في إحدى مرات تكليفه برئاسة الوزراء دون أن يفلح بذلك . ويتوهم من يعتقد أن تشكيل هكذا حكومة في ظل المشهد الراهن, سيعني مغادرة نظام المحاصصة الطائفية والأثنية الذي بات متجذرا في النظام السياسي القائم حاليا , فضلا عن أنه يلقى حاليا معارضة شديدة من معظم القوى السياسية التي تصر على تشكيل حكومة توافقية طائفية وأثنية يتقاسم فيها الجميع مغانم السلطة ونهب المال العام والتستر على الفساد .
8. لا يبدو أن هناك قدرة لدى من ستؤول إليه مقاليد السلطة , حصر السلاح بيد الدولة , إذ بات الحديث من الآن عن إستهداف بعض الجماعات المسلحة التي توصف بأنها خارج القانون, ولا أحد سواها. وليس بعيدا عن الإذهان ما قام به نوري المالكي حيال جيش المهدي وما عرف بصولة الفرسان , وشعار " يد بيد ولا سلاح باليد ".
9. وحيث يتوقع أن الواقع السياسي سيبقى على ما هو عليه بصورة أو بأخرى , فأنه من غير المتوقع إجتثاث مافيات الفساد وهدر المال العام بفاعلية وجدية , إذ طالما سمعنا جعجعة ولم نلمس طحينا على مدى السنين المنصرمة , والله أعلم.
وفي الختام نقول لا يمكن بناء عراق حر ومزدهر , ما لم يتم بناء نظام سياسي حر ومستقل عن إرادات الدول الأجنبية قريبها وبعيدها , ومعبرا عن مصالح شعبه ولا يكترث يالعنعات الطائفية والأثنية , من منطلق أن العراق وطن الجميع ومن حق شعبه العيش بكرامة وأمن وإزدهار في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يؤمن التداول السلمي للسلطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة