الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى 200 لميلاد الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير.

حازم كويي

2021 / 12 / 18
الادب والفن


في رسالته التي كتبها غوستاف فلوبير إلى صديقته العزيزة (لويز كوليت) مساء يوم 20 سبتمبر 1851، ذكر فيها أنه كان يُعاني من إلتهاب في الحلق منذ رحلته الطويلة إلى الشرق، وسيرجع في غضون أيام قليلة إلى لندن. وكان أهم شيءفيها بعد بضع جمل،أنه قد بدأ بروايته أمس. وعرف على الفور أنه سيواجه صعوبات في الأسلوب (تدفعني إلى الجنون. أن تكون بسيطًا ليس بالأمر الهين).
ولد غوستاف فلوبير في 12 ديسمبر 1821، وعندما كان تلميذاً، نشر قصتين قصيرتين في مجلة محلية وكتب لاحقاً قصصاً قصيرة ومسرحيات وثلاث روايات، ظلت جميعها في الدرج ولم يتم إكتشافها وطباعتها إلا بعد وفاته. لم يكن الكاتب فلوبير معروفاً في عام 1851. كان الابن البرجوازي الميسور الذي يشعر بالاشمئزاز من البرجوازية،الذي لا يزال يبحث عن نفسه، وكان يأمل أن يجد نفسه أخيراً في القارة الأفريقية وشرع في نهاية أكتوبر 1849 للتعرف على الإمبراطوريتين المصرية والعربية القديمة.
لم يكن الفضول حول المعابد والأهرامات هو ما دفعه إلى الإنغماس في حياة غريبة، والاستمتاع باللحظة، ورؤية كل شيء، الناس والروائح والألوان والحالات المزاجية حملها معه وأحتفظ بها إلى الأبد. لقد كان يعيش مثل النبات، كتب إلى والدته، (أنا أُغرق نفسي بالشمس والضوء واللون والهواء النقي). كانت الرحلة بالنسبة له تحرراً وولادة جديدة. كتب في نوفمبر 1850 (هناك شيء جديد ينشأ بداخلي، ربما طريقة جديدة للكتابة؟ على أي حال، في المستقبل غير البعيد، سأهبط. أريد حقاً معرفة ما بداخلي. كانت مستمرة منذ أيام وكان عنوانها "مدام بوفاري").أصبح كتابه الأشهر وأول كتاب ينشره. أستغرق الأمر منه أربع سنوات ونصف. في مارس 1856 تم الانتهاء منه. أنعكس العذاب الذي عانى منه أثناء الكتابة،الموثوقة في رسائله. وبقت مخطوطته لمدة اثني عشر عاماً، كان أحياناً ينشغل 16 ساعة في اليوم، يقلب الكلمات والجمل، ويصيح بصوت عالٍ لاختبار متانتها وصوتها، يأكل ويشرب، ويقرأ من خلال أكوام هائلة من الكتب، ونادراً ما يذهب في نزهة، يلتقى أحياناً بعشيقته لويز كوليت، حين يذهب بعض الأحيان إلى باريس، لكن الشيء الرئيسي كانت روايته. قال بعد عام بتأوه (يا إلهي، لم أكتب في حياتي شيئاً أصعب مما أكتبه الآن، حوار تافه. وبعد إثني عشر شهراً، في سبتمبر 1853 كنت أعمل عليها لمدة عامين،وقت طويل، سنتان بالتجول الدائم مع نفس الشخصيات وفي مكان مثير للاشمئزاز).
في أيام الأحد،كان ينشغل مع صديقه ولفترة طويلة بالحديث عن الكتابة والصعوبات المُسببة،وفيها أصبحت حياة فلوبير متطابقة مع روايته.
القصة التي رواها مأخوذة من تقرير محكمة، أمرأة متزوجة من طبيب ريفي، تفرُ من حدود البرجوازية الصغيرة في حياتها اليومية .
مغامرات عاطفية، إرتكاب الزنا، تورط في الديون، قتل النفس في النهاية. يُظهر فلوبير، إيما، التي لم تكن جميلة وأنيقة فحسب، بل كونها أيضاً طفلة عصرها، رأس مليء بالأحلام الرومانسية والشوق إلى حب كبير. تتحطم الرغبات والآمال في مجتمع فظ وغبي ومثير للشفقة، أحتقره فلوبير بشدة.
الجديد في هذه الرواية، أن مؤلفها رفض السماح بإنتهاء القصة بطريقة تصالحية. لكنه خلق نثراً يسعى إلى أقصى درجات الموضوعية. لا تحتوي على شخصية واحدة، كما يقول بودلير، "التي تمثل الأخلاق". نثر للتعبير الوحيد المناسب في الوصف، في الحوار دقة رائعة ومباشرة لا هوادة فيها تطلبت الكثير من العامل الوحيد الذي لديه علاقة شبه دينية بالفن، لدرجة أن قاده من يأس إلى آخر. كتب إلى صديقه العزيز جورج ساند، "أنت لا تعرف ماذا يعني ذلك، ليجلس طوال اليوم ... يرفع رأسه التعيس للعثور على كلمة ".
وبعد ذلك، عندما كان يفكر في "سنوات التلمذة الذكورية" (أنا أعمل بمرارة. لقد قدمت للتو وصفاً لغابة Fontaineblea، مما جعلني أرغب في شنق نفسي على إحدى أشجارها). كان كل كتاب أنتجه فلوبير بعد ذلك مختلفاً. أحتفل به أصدقاؤه، موباسان، وجوتييه، وزولا ، والنُقاد أيضاً،. الجمهور الذي إعتاد شعراء الموضة في ذلك الوقت على الراديكالية والمفارقة، والجمل المُصممة بمهارة، والصور الفخمة للنثر،المزعجة ببطء شديد، وعلى مضض.
لم تكن هناك نجاحات في المبيعات.فالقضاة أتهموا رواية فلوبير (مدام بوفاري)غير أخلاقية، أو على الأقل غير لائقة. لم يبدُ بالنسبة له أي شيء مقدساً، وما حدث لشخصياته لم يثر حماساً كبيراً. لا يزال بطل مثل (ستندال) يعرفه في أي مكان. بدلاً من ذلك، فشل فريديريك مورو، الذي سرعان ما تلاشت النوايا الحسنة، ومع ذلك، فهو يصنع ميراثاً، ويغرق في الحياة الباريسية، والرغبات اليائسة لمدام أرنو، التي لا يمكن بلوغها، تكتفي بفتاة المتعة وسيدة سيئة السمعة، تدخل في أيام الفوضى من الثورة عام 1848والذي يكون في النهاية رجلاً فاشلاً،محبطاً، متعباً، وحيداً وبدون أي أمل. تلاشت كل أحلام الحب، وأنفجرت الخطط السياسية التي كان يحملها.
الكتاب، الذي نُشر عام 1869 بطبعته الأولى، لم يتم بيع سوى ثلاثة آلاف نسخة منه، وعندما توفي فلوبير متأثراً بجلطة دماغية في 8 مايو 1880، كان القليل في فرنسا على علم بالخسارة الهائلة.
في الأساس، لم يتم التعرف على قيمة الراوي حتى عام 1921. الآن فقط، في عيد ميلاده المائة، تم كشف النقاب عن تمثال نصفي له في باريس، وكتب أحد النقاد البارزين "الحجارة التي رُشقت عليه شكلت قاعدة له. أنتصر فلوبير وليس لديه ما يخشاه.
من بين عظماء الأدب الفرنسي الثلاثة (كان بلزاك البطل وستندال المعاصر دائماً "لكن قديس الرواية هو فلوبير.")قالها الكاتب الالماني هاينريش مان،و كان ذلك في 1930،أي بعد 50 عاماً من وفاة فلوبير،الذي كان عليه أن يتجول في ألمانيا المجاورة أيضاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في