الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجود و الماهية مدخلان أساسيان لحل إشكالية الهوية.

مراد العتميوي

2021 / 12 / 8
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


الوجود والماهية مدخلان أساسيان لفهم إشكال الهوية بإعتبارها مدخل اساسي للتغيير

يعد موضوع الهوية من بين أهم الإشكالات الفكرية التي تفرض نفسها على الذهن لما لها من أبعاد واقعية وأثر في مصير الذات الفردية والجماعية تبتعد في طرحها عن التجاذبات الإقتصادية وما يسعمل في هذا النسق الأخير من وسائل مشروعة وغير مشروعة في إطار معادلة السيطرة الإقتصادية بل قد تكون الرغبة في فرض الذات هو السبب الرئيسي في هذه المشكلات .
وقد يكون الدافع إلى ذلك كامن في الفطرة الإنسانية . تلك الرغبة في الحياة وبناء شخصية قوية تتجاوز باقي الأشياء النابعة من عمق الإستلاب الهوياتي والفكري لإنقاذ الذات من خطر الإنقراض الماهوي ذالك وفق بنية تعتمد على نتائج علمية (التاريخ _الفزياء _الأنطروبولجيا .....) تفند الأطروحات اللاعلمية بإعتبارها آلية من آليات السيطرة الإديولوجية التي تفرض لا يقينيتها على الذات في محاولة إحتواء هذه الأخيرة ووضعها ضمن قالب إديولوجي معين نحو إنتاج فهم مغلوط للهوية، يبتعد في طرحه عن الواقع وخصوصية الذات داخل نطاق وثقافة متفردين باعتبارهما يحققان الوجود المادي للأفراد .هذا الإبتعاد اللذي يروض الذوات وفق تصور معنوي مغلوط يفقد فيه الأفراد وعيهم بذاتهم في مقابل تتحقق الشرط المادي وبالتالي:
هل يمكن للوجود المادي وحده أن يحقق الوعي بالذات؟
وكيف يمكن تحقيق هذا الوعي ؟
ما ضرورة تحقق هذا الوعي ؟ وما العلاقة التي تجمع الهوية بالمجتمعات السياسية؟
ضرورة تحقق الوعي (الوعي بالذات) : "انا أفكر إذن أنا موجود" هكذا تحدث ديكارت عندما بدأ في تحليله لطبيعة العلاقة التي تجمع الفكر بالوجود فلا يحقق الفرد وجوده المادي بدون تحقق الوجود الفكري فما أن يغيب هذا الشرط حتى ينعدم الوجود الذاتي ، إذا تأملنا مقولة ديكارت تلك نجد انه في طرحه الفلسفي يتضمن سنن معينة إحداها تتجلى في اسبقية الفكر عن الوجود أي تحقيق الوجود الفكري بمعزل عن الوجود المادي، تحقق هذا الوجود يجعل الفرد يتفاعل مع المحيط بكونه ذات مفكرة هذا التفاعل الذي يتم وفق منظومة فكرية تسمى عند ديكارت بالكوجيطو مما يجعل منه ذات واعية بنفسها، العلة في الأمر أنه هذا التصور الفكري ذاته يجعل من الوجود عنصر ثانوي مفعول به وليس بفاعل أي يجعل من العالم تصورات ذهنية تفهمها الذات عن طريق أليات عديدة من فهم وتحليل ... دون مساهمتها في بناء هذا الوعي بنفسها ( اي المعطيات ) منه نفترض انه من أجل تحقق عنصر الوعي يتطلب من الذات أن تحقق وجودها اعتمادا على ما سلف ، فهل حقا يحتل الوجود المادي هاته المكانة دون إعتباره مساهما وطرفا في المعادلة ؟ هل يمكن للوجود المادي أن يتحقق دون الفكري منه؟ ،أي هنا يمكننا ان نقلب التصور الديكارتي رأسا على عقب فتصبح المقولة الشهيرة كما التالي :"أنا موجود إذا ينبغي أن افكر " .
هاته المعظلة بين الوجود المادي و المعنوي و اياهما يساهم في تكون الوعي لا يمكننا التطرق إلى معالجتهما دون أن ننظر إليه من الناحية الهيجلية الذي أعطى بعض الأدوار للوجود المادي كوسيلة مساهمة في تكون الماهية بتعبير أخر الهوية أي تفاعل الأنسان داخل محيط معين ينتج لنا ثقافة معينة ثابتة في جوهرها ( من اقتصاد فكر عادات ...) يميز الذوات ( فردية ،جماعية ) عن الأخرى ، ففهم هاته العلاقة يجعل من الفرد سخصا بما هو موجود و ذات بما هي ماهية يحقق وعيه عن طريق معرفة من هو ومن يكون ...؟ هاته الأسئلة كما حددها بول ريكور في كتابه الذات عينها كالآخر ، فعن طريقها نعي من نحن ومن نكون عبرها يمكننا معرفة ما نفعل و مايمكننا فعله إنطلاقا مما نحن عليه و ما نملكه أنذاك نعي ذواتنا و نتعالى دون أن نسقط من مرتبة الشخص إلى الشيء ، الهوية من حيث هي تصور ذهني للعالم يحدد تموقع الشيء داخل ذات معينة و بما هي وعي للعالم الحسي فهي نسق و منظومة تجتمع فيها مختلف الإنفعلات سواء كانت إقتصادية سياسية علائقية ... لتشكل في الأخير نسق عبر تموقع الفرد في زاوية ما تمكنه من معرفة ذاته الأمر لا يجعل منا نحدد الهوية إنطلاقا من زاوية تاريخية كما دعى إلى ذلك ديكارت أو من زاوية العادات و التقاليد كما دعى إلى ذلك مونتسكيو بل من زاوية متعددة القرءات و الإحتمالات بشكل معقد تتفاعل عبرها في شكل أنساق كما دعى إلى ذلك إدغار موران في تحديد الألية الفكرية التي يجب أن نعتمدها في عملياتنا الفكرية. إذن فالوعي هو ذلك النبراس الذي يضيء طريقنا و الذي يمكننا من معرفة موقعنا و من نحن؟ و لكن تحقق هذا الوعي هل هو ضرورة تاريخية في سيره التقدمي أم ضرورة علمية ناتجة عن إستخدامنا لآليات علمية ( من نقد و تحليل ....) ؟ فبمجرد أن تفقد هاته الذات مكانتها ووعيها تصبح طريدة يتوافد عليها الصيادون أنذاك تتعرض للإستلاب فعوض أن تصبح ذات فاعلة تصبح ذات مفعول بها عوض أن تكون ذات متطابقة تصبح ذات تعاني من إنفصام الشخصية لا تعي نفسها و مدا دورها في السيرورة التاريخية و موقعها كذات من الوجود و من الصراع و من التناقض و من الغير ... فمن أجل الفهم العكسي يتطلب الأمر وعي بالذات فعن طريق هاته المعادلة تفهم الذات وجودها كمعطى مادي تتفاعل في العالم ، وهي في نفس الوقت تفهم ذاتها ووجودها و العالم في نسق فكري معين و تدركهم في نطاق معين في الأخير تدرك من هي إنطلاقا من وجودها ومن تصورها لذاتها كمعطى في نطاق تتحدد فيها المادة و الفكر لتكون لنا نسق متماسك بين الذات و الشخص محوره كما دعى إلى ذاك شيلنغ في كتابه الهوية و الفلسفة .
#هل يمكن للوجود المادي أن يحقق الوعي بالذات ؟
إن الحديث عن الوعي بالذات ، هو حديث عن حقيقة معينة تم تغييبها وطمسها بل وتعويضها بحقائق مزيفة ،وبما أن هذه الحقيقة ترتبط أكثر بالذات الخاصة بأناس فوق رقعة جغرافية معينة تحقق وجودهم المادي عبر التاريخ كما تحقق في الحاضر وفي مقابل التناقض الذهني أو الخلل الجزئي كما تسميتها بعض الكتابات بين الوجود والماهية المشكلين لماهية الشيئ ، فإنه من الضروري طرح هذا الإشكال وربطه بالمجتمع (المغربي) باعتباره من الشعوب التي طمست حقيقتها ونتج عن ذلك خلل في التطابق بين الوجود والماهية الخاصة به، الحقيقة هنا هي ما يسميه هيجل بالماهية فحقيقة الإنسان (المغربي) باعتبارها تصور عقلي موجود في ذهن الإنسان عن شيئ معين، حقيقة مشوهة انبنت على معطيات تاريخية خاطئة أنتجتها السلطة المركزية من جانب ودعمتها( القومية العربية)من جانب آخر لنصبح أمام تحقق جزئي للماهية ، ففي مقابل استمرار حياة أفراد المجتمع في (المغرب) أو في شمال أفريقيا بشكل عام في الحاضر كما كان في الماضي وتحققها على المستوى المادي نجد أن تصورنا الذهني عن إنسان شمال أفريقيا الذي تكون في الذهن بناء على نتائج الأبحاث التاريخية والأونطروبولوجيا واللسانية.....باعتباره إنسان امازيغي اختار شمال إفريقيا وطنا له ، و استعمل لغة خاصة به و هي اللغة الأمازيغية ، يناقض وجوده المادي لأنه لا يسلم بهذه الحقائق التاريخية وهذا يدلنا على غياب وجوده المعنوي في مقابل حضوره المادي ، و عليه فإنه يستحيل تحقيق الوعي بالذات إلابتحقق الشرطين معا ( المادي ، المعنوي ) في ذهنية الإنسان ( المغربي ) خصوصا والشمال إفريقي بشكل عام ، لأن الذات لا يمكن فهمها بمعزل عن إطارها الثقافي ( كل ما انتجه الإنسان في تفاعله مع المحيط ) و إطارها الجغرافي كذلك .
عدم تطابق الوجود والماهية لدى الإنسان الأمازيغي ينتج عنه نقص في هويته وبالتالي فإن اكتسابها رهين بتحقق شرط الماهية ، وهذا الأخير يتشكل في إطار الوعي بالذات .
إن الدعوة إلى تحقيق الوعي بالذات أول خطوة يمكن القيام بها للتخلص من محاولات الإحتواء والإذابة والإستغلال، ويبدأ هذا الوعي بتحديد موقع الذات في العالم ومكان نشأتها وحاضرها وماضيها ...
على هذا الإنسان أن يعي ذاته بذاته و أن يعترف بالأخطاء التي ارتكبها الإنسان الأمازيغي حتى أصبح فريسة لغيره ، وحلول وعي هذا الغير محل وعيه وتعرضه على إثر ذالك للإغتراب والإستلاب الهوياتي في جانبه الماهوي ، وبالتالي على الإنسان الأمازيغي اليوم أن يحسم وأن يجيب عن سؤال الأنا ؟ من أنا؟ ومن أكون ؟
ليتحقق هذا الوعي لابد من العودة إلى الدعوة الكانطية الشهيرة في مقاله ما الأموار؟ التي أكد فيها على ضرورة تحلي الكائن الإنساني بالجرأة في إستعمال العقل لأن بالعقل وحده يمكننا التمييز بين الحقيقة والوهم بين الصحة والخطأ وبين المنطق والخيال ، والجرأة ترتبط بالتخلص من الوصاية والخوف..، لأن البنية الإستعمارية للنظام في( المغرب)
تبلور هذه الوصاية في نسق من الوثائق التاريخية منها المزورة ومنها الأسطورية ،جعلت ذهن المغاربة يؤمن بها بطريقة لا واعية ومسلم بها ولا تقبل الشك ، هذا الأخير إضافة إلى الدرس والتحليل لكل معطى تاريخي هو سبيل نحو إنتاج عقلية نقدية قوية تنبع من عمق النظام المحكم بالإديولوجيات التي يصعب تجاوزها ، و تتجاوز الوعي بالذات إلى إثبات الذات لسانيا وإقتصاديا وحضاريا ....
و ما العلاقة التي تجمع الهوية بالمجتمعات السياسية ؟
بعد طرحنا للعلاقة الكامنة بين الوجود و الماهية و بكون الوعي بالذات كمدخل أساسي لفهم كنه الكائن الإنساني و بالتالي معرفة هاته الماهية التي تحدد الذوات و بكون الوعي ضرورة من أجل أن نفهم أساس هاته العلاقة و لا يمكن تحققه في ظل الإستلاب و الإغتراب هنا نقف وقفة من أجل تحديد الدور الذي تلعبه هاته الهوية في بناء المجتمعات .
" الإنسان كائن سياسي بطبعه " هكذا تحدث افلاطون أي أن الفطرة الإنسانية تجعل من الأفراد أشخاص قابلين و راغبين في العيش وفق تكتلات بشرية و لا يمكن لهم الإستمرار دون أن يتحقق هذا الشرط ، و هذا ما سرت عليه الفلسفة الحديثة و لكن المشكلة العويصة التي واجهت الفكر البشري تتجلى في تحديد الدوافع و الأشياء التي تجعل من الفرد قابل للعيش في الجماعة ، هل البعد المصالحي أم البعد الإقتصادي أم تطور البشرية وظهور الإنتاج و الملكية الخاصة ؟ حسب جون لوك من الأفكار التي وردت في أذهان فلاسفة الأنوار أن للمجتمعات روابط تجمع الأفراد داخلها فنجد كتاب هيجل العقل في التاريخ قد تطرق إلى الأمر بشكل واضح و نجد كذلك مونتسكيو في كتابه روح القوانين يحدد هاته العوامل فيما هو تاريخي و ماهو مندرج في إطار العادات... الخ هاته الامور تشكل لدى الأفراد رغبة في العيش المشترك في جماعة معينة و كذلك حددها راسل في كتابه السلطة و الفرد حيث ربط بين وعي الأفراد ووعي الجماعة ببعضهما و إعتبار الواحد منهما جزء لا يتجزء من الآخر و ربطه للوعي الفردي بالجماعي، فهيدجر و بتحديده لطبيعة العلاقة داخل المنظومة لأي إجتماع بشري خلص لهاته الفكرة. إذن من هاته النقطة يمكننا أن نرى مدى العلاقة بين الذات الجماعية و الفردية .
إذا كان الوعي بالذات مدخل أساسي لفهم العلاقات الإجتماعية و كذا فهم هوية الفرد ، فعبرها يمكن أن نعتبر أن الوعي الجماعي بالذات الجماعية هو الذي يعطي رغبة في العيش المشترك وهو الذي يحدد لنا طابع العلاقات بين الجماعات على المستوى الدولي وهو الذي يضمن تماسك جماعة معينة نظرا لما تشترك فيها هاته الجماعة سواء في مجالها أو بنيتها الفكرية أو حتى في منظومتهم الفكرية ،و تصورهم لمجال معين و فق إدراك وتصور معين ،هنا نستحضر المقولة الخلدونية "الإنسان إبن بيئته" تشكل فيه الذات محور و مركز التفاعلات ( من أفكار عصر النهضة ) أما الأرض فتعتبر مجال هاته التفاعلات التي تنتج لنا كل ما يرتبط بهذه العناصر ( الأرض ، الإنسان ، الثقافة ) و بالتالي يتحقق الوعي الجماعي بتحصينه للجماعة من الإستلاب و الإستبداد سواء كانا ماديين ام معنويين ، افقه بناء مجتمع يجعل من الذات اساس تصوره السياسي و غايته عن طريق تقديم طرح واقعي ينسجم معها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع