الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 24

علي دريوسي

2021 / 12 / 4
الادب والفن


على التوازي من تطوُّر علاقتي مع سوزاني أخذت علاقتي مع مها تتطوَّر أيضاً لكن على الصعيد الاجتماعي والصداقي وحسب، رغم كل الشرارات المتوهّجة المتطايرة من ذرات جسدها بشكل إرادي أو غير إرادي. أعتقد أن مها قد حاولت إيقاعي في براثنها لكني كنت يقظاً. العلاقة مع بنت البلد في الغربة ورطة. أعتقد أيضاً أنها، بعد أن رأت أنماطاً مختلفة من الرجال في ألمانيا، قد وجدت نفسها متورطة مع الرجل الذي وافقت عليه في سوريا عن قناعة. أخبرتني بالحرف الواحد أنها نادمة وباتت تكرهه وتلعن الساعة التي شاهدته بها. لكنها لم تتجرأ على التخلُّص منه. لم تكن مها هي الأولى ولا الأخيرة التي عاشت مسرحية التناقضات هذه. والشيء ذاته ينطبق على الرجل السوري الذي وصل إلى ألمانيا بعد أن سجّل إمرأة على ذمته في البلد الأم على أمل أن يحضرها في الوقت المناسب بعد أن تكون قد استقرت أموره.
توهَّمت أن علاقتي مع مها ستنتهي حالما يصل بعلها وسيدها!
حين رنَّ جرس الهاتف في شقتي الصغيرة صباح يوم الأحد، في يوم عطلة نهاية الأسبوع، كانت الساعة لم تتجاوز التاسعة صباحاً، كنت قد أخذت لتوّي بتنشيف جسمي بعد حمّام الصباح الساخن، ولأن يوم الأحد غالباً ما يكون هادئاً أكثر من اللازم في ألمانيا، فقد رميت على جسدي روب الاستحمام وسارعت إلى غرفة الجلوس لأرى من يكون المتصل علّه يضفي بأحاديثه المبهجة رونقاً ما على صباحي.
كانت مها على الطرف الآخر.
صباح الخير أحمد، قالت وهي تشهق بالبكاء.
وصلني صوتها كأنه قادماً من مغارة عميقة ورطبة.
صباح النور مها، أجبتها.
ولأنَّ صوتها اِختفى فجأة فقد سألتها بحذرٍ: ما الأمر معك!؟ هل حدث لك أو لزوجك مكروه ما!؟
لا أستطيع أنْ أتقبّله، لا أريده أنْ يقترب مني، أرجوك ساعدني. ردّت مها بحرقة.
إهدأي واِشرحي لي الحالة، أين هو الآن؟
هنا في الغرفة وأنا في الحمّام، تحجَّجتُ له بآلام في بطني وحاجتي للاستحمام ولهذا يأتيك صوتي مُتهدِّجاً مُتقطِّعاً، فالماء يتدفَّق من الدوش. صمتت مها قليلاً ثم وقعت في نوبة بكاء ثانية.
بعد هُنيهة عادت للكلام مُجدَّداً: منذ أربعة أيام و هو يُجهد نفسه لفض بكارتي، لكن جسدي ورأسي يرفضانه، لا أريده، لم أكن أعرف أنني لا أريده، لا أرغب به، لا أحبه، أريد أن أهرب من البيت، أحتاج لمن أتكلم معه، هل أستطيع المجيء إليك؟
أجبتها بوضوح: عزيزتي مها، أنت تسكنين في غرفتك الطلابية، عقدها مُوقَّع باسمك وأُجْرتها الشهرية مدفوعة من حسابك البنكي، لا يجوز لك ولا في حال من الحالات مغادرتها، هذا هو بيتك، إن كان هناك من سيغادر ولا بد فزوجك من ينبغي أن يفعل ذلك، وإذا كنت لا تريدينه حقاً عليك الذهاب إلى سلطة الأجانب ووضعهم بالصورة، كي يتم ترحيله، سيساعدونك بالتأكيد، أنت من أحضره وكفله ليصل إلى هذا البلد، أنت من يكفله الآن أيضاً ويموِّل وجوده هنا. مع هذا وقبل كل شيء أنصحك بالتروّي، فأنت لم تتعرّفي عليه بما يكفي بعد، قد تندمين على قرارك لاحقاً!
فجأة سمعت خبطات مجلجلة على الباب حيث هي، ودوَّى صوت الطبيب - زوجها - يصرخ بها وينعتها بأبشع الصفات: ما الذي تفعلينه بالحمّام يا عاهرة، مع من تتكلمين يا زانية، أتضاجعين نفسك يا باردة، أخرجي حالاً وإلا حطّمت الباب على رأسك. في تلك اللحظة أقفلت مها هاتفها.
بعد عدة أيام طلب زوجها زيارتي للتعارف فقد كان يشعر بالضجر الشديد وبحاجته للفضفضة.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب


.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً




.. عوام في بحر الكلام - الفن والتجارة .. أبنة الشاعر حسين السيد