الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا انجزت انتفاضة تشرين في العراق ... ؟

آدم الحسن

2021 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن العواطف و الادعاءات اللاواقعية و لكي يكون تناول موضوع انتفاضة تشرين في العراق و ما أنجزته خارج إطار الشعارات الثوروية يمكن وضع انتفاضة تشرين في جلسة حوار مفتوحة لمعرفة ما لها و ما عليها .
اولا : لماذا بقت نسبة المشاركة في الانتخابات بعد الانتفاضة التشرينية دون المستوى المطلوب , فحسب الأرقام الرسمية الصادرة من مفوضية الانتخابات العراقية , كانت نسبة المشاركة في عموم العراق بحدود 44% .
ثانيا : ما السبب وراء تدني نسبة المشاركة في الانتخابات في المدن التي ساهمت بشكل كبير في الانتفاضة التشرينية مقارنة مع باقي المدن العراقية ....؟ إذ لا بد و أن تكون هنالك اسباب موضوعية و مشتركة بين الدوافع التي جعلت هذه المناطق تقف موقفا سلبيا من العملية السياسية و تمتنع عن المشاركة في الانتخابات , و هنا يكون السؤال الذي يبحث عن إجابة موضوعية و واضحة هو :
ما دلالة تدني نسبة المشاركة خصوصا في المدن التي كان لها مشاركة فاعلة في الانتفاضة التشرينية ... ؟ هل بسبب أن جماهير هذه المدن لا ترى في ما تحقق أي منجز مهم ... ؟ أم هو اليأس من أمكانية حصول أي تغيير في مسار العملية السياسية , و إن مسارات هذه العملية السياسية التي وضع أساسها المحتل الأمريكي مرفوضة برمتها و غير قابلة للإصلاح ...؟ أم أن كل هذه الأسباب مجتمعة هي وراء هذا العزوف عن المشاركة الفاعلة في الانتخابات ...؟
ثالثا : هل كانت الدعوة من قبل بعض اجنحة التيار المدني الديمقراطي لمقاطعة الانتخابات هي جزء مكمل لمسيرة الانتفاضة ...؟ إن كانت كذلك , فلماذا لم يحصل اتفاق بين القادة المفترضين للانتفاضة في الدعوة للمقاطعة , أم أن السبب هو التشتت الفكري و المنهجي للحركة التشرينية بدرجة يمكن اعتبارها حركة لها قاعدة جماهيرية لكن دون رأس قيادي .... ؟ أو دون حتى فكر منهجي يمكن بواسطته إحداث تغيير في مسار العملية السياسية الجارية في العراق منذ 2003 و لحد الآن .
رابعا : هل إن قانون الانتخابات بعد التعديلات التي جرت عليه , هذه التعديلات التي قيل عنها أنها أحد أهم مطالب المنتفضين التشرينيين , هو أفضل من القانون بصيغته قبل التعديل ... ؟ أم أن هذا التعديل قد أبدل البنود السيئة في قانون الانتخابات ببنود أسوء منها ...؟
خامسا : ماهي الصورة العامة للقوائم التي فازت في الانتخابات , أليس هي صورة اكثر تجسيدا للانقسام المجتمعي في العراق ...؟ ! فنتائج الانتخابات تفصح عن نفسها بكل وضوح فهنالك قوائم سنية أكبرها القائمة التي يتزعمها رئيس مجلس النواب السابق السيد محمد الحلبوسي و قوائم كوردية أظهرت صعود واضح للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البرزاني على حساب الأحزاب الكوردية الأخرى أما قوائم الإسلام السياسي الشيعي فقد حصدت النسبة الأكبر من مقاعد مجلس النواب العراقي القادم و بنسبة لم تصل اليها في كل الانتخابات السابقة .... فهل يمكن وضع هذه الصورة ضمن المكاسب التي حققتها الانتفاضة التشرينية ...؟
سادسا : ماذا افرزت لنا الانتفاضة التشرينية غير صعود واضح للتيار الصدري الذي يقوده السيد مقتدى الصدر , هذا التيار الذي هو جزء اصيل من الإسلام السياسي الشيعي , و هو إن لم يكن نقيضا للتيار المدني الديمقراطي فأن أهدافه بعيدة تماما عن اهداف التيار المدني و أن جماهير التيار الصدري هم من الكادحين و البروليتارية الرثة التي اصبحت اداة سهلة لقمع الشرائح المثقفة في المجتمع العراقي .
سابعا : كم عدد المقاعد في مجلس النواب العراقي القادم التي حصلت عليها التيارات المدنية الديمقراطية .... ؟ تسعة مقاعد ... ؟ هل يعتبر هذا مكسب يتناسب و حجم الضجة التي رافقت الانتفاضة التشرينية ...؟
لقد حاول البعض إعطاء صورة عن الانتفاضة التشرينية و كأنها ستشن حربا مدمرة على الأسلاموية السياسية و على المحاصصة و الانحياز العرقي و الطائفي و ستبني مشروعا وطنيا عراقيا كبيرا ...! هل حصل شيء من هذا ...؟ بالتأكيد لا , و لا حتى جزء بسيط منه ...!
ثامنا : في الانتخابات السابقة كان هنالك قائمة تسمى أحيانا العراقية و احيانا أخرى بالقائمة الوطنية و أبرز قادتها التقليديين هو الدكتور اياد علاوي , هذه القائمة رغم هشاشتها و فقدانها لأي منهج فكري واضح لكنها كانت تمثل الى حد ما محاولة أولى لتشكيل تكتل عابر للطوائف و القوميات .... أين هذه القائمة الآن ...؟ هل أصبحت من الماضي ...؟
تاسعا : هل يفتخر التشرينيون بأن جل ما حققوه في انتفاضتهم هو صعود السيد مصطفى الكاظمي الى سدة الحكم و خلال فترة حكمه القصيرة عمل على تحقق الكثير من رغبات الإدارة الأمريكية التي تتعارض و المصلحة الوطنية العراقية خصوصا في الأمور ذات البعد الاستراتيجي و التي يمكن تناولها بشكل مختصر بالفقرات التالية :
** إيقاف العمل بالاتفاقية العراقية الصينية , و هذا الأمر يعتبر من الأهداف المهمة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في صراعها الحاد مع العملاق الصيني الصاعد .
** أبعاد العراق عن مشروع طريق الحرير الذي تنشأه الصين و ذلك من خلال إزاحة مشروع ميناء الفاو الكبير من خارطة طريق الحرير الجديد رغم أن انضمام هذا الميناء لمسار طريق الحرير فيه منفعة كبيرة للعراق و حصل على الاهتمام الصيني و ذلك من خلال جعله أحد المرتكزات الأساسية لطريق الحرير و ربطه بالجزء البري للطريق عبر خط لسكك حديد حديثة و متطورة بين ميناء الفاو العراقي و شبكة القطارات في تركيا للوصول الى عمق القارة الأوربية , هذا الخط الذي أبدت الصين استعدادها لتنفيذه لكي يكون جزء رئيسي من طريق الحرير البري لربط دول شرق العالم بدول قارة أوربا .
لا شك من وجود مخاوف حقيقية للولايات المتحدة الأمريكية من فقدان الممر البحري الذي يمتد من باب المندب صعودا عبر البحر الأحمر الى قناة السويس اهميته الاستراتيجية و يكون الخط البديل هو ميناء الفاو العراقي - تركيا - أوربا , و لأن مصر تشارك امريكا بمخاوفها من فقدان قناة السويس أهميتها الاستراتيجية تحركت الإدارة الأمريكية و الحكومة المصرية لفعل ما هو ممكن لتعطيل مشروع ميناء الفاو الكبير و أن لا يكون هذا الميناء جزء من طريق الحرير الجديد .
** التفريط بالمصالح الوطنية العراقية من خلال توقيع اتفاقيات مع الأردن يتم بموجبها مد انبوب لإيصال النفط الخام العراقي من حقول جنوب العراق الى ميناء العقبة لغرض تصديره من هذا الميناء رغم أن العراق سيخسر ثلاث مرات عند تنفيذ هذا المشروع :
الخسارة الأولى : دفع التكاليف الإضافية لنقل النفط الخام العراقي من حفول جنوب العراق الى ميناء العقبة و هي بحدود ستة دولارات عن نقل كل برميل .
الخسارة الثانية : إعطاء رسم ترانزيت الى الأردن و هي بحدود خمسة دولارات عن كل برميل .
الخسارة الثالثة : بيع النفط العراقي في العقبة بأسعار متدنية لأن اسعار النفط الخام في العقبة أقل من اسعار النفط في موانئ البصرة بمقدار لا يقل عن خمسة دولارات للبرميل .
و أذا كان الهدف من تصدير النفط عبر ميناء العقبة هو أيجاد منافذ بديلة عن موانئ جنوب العراق فالأفضل هو تصدير النفط العراقي من خلال موانئ بحر الأبيض المتوسط عبر تركيا و سوريا .
** زيادة مقدار ما يجب على العراق دفعه للعودة للحاضنة العربية من خلال زيادة كميات النفط المدعوم الذي يسلم للأردن من 10 الاف برميل في اليوم الى مئة الف برميل يوميا ... ! و هذا سيفتح شهية مصر ابضا و مطالبتها للعراق بتجهيزها بالنفط العراقي بأسعار مخفضة و بكميات أكبر من تلك التي يستلمها الأردن لأنها الشقيقة الأكبر للعراق خصوصا اذا ما وصل النفط العراقي الى ميناء العقبة .
** سيكون المشتري الأول للنفط العراقي من العقبة هي اسرائيل , و إن لم تتم عملية الشراء بشكل مباشر فستتم عبر مشتري وسيط .
** اغرب ما وافق عليه مصطفى الكاظمي و الذي يتناقض كليا مع المصلحة الوطنية العراقية هو بناء مصفى لتكرير النفط العراقي في العقبة , و سيستورد العراق المشتقات النفطية من هذا المصفى ...!
فبدل أن يقوم العراق بتكرير نفطه في العراق في مصافي عراقية , يشحن النفط العراقي الخام الى العقبة و يخسر العراق كلف الشحن و الترانزيت التي تدفع الى الأردن ثم يستورد المشتقات النفطية من العقبة بعد دفع ارباح للأردن لكون المصفى يقع في الأردن ثم سيتحمل العراق مرة اخرى كلف شحن المشتقات النفطية لإيصالها من العقبة الى العراق مع دفع رسوم مرور مرة أخرى للأردن ... ! هل هذا معقول ...؟ !
هذه الأسئلة و غيرها ممكن أن تجتمع في سؤال واحد هو :
هل تمخضت الانتفاضة التشرينية فولدت ظروف جديدة أعادت العراق ليس الى المربع الأول بل الى المربع صفر ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت