الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة نفسك True of Thyself الجزء (4 من 11)

راندا شوقى الحمامصى

2021 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يوصف هذا التكامل المتزايد للعالم وكذلك في الفلسفة المتكاملة لكين ويلبر، عندما يكتب:
"بحثت عن فلسفة عالمية. و سعيت من أجل فلسفة تكاملية، فلسفة من شأنها أن تنسج معا على نحو يُصدقْ العديد من السياقات التعددية من العلم والأخلاق، وعلم الجمال، الفلسفة الشرقية، فضلا عن الغربية و تقاليد الحكمة العظيمة في العالم. لا على مستوى التفاصيل - وهذا بشكل محدد هو المستحيل ، ولكن على مستوى توجيه التعميمات: وسيلة لتشير إلى أن العالم هو في الحقيقة واحد، غير مقسم، كلى، و مترابط بنفسه في كل شيء: فلسفة كلية لكوزموس كلي : فلسفة عالمية، و فلسفة تكاملية." 17
نظام الأربعة أرباع لويلبر Wilber’s Four Quadrants
ينظم ويلبر بِنْيَة الواقع فضلا عن الوعي البشري في أربعة أرباع (أجزاء)، حيث الإثنان من الأرباع على اليسار هي التي تصور "داخل الأشياء" و الجانبان على اليمين هى تمثل "خارج الأشياء". و الأرباع الإثنان العلويان تدلان على الجانب الفردي و الإثنان من الأرباع السفليين للجانب الجماعي للواقع والوعي. (الصورة المرفقة)
ويشير كذلك إلى أن التقليد الفلسفي لعدة آلاف من السنين، في الشرق والغرب، هو الهيكل للوجود بطرق مماثلة، متحدثاً عن منطقة ال "أنا"، بأنها جميلة، و حول منطقة "نحن"، بأنها جيدة وحول جانب اليمين ("هذا و هذه") باعتبارها منطقة صحيحة true. و بالجمع بين التقاليد والفهم الحديث للوعي أضاف جانبا آخر لهذه البنية، و التي هى للمستويات. و مع هذا المفهوم فإنه يدخل في بنية الفلسفة الدائمة perennial philosophy الفكرة الحديثة من التاريخية historicity، للتطور والتقدم.
في هذا فإن ويلبر يتّْبع وجهة نظر تيلار ده شاردان وغيرهم، الذين كانوا قد أشاروا إلى أن الجانب التطوري من الواقع كان فهما جديداً. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم قد وصفوا أيضا هذا التطور ليس فقط من وجهة النظر الداروينية البيولوجية، ولكن أيضا أكثر من ذلك بكثير بالمعنى الأنطولوجي (الوجودى)، مُرجّعين ذلك المفهوم التطورى الى العالم و حقيقة الوجود. و قد طوّر تيلارد رأيه من الفهم العلمي للظاهرة البشرية، و منذ ذلك الحين العديد من الدراسات في علم النفس والفلسفة قد بنت فهماً جوهرياً نوعاً ما عن الطابع التصاعدى للكون.
في الشكل، يظهر تطور الوعي الفردي فى انطلاق من المركز ومتحرك نحو الزوايا في تطور مستمر للوعي، والسلوك، و الفهم الإجتماعي والثقافي. وينطبق الشيء نفسه على الواقع وتطور الكون، إبتداءاً من المركز بالانفجار الكبير big bang وصعودا فى نمو نحو الزوايا في جميع الاتجاهات الأربعة.
ما لا ينبغي أبدا تجاهله هو حقيقة أن هذا التطور لا يحدث في أربعة اتجاهات مختلفة، ولكن هذه الأرباع الأربعة هي جوانب متكاملة و متناظرة لنفس الواقع الواحد. فأيما تطورات أو تغييرات في رباعي واحد فإن لها آثارها في جميع الآخريات، ويحدث في نفس المستوى في كل الأرباع الأربعة. ويتجلى هذا بلباقة في لمحة عامة عن الفهم الحديث لعلم النفس التنموى developmental psychology ويتضح في تاريخ البشرية كذلك.
فى الشكل يظهر تكامل الوعي البنائى والتطوري، و هو الرسم البياني للأربعة أجزاء من كتب ويلبر (SES 198, SP 26). ومن الواضح أن هذا المخطط يفترض مسبقاً فهماً أن الوعي موجود في كل مستويات النمو في الكون. والقارئ مدعو إلى السعي للحصول على تفسير لهذا الفهم للوعي وتاريخ هذه الفكرة الوجودية والمعرفية في كتابات ويلبر. و يصف ويلبر نمو الكون في ثلاثة مجالات هى: فهم تطور وتكامل المجال المادى (المادة) physiosphere، و المجال الحيوي biosphere (الكائنات الحية)، ومجال نو noosphere (وهو مفهوم تيلهارديانى، و يعني مجال العقل)، و هى مفترضة في هذا المخطط.
حولون ويلبر Wilber’s Holons
هناك مفهوم ويلبرى آخر (فى الأصل صاغه آرثر كوستلر 1905 – 1983م) وهذا أمر مهم لفهم هذا المفهوم الميتافيزيقي من التكامل، و الذي يضع ويلبر مرة أخرى في مركز التفكير الحديث ويدل على أن كل من مفاهيمه تتكامل تماما مع الفهم الأكثر حداثة للعلم. و هذا هو مفهومه للحولون. هذا المصطلح اليوناني يرمز الى كلمة ’الكل The whole‘ ولكن بمعنى محدد جدا.
و يشرح ويلبر أن العالم ليس مصنوعاً من مادة أو روح، و هكذا فإن نظامه ونظام تيلارد لا يكونا أبدا مفصولين، ولكنه مصنوعاً من الحولونات. فالحولون هو الكل الذى يتألف من أجزاء قائمة بذاتها، والتي هي دائما في نفس الوقت جزء من كلٍ واحد أعلى.
ونتيجة لذلك، وهذا أمر مهم لفهم نظام ويلبر، فإن كل شيء مثل هذا الحولون، و إعتماداً على مكان وجود هذا الحولون سيكون دائما محتوياً على أجزاء ويكون هو جزءا من كليات (حولونات) أخرى. و هكذا على سبيل المثال، الذرة هى كلٌ بالمقارنة مع الجسيمات دون الذرية مثل الالكترونات أو حتى أقل كالكواركات الخ. و حالما يتم تضمين الذرة في كلٍ أعلى كالجزيئ تصبح جزءا من هذا الكل. ومرة أخرى، فإن الجزيء يكون جزءا من الخلية، والخلية من الكائن الحي و هكذا دواليك، و حتى في المنطقة الروحانية من الوعي يستمر هذا المبدأ. و ليس هناك نهاية في أي من الاتجاهين. فالواقع reality يتكون من هذه الحولونات Holons، والتي تطورت تدريجيا الى ما لا نهاية من الحولونات (الكليات) الأعلى.
سوف نصادف هذا المفهوم مرة أخرى عند محاولة فهم بيان حضرة بهاءالله في الوديان السبعة. وسنرى، ومن المؤمل، أن هذا الفهم من وحي ظهور حضرة بهاءالله أن يعطي مفهوم الحولون معناً لاهوتياً وكونياً جديداً و متعاظماً. فهذا المعنى الجديد يتجاوز المفهوم الويلبرى Wilberian، و ذلك بطريقة مماثلة كما تجاوزت الكتابات العرفانية لحضرة بهاءالله التقاليد العرفانية الصوفية، من خلال دمج ما هو جيد منها في ظهوره (رسالته الإلهية) ورفعه إلى مستوى جديد من التكامل.
نحو لاهوت بهائي Towards a Bahá’í Theology
يصف ويلبر التطور، الذي يحدث بالإنفصال و ما يتلوه من التكامل. و عندما يصبح الفصل تفككاً، يصبح التطور مَرَضي و لا يمكن أن يتبعه تكامل. وسوف نتعرف على هذه وغيرها من هياكل منظومة ويلبر في وقت لاحق في كتابات حضرة بهاءالله. و لا ينبغي أن يدهشنا أن ظهور حضرة بهاءالله لم يسبق فقط المفاهيم الويلبرية، بل علاوة على ذلك تدمجها وتسمو بها نحو فهم أكثر إكتمالا للإلهي. بالإضافة إلى ذلك، فإنه سيصبح من الواضح في هذه الورقة أن هذا التطور يمكن أن يُفهم اليوم بسهولة أكثر، بعد أن وضع ويلبر نظامه للفلسفة المتكاملة و بطريقته المحددة هذه، فإن التطور اللاهوتى يعتمد على مستوى الفهم الفلسفي. و هنا مرة أخرى نصادف مبدأ الظهور الإلهى (الوحي) التدريجي التصاعدى.
أن أقولها بإيجاز و تبعاً للفهم البهائى لهذه العلاقة، فإن ظهور حضرة بهاءالله ونفوذه في العالم قد جعل التقدم الفلسفي ممكناً، كما رأينا في نظام ويلبر. و ذلك النظام بدوره يهيؤنا لفهم أعمق لمعنى ظهور (رسالة) حضرة بهاءالله. في هذا المعنى، وبهذا المعنى فقط فإن لاهوتاً بهائياً تقدمياً تدريجياً ممكناً. و قد أُعرب عن نفوذ هذا التأثير للظهور البهائي فى الفلسفة في بيان حضرة بهاءالله التالى:
"إِنَّ أُسَّ الْحِكْمَةِ [الفلسفة] وَأَصْلَهَا مِنَ الأَنْبِيَآءِ وَاخْتَلَفَتْ مَعَانِيهَا وَأَسْرَارُهَا بَيْنَ الْقَوْمِ بِاخْتِلاَفَاتِ الأَنْظَارِ وَالْعُقُولِ." (بهاء الله، لوح الحكمة، ألواح حضرة بهاء الله، ص: 124)
و هذا المبدأ التدريجي والتاريخي يميّز اللاهوت البهائي عن جميع الأشكال غير التاريخية و الجامدة السابقة من اللاهوت، والتي إنتهى بها المطاف الى بنيات عقائدية دوغماتية، و تكهنات فلسفية و / أو في تكيّف بسيط فى التفكير فى الأزمنة. و على أساس فهم أن العالم "حامل بظهور حضرة بهاءالله،" يحاول اللاهوت البهائي تتبع التفكير الناشئ من هذا النظام الجديد في جميع التطورات العصرية فى مجال النو (العقل) noosphere، ومن ثم تطبيق هذه النتائج على كتابات حضرة بهاءالله لفهم أفضل لظهور حضرة بهاءالله.
وبالتالي، فإنه يفترض في هذه الورقة أن اللاهوت البهائي سيبقى ديناميكياً ذو فعالية مستمرة، مواكباً للعصر كما وصى بذلك ولى أمر الله و في نفس الوقت ملتزماً بأحكام العهد و الميثاق لظهور حضرة بهاءالله. ويمكن ان يبقى في قمة الفكر الحديث، دون الإنحراف عن أصله في الكتابات المقدسة ودون أن يفقد قوته الدينامية والتقدمية، طالما أنه لا يزال مندمجا في الظهور الإلهى التصاعدى التدريجي.
بعد هذه الرحلة القصيرة في النظام الفلسفي لويلبر، فنحن الآن نوجه إهتمامنا نحو الكتابات العرفانية في وقت مبكر لحضرة بهاءالله، وخصوصا الوديان السبعة و الأربعة.



من كتابات حضرة بهاءالله العرفانية ونظام كين ويلبر للفلسفة المتكاملة The Mystical Writings of Bahá’u’lláh and Ken Wilber’s system of integral philosophy
بقلم ولفغانغ كليبل Wolfgang A. Klebel

ترجمة حامد عبدالله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س