الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد الموقف من الانتخابات و-المؤسسات البالية-

وديع السرغيني

2021 / 12 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


فكما هو معلوم أسدل الستار أو يكاد، عمّا أصبحت الجماهير الشعبية المغربية تنعته بالمهزلة، وبالمسرحية الرديئة التأليف والتشخيص والإخراج، في عالمنا السياسي المهزوز.. وإذا كان لابد من إصدار موقف عملي من هذه العملية برمّتها الذي هو الرفض القاطع للمشاركة في هذه الانتخابات، بما يشكّله هذا الرفض من انتقاد للديمقراطية البرجوازية في نسختها المغربية، خلال هذه المرحلة التاريخية من تطور الصراع.
والشروع في النقاش يقودنا لا محالة لطرح هذا السؤال المنهجي المهم، وهو هل نحن نعيش فعلا في ظل نظام برجوازي ديمقراطي يحمل نفس المواصفات والمبادئ التي انبنى عليها قبل قرنين في الغرب..؟ وهو المشروع الذي تقتضي فصوله الخوض في انتخابات تمثيلية مباشرة، بلدية وجهوية وتشريعية.. تعمل على تدبير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين بالشكل اللازم. الإجابة تتطلب، من الجميع طبعا، التفكير والتمحيص والملاحظات الثاقبة، قبل التسرع في إصدار الموقف من العملية الانتخابية ومن سياقها السياسي خلال المرحلة التاريخية التي نعيشها، وارتباطا بالنظام السياسي والاقتصادي الذي نعيش في ظله.
فلا يشك أحد في مستوى الفقر والحاجة الذي يعاني منه السواد الأعظم من الطبقات الشعبية المغربية، في ظل تفاقم البطالة وتزايد وثيرتها سنة بعد سنة، وفي ظل إغلاق المعامل والمصانع والشركات، والانهيار الواسع لمؤسسات الإنتاج الصغير وانسداد آفاق المقاولات الصغيرة والمتوسطة.. علاوة على ما تعيشه البوادي وعموم المناطق الفلاحية التي لم يعد فيها مكان للفلاح الصغير، الذي أثقلت كاهله سنوات الجفاف المتتالية وإجحاف القروض التي لا تترك له سبيلا للانتعاش والاستمرار في الإنتاج، حماية لنفسه ولقوت أولاده وأسرته من الجوع والفقر والإفلاس.
دون أن نغفل الوضع الخاص الذي تعيشه الطبقة العاملة المهضومة الحقوق والمتدنية الأجور، في ظل الارتفاع الصاروخي للأسعار، وغلاء المعيشة المتفاقمة الذي تتعدى متطلباته بكثير الحد الأدنى للأجور، حيث لزوم مصاريف تمدرس الأطفال ومتابعة تطبيبهم، ورعايتهم الصحية والثقافية والرياضية والترفيهية.. حيث تنعدم شروطها وإمكانيتها في ظل النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي القائم.. إذ لم يعد هناك من الفئات والطبقات الاجتماعية المحرومة، من يعاني ويكابد مثل الطبقة العاملة في مجال الفقر والحرمان.. لقد اندحرت فعلا للقاع المجتمعي البئيس ولن ينتشلها منه سوى تغيير اجتماعي، جذري، وثوري، بطبيعة اشتراكية، تقوده وتسهر على استكمال خطواته هاته الطبقة نفسها.
وفي آخر التحليل، لا يتردد أحد من جميع الديمقراطيين المغاربة الأحرار، عن التصريح والجهر بأن النظام القائم في المغرب، نظام غير عادل وغير ديمقراطي، يحتكر السلطة، وينهب جميع خيرات الوطن الموجودة على سطح الأرض وبعمق المناجم، وبأعالي البحار.. لمصلحته، أي مصلحة التحالف الطبقي الحاكم المكوّن من البرجوازية السمسرية والملاّكين العقاريين الكبار، وكبار الجنرالات والضباط.. حيث لا شريك لهم في عملية النهب والاحتكار الواسعة. هذا التحالف الحاكم العميل للاستعمار والوكيل عنه، يسهر باجتهاد وتفان لتطبيق إملاءاته وخططه.. يمارس القمع والاستبداد في حق الجماهير الشعبية الفقيرة بغية تأمين حصته وحصة الشركات الاستعمارية العابرة للقارات وصناديق المال وفوائد القروض..الخ دون غير.
فالمطلوب والواجب على جميع المناضلين الديمقراطيين الأحرار، هو النضال ضد هذه الأوضاع المزرية من أجل تغييرها للأحسن، والأجود في هذه المرحلة من عمر الرأسمالية خلال الطور الإمبريالي، لن يكون سوى الثورة الاشتراكية المظفرة التي يجب الإعداد اللازم والحازم لها.. الشيء الذي يفرض على جميع المناضلين الاشتراكيين المغاربة صياغة البرنامج الثوري والعملي الملائم لمهام المرحلة، قصد المساهمة الجماعية والواعية والمنظمة، والطليعية، في مسلسل التغيير الجذري المنشود، دون تردد أو انتظار.
المشلكة في واقعنا المغربي هي أن هذه الجماهير الفقيرة نفسها لا تتوفر على أداة سياسية ثورية قادرة على قيادة النضال نحو ضفة مجتمع الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.. وهي مشكلة حقيقية لا تزيد سوى في التفاقم والإحباط والتذمر، في صفوف المناضلين الماركسيين العاجزين كليا عن تحقيق هذا الارتباط، وعن صياغة الخطة التنظيمية المحكمة لفك هذه العزلة، ولتسطير البرنامج العملي الموحد، وصياغة التكتيكات الملائمة له، قصد غزو فضاءات النضال المنسجمة مع هذا البرنامج نفسه.
فإذا كان الوضع يتطلب بإلحاح التغيير الاجتماعي، فلا بد من وجود حزب اشتراكي مناضل يوحّد وينظم جميع الطاقات الاشتراكية، اعتمادا على قاعدة عمالية نشيطة، وعلى شبيبة ثورية متمرسة، وعلى نخبة من المثقفين الثوريين المبدئيين والجادين، بعيدا عن أية شعبوية مثل تلك التي ملئت الدنيا صراخا وصخبا بمطالبتها بتشييد "حزب الجماهير الشعبية الكادحة" أو "حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين"!
وفي مقابل هذا الانحراف عن مهمة بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، تطفو على السطح النزعات اليسراوية الانعزالية التي تعوض المشاركة الحازمة في النضال الجماهيري الميداني، بالإسهاب في النقد والتجريح وإصدار أحكام القيمة في حق "رفاق الطريق" الذين ينتمون لتيارات تقدمية مناضلة ومكافحة.. هذه النزعات التي لا تتوانى عن مخاطبة الجميع ومحاسبتهم من فوق أبراجها العاجية، تقديم النصائح "الثورية"، التي لا تلتزم بها هذه التيارات نفسها، والممزوجة بالسب والشتم والنرجسية والتفوق الأستاذي المتعجرف، تحت صيغة "أنا وحدي نضوي البلاد والطريق وو..الخ"!
فلا مناص إذن من توفير هذه الأداة الثورية استنادا على نظرة وحدوية جديدة وفق منظومة وحدة – نقد – وحدة، وهي القناعة التي تلزمنا أن نعمل ونجتهد بشكل جماعي لتوفير هذه الأداة، عبر تكثيف وتنسيق الجهود مع كافة التيارات، والمجموعات، والفعاليات الاشتراكية المناضلة، دون إقصاء لأي اتجاه يؤمن بضرورة التغيير والثورة ضد النظام القائم.. فالمسؤولية كانت وما زالت مرتبطة بمناضلي الحركة الاشتراكية، وبكل من حمل هذا الشعار على عاتقه وناضل من أجل تحقيقه، أي منذ لحظة تشكيل الحزب الشيوعي إلى الآن، يعني مرورا بفترة الستينات والسبعينات المتميزة بتشكيل المنظمات الثورية الماركسية وانتهاء بالمرحلة الحالية التي نعيشها الآن، وهي مرحلة تخبط فكري وسياسي وتنظيمي خطيرة، امتدت لسنوات وعقود منذ نهاية السبعينات إلى الآن، عجزت خلالها الحركة الاشتراكية عن توحيد صفوفها، وعن صياغة برنامجها بالشكل الثوري والتصاعدي اللازم، إجابة عن الأوضاع المتردية المتفاقمة التي تعاني من ويلاتها الجماهير الشعبية الفقيرة والمحرومة.
فجميع التيارات والاتجاهات الاشتراكية المغربية المناضلة تسعى لبناء هذه الأداة الثورية، لكن بطريقتها الخاصة، أي دون الالتفات للملاحظات المقدمة من المخالفين والمنتقدين أو المعارضين، ونعني هناك الرفاق الإيجابيين المقتنعين أشد الاقتناع بهاته المهمة وبضرورة تنظيم حركة الاشتراكيين المغاربة في منظمة ثورية تعمل على توفير جميع الشروط اللازمة لبناء حزب اشتراكي جماهيري ينظم ويقود نضالات الجماهير الشعبية الكادحة نحو التغيير المجتمعي المطلوب.. وهناك في الطرف الآخر المتسرعين من جهة ثم المترددين من الجهة الأخرى وبالتالي فالتيارات النرجسية والانعزالية التي تخوّن الجميع، وتمقت جميع المبادرات النضالية الجماهيرية التي يمكن أن يشارك فيها الجميع وبدون استثناء، أي حتى الانتهازيين والرجعيين والشوفينيين والظلاميين.. بدوافع مختلفة ومتناقضة ومشوهة حتى.. "سوف تعيق العمل البروليتاري خارج حركة الطبقة العاملة وداخلها على السواء، ليس في حقل واحد من النشاط، بل بصورة حتمية في جميع حقول النشاط الاجتماعي وفي جميع المجالات الثقافية والسياسية دون استثناء، وذلك طالما لم تتم الإطاحة بالبرجوازية، وطالما لم يضمحل الاستثمار الصغير حتى بعد الإطاحة بها.
وإن الخطيئة الأخطر لن يكون لنا بد من دفع ثمن عواقبها غاليا أن نحاول التملص، أن ندير ظهرنا لهذه المهمة أو الصعوبة "المزعجة" في أي ميدان كان يجب أن ندرس ونتعلم كيف نتحكم في جميع ميادين العمل والنشاط دونما استثناء، وتتغلب على جميع المصاعب وسائر العادات والأعراف والتقاليد البرجوازية في كل مكان. وإن طرح المسألة بأية طريقة مغايرة إنما هو تفاهة وعمل صبياني"
فلكل فرقة دوافعها التي تختلف جذريا عن دوافع التيار الاشتراكي المناضل، والمطالب دوما بإبراز تميزه عن الآخرين، وخوض الصراع المستمر والشاق من أجل فضحهم.. حيث يجب التفادي والابتعاد عن أية يسراوية لا تبيح النضال سوى وسط "الرفاق" وبمعيتهم، أي "الثوريون بصورة رهيبة الذين يخشون، في واقع الأمر المصاعب الصغيرة نسبيا للنضال ضد التأثيرات البرجوازية داخل حركة الطبقة العاملة، في حين أن انتصاركم يعني إسقاط البرجوازية واستيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية سوف يخلق هذه المصاعب بالذات على نطاق أوسع، بصورة لا متناهية.
إنكم تخافون مثلكم مثل الأطفال، المصاعب الصغيرة التي تواجهكم اليوم، ولا تفهمون أنه لا بد لكم غدا وفي اليوم الذي يليه، أن تتعلموا وبصورة جامعة، وأن تتغلبوا على المصاعب نفسها، ولكن على أوسع نطاق بما لا يقاس "ونضيف لرفع الغبش عن النظرية الاشتراكية" إن أولئك الذين يشتقون، يحاولوا في هذه المسألة أيضا، أن يشتقوا تكتيك البروليتاريا الثورية ـ إن كانوا فعليا معنيين به ـ من مبادئ من نمط: أن من واجب الحزب الشيوعي أن يحافظ على عقيدته صافية واستقلاله عن الإصلاحية نقيا، ورسالته أن يشق الطريق دون توقف أو التفات، عبر الصراط المستقيم إلى الثورة الشيوعية، لا بد أن يتردوا في الخطأ"
فهي ملاحظات ضمن ملاحظات كثيرة وعديدة وجب التذكير بها كانتقاد لدعاة الرفضوية والانعزالية اليسراوية، التي لا تخدم المشروع.. عسى أن تسهم هذه الملاحظات في رفع التعنت لمد الجسور وتقريب وجهات النظر في صفوف الحركة الاشتراكية المغربية، وعدا هذا، سيظل هذا الغياب، أي غياب الأداة السياسية الثورية، عائقا أمام تطور الحركة الثورية، وسيصعب من مهامها.. الشيء الذي سيؤثر بشكل سلبي على مسار ومصير الثورة المغربية، وسيقف سدّا منيعا أمام مهمة توحيد تكتيكاتها وخططها.. فلا بد على جميع الاشتراكيين المغاربة، بجميع فصائلهم ومكوناتهم، أن ينفتحوا على بعضهم، ويفتحوا النقاش، ويقدموا الأرضيات الملائمة للوحدة والبناء واستكمال الأداة..الخ
فحال الثورة المغربية خلال اللحظة الحالية لا يبشر بالخير، والجماهير الشعبية خارت قواها بشكل ملموس، بالرغم من كفاحيتها وصمودها ونضالاتها المطلبية المحدودة، في مجالات وقطاعات عديدة.. لقد أُنهكت قواها بفعل تغول النظام وأجهزته القمعية، حيث تتوالى الضربات الموجعة التي تتلقاها بشكل يومي، ردا على احتجاجاتها ومطالبها البسيطة، من قبيل المطالبة بفك العزلة على العديد من المداشر والدواوير، وتوفير النقل المدرسي لساكنة العالم القروي، وإنشاء المراكز الصحية بالمناطق النائية، وإحداث المدارس والإعداديات والداخليات بالعديد من المناطق المحتاجة لها، وصرف أجور العمال والمستخدمين في وقتها، وتوفير السكن اللائق لسكان الهوامش العشوائية، وتقديم الدعم لفقراء الفلاحين المتضررين بسبب توالي سنوات الجفاف، وغلاء الأسمدة والبذور والأعلاف.. بالإضافة للكارثة العظمى المرتبطة ببطالة الشباب التي لا تزيد سوى تفاقما واستشراءا بعد سنوات وعقود من تملص الدولة من هذا الواجب، الذي لا يعني إهماله سوى الرمي بالشباب المعطل الحاصل على شهادة أو تكوين، أو بدونهما، لعالم الجريمة والنصب والاحتيال والهجرة السرية أو المخدرات..الخ
فنقط الضوء القليلة، إن لم نقل النادرة، التي يستند عليها المناضلون الثوريون عادية جدا، وليست كافية بالمرة للإشادة بها واعتبارها خطوة متقدمة نحو اكتساب الوعي الطبقي المطلوب.. فشتان بين الوعي الطبقي السليم وبين ردود الأفعال الاحتجاجية كيفما كان حجمها، ومدة استمرارها.. فنضالات الطبقة العاملة، مثلا، لا تتوقف وإضراباتها مستمرة بعدد كبير من مواقع الإنتاج، دون أن تمس بوجود الرأسمالية وبأسلوبها في تسيير الاقتصاد، المعتمد على الربح واستغلال العمال.
لقد ظلت الطبقة العاملة لعشرات السنين مكتفية بالمطالبة بالكف عن إغلاق مؤسسات الإنتاج، من معامل ومصانع وشركات ومناجم.. والإسراع في المقابل بصرف متأخرات الأجور، والتعويض عن الساعات الإضافية، والاستفادة من صنادق الضمان الاجتماعي، دون أن تعي أصل الحرمان والاستغلال.
فحوالي المائة سنة من تغلغل الرأسمالية بالمغرب ووجود النقابات وسط الطبقة العاملة، لم تطور هذه النقابات مفاهيمها وتصوراتها في الاتجاه العمالي المطلوب، أي أن النضال النقابي ونضال الطبقة العاملة بالأساس يجب أن يستهدف النظام الرأسمالي من جذره، على اعتبار أن الاشتراكية هي الحل الذي يجب أن تدركه الطبقة العاملة، ليس عبر الاكتفاء بالاحتجاجات المطلبية الاقتصادية، بل وبالإضافة لهذا النضال الاقتصادي الضروري، يجب على المناضلين الاشتراكيين القيام بدورهم في تعبئة العمال والعاملات والرفع من مستوى وعيهم السياسي والتنظيمي، وكسب الجماهير الشعبية الكادحة والمحرومة لنصرة الخيار الاشتراكي.
إذا وبعد هذه التوطئة الضرورية، نرجع لموضوع هذه المقالة ونتساءل خلالها جميعا كمناضلين اشتراكيين، عن الموقف الطبقي السليم من الانتخابات خلال هذه المرحلة بالذات.! مبدئيا كان موقف الحركة الماركسية الاشتراكية، أي منذ مرحلة ماركس وإنجلز ولاسال وبيبل وبليخانوف ولينين.. هو المشاركة الإيجابية، بل والنضال داخل العديد من البلدان من أجل الظفر بحق الطبقة العاملة وعموم الفقراء والكادحين، في المشاركة الانتخابية.. وقد يبدو هذا المعطى التاريخي غريبا شيئا ما بالنسبة للعديد من الرفاق الذين يجهلون أو يتجاهلون تاريخ ومبادئ الحركة الشيوعية خلال مجرى نضالها الاشتراكي.. بحيث كانت حينها أغلبية الأنظمة البرجوازية تمنع هذا الحق عن الطبقة العاملة، وهو الشيء الذي لم يدفعها للتنازل عنه أبدا، وظلت مصرة على المطالبة به وبتوسيعه في العديد من البلدان، عبر إدراجه في جميع برامجها النضالية دون هوادة أو تردد.
المشكلة في بلدنا المغرب وفي العديد من البلدان العربية والأجنبية، أصبح بعض الدعاة من التيارات التقدمية الثورية ينسبون عنوة موقف مقاطعة الانتخابات، للماركسية، إلى حدّ المزايدة، على اعتبار أنه التكتيك الماركسي السليم، وغيره يعتبر "خيانة" للطبقة العاملة والجماهير والشعب بأسره.. والحال أنها مغالطة وتحريف للماركسية المبدئية ولتكتيكاتها.
فالحركة الاشتراكية كما هو معروف وسط جميع المناضلين المناصرين للطبقة العاملة ولحركتها التحررية، تدعم تكتيك المشاركة في الانتخابات، ولم تقاطعها إلاّ لظروف استثنائية ملموسة تتم خلالها صياغة الموقف بعد الدراسة، والتمحيص، والمتابعة، ومنهجية التحليل الملموس لكل وضع ملموس، ارتباطا بالبرنامج النضالي للطبقة العاملة، وبخط حزبها السياسي، وتقديراته للمرحلة، وبالدور الذي يمكن أن تلعبه الحملة الانتخابية في سياق مسلسل الثورة لتطوير وعي الطبقة العاملة وحلفائها وسط الجماهير الشعبية.. وهو الشيء الذي حدث فعلا خلال التجربة النضالية للحزب الشيوعي الروسي الذي قاطع الانتخابات عن مبدأ، وعن حق خلال، الثورة الروسية الأولى سنة 1905، وعن خطأ فيما بعد خلال سنتي 1907/1908 التجربة التي يعتمدها المقاطعون المغاربة بشكل انتقائي فج، كجزء من المرجعية والسند التاريخي اللينيني.!
فمن الناحية النظرية والسياسية أجاب لينين زعيم ومنظر الحركة الاشتراكية المبدئية على سؤال المشاركة من عدمها في البرلمانات البرجوازية بالطريقة التالية "إن البرلمانية قد باتت بالية تاريخيا". وهذا صحيح فيما يتعلق بالدعاية لكن الجميع يعرفون أن الطريق لا تبرح طويلة قبل التغلب عليها عمليا.. ولقد كان من الممكن المناداة، وبحق تام، بأن الرأسمالية "بالية تاريخيا" قبل عدة عشرات من السنين. لكن هذا لن ينفي في حال من الأحوال الحاجة إلى نضال طويل جدا وعنيد جدا على أرض الرأسمالية. إن البرلمانية "بالية تاريخيا" من وجهة نظر التاريخ العالمي، يعني أن عصر البرلمانية البرجوازية قد انتهى وأن عصر الدكتاتورية البروليتارية قد بدء بأمر لا جدال فيه"
والتصريح بهذا، هو لقائد حزبي، مناضل ماركسي عمالي، سخـّر كل جهده وإمكانياته للمساهمة بقوة في بناء وتشييد حزب الطبقة العاملة المستقل، وهو الشيء الذي نفتقده له الآن في المغرب، دون أن نقدم أي مجهود في الاتجاه الذي ننتصر فيه على هذا الفراغ التنظيمي القاتل.. فكل التوجيهات والخلاصات التي نعتمدها استنادا على التجربة اللينينية خاطئة من أساسها، لأن المقاطعة التي اعتمدها البلاشفة كانت محدودة واستثنائية، عوض المشاركة التي كانت هي القاعدة.. فالتحليل الملموس للواقع الملموس يجبرنا على الاعتراف بقدراتنا التنظيمية المحدودة، وبغياب حزب الطبقة العاملة، وضعف العمل في اتجاه معالجته لتقوية التيار الاشتراكي وسط الساحة النضالية، وهو عكس التجربة الروسية السليمة لمعالجة هذا النقص، يصبح الموقف من جميع التكتيكات، بما فيها الموقف من الانتخابات، غير ذي موضوع.. لأن المشاركة أو المقاطعة، تكتيك يجب أن يصب في خدمة مشروع الطبقة العاملة التحرري، بدءا بتقوية تنظيمها على أوسع نطاق، وتوسيع قاعدتها، والدعاية لمشروعها المجتمعي الاشتراكي.
"فمن المؤكد أن التكتيك الثوري لا يمكن أن يتحول إلى فعل بدون توفر الروح الثورية عند الجماهير وبدون الشروط التي تسهل عملية نمو هذه الروح.. فالتكتيك الثوري لا يمكن أن يبنى على المشاعر وحدها.. يجب أن يبنى على تقدير رشيد وموضوعي بصورة صارمة لجميع القوى الطبقية في دولة محددة وكذلك على تجربة الحركات الثورية أما أن يبرهن المرء مبلغ "ثوريته" بمرد التهجم على الانتهازية البرلمانية بمجرد رفض الاشتراك في البرلمانات، فليس ما هو أسهل من ذلك، ولكن لمّا كان هذا الأمر سهلا جدّا، فإنه لا يشكل حلاّ لقضية عسيرة وعسيرة جدا" فلا ينضج التكتيك إلا ارتباطا بالعمل التنظيمي والتقدم في تشكيل لبناته الأولى والأساسية، والحال أننا لا نتوفر في اللحظة الحالية على منظمة ثورية حتى.. تضع ضمن استراتيجيتها التنظيمية بناء حزب الطبقة العاملة المستقل والتخطيط للثورة الاشتراكية.
فالنقاش على هذا المستوى انطلق فعلا أواخر الستينات، بعد فشل الحزب الشيوعي المغربي وانحرافه عن خط الثورة السديد، إضافة لتردد حزب القوات الشعبية في التبني الصريح لمشروع التغيير الاشتراكي.. ليتم إقباره أواخر السبعينات بعد محاولات تنظيمية عدة بديلة جريئة، فشلت هي الأخرى، وأدى ثمنها غاليا العديد من المناضلين الثوريين المغاربة.. مما فسح المجال للتراجعات والزعيق الشعبوي الذي ما زال ينادي بمقاطعة الانتخابات كتعويض عن فشله في الارتباط بقوى الثورة الحقيقيين، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة.. إذ لم تكن في يوم ما مقاطعة الانتخابات مبنية في سياقها على غياب الديمقراطية وسيادة الغش والرشوة والمال الحرام والحلال، سيان.. أو لأنها مفتقدة للمصداقية ولن تلبي بأي شكل من الأشكال مطالب الجماهير الشعبية التي تعاني من فقدانها للحريات الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والقضاء الحر والمستقل.. وهو هراء وتبرير سخيف، لا أقل ولا أكثر.. فهذه المطالب جميعها ديمقراطية ومشروعة تستدعي النضال والكفاح من أجل نيلها، لكنها غير كافية بالمرة لتبرير موقف مقاطعة الانتخابات، إذ لا يمكن بناء الموقف بسبب انعدام الديمقراطية في ظل هذا النظام أو ذاك، والحال أن الحركة الاشتراكية بجميع مكوناتها تعترف بزيف الديمقراطية البرجوازية ومحدوديتها، ولا تعبر في الجوهر عن مصالح ومطامح السواد الأعظم من المجتمع المغربي.
لقد كانت الاشتراكية كحركة مناضلة، واعية كل الوعي بهذه الحقائق التي لا تخفى عن الجماهير الشعبية المحرومة التي تقاطع أغلبيتها الساحقة الانتخابات، سواء عبر الامتناع أو عبر التصويت بالورقة الملغاة.. وكل هذا يجري في ظل أوضاع مهترئة تعيشها الحركة الثورية المغربية، والتي لن يضيف أو يحسن من أحوالها هذا الموقف.. فالحركة محتاجة لمثل هذه اللحظات، لاستغلالها بشكل إيجابي لتطوير الفعل النضالي، وتحقيق التواصل المباشر مع الجماهير الكادحة والمحرومة.. فمن أجل الفضح والتشهير بالنظام وسياسة لا بد، في نظرنا من الخوض في هذه التجارب بكل المبدئية الضرورية، والبعيدة عن منطق الكراسي والاستوزار و"التغيير من الداخل"..الخ والحال أننا لم نتفق بعد عن الثورة التي نريد وعن خطواتها اللازمة، وعن أسلوبها، وشعاراتها، وبرنامجها.. بغية المساهمة والانخراط في خطواتها بشكل واعي ومبدع.
فإذا كان اختيارنا هو الثورة الاشتراكية فلا بد إذن من الشروع في بناء التنظيم القوي والمنسجم مع مبادئ هذه الثورة، والذي يجب أن يكون، في المحطة النهائية، حزبا طبقيا يصهر في صلبه أجود الطلائع العمالية الواعية، إلى جانب المثقفين الثوريين الذين تخلصوا وانسلخوا عن أصولهم البرجوازية الصغيرة بشكل نهائي لا رجعة فيه.. فعملية البناء ليست شعارا وفقط، بل هي مخاض يتطلب النقاش، والتقييم بداية لجميع التجارب الثورية السابقة المغربية، وغيرها، بما فيها التجارب الماركسية بجميع ولاءاتها وميولاتها.. فإذا كانت هذه التجارب قد فشلت لأسباب ما، ذاتية أو موضوعية أو هما معا، فلا بد من الوقوف على هذه الأسباب تجنبا للنواقص والثغرات والمنزلقات.. لنقدها وتصحيحها وتقويمها بكل الجرأة الثورية اللازمة.
فمسار البناء ليس سهلا، بدليل أن الجميع يردده، ويستمر في نصبه كمشجب لتبرير إخفاقاته منذ مدة جاوزت الخمسين سنة.. فالعملية معقدة وشاقة تتطلب جهد جميع المناضلين المخلصين لمشروع الثورة الاشتراكية، حيث يجب فتح النقاش مع جميع المكونات والحساسيات الثورية المغربية التي تضع هذا المشروع في صلب اهتماماتها وإستراتيجيتها وتحالفاتها..الخ إذ لا يستقيم المسار عبر الإقدام على المبادرات المتسرعة، والمعزولة أوالمشبوهة حتى التي أصبحت تنسق بمنطق براغماتي مع أعداء الحرية والديمقراطية والاشتراكية بدافع أن هؤلاء يعادون أيضا "المخزن".! والحال أن هؤلاء لا يعادون في شيء الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أفرزت هذا المخزن وسيّدته على بلادنا ورقابنا.. فلا يجوز وخلال هذه المرحلة بالذات، التي نعتبرها مرحلة البناء بامتياز، بناء الأداة التنظيمية القادرة على توحيد صفوف جميع الرفاق الماركسيين المؤمنين بالثورة الاشتراكية وبقدرة الطبقة العاملة على قيادتها، وهي خطوة لازمة وضرورية من أجل التقدم في عملية البناء والانغراس وسط الطبقة العاملة وبناء حزبها السياسي المستقل، وتمتين تحالفاتها في القلب من الجماهير الشعبية الفقيرة والمحرومة، ضدا على البرجوازية وفي تناقض تام معها.
فالمواقف السياسية التي نصرفها الآن، دون نقاش ودون انتباه لتداعياتها وللأولويات التي يجب أن تحكم وتوجه ممارستنا النضالية، تصبح كصب الماء في الرمل وليس إلا.. كمثلا الموقف من الانتخابات وهو البعيد كل البعد عن موقف الحركة الماركسية الاشتراكية بجميع تجاربها العديدة والمتنوعة، من مثل هذه المحطات التي تشكل فرصة حقيقية ومناسبة لتعبئة الجماهير الشعبية في المدن والبوادي، وفي وسط النقابات العمالية والتجمعات السكنية الفقيرة والمهمشة.. للنضال من أجل مشروع التغيير الاشتراكي.
فواجب الاشتراكيين المبدئيين هو التواجد المكثف ضمن هذه الحملة قصد الدفاع عن المشروع، مشاركين أو مقاطعين، سيان.. على اعتبار أن المهم في العملية هو الإعلان عن المشروع وفضح النظام الرأسمالي التبعي القائم ببلادنا، والتشهير بسياسة دولته وباختياراتها اللبرالية، وبمرتكزاتها الريعية والاستغلالية، وبعلاقاتها الأخطبوطية والانصياعية لمراكز المال الدولية ومختلف فروع الشركات العابرة للقارات..الخ
فأن تقاطع أو تشارك في الانتخابات خلال هذه المرحلة التي يغيب فيها حزب الطبقة العاملة عن المشهد السياسي، فلا يهم.. لأن المهم هو طبيعة التصور والمبادئ الموجهة لممارستك خلال هذه المحطة الانتخابية وغيرها من المحطات.. فالتكتيك السديد هو الذي يجب أن يدفع بك للمزيد من التشبث بمبادئك الثورية عوض التنصل منها، والتخلي البئيس عن المشروع الثوري الاشتراكي العظيم.
فلا يمكن ولا يجوز لأي اشتراكي في العالم كيفما كانت حنكته ودهاءه السياسي والتكتيكي.. بأن يعلن ولاءه للملكية وللنظام الملكي القائم بالمغرب، وبأن يجسده عبر حضور حفلات البيعة وعيد العرش، وهو ملتزم بالجلباب الرسمي الأبيض يركع ويعيد.. ليدّعي بعد ذلك، وبدون حياء، أنه مازال ديمقراطيا واشتراكيا حتى.! فمثل هذه العيّنة لا يصح إقحامها في صفوف الحركة الاشتراكية بالمرة.. لأن الجماعة بطبيعتها لبرالية، مراوغة، وغير مبدئية، عاجزة صراحة عن الدفاع عن حرية الاختيار والتفكير والتدين..الخ فنحن لا نخاطب، بالمناسبة، مثل هذه العينة الانتهازية في كذا أوضاع ومواقف.. نحن نستهدف بالنقاش أساسا التيارات الثورية الاشتراكية التي يقاطع جلها، إن لم نقل كلها، العملية الانتخابية، والتي ندعوها اللحظة لتعديل ممارستها انسجاما مع أهدافها الثورية المعلنة، ومع المرجعية الماركسية، والتكتيكات اللينينية السديدة.
فكما بينت التجربة انقسم "المقاطعون" إلى ثلاثة تيارات رئيسية.. التيار الأول مارس مقاطعته الإيجابية المسنودة بقرار حزبي منفرد، يرتكز في تحليله وتبريره على ما أشرنا له سابقا ضمن الأطروحة التي تؤكد على أن الرأسمالية أصبحت هي ومؤسساتها "بالية" ولم يعد يرجى منها خير.. دون الإشارة من قريب أو بعيد للمشروع الاشتراكي المنشود، باعتباره المؤهل الوحيد للقضاء على الاستغلال والقهر والاستبداد.. والقادر على تشييد المجتمع العادل والديمقراطي الحر.. إذ بالرغم من خروج البعض من أنصار هذا التيار، ونزولهم للشارع في العديد من المدن، بقصد توزيع بيان يدعو لمقاطعة الانتخابات، مع القيام ببعض الوقفات لشرح وتوضيح أسباب المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات، حسب فهم الحزب، وهو أسلوب يمكن اعتباره إلى حدّ ما إيجابي يشرّف حركة اليسار المغربي المعارض.
بالنسبة للتيار الثاني الذي يمكن اعتباره السائد وسط الحركة الثورية المغربية، لا يتوانى عن مقاطعته السلبية للانتخابات، يقاطعها عن بعد، دون أن يمني النفس بالانخراط في معمعان الحملة، يقدس عفوية الجماهير الشعبية، ويشيد بمقاطعتها التلقائية لهذه المهزلة السياسية "البالية"، دون أن يجهد النفس للبوح بالموقف علانية وجماهيريا، لما في ذلك من فائدة وتطوير للوعي الجماهيري الشعبي، التنظيمي والسياسي.. حيث يلزم جميع مناضلي الحركة الثورية استغلال مثل هاته المناسبات، عبر النزول للشوارع وأزقة الأحياء الشعبية، بقصد الاحتكاك مع هاته الجماهير، وشرح الموقف وتوضيحه التوضيح التام.
أما التيار الثالث والذي يقاطع هذه المحطة، دون أن ينفي إمكانية المشاركة مستقبلا في مثل هذه المحطات، وفق شروط سياسية وتنظيمية محددة، تسمح له بالسير قدما نحو مشروع الثورة الاشتراكية.. نزل كعادته للشارع وروّج لموقفه في التزام تام بطبيعته ومبادئه الاشتراكية، وأمله كله في وحدة الحركة الاشتراكية والمساهمة الفعّالة في انتشال هذه الحركة من أوضاع اللاتنظيم والرفضوية السلبية، ونعني بذلك، بدل الجهد والمتابرة لتنظيم الطبقة العاملة في حزب مستقل ينير طريقها نحو الثورة الاشتراكية المنشودة، جنبا إلى جانب عموم الكادحين الفقراء والمحرومين.. حيث لا بد من صياغة البرنامج الثوري المنسجم مع طبيعتها ومهامها وتطلعاتها، وكذلك مع طبيعة حلفائها داخل الوسط الشعبي العريض.
ومن المؤكد أن حلفاء الطبقة العاملة خلال هذه المرحلة يشكلون نقطة مهمة وسط الحركة الاشتراكية المناضلة، لا تساعد مكوناتها على تقريب وجهات النظر في مسار مسلسل الثورة والتغيير.. فهناك الاتجاه اليسراوي الذي يرفض بشكل قاطع التحالف السياسي مع من يفترض أنه يمثل هذه القوى الطبقية، في تناقض تام وغريب مع مشروع "الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية" المبنية أصلا على مثل هذه التحالفات.. ثم هناك اتجاه يمكن وصفه بالبراغماتي والغير مبدئي، غايته تبرر وسائله ولو كانت تبيح، بشكل انتهازي، التحالف والتنسيق مع أعداء الحرية والديمقراطية والاشتراكية.! أما الاتجاه الثالث، الذي نتبناه نحن وندافع عنه، فينظر لمسألة التحالفات الطبقية على أنها مهمة ملحة، وضرورية لتحقيق الانتصار على البرجوازية وحلفائها الطبقيين، تحالف لا مندوحة عنه بين قوى الثورة اليساريين والديمقراطيين، قوى متطلعة لبناء المستقبل، تواقة للحرية والديمقراطية والمساوات، يكون هدفها القضاء النهائي على نظام الاستغلال والاستبداد القائم، عبر المساهمة فعليا في بناء المجتمع الاشتراكي المنشود، استنادا على قاعدة جماهيرية طبقية من مصلحتها الثورة والتغيير، وهي مكونة من العمال والفلاحين الفقراء وسائر الكادحين والمحرومين، من محدودي الدخل والأجور، وصغار التجار والموظفين والمستخدمين، والمياومين وجمهور الصناع التقليديين..الخ
فهذه هي نقطة الخلاف العويصة التي تعيق في نظرنا مسار الوحدة الذي يجب أن يتقدم ويتطور بسرعة خلال هذه المر حلة، وفق منظومة وحدة ـ نقد ـ وحدة التي لا تنفي الصراع والنقاش والتشاور والاندماج..الخ وحدة إذا تم التغلب على معيقاتها عبر الانخراط الجماعي المنظم في كذا خطوات يسارية عمالية وأصيلة، على كذا مواقف ومحطات نضالية تكون النتائج أحسن.. فالواجب على كل المناضلين اليساريين الثوريين بأن يأخذوا إستراتيجية الوحدة، وحدة القوى الثورية، مأخذ الجد، وأن يباشروا النقاش والتنسيق داخل الإطارات الجماهيرية وشبه الجماهيرية للهدف نفسه.. وان يوسعوا النقاش مع كافة الاتجاهات الديمقراطية والتقدمية، غير المعادية صراحة للاشتراكية.
فعلى هذا الأساس يمكن الشروع في صياغة البرنامج الوحدوي لقوى الثورة بمستوياته جميعها، الفكرية والسياسية والتنظيمية. فالحزب الثوري هدفنا، لكن قبل بناء الحزب تنتظرنا مهام أولية توفر الشروط الضرورية لمهمة بناء الحزب القوى الذي سيغير فعلا عن مصالح الطبقة العاملة، ويحمي مصالح الفقراء والكادحين والمحرومين جميعهم.
فإما حزب الطبقة العاملة المستقل الذي لا يمكنه التخلف عن مثل هذه المحطات وألا يخشى المصاعب والنشاط البرلماني حفاظا على "العقيدة الصافية" والنظريات السخيفة التي لا تسمح بالعمل داخل النقابات الرجعية، وداخل النوادي والجمعيات الإصلاحية..الخ وأما شيء آخر شبيه بهذا الحزب، يمكنه أن يملأ الدنيا صخبا وضجيجا حول الثورة والتغيير وشعاراتها.. دون أن ينبس ببنت شفة عن أوضاع الكادحين وعن مصيريهم، علاقة بالملكية والتملك، وبنظام الاستغلال والاستبداد والتربح..الخ لتضيع الجهود والتضحيات، ويتعطل بالتالي المشروع.
شتنبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - القرصان أكلة شعبية سعودية بطريقة الإيطالية مع قمر


.. صنّاع الشهرة - لا وجود للمؤثرين بعد الآن.. ما القصة؟ ?? | ال




.. ليبيا: لماذا استقال المبعوث الأممي باتيلي من منصبه؟


.. موريتانيا: ما مضمون رسالة رئيس المجلس العسكري المالي بعد الت




.. تساؤلات بشأن تداعيات التصعيد الإسرائيلي الإيراني على مسار ال