الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جشع جمع المال ،وتوجيهه للعلاقات السائدة بالمجتمع الروسي من خلال الرواية الموسومة ثلاث سنوات لأنطوان تشيخوف .

حسن ابراهيمي

2021 / 12 / 10
الادب والفن


تتمحور الرواية الموسومة ثلاث سنوات لأنطوان تشيخوف حول حدث رئيسي مفاده الاستمرار في ممارسة التجارة ، وجمع المال من قبل عائلة تمارسها ، هذه الاخيرة تذر عليها أرباحا طائلة .
لقد ورثها الابن لابتيف الشخصية الرئيسية داخل الرواية ، حيث دارت مجمل الاحداث حولها ، بالاستمرار في جمع المال ، وممارسة الفساد ، واستغلال العمال بهدف تحقيق المزيد من الأرباح .
ايضا لقد كان المال محددا لعلاقة زواج ربطته بابنة طبيب .
نفهم من خلال علاقة الزواج التي ربطت هاتين الشخصيتين الروائيتين أن السارد يود أن يوضح البعض من تاريخ روسيا القيصرية قبل اندلاع الثورة بها ، بالتركيز على تصوير جزء من العلاقات السائدة بها ، وتطورها باختيار الرواية مدينة صغيرة ، دارت بها معظم الاحداث ، الى جانب مسكو المدينة التي دارت بها أحداث قد يكون الهدف منها ابراز تطور العلاقات السائدة بروسيا ، ونتائجها .
استنادا الى هذا يتضح أن السارد يود أن يخبرنا بواقع الصراع الطبقي بروسيا انداك ، وبالتالي فضح علاقات الاستغلال التي استشرت في المجتمع ، بالتركيز على جمع الثروة من طرف طبقة برجوازية ، بالإشارة اليها من خلال عائلة كان همها هو جمع المال ، وما يترتب عن ذلك من تفقير الطبقات الشعبية ، وعيشها حياة الشقاء .
وبالتالي كان لهذا الوضع تأثير في توجيه العلاقات الاجتماعية ، حيث كانت مؤثرة في توجيه علاقات الزواج ، فكانت ثروة لابتيف ، وما راكمه من أموال محددا في زواجه بابنة طبيب ، بسبب حرمانها من العيش الكريم على الرغم من كون ابيها يمارس مهنة الطب ، وعليه نستشف أن التوزيع الغير العادل للثروة ببلد متخلف له دور في تحديد العلاقات السائدة في المجتمع .
وبتقديري فإن الدافع لانخراط في هذه العلاقة يعبر عن عدم وعي المرأة الروسية بواقعها ، إذ من المفروض أن تناضل من اجل التوزيع العادل للثروة ، ومن ثم أن تنعم بحقوقها ، وما يترتب عن ذلك من اختيار شريك حياتها وفقا لارادتها ،ووعيها بها ، وليس وفقا لعلاقات التمييز التي كانت نتاجا لما سبق ذكره .
بمعنى ان شرط اختارها لشريك حياتها وفقا لارادتها يقتضي التحرر من واقع العبودية الذي كان سائدا أنداك .
وبالمناسبة فإنه كثيرا ما يشار الى هذه الظروف التي تستعبد المرأة , في ظل استمرار الهيمنة الذكورية ، التي تكرس علاقات التخلف في المجتمع .
طبعا قد يعود السبب في ذلك الى ضعف تدخل المرأة نفسها من اجل تنظيم ،و تاطير الحركة النسوية ، ودفعها للتعبير عن احتياجاتها في اشكال نضالية ، التي بالتراكم تحقق البعض منها حتى إن لم تتمكن من تحقيقها كلها .
بمعنى ان هذا الضعف كان محددا في اطار هذه العلاقات لاستمرارها , وبالتالي فالوعي بها لا يمكن ان يتأتى خارج تنظيمات سياسية تلعب دورها في اكسابها وعيا بحقوقها المشروعة .
وعليه فالمطلوب الانخراط الى جانب الرجل في النضال لتحقيق المساواة ، في ابعادها المادية ، والمعنوية .
وقد يعود السبب في ذلك الى كون السارد يود أن ينبهنا إلى تفاقم علاقات الاستغلال ، وما يتطلبه ذلك من تدخل من قبل كل من لهم مصلحة في ايقاف زحف هذه العلاقات التي تتبدى في كل مؤسسات المجتمع ، وما علاقة الزواج الا نمودجا أعتقد انه اثير ضمن هذه الرواية للتنبيه لخطورة استمرارها .
هذه العلاقات التي يدينها السارد ، ويفضحها بلسان بعض الشخصيات ، احيانا بشكل مباشر ، واحيانا أخرى بشكل غير مباشر .
على أن الوعي بخطورة هذه العلاقات يتطلب مواجهتها بحزم من قبل المنظمات النسائية بتدخلاتها لصياغة برامج لتثقيف المراة ، وتحسيها بواقعها ، ومن ثم الانخراط في هذا الواقع بشكل ايجابي يمكن المراة من تحقيق ذاتها ، وما يترتب عن ذلك من القيام بدورها في المجتمع وفقا لهذا الاساس ، سواء تعلق الامر بدورها في مؤسسة الاسرة ، وايضا في مؤسسات الدولة .
وعموما فانه تعددت مظاهر التخلف التي سادت المجتمع الروسي كما جاء في العديد من مضامين الرواية ، ومن مظاهر هذا التخلف ما تضمنته الرواية من تدخل رجال الدين المسيحي لتوجيه العلاقات الاجتماعية وفقا لتطور للعلاقات السائدة في المجتمع .
وبالتالي نفهم ان السارد يدعو إلى التفكير في خطورة استمرار هذه الاوضاع ، التي يكون تجاوزها مدخلا لتحقيق الديموقراطية في ابعادها المختلفة .
ومن مظاهر التخلف ايضا تكريس الفن للعلاقات السائدة في المجتمع ، وبالتالي تحديد الموقف منه ، بالدعوة الى تأسيس وعي جديد حياله مفاده ان يحمل رسالة توعوية للمواطنين نحو هذه العلاقات الى جانب وظيفته الاصلية ويتعلق الامر بتحقيق المتعة لهم .
ايضا جاء الموقف من الانتخابات ، والمنتخبين واضحا ، بحيث ان تدبير الشان المحلي يتطلب أن يكتسب المنتخبون وعيا به بالعلم ، والمعرفة ، اذ على اساس هذا كله تتغير الظروف الاقتصادية ، والاجتماعية ، ايضا الثقافية في المجتمع لصالح الطبقات الاكثر تضررا في المجتمع، بل لصالح المجتمع كله .
إن الرواية تمكنت من تصوير واقع التخلف بروسيا القيصرية ، ودعت الى تجاوزه بالتنبيه إلى خطورة استمراره على المجتمع نفسه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى


.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا




.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني