الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقة مكتوبة بخط اليد

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2021 / 12 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اللهفة والشوق كانا موجودين في الرسائل القديمة أكثر من رسائل العصر الحالي، فأن تقرأ ورقة وتشم رائحة حبرها وتتأمل تآكل أطرافها وتتعمق في خط كاتبها لهي متعة وجدانية لا توفرها الرسائل الإلكتورنية الحديثة ..
فالرسالة تحمل قيمة معنوية تميزها عن شتى وسائل العصر، والأوراق التي كانت تستخدم في الرسائل كانت تميز الرسالة وتحمل مدلولات خاصة، لذا هي تترك أثراً نفسياً لدى المتلقي يختلف عن الرسالة النصية على الهاتف التي لا يمكن تعطيرها أو تجميلها بوردة أو قبلة مثلاً، ومن المذهل أن الرسائل المكتوبة تعطي مساحة للتعبير الوجداني فهي تجعل الجهاز العصبي يفرز هرمونات تساعد على تخفيض التوتر !
أما اليوم فمعظم الرسائل أصبحت جاهزة ومكتوبة وتتم إعادة إرسالها وبالتالي لا تحمل أي نوع من المشاعر والأحاسيس.
لا شك أن التكنولوجيا وفرت علينا الكثير من الوقت والجهد في التواصل لكنها حتماً أخذت منا أشياء جميلة ستنقرض قريباً، إضافة إلى أننا بتنا نعلم متى وصلت الرسالة وهل قرأها متلقيها أم لا !!
يبدو هذا انجازا تكنولوجياً رائعاً لكنه سرق منا لحظات الإنتظار وذلك العبق الذي نستنشقه عندما نقرأ رسالة وصلتنا متأخرة أو احتفظنا بها لسنين.
نعم ،هناك رسائل تحتفظ بها المتاحف يعود تاريخها لآلاف السنين وهناك صناديق مقفلة في بيوت المحبين والعشاق من أجدادنا تحمل في بطونها رسائلهم وذكرياتهم، إذ جميعنا نبوح بعواطفنا لحظة الألم لكن الإحتفاظ بهذه الرسائل وجعلها ميراثاً للتاريخ لهو أمر مثير للإهتمام.
وهو ما فعله المؤرخ والروائي "سايمون سيباغ مونتيفيوري" حين جمع خطابات ورسائل تاريخية كتبها قادة وفنانون وعشاق مشهورين ليفتح لنا نوافذ تطل على حقب وأحداث تمتد منذ زمن الفراعنة إلى القرن الواحد والعشرين.
الكتاب يحمل عنوان (مكتوب في التاريخ – خطابات غيرت العالم) يتحسر فيها الكاتب على فن الرسائل المدونة، فالخصوصية والحميمية التي يحملها الخطاب التقليدي المسطر بالقلم على الورق ماتتا مع قدوم هذا العصر الرقمي.
ترى من منا سيترك أثرا كهذا؟ ورقة مكتوبة بخط اليد تحمل رائحة مشاعره وتؤرخ لحقبة زمنية عاشها، أو أننا نحن أبناء العصر الرقمي لن نترك أثراً يذكر سوى أجهزة الكترونية وكلمات مطبوعة بخط رقمي بدل خط يدنا الذي كان ميزنا عند أحبائنا؟
هذا ما خطر لي وأنا أقلب بأوراقي القديمة بما فيها رسائل وأوتغراف كنت أحتفظ به منذ أيام الطفولة مع ريال قطري كان في جيب ثوب المدرسة آنذاك ولذات السبب يبدو مختلفاً الآن عن كل ما في يدي من أموال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي