الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزاد الأعضاء البشرية

الهيموت عبدالسلام

2021 / 12 / 10
دراسات وابحاث قانونية


1/لا يخفى على الكثيرين أن الإنسان هو أهم ثروة بشرية على الأرض، إنه أهم من كل النفط والفحم والأسلحة العسكرية والذهب والصلب مجتمعين.
الذهب والفضة والنفط والغاز لا تكون لهم قيمة إلا إذا كان هناك عمال يستخرجونها من باطن الأرض، والأرض لا تعطي ما بأحشائها من حبوب وكروم وحوامض وغيرها من دون سواعد الفلاحين، وحتى أكثر الروبوتات العالية التقنية لتشتغل لوحدها يجب أن يتم تصميمُها وإنتاجها وصيانتها وتشغيلها بواسطة شخص ما يعمل في مكان ما، وهذا هو الحال أيضًا مع البنية التحتية من جسور وقناطر وأبراج وغيرها.
الإنسان نوع عبقري على الرغم من ظهوره على الكوكب لفترة قصيرة (يبلغ عمر الأرض 4.5 مليار سنة)، فقد حلم الإنسان وخلق بعض الأشياء المدهشة والاختراعات الكبرى، منذ اللحظة التي ضرب فيها شخص ما صخرة على الأرض لصنع أول أداة حادة الحواف ، إلى ظهور العجلة لأول مرة ،ثم البوصلة والمطبعة والمحرك بالاحتراق الداخلي والهاتف والمصباح والبنسيلين وموانع الحمل ثم الإنترنيت ،كل هذه الاختراعات والاكتشافات كانت ثورية في وقتها وفتحت آفاقا رحبة للإنسانية .

2/السؤال الحارق هل جلبت هذه الاكتشافات والصناعات والاختراعات للإنسان السعادة وجنبته الألم؟
للأسف لم يتم تصميم البشر ليكونوا سعداء ، أو بل إنهم مصممون في المقام الأول للبقاء والتكاثر مثل باقي المخلوقات الأخرى في الطبيعة، والحقيقة المؤلمة أن التطور الطبيعي أعطى الأولوية لتطوير الفص الجبهي الكبير في دماغنا الذي يمنحنا قدرات تنفيذية وتحليلية ممتازة وأن السعادة تبقى مجرد بناء ليس له أساس عصبي ولا يمكن العثور عليه في أنسجة المخ .
هل يستقيم الحديث عن السعادة في حين أن القدر الإجمالي للمعاناة سنويًا في العالم الطبيعي يتجاوز كل تصور. خلال اللحظة التي أكتب فيها هذه الجملة يتم افتراس آلاف الحيوانات على قيد الحياة، والآلاف الأخرى من الحيوانات الأخرى يركضون للنجاة بجلدهم، وآلاف أخرى ترتعد من الخوف، والبعض الآخر يتم التهامهم ببطء من داخل الطفيليات، ويموت الآلاف من جميع الأنواع من الجوع والعطش والمرض وضمنهم الإنسان، حتى جعل البعض يصرخ " لا جمال في الحزن، لا شرف في المعاناة، لا نمو في الخوف، لا راحة في الكراهية.
لكن ويا للمفارقة فإن المعاناة وخيبات الأمل والكآبة والظلم والقهر قد حولها الإنسان من ضعف وتوتر للتأقلم والنضج والإصرار بل وأصبحت وظيفتها هي المساعدة على حل المشكلات الصعبة وتجاوز العديد من الشدائد .

3/ السؤال الثاني لماذا كل ازداد الإنسان تطورا زاد بؤسا ورخصا؟
لا يحتاج الأمر لأن يكون الإنسان متنبئا وواسع الاطلاع للوقوف على الكوارث التي جلبتها الرأسمالية في صيرورتها الباحثة عن الربح ثم الربح، الرأسمالية الآن هي النمط المهيمن للإنتاج على الكوكب بأسره، سواء في السويد حيث يوظف القطاع الخاص أكثر من 70٪ من القوة العاملة، أوفي الولايات المتحدة حيث يوظف 85٪، أو في الصين حيث ينتج القطاع الخاص (منظم بطريقة رأسمالية) 80٪ من القيمة المضافة. وبالطبع لم يكن هذا هو الحال قبل سقوط الاشتراكية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي.
الأمر الثاني أن الرأسمالية بفضل العولمة والثورة التكنولوجية تأقلمت مع الأزمات الهيكلية التي ضربتها وتضربها بأن أنشأت أسواقا جديدة تسمح بتوليد الدخل ورأسمال جديد مثل أنشطة رعاية المسنين ورعاية الأطفال ورعاية الحيوانات الأليفة وإعداد وتسليم الوجبات الجاهزة وتوصيل البقالة للمنازل وغيرها من الأسواق.
الأمر الثالث أن الرأسمالية التي وصل بها البحث عن الربح لم تستنزف فقط الثروات الطبيعية وتهدد الكوكب بالانقراض جراء التلوث، والعجز عن الانتقال الطاقي بسبب الصراع بين دول الثورة الصناعية مثل فرنسا وإنكلترا والدول الناشئة مثل الصين والهند .
الرأسمالية جعلت الثروة تتركز في حفنة من الرأسمالين على حساب ملايين الجوعى والمرضى واللاجئين والمشردين، الرأسمالية عبْر بنوكها هي من تمول الإرهاب وعلى سبيل الحصر بنوك الخليج وبنك القروض والتجارة الدولية الباكستاني الذي أفلس بسبب سمعته السيئة في دعم الجريمة والإرهاب، بل إن مصنع الإسمنت التابع لمجموعة )لافارج( الفرنسية لم يجد حرجا لدفع الضرائب لتنظيم داعش شمال سوريا 2014 .
في دراسة استقصائية نُشرت في فرنسا سنة 2001 أظهر فيها "إدوين بلاك" مراسل كبير سابق لصحيفة الواشنطن بوست كيف تم تشكيل تحالف استراتيجي بين شركة "آي بي إم" الأمريكية العملاقة وألمانيا النازية بقيادة هتلر في عام 1933 على الرغم من المقاطعة الكثيفة التي دعت لها آنذاك الولايات المتحدة الأمريكية .

4/ توازيا مع التبرع بالأعضاء البشرية ونبل أهدافها لإنقاذ أرواح بشرية، ظهرت تجارة الأعضاء البشرية في السوق السوداء، في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية حيث تم القبض سنة 2009 على 5 حاخامات مع أكثر من 40 سياسي ورجال أعمال متورطين في تجارة الأعضاء البشرية، وقد نجح مكتب التحقيقات الفدرالي بعد أكثر من 10 سنوات من التحقيق والبحث لكشف هذه القضية الخطيرة.
وفقًا لمجلة "العلوم الشعبية" قد بلغ سعر الكلية في الهند 20 ألف دولار ، وفي الصين 40 ألف دولار وفي "إسرائيل" 160 ألف دولار، أما في الولايات المتحدة تبلغ تكلفة الكلية 45000 دولار والكبد 40 ألف دولار والقرنية 5000 دولار ،ناهيك عن أتعاب الجراح والتكاليف الإضافية.
في موقع "أوباي" الإلكتروني للمزادات تعرض أسعار الأعضاء البشرية للبيع بالدولار:
الشريان التاجي: 1525
القلب: 119000
الكبد: 157000
اليد والساعد: 385
الجلد: 10 د للبوصة المربعة
الدم: 337
المعدة: 508
الأمعاء الدقيقة: 2519
الكلية: 262000
البويضة: 3400
الحيوانات المنوية: 80
تجارة الأعضاء البشرية تشمل البالغين والأطفال والراغبين في الهجرة والمهددين بالجوع وغيرهم، في عام 2009 صرح وزير الداخلية الإيطالي السابق"روبرتو ماروني" أن 400 طفل قاصر وصلوا جزيرة "لامبيدوزا" عام 2008 واختفوا ، وأعطى نفس الوزير في مناسبة أخرى أن للاختفاء علاقة بتجارة الأعضاء البشرية .
وقدمت "فرانكا بيونديلي" نائبة الأمين العام للحزب الديمقراطي الإيطالي خلال جلسة استماع أمام اللجنة التنفيذية صورة مرعبة عن نزع أعضاء الجسم بشكل غير قانوني من القاصرين المهاجرين، وتتحدث العديد من الدراسات على أن "لامبيدوزا" خاصة وإيطاليا عامة تشكل مفترق طرق أوربا لتجارة الأعضاء وأن إفريقيا أكبر مورد للأعضاء.
تستهدف تجارة الأعضاء بشكل خاص الفئات الضعيفة والفقيرة، وغالبًا ما تمارسه شبكات المافيا القوية بسبب الصعوبات في تدبير الأجهزة والمخاطر الجنائية لأنظمة الدول المتخلفة، وتهيمن تجارة الكلي إلى حد كبير لأنه يمثل طلبا أكبر بالإضافة إلى أنه العضو الوحيد الذي يمكن زراعته بالكامل وبأقل خطورة .
يمثل الاتجار بالأعضاء وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية 10 % من 70000 كلية يتم زرعها كل عام حول العالم، وأن الصين والهند وباكستان ومصر والبرازيل والفلبين ومولدوفا ورومانيا هي البلدان التي يوجد فيها طلب مرتفع على أعضاء الجسم البشري التي يستفيد منه المرضى من دول الشمال أو مراكز البحوث العلمية،
قد أصبح في ظل العولمة والتكنولوجيا الحديثة من السهل نقل الأعضاء إلى مناطق مختلفة من العالم دون أن تكون المسافة عائقا لحركة المرور.

5/ الدول المصدرة للأعضاء البشرية هي الصين التي تعتمد على أعضاء الذين نفذت فيهم عقوبة الإعدام ، الهند البلد الثاني في العالم الذي تنشط فيه هذه التجارة إذ يبيع كل سنة 2000 هندي أعضاءهم بسبب الفقر ، باكستان البلد الثالث التي تختفي فيه الطفلات والأطفال وتنشط فيه مؤسسات طبية وأغلب أعضائها أجانب وخاصة في منطقة البنجاب ، البرازيل الذي يتوفر على 21 مركز طبي مصرح له بزراعة القلب ،و13 لزراعة الكبد، وواحدة لزراعة الكلي وقد ظهرت الكثير من القضايا الي ينزع فيها أعضاء المرضي بدون موافقة وتباع في السوق السوداء.
وفقًا للأمم المتحدة تعد مصر واحدة من أكثر دول العالم تضررًا من الاتجار بالأعضاء بعد الصين والفلبين والهند، قد تم شراء كلية بقيمة 2300 يورو من متبرعين فقراء، وتباع ستة أضعاف السعر للأثرياء من دول الخليج من بين 500 عملية زرع كلى يتم إجراؤها كل عام، في مانيلا 90٪ من من زراعة الأعضاء تعود لمتبرعين مدفوعي الأجر لزرع الكلى ، كما يتم تجنيد المتبرعين من التجمعات الفقيرة ويتلقون 2000 إلى 3000 دولار لكل عضو، يتم تنفيذ العمليات الجراحية في مستشفيات كبيرة وليس في الخفاء.
في الفلبين تصل التكلفة إلى 130.000 دولار أمريكي لزراعة الكبد، ويجب على المرضى الأجانب أن يدفعوا ما بين 70.000 و115.000 دولار أمريكي مقابل عملية زرع الكلى التي يتم إجراؤها في واحدة من المؤسسات العشرين المعترف بها من قبل الحكومة الفلبينية، وقد زار ما يقرب من 200000 سائح الأرخبيل في عام 2006 لإجراء عمليات زراعة الأعضاء.
كولومبيا في عام 2007 أجريت 68 عملية زرع من أصل 873 لأجانب، في تسعينيات القرن الماضي تم اختطاف أطفال الشوارع وإطلاق سراحهم بعد نزع أعضاء من جسمهم لبيعها في العيادات الخاصة.
تركيا عام 2009 تم العثور على أربعة جزائريين حاولوا العودة إلى أوروبا عن طريق المرور
عبر تركيا وٌجدوا مقتولين على الحدود بين تركيا واليونان، وتظهر جثثهم مشوهة إثر نزع الأعضاء وجُردوا من كليتيهم ، ويُزعم أنهم حوصروا من قبل شبكة إجرامية من الأعضاء المتاجرين بالأعضاء البشرية.
العراق نتيجة للحرب في العراق وتدهور الوضع الصحي تطورت تجارة الأعضاء، ولا سيما تلك الخاصة بالكلي لصالح الأثرياء العراقيين وكذلك سياحة زرع الأعضاء، بحسب استطلاع أجرته قناة التلفزيون القطري قناة الجزيرة بدعم من شهود عيان أن كلية واحدة قد وصلت لحوالي 15000 دولار.
المكسيك يُزرع فيها ما يقرب من عشرة آلاف عضو سنويًا وقد أدى النقص في الأعضاء إلى ظهور سوق سوداء كبيرة خاصة في الكلى، 8٪ من عمليات الزرع التي يتم إجراؤها في سبعة عشر عيادة خاصة في "تيخوانا" و"سيوداد خواريز" تخص أجانب ومعظمهم من الولايات المتحدة.
يقول المدعي العام المكسيكي بأن جرائم القتل والاختفاء التي لم تظهر لمئات النساء في "سيوداد خواريز" والتي لم يتم العثور عليهن مطلقًا من المحتمل أن تكون مرتبطة بالاتجار في الأعضاء، وأعلن أن تفاصيل عديدة تدعم فكرة أن هؤلاء النسوة قُتلن من أجل أعضائهن"
"إسرائيل" في عام 2009 صدر مقال في صحيفة "افتونبلاديت" السويدية بعنوان "أطفالنا يُجردون من أعضائهم" يتهم فيه الجيش الإسرائيلي بالتستر على تهريب الأعضاء المأخوذة من الفلسطينيين وقد أثار المقال توترات دبلوماسية بين السويد وإسرائيل مما دعا إلى إدانة رسمية للصحيفة و هوما رفضته الحكومة السويدية لأن المقال يندرج في حرية الصحافة.
إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها لوائح تحكم سوق زراعة الأعضاء، تضمن الحكومة للمانحين مكافأة قدرها 1200 دولار مما يجذب العديد من الإيرانيين الفقراء المستعدين لبيع أعضائهم بشكل قانوني، أحيانًا يطلب المتبرعون ذوو فصيلة الدم النادرة بشكل غير رسمي مبالغ إضافية تصل إلى 10000 دولار.
وفقًا لـ "أورغان ووتش" وهي مؤسسة حقوقية لتوثيق تجارة الأعضاء أنه لا تزال السوق السوداء حقيقة واقعية وأنه من الصعب جدًا تأطير نظام قائم على الجشع والربح، ففي كثير من الأحيان هناك مافيا هي التي تهيمن على تجارة الأعضاء البشرية وأكدت المؤسسة أن 58٪ من المتبرعين يقولون أن بيع أعضائهم كان له آثار سلبية على حالتهم الصحية و 65٪ أبلغوا عن عواقب سلبية على وضعهم المهني .
أما أهم الدول المستوردة فهي البلدان ذات معدل التنمية المرتفع مثل أستراليا وكندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية واليابان كما أن سياحة زرع الأعضاء منتشرة في العديد من البلدان الأخرى لا سيما في آسيا والشرق الأوسط.

6/ إن جريمة النزع الإجباري لأعضاء الجسم واختفائها تشترك فيها المافيات والأطباء والجراحون وفنيو المختبرات ووكلاء السفر والمرضى الأثرياء وضعف الأنظمة السياسية والمؤسسات الأممية ذات الصلة ، قد نفذ صبر بعض الأثرياء وعبر عن استعداده لدفع مبلغ 200000 دولار أمريكي لكلية من بائع يكون عمره بين 20 و30 سنة ،كما يدفع بعض المهاجرين كليتهم ثمنا لرحلتهم لأوروبا بل أصبحت هي العملة المشتركة في هذه الجريمة .
جريمة بيع الأعضاء اضطرارا أو اختيارا أو قسرا وتخصيص مزادات وأسواق لها لها يعد تمريغا للكرامة الإنسانية إذ حولته من قيمة إلى سعر ومن كائن إلى شيء ، وانقلاب على القيم التي مجدت الإنسان وكرمته في حياته وموته .
إنها جريمة أخرى تنضاف لجرائم الرأسمالية المتوحشة التي أنتجت الاستعمار والحروب والإرهاب والإبادات الجماعية والتطهيرالعرقي والصهيونية والنازية والفاشية والعنصرية والتلوث والهجرة والجوع والأمراض والأوبئة وتسليع الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقررة الاممية لحقوق الانسان تقول إن إسرائيل ارتكبت ثلاثة أ


.. قيس سعيّد يرفض التدخلات الخارجية ومحاولات توطين المهاجرين في




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجا


.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في




.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع