الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدينة وثقافة التغيير

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


على سبيل التذكير، دائما، بالأيام العالمية التي اقترحها مواطنون ومواطنات من مختلف الشعوب والثقافات، وتبنّتها هيئة الأمم المتحدة، وفي سياق الإشارات الخاطفة إلى أهميتها التي دأبنا عليها منذ تأسيس هذا المنبر، فإن شهر ديسمبر، كباقي الشهور يحفل بعدد من هذه الأيام حول التُّربَة والصحة والطيران ومكافحة الفساد وحقوق الإنسان واللغة العربية والمهاجرين والتضامن الإنساني وغير ذلك من القضايا ذات الصلة بالأفراد والشعوب والبيئة.
لكن يبقى أهم يوم في نظرنا هو اليوم العالمي للمدن، من منطلق أن المدينة هي الفضاء الذي إذا صلح انتشر صلاحه على أوسع نطاق وإذا فسد عم فساده واستعصت معالجة كل القضايا ذات الصلة بحياة الناس، ولاسيما أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في المناطق الحضرية، وأن أكثر البلدان تطورا هي البلدان التي تتوفر على مدن مستدامة أصبحت فيها ثقافة المواطنة نسقا يشمل حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية، الاجتماعية، الروحية والأيكولوجية.
المجال الحضري يتسع باستمرار، ويزداد اكتظاظا إزاء المجال القروي والريفي الذي يتناقص سكانه بشكل مضطرد، وكلما اتسعت المدن وازداد المجال الحضري اكتظاظا تعاظمت مشاكله الاجتماعية، الأمنية والبيئية.
هناك حوالي 100 مدينة في العالم يفوق عدد سكانها ثلاثة ملايين، من ضمنها أكثر من خمسين مدينة يفوق عدد سكانها خمسة ملايين، وحوالي عشرين مدينة عدد سكانها أكثر من عشر ملايين بعضها تجاوز العشرين مليونا. على المستوى المغاربي تمثل الدار البيضاء المغربية، المدينة الوحيدة الأكبر من حيث عدد سكانها الذين تجاوزوا ثلاثة ملايين.
أغلب المدن المغاربية لا يتجاوز عدد سكانها نصف مليون نسمة، ولاسيما في تونس، ليبيا وموريتانيا، ومع ذلك تجد مدننا تعاني من كل أنواع المشاكل: الانفلات الأمني، الاختناق المروري، البناء العشوائي، التلوث... ، فضلا عن رداءة الطرق وغياب المساحات الخضراء والحدائق ومرافق الأطفال والشباب واللائحة مفتوحة على جملة من القضايا الأخرى... وفي غمار الانشغالات الهامشية التي تستنزف السياسات المغاربية، ترى كيف يكون حال هذه المدن في المستقبل؟
وحتى تخرج المدينة من نسق اللامبالاة والفساد والكسل وروح الانهزامية إلى نسق المواطنة لا مناص من نشر ثقافة عقلانية وإنسانية، وذلك بجعل الاحتفال بهذه الأيام ضمن برنامج سنوي مدروس لدى كل قطاعات المدينة الحكومية وغير الحكومية.
يوم التاسع ديسمبر، مثلا، يوم مكافحة الفساد، والعاشر منه يوم حقوق الإنسان، تُرى، كيف ستستقبل المدن المغاربية هذين اليومين؟ وهل لدى المدن المغاربية نفس الوعي بأهمية الأيام العالمية؟ بطبيعة الحال هناك اختلاف كبير بين بلد مغاربي وآخر، بل هناك اختلاف كبير بين مدينة وأخرى من نفس البلد.
تبقى المدينة المغاربية في حاجة إلى ثقافة المدينة وثقافة المواطنة، ومن المستحيل أن يتحقق هذا التغيير من خارج المدينة إذا لم يكن لهذه المدينة وعي بشؤونها المحلية وبسيادتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة