الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع العلمانية / موقف

عيسى بن ضيف الله حداد

2021 / 12 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وجهة نظر
(في الأزمنة العصيبة، يصبح الصمت مصيبة)
العلمانية والسبل إلى الحل
في العلمانية: يتأسس السبيل لتحقيق المواطنة الحقة، ولا ديمقراطية بدون تطبيق فعلي لمفهوم المواطنة..
تأتي هذه الحقيقة المتمثلة في تلك الكلمات القليلة، كحصيلة واقعية للتجربة التاريخية للبشرية، وتتجسد بشكل عياني في الواقع العالمي القائم. وبذا يكون التواطؤ على هذه الحقيقة تحت أي صياغة كانت.. تمثل بواقعها عملية غش وتزييف خطير ..
ما بين العلمانية والإسلام: أتذكر أنني قد قرأت في زمن مضى مقولة للمفكر العربي السوري الياس مرقص: إن العلمانية ضرورية للإسلام وللمسلمين، حتى لو لم يكن هناك مسيحي عربي واحد.. – كان ذالك في زمن ظهر ثمة من يقوّل فيه، إن العلمانية هي مجرد مقولة صادرة من نخب تنتمي للمسيحيين العرب.. والسؤال، لماذا العلمانية ضرورية للإسلام..؟
أولاً- غدت العلمانية قبل كل شيء ضرورة ملحة لتحرير عالم الإسلام من فتن الانقسام.. ولعل ما نراه قائماً في حالة الاستقطاب القائم ما بين التوجه السياسي للإسلام السني (سلفياً أم إخوانياً)، والتوجه السياسي للإسلام السياسي الشيعي (متمثلاً، بحزب الله وأمل وتيار جيش المهدي.. و.. الخ)، من حيث راح الأول(السني) يتجه تركياً وأميركياً وغربياً، وراح الثاني (الشيعي) للتوجه إيرانياً.. بل وغدت طبول الحرب تدق بكيفية أو بأخرى بين الطرفين.. - وللتذكير أن مثل هذا الاستقطاب الخطير لم يكن قائماً في حقبة صعود التيار القومي العربي (الناصري والبعثي والقومي العربي) في مرحلة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، مع أن هذا التيار لم يطرح في برنامجه علناً علمانية الدولة (وكان ذالك من إحدى أخطائه) – ولنا أن نرى أنه لو أقدم التيار القومي لاعتماد الديمقراطية وسلك سبيل المواطنة في ذالك الزمن– وكانت له القدرة على ذالك - لما وقعنا في هذه الهوة المتمثلة بهمجية الطائفية الوحشية ومخاطرها العابرة والقادمة على المنطقة.. ولعل انفصال جنوب السودان عن شماله أتي كنتاج لغياب المناخ العلماني الديمقراطي في المجتمع السوداني، ذالك المناخ الكفيل وحده بتحقيق المواطنة.. ولنا ما حدث ويحدث في العراق ولبنان والبحرين خير مثال (والحبل على الجرار)
ثانياً – الحل العلماني يعمل على تحرير الإسلام من توظيف نصوصه للهدف السياسي، من حيث كون السياسة هي بطبيعتها وضعية، تمثل مصالح ونزعات لحل مسائل واقعية، لا يمكن للنص الديني كما أتى عليه، أن يقدم الحل لها، من حيث كونه قد انبثق في ظروف تاريخية مغايرة.. وحتى لو تم استنباط نصوص لها صلة بتلك المسائل الوضعية، فإن تأويل النص يأخذ بعداً تأويلياً متعدداً، وهذا بحد ذاته ما أدى إلى الانقسام السني والشيعي في صفوف الإسلام، فضلاً عن ظهور الطوائف والنحل الأخرى، والمذاهب المتعددة..
ثالثاً- يتمتع الدين في المجتمع العلماني، بنظرة تاريخية وقيمية إيجابية، تسمح له بالتأقلم والتكيف مع تطوّر الأزمنة، بحيث يتجاوز النظر الدوغمائي القطعي المتمثل بالطقوسية والوثنية النصوصية والجمود المذهبي.. ولعل مثل هذا النظر القطعي هو ما حمل أكبر الأثر في تأجيج المشهد السلبي للإسلام لدى المجتمعات الغربية، حينما راح الخطاب الديني الإسلامي المسيطر، يركز اهتمامه في بلاد الغرب أو بالكاد، على لباس المرأة وجنسويتها..
رابعاً- إن النهج العلماني الذي ينطلق من الفهم التاريخي للظاهرة الدينية، وينظر إليه كحلقة هامة في تطور البعد الحضاري والمعرفي والأخلاقي للمجموع البشري.. يضع الدين بعيداً عن التداول السياسي، ويحفظ له هيبته وجلاله وحتى قدسيته..
خامساً – إن علمانية الدولة والنظرة العلمانية للدين في مجتمعاتنا العربية، تجعل من الدين عامل توحيد وقيمة ايجابية، في حين يحدث العكس عندما تم ويتم زج الدين في عالم السياسة، حيث يتحوّل إلى عامل فرقة وتمزيق، والتجربة التاريخية ماثلة أمامنا..
سادساً – في التباين بين منطلق المنظور العلماني ومنظور الإسلام السياسي ، يمكن تحديد التباين الأساسي في الآتي: - إن المنظور العلماني في أفقه الجدلي التاريخي، يرى في الإسلام مكوناً حضارياً وعاملاً حاسماً في تشكل هوية المنطقة وصياغتها تاريخياً، كما كان له الدور الفاعل في مسار تاريخ العالم وتطوره الحضاري..- في المقابل عبر منظور الإسلام السياسي في أفقه الدوغمائي القطعي، يتم اختزال الإسلام إلى شريعة ناظمة للحياة ونصوص محلقة فوق التاريخ، وقابلة للتطبيق في كل زمان ومكان، وعندما اصطدمت أو تصطدم هذه النظرات بصعوبات ما في هذه النصوص (وكثيراً ما يحدث ذالك)، تسعى لتأويلها وتكييفها، الأمر الذي لا يخضع بواقعه إلا للرغبات والمصالح والنزعات، مما قد أدى ويؤدي إلى نشوء النحل والطوائف والمذاهب.. ونظراً للمنظور القطعي المتأصل في منطلق كل من هذه الأشكال، تنشأ القطعيات أي تتمتع كل منها (الطوائف والنحل والمذاهب) بدوغماويتها التي لا يأتيها الباطل والريب من بعد أو من قرب، مما يؤدي إلى تفاقم الصراع بكل أشكاله المخففة والمحتدمة (حدث ذالك بين البروتستانت والكاثوليك في أوربا، و بين الإسلام السني والشيعي لدينا)..
وفي معظم الأحيان يكون الصراع بين تشققات الأشقاء، أشد ضراوة فيما بين الأشقاء.. وقد يلجأ البعض للاستنجاد بالأجنبي لقهر الأخوي.. (والأمر لاح وراح يلوح)
والسؤال: أمام هذه اللوحة، أي من الطرفين (العلماني أم الإسلام السياسي) أحرى بصيانة الإسلام من كل أشكال الاستغلال..
كنتيجة- لنا أن نرى، إن الحل المفضل للمسألة الدينية في المجتمع في عصرنا، تتلخص بكونه مسألة شخصية أو النظر إليه في أقصى مدى، كمرجعية أخلاقية عامة، تعكس حضورها في أفق متطوّر...- ولا إكراه في الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل