الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولاد الحرام

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2021 / 12 / 16
كتابات ساخرة


خطفوها واغتصبوها وخلفوا منها عيال كتير، ولاد وبنات. مضت الحياة والعيال ولاد الحرام كبروا وانتشروا واغتصبوا بعض وخلفوا ولاد وبنات كتير، أكتر من الأول. واستمر الخطف والاغتصاب لغاية ما بقوا كتير، كتير أوي. نشأوا وتربوا وترعرعوا وتعلموا ودرسوا وحتى حصلوا على الماجستير والدكتوراه في بيئة الحرام. أصبحوا أولاد حرام مأصلين ومحترفين، وأصبح الخطف والاغتصاب، وطرق ووسائل العيش الحرام صنعة، عرفاً وتقليداً متبعاً، لا يستنهض ضميراً ولا يستفز نخوة.

حتى الزوجة ألفت الاغتصاب، ظنته العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة. إذا تأخر عنها، سعت في التودد إليه. تجسوا على ركبتيها وتطلبه لنفسها في جرأة ووقاحة لا توجد حتى وسط حيوانات البراري. هذه، كما تظن، سنة الحياة؛ وهي باليقين لم تعرف سنة أخرى للحياة غيرها. معذورة، كل ثقافتها من الحرام.

المهم، دارت بهم الحياة. أكلوا وشربوا وتكاثروا. وماذا يفعلون؟ كان لابد أن يأكلوا ويشربوا ويتكاثروا للبقاء أحياء، بأي وسيلة مهما كانت حتى لو من الحرام. وهل عرفوا غيره؟! لا شرع يحكم حياتهم، ولا قواعد ولا قوانين. وما ذنبهم؟ هم أتوا إلى الحياة ولم يجدوا أي من ذلك. بل وجدوا الخطف والسلب والنهب والغش والاحتيال والرشوة والاغتصاب العرف السائد المتبع. لكنهم في الواقع، للمفارقة، يفعلوا ما يفعلون في أنفسهم، يخطفون ويسلبون وينهبون ويغشون ويحتالون ويرشون ويغتصبون بعضهم البعض ولا أحد سواهم أنفسهم. وما الفارق، المهم أنهم لا يعون ولا يدركون، والأهم أنهم مستمرون في حياتهم ولو بمشقة.

هم لا يعرفون الحرام، حتى رغم أن عيشتهم كلها حرام، وأصلهم وفصلهم حرام من حرام. وهل جربوا أبداً غير الحرام حتى يعرفوا معنى الحرام؟ الأشياء لا تعرف سوى بالمقابلة والمقارنة، طويل مقابل قصير، ثخين مقابل رفيع، أبيض مقابل أسود، حرام مقابل حلال. وهم لم يعيشوا أبداً في حياتهم سوى في الحرام، فكيف يعرفون الحلال، إذا كانوا يعتقدون في وجود شيء كهذا من الأصل؟!

المهم، هذا الوضع الحرام لم يرضي البعض من خارجهم. حضروا ومعهم المشرع وبعض الكبار المصممين لوضع حد لهذه الحرمانية المستفحلة وقديمة العهد. النجاسة تطال حتماً بشرورها الجوار، حتى لو بعيد. فإذا كانوا يريدون اتقاء شرورها في أوساطهم، عليهم الانقضاض عليها ومحاولة استئصالها وتطهيرها في بؤرة منشأها. الهجوم خير وسيلة للدفاع. جلسوا وتداولوا، وعلت أصواتهم بالأسئلة الصعبة.

هل من سبيل لإضفاء الشرعية على وضع بذرته ونبته وغلته كلها حرام؟ لو كان جرثومة أو فيروس أو حتى مرض عضال كان من السهل القضاء عليه وبعدها سيواصل الجسم حياته نظيفاً وسليماً ومعافى. لكنه الجسم ذاته، وليس شيئاً غريباً أو دخيلاً عليه، هو الذي تحول إلى جرثوم وفيروس فاسد. هل سنقضي عليه؟ وماذا سيتبقى منه إذا فعلنا ذلك؟ أليس استمرار الحياة حتى في الحرام أفضل من الفناء؟

لا حل جذري. لابد من التوفيق والحلول الوسط. لابد من توافق ما، بنسبة ما، بين الحرام والحلال. ويتعايشان معاً، حتى يحين الأوان ويسود الحلال تدريجياً فوق الحرام ونبلغ العيشة الطبيعية الصحية. لكنهم لا يعرفون غير الحرام، لا يعرفون حتى معنى الحلال. إذن لابد من تعليمهم أولاً معنى، وفضل، العيشة الحلال. لكن هذا يستغرق وقتاً، أليس كذلك؟ ويحتاج إلى معلمين. ومن أين نأتي بهم؟ ولاد الحرام لا يسمعون إلا من أنفسهم. هل تعتقد أنهم سيصدقون أياً من كان يأتي من خارجهم، من خارج ثقافتهم الحرام؟ وكل ذلك يستغرق أجيالاً. عملية صعبة وطويلة ومرهقة ومملة جداً، على مجرد أمل جني ثمار موعودة في مستقبل لن يبلغوه! وماذا عن الحاضر؟

دعونا نأكل ونشرب ونغش ونحتال ونستمتع بعيشتنا الحرام الحالية. حرام في اليد خير من ألف حلال في الخيال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير